رغم اعتراض كافة قوي المعارضة علي مشروع قانون الموازنة العامة للعام المالي 2011/2010 استطاعت حكومة الحزب الوطني بأغلبيتها المزيفة في مجلس الشعب تمريره، دون اعتبار لعشرات الوقفات الاحتجاجية التي حدثت العام الماضي للمطالبة بزيادة مخصصاتها المالية، الأمر الذي ينذر بمزيد من المظاهرات والاعتصامات التي قد تصل الي ثورة عارمة من الشعب لأخذ حقوقهم بأيديهم. وبذلك تجاهلت الحكومة في هذه الموازنة حكم المحكمة الإدارية العليا برفع الحد الأدني للأجور الي 1200 جنيه ليستطيع الموظف والعامل توفير حياة مناسبة لأسرته. كما تجاهلت الحكومة زيادة الانفاق الصحي واكتفت بزيادة ضعيفة لاتذكر عن العام الماضي ليصبح الإنفاق علي الصحة قدره 4.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي وهي النسبة التي تقل كثيرا عماحددته هيئة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بحيث لاتقل نسبة الإنفاق علي الصحة عن 15٪ من حجم الإنفاق الحكومي. الغريب في الأمر أنه رغم حالة التقشف الحكومي علي موازنات التعليم والصحة والأجور وكافة القطاعات الأساسية فإن هناك عجزا في الموازنة يصل الي 113 مليار جنيه وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول أوضاع مصر في العام القادم في ظل سياسة التقشف التي تنتهجها الحكومة مع الشعب بفئاته المختلفة علي الرغم من قرب الانتخابات البرلمانية والرئاسية. أكد الدكتور محمد النجار الخبير الاقتصادي أن مشروع الموازنة هذا العام يخدم حكومة رجال الأعمال في المقام الأول شأنه مثل مشروعات الموازنة السابقة التي نفذت علي مدار الخمس سنوات الماضية في عهد حكومة نظيف والتي تدعي اهتمامها بتقليل العجز في الموازنة العامة للدولة علي حساب قطاعات مهمة وحيوية. وأشار النجار الي أن سياسة الإصلاح الاقتصادي التي تدعي الحكومة المصرية نهجها منذ عام 1991 تقوم علي تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة من خلال تقليل الانفاق العام علي كافة القطاعات ورفع يدها عن كافة صور الدعم. وانتقد النجار تجاهل مشروع الموازنة قضية الأجور رغم أنه وفقا للدراسات فإن بند الأجور يقتطع جزءا كبير من الميرانية فضلا عن التناقض الصارخ بين حجم الأجور والمكافآت حيث تكبد المكافآت الدولة وحدها ما يزيد علي 75 مليار جنيه أي حوالي 400٪ من الأجور الأساسية وهوما يؤكد عدم العدالة في توزيع الأجور. وأضاف أن هذا التجاهل الملحوظ لمسألة الأجور يؤكد استمرار الحكومة في سياسة عدم تعيين الخريجين وتشجيع المعاش المبكر وتساءل النجار مستنكرا: ماذا ينتظر من حكومة رئيس لجنة الخطة والموازنة فيها أحمد عز محتكر الحديد في مصر؟ وفي السياق نفسه انتقد الدكتور محمد حسن خليل رئيس لجنة الدفاع عن الصحة تجاهل مشروع الموازنة للعام الجديد زيادة مخصصات الإنفاق علي الصحة التي لا تتجاوز 4.5٪ من الإنفاق الحكومي. وأشار خليل الي أن تردي ميزانية الصحة يتسبب في افتقار المستشفيات لأقل مستويات الخدمات العلاجية فضلا عن تردي أحوال مقدمي الخدمة الصحية سواء الأطباء أو التمريض أو الفنيين حيث تقع أجور معظمهم تحت خط الفقر. أكد خليل أنه سيخوض معارك كثيرة ضد وزارة الصحة في ظل التجاهل الحكومي المتعمد لرفع ميزانية الصحة، وذلك عبر تنظيم سلسلة جديدة من الاحتجاجات والاعتصامات تطالب بزيادة الميزانية. وتابع خليل متسائلا: كيف يرفع الجبلي شعار الجودة في المستشفيات وهو يغفل السبب الرئيسي للجودة وهي قلة الامكانيات الناتجة عن قلة الموارد؟، وشدد رئيس لجنة الدفاع عن الصحة علي رفض جميع الأطباء والعاملين في الصحة الزيادة الضئيلة في الميزانية التي لاتكفي لإصلاح سوي أوضاع المستشفيات دون تحسين أجور العاملين بها. ومن جانبه أكد النائب سعد عبود أن العام القادم سيشهد مزيدا من حالات الاحتقان الشعبي في الشارع نظرا لتجاهل مشروع الموازنة الحالية مطالبا كافة فئات وقطاعات المجتمع الأساسية. أشار عبود الي أن الحكومة تتعمد إصدار كثير من التشريعات التي تحجب كثيرا من الإيرادات عن الدولة لصالح رجال الأعمال. ولفت عبود الي وجود كثير من الاقتراحات من قبل النواب المستقلين والمعارضين لإيجاد تدابير وموارد جديدة في الموازنة العامة للدولة مثل تطبيق الضريبة التصاعدية وتحصيل قيمة الأراضي التي أعطيت بالمجان لكبار رجال الأعمال والمستثمرين ووقف تصدير الغاز لإسرائيل الذي سيوفر موازنة إضافية تصل الي 18 مليار دولار، وكذلك إعادة النظر في أسعار تصدير الخامات الأولية والثروات المعدنية إلا أن الحكومة ترفض مجرد النظر في تلك الاقتراحات. أكد عبود أن تجاهل الدولة لرفع موازنات للتعليم والصحة ينذر بمزيد من تدهور الأوضاع ويعطي ضوءا أخضر لكافة قطاعات المجتمع لتحتج وتثور ضد سياسات الحكومة الذكية
جريدة الوفد - مني أبوسكين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق