الجمعة، 23 ديسمبر 2011

أطفال الميدان‏...‏جناة أم مجني عليهم؟

الاطفال: جينا للتحرير علشان ناكل ونشرب ونساعد الثوار


صغار أشارت إليهم أصابع الاتهام بممارسة العنف والحرق والفوضي في الميدان‏,‏ وأحيانا بتشويه صورة الثورة والثواروخرجت المؤتمرات و الندوات لتندد وتستنكر‏,‏ واختلفت الآراء بين متعاطف ومهاجم لكن السؤال من هؤلاء الصغار في الميدان؟







ولماذا يذهبون ومتي يستخدمون العنف؟ هل حقا هم جناة أم مجني عليهم في ذمة مجتمع غالبا ما يتسرع في إصدارالأحكام ويكيل الإتهامات قبل الفهم والتدقيق.
خليك بعيد انت يا باشا, انت متعلم والبلد محتاجالك, وسيبني انا أدافع عنكم, ها ياخدوا الميدان مننا لازم نواجههم, جمل تترددعلي لسان صغار بين جموع شباب الثورة أوقات الهجوم والكر والفرمع قوات الأمن لتجدهم في صدارة المواجهات التي تتحول في كثير من الأحيان إلي صدامات دامية ليتحول العديد منهم إلي مصابين أو متوفين, صغار يعانون كل اشكال الظلم الإجتماعي و المشاكل الأسرية وعنف الأمن معهم كما يقول علاء وهو خريج أحدي الدور الإجتماعية لرعاية أطفال الشارع( أو كما يفضلون تسميتهم أطفال بلا مأوي) وقد أدت ظروف معاملة أهله و تعذيبهم الدائم له إلي تفضيل قسوة الأسفلت علي الحياة معهم. لكنه تجاوز ظروفه وأصبح الآن طالبا في أحد المعاهد وأحد المشاركين في ثورة25 يناير منذ شرارتها الأولي, نزلت الميدان علشان عايز العدل والرحمة والحرية, عايز الشباب يرتاح, يتعلم كويس ويشتغل ويتجوز, هذه هي أسباب وجود علاء في الميدان برغم تعرضه للحبس والضرب والسحل ثلاث مرات من قوات الأمن وإصابته بـــ17 غرزة في رأسه, بسبب سقوط رخامة علي رأسه في أحداث مجلس الوزراء. علاء يشرح ان كثيرا من الاطفال بييجوا الميدان علشان ياكلوا ويشربوا ويساعدواالثوار: ياعني بيحسوا بالأمان وبمن يعطف عليهم, وبان لهم قيمة. هما حاسين أن فيه ظلم لكن مش عارفين ياخدوا حقهم ازاي. و يؤكد علاء أن هناك كثير ا من الأنواع في الميدان, متظاهرون سلميون وآخرون عندهم تار مع الشرطة والأمن كما يقول: لم يتعلموا وضغط الامن عليهم, نازلين ياخدوا حقهم, يجيبوا طوب وأحيانا مولوتوف علشان يضربوهم خاصة حين تقوم القوات بالهجوم علي الثوار, لكنه يشير ان هناك عناصر أكبر سنا تندس فيما بين المتظاهرين وقت المواجهات ليحولوا الموقف إلي حرب شوارع. ويوضح احنا بنكون بندافع عن نفسنا في مواجهة هجمات وضربات قوات الأمن والجيش لكن هما فجأة بيضربوا ويحرقوا في حته تانية علشان التخريب, عناصر تظهر فجاة و قد يأتي البعض منهم بجراكن البنزين علي موتوسيكلات لتعبئة المولوتوف وقذفه ثم يختفون بعدها حتي لا نمسك بهم. شباب واطفال أكيد مأجورين كما يوضح علاء من ناس, بيقولوا إن الثورة أضرت بمصالحهم وعايزين يعملوا فوضي و يكرهوا الناس في الثورة. و لكنه يضيف احنا لما بنشوف حد بيحدف مولوتوف علي أحد المباني بنحاول نمنعه ونفهمه أن دي بلدك ما تخربهاش وأحيانا ممكن نضربه لكن مش دايما بنشوفهم أو نقدر عليهم, لانه ممكن يضربنا خاصه لو هو واخد برشام.
غادة جبر, مسئول مشروع حلم اسطبل عنتر والناشطة في مجال أطفال الشوارع منذ اثني عشرعاما, كثيرا ما تلتقي بهم في الميدان تقول ممكن يكونوا مش فاهمين أوي لكن نفسهم يحسوا انهم بيعملوا حاجة, نتعامل معهم في الميدان ويساعدونا لكن الكباروالقيادات من اطفال الشارع يمكن شراؤهم وتأجيرهم, ومن الصعب الإقتراب منهم أوالتفاهم معهم لأنهم أكثر عنفا, وقد خشينا من تهديداتهم حين حاولنا نقل بعض فتيات الشارع من الميدان إلي مؤسسات الرعاية, وذلك لانهم يستغلونهن ويجبروهن علي إقامة علاقات معهن.
وتقول: هؤلاء هم من قامت الجهات الأمنية بإنتاجهم من أيام النظام السابق, تتراوح أعمارهم بين15 و17 سنة يتم استغلالهم لإحداث العنف والفوضي ويقومون هم بدورهم بابتزاز واستغلال الأصغر سنا لتنفيذ أوامرهم احيانا كما يشرح محمود بدوي من الجمعية المصرية للأحداث والذي قام وزملاؤه بالنزول إلي الميدان للتعرف علي أنواع الأطفال الموجودة فيه. ويدلل علي صور استغلال وابتزاز الصغار بمشهد هتك عرض تعرض له صغير لا يتجاوز ثمانية أعوام من طفل آخر أكبر منه في دورة مياه أحد المولات القريبة من التحرير. و يقول بدوي, كثير من الاطفال لما سألناهم قالوا جايين علشان اخوتي اللي ماتوا أو إختي اللي اتضربت في الشارع. لكن هناك آخرون معهم علب سجائر مارلبور في حين أن اقصي طموح لطفل الشارع خمسة جنيهات. ويفرق بين الصغار اللي جايين ياكلوا أويسترزقوا ببيع بعض السلع و بين البعض ممن يمكن أن يستغلوا في الحرق وإحداث الفوضي, ولكنه يؤكد أنه في جميع الأحوال يجب حماية حقوق وطفولة هؤلاء الصغار التي انتهكت بتصويرهم في فيديوهات يعترفون فيها قائلا إنه لو ثبت أيضا أنهم محبوسون علي ذمة قضايا أخري أو أنهم مكرهون علي الإعتراف فهذه كارثة اكبر. ويؤكد ضرورة النزول لهؤلاء الصغار والحوار معهم بدلا من عمل المؤتمرات وأخذ التمويلات بإسمهم. ويسأل من هم أطفال الشارع بغض النظر عن دورهم كان إيجابيا أو سلبيا في الميدان أهم كائنات مختلفة أتت من كوكب آخر أم أنهم جزء من نسيج المجتمع المصري. وهو ما توافق عليه الناشطة الاجتماعية مني سيف و التي عايشت هؤلاء الصغار وارتبطت بهم في الميدان, مؤكدة ان فكرة أنه لا يوجد ثوري لديه12 سنه خطأ لأن هؤلاء الصغارالأكثر تعرضا للظلم والقهر ولعنف المؤسسة الأمنية. وتروي قصة محمود ذي الثلاثة عشر عاما الذي تفاني في مساعدة المصابين حتي أصيب برصاصة في قدمه وكيف أن هذا الطفل يشعر بسعادة كبيرة حين نزوره في المستشفي ونهتم به. بينما لا يستطيعد. محمد, أحد اطباء المستشفي الميداني, رؤية مشهد الطفل عبد الوهاب ذي الـ14 عاما الذي مات بين يديه بعد ان أعطاه مصحفا ليحميه. عبد الوهاب أتي كغيره من الاطفال يبحث عن الدفء والأمان, ومات دفاعا عن الميدان وهو يساعد الأطباء.
وتتساءل مني, حتي لو قام احد هؤلاء الصغار بضرب جندي من الجيش فلا يوجد ندية, هو طفل طالما عاني من الظلم وغير مؤهل لكن أفراد الجيش يجب عليهم ضبط النفس. و تشرح مني ان الميدان منذ الأيام الثمانية عشر الأولي للثورة كان نموذجا لمصر التي نريدها جميعا ومن مميزات ذلك هؤلاء الصغار الذين وجدوا بين الثوار مجتمع آخر يهتم بهم حتي إنه اثناء اعتصام يوليو الماضي اقامت لهم إحدي صديقاتي مدرسة لتعليمهم القراءة و الكتابة والرسم, فمن الطبيعي أنه حين يحدث هجوم من قوات الأمن علي المكان الذي يحتمون به وشعروا بقيمتهم فيه أن يتدافعوا للذود عنه. ولا ننسي أن الكثير منهم يحملون ثأرا مع المؤسسة الأمنية. وتتساءل هل يجب علي المتظاهرين الذين تضرب عليهم القوات التي من المفترض ان تحميهم النار, ان لا يقاموا حتي يحتفظوا بصورة مثالية لسلمية المظاهرات؟ فهل من المفترض أن يفتحوا صدورهم للرصاص ويموتوا في هدوء. وترفض مني أن تتبرأ من وجود أطفال الشارع بين الثوارحتي لو انحرف البعض منهم لأن المجتمع هو المسئول عن ذلك. وأن فكرة محاولة تشويه الثورة عن طريقهم حيلة لتبريراستخدام العنف ضد المعتصمين, مؤكده أن ظهور اعترافات ملفقة لهم بهذه الطريقة في وسائل الإعلام منتهي الانتهاك لحقوقهم وخرق للقوانين. وتشير أن البعض منهم يدرك ذلك فيقوم بالإسراع لحماية بعض المباني الهامة والبعض الآخر شارك بالفعل في إنقاذ بعض مقتنيات المجمع العلمي.
في حين يتساءل محمود بدوي عن الجهات المسئولة عن تقديم مساعدة حقيقية لهم والتعرف عن قرب عن ظروفهم وحمايتهم, من أشكال الإستغلال المختلفة أين هم؟
فهل فشلت دعوات الحماية و العلاج لتحل محلها دعوات الإحراق في محارق النازية كما قال أحد مستشاري المجلس العسكري؟ وهل يستحق وليد المصاب وهويساعد في اسعاف الآخرين أن يحرق لأن طفلا آخرلم يستطع احتواء غضبه, وضرب علي القوات التي تهاجمهم طوبا أومولوتوف.





المصدر : الاهرام



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق