السبت، 29 مايو 2010

أسامة أنور عكاشة امتلك بقلمه مفاتيح الشخصية .. غاص في النفس البشرية


رحيل عملاق الدراما .. أسامة أنور عكاشة
فقدت الرواية العربية والدراما التليفزيونية عملاقا ومبدعا كبيرا بعد أن استسلم للمرض واستراح قلبه من مشارط الجراحين. رفع القصصي والروائي والسيناريست أسامة أنور عكاشة "الراية البيضا" وأسلم الروح. تاركاً وراءه ميراثاً رائعاً وكنزاً أدبياً من الأعمال الفنية. بدأت بسباعية "الإنسان والحقيقة" وانتهت "بالجزء الثاني" من مسلسل "المصراوية" الذي عرض في رمضمان الماضي والذي حاز علي جائزة أفضل تليفزيوني. وهو يجسد تاريخ الشعب المصري منذ عام .1914 وقد تكلل إنتاجه الثري بحصوله علي جائزة التفوق في الفنون عام .2002 يعد أسامة أنور عكاشة إحدي العلامات البارزة في تاريخ الدراما التليفزيونية والسينمائية في مصر والعالم العربي. وتعتبر أعماله للشاشة الصغيرة الأهم والأكثر متابعة وجاذبية. والراحل من مواليد كفر الشيخ عام 1941 وحاصل علي ليسانس الآداب من كلية الدراسات الاجتماعية والنفسية جامعة عين شمس عام 1962 مما ساعده علي فهم الظواهر الاجتماعية وعلاقة الفرد بمجتمعه كما غاص في أعماق النفس البشرية وناقش دواخلها وصراعاتها في أعماله المتنوعة والتي تجاوزت الأربعين مسلسلا وأكثر من 15 سهرة تليفزيونية بالاضافة إلي أعماله الإذاعية والمسرحية والسينمائية. ولم ينس عكاشة ولعه بالرواية واعتبر أعماله الدرامية روايات تليفزيونية ولم يجر الانتاج القصصي الذي بدأه بمجموعة خارج الدنيا عام 1978 وحتي آخر رواياته سوناتا لتشرين عام 2008 وتحت النشر "شق النهار". عميد الدراما والراحل لقب بعميد الدراما التليفزيونية ونجيب محفوظ التليفزيوني لانحيازه للحارة المصرية بأصالتها في أعماله وكتب مجموعة من أشهر وأنجح المسلسلات خصوصا مسلسلات الأجزاء التي شرحت المجتمع المصري وطرحت التغيرات التي طرأت عليه علي مدي زمن طويل مثل ليالي الحلمية والشهد والدموع ورحلة أبو العلا البشري وزيزينيا بالاضافة إلي المسلسلات الاجتماعية مثل "ضمير أبلة حكمت" و"أرابيسك" و"الراية البيضا" و"امرأة من زمن الحب". وكان لنجاحه التليفزيوني الواضح أثر كبير في تبني الناقد الراحل عبدالقادر القط لمقولة ان الدراما أصبحت ديوان العرب. وكان الفقيد قبل وعكته الصحية الأخيرة.. يكتب مسلسلا جديدا بعنوان "تنابلة السلطان" ويعد الجزء الثالث من "المصراوية" وخاض عدة جولات من الصراع مع المرض لا سيما الفشل الكلوي والسكر والقلب وكان يخرج من أزماته الصحية بعمل جديد يسعد به الجمهور. وشكل ثنائيات فنية ناجحة مع المخرج عاطف الطيب في السينما والمخرجين محمد فاضل وإسماعيل عبدالحافظ في التليفزيون كما قدم ابنه هشام عكاشة الذي أخرج روايته "وهج الصيف". كان والد الفقيد يعمل في التجارة بمحافظة كفر الشيخ. وهي المحافظة التي ينتمي إليها. أما مدينة طنطا فهي المدينة التي نشأت فيها والدته. تلقي تعليمه الابتدائي والثانوي بمدارس كفر الشيخ والتحق بكلية الاداب قسم الدراسات الاجتماعية والنفسية بجامعة عين شمس والتي تخرج فيها عام 1962. وقد كانت أولي محاولاته في مجال التأليف خلال فترة دراسته الجامعية. عمل مدرسا بالتربية والتعليم 1963 1964. ثم عضوا فنيا بالعلاقات العامة بديوان محافظة كفر الشيخ 1964 1966. واخصائيا اجتماعيا بجامعة الأزهر 1966 1982. عضو اللجنة المصرية لحقوق الانسان. عضو لجنة التضامن الآسيوي الافريقي. له أكثر من عشرين مسلسلا للتليفزيون وخمسة سيناريوهات للشاشة الكبيرة. بدأ حياته الأدبية باصدار العديد من القصص والروايات وله في مكتبة الابداع العربي مجموعة قصصية بعنوان "خارج الدنيا" صادرة في 1967 من المجلس الأعلي لرعاية الفنون والاداب. رواية "أحلام في برج بابل" 1973. مجموعة قصصية "مقاطع" من أغنية قديمة صادرة 1985. رواية "منخفض الهند الموسمي" عام 2000. رواية "وهج الصيف" صادرة 2001. كتاب "أوراق مسافر" صادر 1995. كتاب "همس البحر" صادر 1995. كتاب "تاريخ خريف" صادر 1995. الإسكندراني "نص سينمائي" 1992. عشر حلقات من سيناريو الجزء الرابع لمسلسل "ليالي الحلمية" نص درامي منشور 1993. نص مطبوع مسرحية الناس اللي في الثالث 1994. وشارك في مؤتمر الابداعا العربي الأول بالمغرب 1988. وحصل علي شهادة تقدير عن مسلسل "ليالي الحلمية" في عيد الإعلاميين السابع .1990 وهو عضو اتحاد كتاب مصر وعضو نقابة المهن السينمائية وحاصل علي جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلي للثقافة عام .2002 وكان للروائي سليمان فياض دور كبير في اكتشافه ككاتب دراما والقصة. عندما حصل سليمان فياض علي مجموعة قصصية للراحل وأعد إحدي القصص في شكل سهرة تليفزيونية وبعد ذلك بعام اختار كرم النجار قصة أخري من المجموعة بعنوان الإنسان والحبل وقدمها في شكل سهرة تليفزيونية بعد ذلك قيل لعكاشة لماذا لا تكتب انت السيناريو مباشرة ففعل ليتحول بعدها لواحد من أبرز كتاب الدراما العربية وتعد أغلب المسلسلات التي كتبها أسامة أنور عكاشة علامات في تاريخ الدراما العربية. منها "الشهد والدموع" و"الراية البيضا" و"رحلة السيد أبوالعلا البشري" و"ليالي الحلمية" التي قدم منها خمسة أجزاء. و"المصراوية" الذي عرض جزؤه الثاني في رمضان الماضي. اضافة إلي أعماله. "وقال البحر. ريش علي مفيش. لما التعلب فات. عصفور النار. ومازال النيل يجري. ضمير أبلة حكمت. الشهد والدموع. أرابيسك. زيزينيا. امرأة من زمن الحب. أميرة في عابدين. كناريا وشركاه. عفاريت السيالة. أحلام في البوابة". اضافة إلي خمس عشرة سهرة درامية أهمها: "حب بلا ضفاف سكة رجوع الغائب الملاحظة مشوار عيد البراءة الكومبيوتر الشرير العين اللي صابت تذكرة داود". وله من الأفلام السينمائية: "كتيبة الإعدام تحت الصفر الهجامة دماء علي الأسفلت الطعم والسنارة الإسكندراني تحت التصوير". كما قدم العديد من العروض المسرحية منها: القانون وسيادته "فرقة مسرح الفن "جلال الشرقاوي" 1988. البحر بيضحك ليه؟ "فرقة الفنانين المتحدين 1990". الناس اللي في الثالث "فرقة المسرح القومي 2001". كان قد تم ترشيحه لكتابة عمل عن حرب أكتوبر غير ان المشروع قد تعثر ثم توقف كلية وقد شارك في جلسات التحضير له لجنة مؤلفة من عشرين قائدا من قادة حرب أكتوبر وعقدت جلسات عمل استغرقت أسابيع. ولدي الفقيد أسامة أنور عكاشة تسجيلات هذه الاجتماعات وكانت هذه الجلسات برئاسة المشير محمد علي فهمي. ومازال المشروع موجودا ومعالجته موجودة والتسجيلات موجودة ضمن مكتبة أسامة أنور عكاشة. رصيد كبير ولأن لعكاشة رصيدا كبيرا في الفن والحياة جعل من الكاتب المصري الأقرب إلي نبض الجماهير تنعيه د. نسرين بغدادي أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية اننا فقدنا كاتبا متميزا وأصيلا لمس الحياة المصرية من كافة جوانبها بالتعايش والمعرفة ونبه إلي الحفاظ علي الثقافة والهوية المصرية وركز علي قيمة التعليم كسلاح للطبقات الفقيرة. وتضرب المثل بأعماله المميزة "كالشهد والدموع" الذي قدم قصة كفاح المرأة المصرية التي تضحي بكل شيء من أجل أبنائها مظهراً أصالتها وإيثارها ومحذرا في ذات الوقت من المادة التي تشوه العلاقات الأسرية والتراحم. وفي "ليالي الحلمية" ألقي الضوء علي التغير الاجتماعي الذي أصاب ملامح الشخصية المصرية مطالبا بالحفاظ علي الجذور الحقيقية للإنسان المصري التي تتمثل في أصالة ودفء الحارة الشعبية. وفي "أرابيسك" طرح بذكاء الثقافة المصرية الأصيلة وما تتمتع به من مفردات مميزة وكيف تواجه بالأصالة رياح التغريب منها في الوقت نفسه إلي ضرورة الحفاظ علي خصوصية الفن المصري. وفي "الراية البيضا" تناول أثر المكان في الإنسان وحذر من موجات عاتية من القبح والجهل تحاول السيطرة علي المقدرات الثقافية المصرية. وتختتم بأن عكاشة برصيده الكبير قد حفر مكانه ضمن قائمة الكتاب المبدعين الذين يرحلون بأجسادهم وتبقي أعمالهم في قلوب وعقول المواطنين. وكان الراحل يقول دائما "أتمني أن أكتب حتي آخر لحظة في حياتي ولا أشعر في أي وقت بأني عاجز عن امساك القلم".

الجمهورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق