الجمعة، 18 نوفمبر 2011

الوثيقة الدستورية علي طريق الفتنة‏ !‏



كأشياء كثيرة تضيع وسط زحام الخلاف والجدل‏..‏ ضاعت وثيقة المباديء الدستورية‏..‏ ضاع الطريق الذي تهتدي عليه الأفئدة في صياغة دستور يعبر عن طموح وآمال شعب اضناه رحلة بحث شاقة عن نسائم الحرية والديمقراطية طوال سنوات عجاف.


لم يستطع الحوار.. الوصول الي أرضية مشتركة تلتقي عندها الاطراف المتباعدة وتحولت الوثيقة ـ طوق النجاة ـ الي أزمة تقود حالة الجدل الي حافة الصراع واستعراض قوة.. بين تيارات تري أبعاد القضية وفق هوي المصالح.
أحتدم الخلاف بين الأحزاب والقوي السياسية حول محتوي ومضمون الوثيقة.. كل منهم ذهب في طريق.. فريق اعتنقها ووجد فيها علي نحوها المعلن مايفتح نوافذ الأمل ويصون المجتمع من مغبة مخاطر الوقوع في براثن احتكار تيار بذاته وفريق علي شاطيء المعارضة.. يدافع بكل قوته ويتصدي لها حتي لاتري النور واعتبرها التفافا علي ارادة الشعب وتكبيلا لمسيرته صوب بناء دولة ديمقراطية. تحصن الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للاخوان المسلمين في خندق المعارضة للوثيقة في وقت يؤمن فيه بأفكار تجعله يقاتل كي لاتصبح واقعا.. بينما تمسك المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضو لجنة صياغة الوثيقة في يدها شعلة الأمل لتنير الدرب حتي يهتدي المجتمع الي صياغة دستور معبر عن آمال وطموحات أمة في هذه المواجهة خيوط الصراع المتشابك تتكشف حقائقها.


د. محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة:
الوثيقة التفاف علي إرادة الشعب


>> التيار الاسلامي يفتعل أزمة مجتمعية صوب وثيقة المبادئ الدستورية؟
هناك قواعد وأسس تسير عليها المرحلة الانتقالية وارتضاها الشعب في استفتاء عكس مدي الوعي الذي استقر في وجدان الناس وما نراه الآن ويحاك في الكواليس يبعث علي رغبة بمحاولة الالتفاف وطمس إرادة الأمة. ليس لدينا مصلحة خاصة في إحداث أزمة أو اتجاه لشق وحدة الصف.. المجتمع الآن في مرحلة عصيبة نحتاج فيها الي التماسك كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.. نحن قطعنا شوطا علي الطريق وتحددت الصورة التي نحاول رسم تفاصيلها وما يحدث لا يعدو طرحا يفرغ الصورة من مضمونها الحقيقي. من حقنا عندما نجد المسيرة وقد أنحرفت عن مجراها الحقيقي ان نعيدها الي سيرتها الأولي وهذه الوثيقة التي خرجت جاءت لتشوه إرادة الأمة وما عقدت عليه العزم في تلك المرحلة.. حتي تعبر البلاد محنتها ويستقر بها المطاف علي شاطئ الاستقرار. واستطيع القول بأن وثيقة المبادئ الدستورية التي خرجت منذ اسبوعين علي تلك الصورة التي نراها تقحم المجتمع في دوامة صراع وتدفع بالقوي السياسية فيه صوب التناحر.. نحن عندما اعترضنا علي ما جاء فيها. فذلك هدفه تجنب الصراع الذي ينشأ لو تم اقرارها والعمل بما جاء فيها.. ليس مقبولا وضع قيود علي أرادة الناس في وقت قالوا فيه كلمتهم واستقروا علي خطوات وقواعد محددة تمشي الأمة في ركابها..
التيار الاسلامي يعلم تفاصيل الوثيقة ووافق عليها وفجأة حنث بكلامه؟
تم الاتفاق علي محتوي ومضمون بذاته في ثلاث وثائق وأتصور أنها روح واحدة لا تنفصل.. وثيقة التحالف الديمقراطي ووثيقة الدكتور علي السلمي الأولي بعد اجراء التعديلات في حينها واقرارها من التحالف السياسي حينئذ الذي كان يتكون من أكثر من34 حزبا في ضوء اتفاق عام ووثيقة الأزهر.. هذه الوثائق الثلاث وما فيها من مضمون ومحتوي لم يكن عليه أدني اختلاف وكنا جميعا مرحبين بها والموافقة عليها جاءت من قبيل تلاقي وجهات النظر وتبديد أية مخاوف قد تكون سائدة بين القوي السياسية والاحزاب. نحن لم نحنث بما وعدنا به وقطعنا عليه العهد فيما يخص الوثيقة التي قرأناها وارتضينا محتواها ما عدا ذلك لن نقر وثيقة أخري.. ما الضرورة التي تدعو إلي إقرار وثيقة تحتوي علي مضمون مغاير يفرغ الوثيقة الاصلية من المعاني التي تم الاستقرار عليها دون أدني خلاف.. أمر يدعو للقلق ويكشف عن سوء نوايا وموقف يحاك في الخفاء لتحقيق أهداف بذاتها. وأتصور أن الوثيقة الأفضل التي عبرت بالفعل عن كل الاطياف السياسية. تلك التي صاغها الأزهر علي اعتبار أنها لاقت قبول الجميع واذا كانت الحكومة تريد اقرار هذه الوثيقة سوف تجد كافة الاحزاب والقوي السياسية ملتفين حولها ويدعمون تنفيذ ما جاء فيها. نحن لم نقر شيئا في الوثيقة التي خرجت الي الناس لان ما جاء فيها لم يكن معروضا في الأساس علي القوي والاحزاب حتي يرفضوه أو يقبلوه.
تتصور أن هناك تلاعبا قد حدث لوثيقة المبادئ الدستورية بعد الاتفاق عليها؟
أعود مجددا لتأكيد كلام قلته من قبل بأن هناك غموضا يحيط بالهدف الذي من أجله طرحت وثيقة المبادئ الدستورية في هذه الآونة وهذا يدعوني للتساؤل عن قيمتها وجدواها.. الشعب قال كلمته في استفتاء رسمي وحدد مصيره بارادته وليس من المنطقي البحث عن أدوات أخري تضع قيودا علي تقرير مستقبل المجتمع وتجبره علي الالتزام بقواعد لم يقبلها. عندما ناقشت الاحزاب والقوي السياسية الوثيقة مع الدكتور علي السلمي والافكار التي تحتوي عليها وصلنا في نهاية المطاف الي اتفاق علي اشياء محددة وخلال هذه الفترة التي تلت الاتفاق عليها.. كنا نسمع عن وثيقة أخري يتم الاعداد لها وكنت أغالب الظن.. حتي لا تحدث أزمة.. لكن النوايا الآن تكشفت وما كان يتردد وقتها بشأن محتوي جديد للوثيقة أصبح حقيقة.. اذا كانت هناك نية مبيتة علي اعداد وثيقة غير تلك التي ارتضتها الاحزاب والقوي السياسية فلماذا كان يتم الاجتماع والحديث؟ أري في الافق أمورا غير منطقية يصعب علي العقل قبولها.. لقد باتت الاحزاب والقوي السياسية في واد والحكومة في واد آخر والاوضاع لن تستقيم أو تسير في الاتجاه الذي تسعي إليه القوي المعادية لارادة الشعب.. الاتفاق تم علي وثيقة استرشادية محددة ومضمون يعبر عن رغبة المجتمع في بناء دستور يحفظ ويصون الحياة الديمقراطية ويفتح نوافذ الأمل أمام الناس بعد سنوات عجاف لقد حدث تلاعب في المضمون ولن نقبله.
ينظر تيار قوي للوثيقة باعتبارها ضمانة حقيقية لصياغة دستور معبر عن المجتمع ككل بينما نظرتكم إليها تأخذ شكلا مختلفا؟
ليس لدينا هدف أو غاية من الاعتراض علي وثيقة المبادئ الدستورية علي النحو الذي خرجت به سوي إلتفافها علي ارادة الأمة ونحن في بداية الأمر عندما طرحت للنقاش لم نرفض المبدأ في الحديث عن وجودها ولكن لابد للوثيقة ان تحكمها أطر محددة وقاطعة ولا تخرج بعيدا عما أقره الناس في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية.. نحن ندافع عن رغبة الناس واختياراتهم ولا ندافع عن مصلحة شخصية.. كفانا التفافا علي إرادة الشارع ولنكن واضحين وضوح الشمس ونعلن للناس علي الملأ.. الغاية التي يسعي اليها التيار الذي ينادي بخروج الوثيقة علي النحو السائد. التيار الذي ينظر الي الوثيقة علي أنها طوق النجاة لدستور معبر عن إرادة الأمة.. نظرته غير حقيقية ولا تمثل إرادة الشعب.. لأن الشعب قال كلمته من قبل.. لقد تمت الموافقة علي وثيقة تحتوي علي مضمون اتفقت عليه كافة القوي والأحزاب واليوم نري وثيقة أو شئا آخر تحت أي مسمي يمكن قبولها.. هذا عبث لإرادة الناس ولن نقبل بذلك. هناك من يسعي الي وضع قيود علي أعضاء اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور في اطار معين يرضي بعض أصحاب المصالح ويحقق لهم رغباتهم التي لن يستطيعوا بلوغها.
تسود مخاوف لدي قطاع عريض من المجتمع بأن البرلمان القادم قد يخرج مشوها وينعكس بدوره علي إعداد الدستور.
الناس سوف تنزل الي الانتخابات لتختار من يمثلها تمثيلا حقيقيا في البرلمان ويملك القدرة علي مشاركتها صناعة الحلم وعلي هذا الأساس لا يمكن القبول بأن البرلمان القادم سيكون غير معبر عن إرادة الشعب. في الماضي كان النظام السابق يصنع البرلمان وفق هواه ورغبته في تشكيل نسق الحياة وكان يتكون من أعضاء تصفق للنظام وتقوم علي خدمته وحمايته.. أما الآن.. المجتمع يدخل رحاب عالم جديد ولن يسمح الشعب بالعودة الي الوراء بالموافقة علي وثيقة أو غيرها.. تكون محصلتها النهائية التفافا علي إرادة الناس.. إذا أردنا بناء مجتمع مغاير فإن علينا قبل أي شئ احترام إرادة أفراده ورغبتهم في تحديد مصيرهم.
يفسر البعض موقف التيار الإسلامي الرافض لوثيقة المبادئ الدستورية بسوء النوايا لإقرار محتوي يخدم اتجاهاتكم؟
لو كان الناس وافقوا علي محتوي تلك الوثيقة في الاستفتاء.. ما وقفنا نعارض ما جاء فيها.. لأن الناس حددت ملامح الطريق الذي يسيرون علي دربه وليس لنا مصلحة في ذلك.. اعتراضنا يستند الي إرادة الناس وحرية اختيارهم.. ليس من المقبول عندما يختار الناس الاتجاه الذي يصنع مسيرة حياتهم أن نعود من طريق آخر ونتحايل علي ما عقدوا عليه العزم هذا خداع للناس وتزييف لإرادتهم ولن نقبل المشاركة أو الصمت علي ذلك.. المجتمع يحتاج الي الانطلاق صوب الشفافية والمصداقية.. حتي يستطيع بحق تقرير مصيره وإعادة تشكيل كيانه.
ليس لدينا موقف في الخفاء وآخر في العلن.. جميع أفكارنا مطروحة أمام الناس دون أدني مواربة لن ندافع عن مصلحة شخصية ولن ننحاز الي مؤسسة في الدولة علي حساب إرادة المجتمع.. الأمور لابد أن تسير في اتجاهها الطبيعي بعيدا عن المزايدات.. فأي تيار يعتقد أنه يشكل الحياة السياسية منفردا.. بالتأكيد أنه يقف علي شفا جرف هار.. التيار الإسلامي لن يكون اللاعب الوحيد حتي يتهمه آخرون بأنه يسعي صوب بلوغ غاية أو هدف وعلي هذا الأساس لايمكن الجزم بأن هناك مصلحة ينطوي عليها الموقف الرافض لما احتوته الوثيقة.. بل علي العكس من يحاولون استخدام الوثيقة كقيد علي صياغة مواد الدستور.. يعكس موقفهم نوعا من الغموض وعدم الوضوح في الرؤية ويقود الخطوات التي تمضي في ركابها خطوات المرحلة الراهنة الي مصير مجهول وهذا مايزيد الشكوك نحو صدق النوايا في خروج الوثيقة علي النحو المعلن.
يتصور البعض بأن النهج الذي تمضون علي دربه في التعامل مع الوثيقة بعد استعراضا للقوة ورغبة في السيطرة علي مقدرات الحياة السياسية؟
تسعي بعض التيارات المؤيدة للوثيقة علي النحو المعلن الي ضياع الوقت واهدار المجهود في أشياء لن تحقق نقلة نوعية للمجتمع وتدفعه صوب ترسيخ الديموقراطية.. بل تصرف النظر عن أولويات غاية في الأهمية إذا كنا نريد العبور من تلك الأزمة الراهنة وتنقشع الغمامة التي تحيط بمناخ الحياة.. نحن نعبر ومعنا أحزاب وتيارات أخري تشاركنا الرأي الرافض للوثيقة.. هذا ليس اتجاها نقننه وحدنا حتي يفسره البعض علي أنه استعراض للقوة أو محاولة لفرض السيطرة علي مقدرات الحياة السياسية. الواقع يحتم التعامل مع الالغام التي تزرعها وثيقة المبادئ الدستورية بنوع من اليقظة والرفض القاطع لأننا نعلم الدوامة التي سوف نغرق فيها اذا ما خرجت تلك الوثيقة الي النور وتم الاعتداد بها والالتزام بما تحتويه ليس معقولا الاتفاق علي بنود وتأتي فجأة بنود أخري في محاولة لفرضها كأمر واقع.. وعلينا القبول بها دون أدني مناقشة أو اعتراض.. المجتمع يتغير وتتغير معه المفاهيم السائدة.. الوثيقة يقينا علي هذا النحو لن تقر المصلحة المجتمعية وانما تحقق مصلحة خاصة.>>


المستشارة تهاني الجبالي عضو لجنة صياغة الوثيقة:
الاستفتاء حدد المسار ولم يمنع التوافق


>> موقف التيارات الدينية الرافض للوثيقة يدفع المجتمع صوب صراع علي صياغة مواد الدستور؟
أتصور أن تلك الوثيقة تنير دروب المجتمع وتعمل علي ترسيخ الثوابت فيه وتزيل الغموم الملبدة التي تحيط بالحياة السياسية في وقت عصيب نريد فيه بناء دولة ديمقراطية عانت طويلا من التجريف السياسي وإهدار قيمة المجتمع وإعلاء شأن أفراده وكان يتعين علي كل التيارات والقوي السياسية والإحزاب الالتفاف حول هذه الوثيقة لكونها الضمانة التي تصون هوي النفس البشرية إذا ما أرادت الانحراف عن ثوابت باتت جزءا أصيلا عبر زمن طويل من نسيج وأواصر العلاقات الاجتماعية السائدة والدولة ككيان راسخ لا يستطيع الأستمرار دون وجود تلك الثوابت. أري اتجاها يسود, بات يهدد ما استقر عليه يقين المجتمع ويصعب تغييره والانحراف به صوب اتجاه مغاير, وهذا موقف يدعو للقلق ويثير الشك والريبة في حسن النوايا التي تسكن يقين التيارات الاسلامية وأتصور إذا لم تكن هناك أطر حاكمة لبناء وتكوين الدستور فإن المجتمع سوف تنزلق أقدامه صوب هوة قاع سحيق.. لا جدال في أن رفض تلك التيارات الوثيقة علي النحو الذي طرحت عليه يعرض كيان الدولة للخطر.
التيارات الرافضة للوثيقة سبقت وأعطت موافقتها علي ما جاءفيها؟
لا يوجد في دائرة صناعة القرار من لديه رغبة في إقرار وثيقة تشكل مسار الأمة بأسرها مستقبلا دون إيجاد صيغة توافقية يرتضيها المجتمع بكل أطيافه وتياراته السياسية.. نحن نفكر للمستقبل والتفكير في هذا الاتجاه لن يصبح واقعا يدعمه الناس. الا إذا آمنوا به وشاركوا عن قناعة في صياغة هذا المحتوي..محتوي الوثيقة لم يأت بين يوم وليلة ولم يصنعه تيار واحد أو فكر محدد.. لقد صنعه كافة القوي والتيارات في المجتمع تقريبا ودون استثناء ولعلي لا أبالغ إذا قلت بأن90% من الرافضين لمحتوي الوثيقة وقعوا عليها عن قناعة وإيمان بما فيها وأهميته للمجتمع في المستقبل.. الوثيقة يعلم الرافضون لها أنها لم تنشء قواعد جديدة ولكنها تضع أطرا حاكمة للحفاظ علي ثوابت الدولة المتجذرة في الحياة منذ القدم والناس وافقوا عليها في الاستفتاء.. ما سقط من الدولة.. نظامها السابق ولكن دستورها فيما يتعلق بمجموعة من القيم والمباديء الأساسية مازال موجودا ويستحيل تغييرها أو الاقتراب منها وفق مقررات المحكمة الدستورية.. أتصور أن هناك شيئا يحاك في الخفاء وتخطط له التيارات الرافضة لإقرار الوثيقة عبر محاولاتها التأثير علي الرأي العام ومحاولة تضليله وتزويده بمعلومات مغلوطة عن المحتوي الذي تتضمنه.. الوثيقة لم تخرج بين يوم وليلة ولم يتم إقرار ما جاء فيها في غيبة أي تيار في المجتمع.. الجميع شارك في صناعتها بما فيها التيارات الدينية وتم الأخذ في الاعتبار بملاحظات كثيرة أبدوها.. هؤلاءيريدون صياغة وثيقة تخدم أغراضهم.
ردد بعض الرافضين أقوالا تعبر عن ثمة تلاعب حدث في محتوي الوثيقة بعد إقرارها؟
الوثيقة في حد ذاتها تتعرض للهجوم من حيث المبدأ, والتيارات الرافضة في قرارة نفسها لا تريد وجود الوثيقة أصلا بغض النظر عن المحتوي الذي تتضمنه.. من يريدون ان تسير الأمور علي عواهنها دون قيد أو شرط.. حتي يستطعوا التبديل والتغيير وفق هواهم ودون التوقيع علي التزام يجبرهم علي التخلي عن أشياء تسكن وجدانهم ولا يريدون الافصاح عنها أمام الرأي العام حتي لا تتسرب الشكوك بسوء نواياهم, الوضع لم يعد يحتمل الصمت.. فنحن نتحدث عن مستقبل وطن.. هناك من يتربص به لتغيير ثوابته. ما لا يعلمه كثير من الناس أن الوثيقة تضع الثوابت أمام الجمعية التأسيسية لتذكرها بالإطار الذي توجد فيه الدولة ويجب عدم الخروج عليه.. الوثيقة لا تنشئ قواعد جديدة وغير موجودة وتسعي لإلزام واضعي الدستور بها.. هذه أشياء تتعلق بمدنية الدولة والسيادة للشعب وحق المواطنة والتعددية وقبول الآخر وسلطات الدولة وسيادة القانون واستقلال القضاء وحرية العقيدة والرأي والحياة الخاصة وغيرها من الأشياء التي لا يستطيع الإنسان الاختلاف حولها.. هذا هو الجوهر الذي تحاول القوي الرافضة له طمس حقيقته وتصويره للناس علي هيئة أشياء أخري تثير حفيظتهم وتدفعهم للرفض دون الوقوف علي حقيقة الموضوع.. الدستور لن يكون أبدا عرضة لصراع سياسي والوثيقة الحاكمة له لم يدخل عليها أي تعديل بعد اقرارها وتعديلها.
يروج التيار الرافض للوثيقة أنها التفاف علي إرادة الشعب وما قرره في الاستفتاء؟
يصور البعض حقيقة محتوي الوثيقة علي نحو يدفع المجتمع للغليان وهي علي العكس ليس فيها ما يدعو إلي هذا الجدل الدائر والاعتراض الشديد علي وجودها.. هذه الوثيقة خاصة للمستقبل ولقيم ومباديء الدولة المصرية المستقرة من قديم الزمن وهذا ما تم الاستفتاء عليه ولا يعكس بأي حال من الأحوال نوعا من الالتفاف علي إرادة الشعب.. الاستفتاء حدد المسار ورسم ملامحه.. لكنه لم يمنع الأمة من التوافق حول النهج الذي تسير في ركابه للمستقيل.. الوثيقة في تصوري مكملة للاستفتاء الذي أجري علي التعديلات الدستورية وإذا غابت تلك الوثيقة عن تحديد أطر حاكمة للدستور فإن المجتمع يصبح بلا شك عرضة للخطر من جراء سوء النوايا التي تسكن وجدان التيارات الرافضة التي تريد وضع قيم ومباديء أساسية تغير وجه الحياة في مصر. الوثيقة تحقق ضبطا لايقاع الجمعية التأسيسية وتحكم أداءها وتمنع التلاعب بالثوابت وتلزم كل الأطراف المتصارعة علي قيادة الحياة السياسية بخطوات محددة, لو تركنا الأمور في ظل المناخ السائد والذي يحكم العملية السياسية.. فإن تيارا بذاته يضع قواعد الدستور علي هواه وفق ما يحدد مصالحه. فنجد مثلا من يخرج علينا ويعبر عن رغبته في مناقشة النظام الجمهوري أو مصر الموحدة وغيرها من الأشياء التي لا تحتمل مجرد التفكير في تغييرها.. الرافضون يرددون كلاما في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب.. الحديث عن تزوير إرادة الأمة في الاستفتاء.. حق يراد به باطل وهذا لا يبني مجتمعا قويا ومتماسكا وإنما يقيم مجتمعا يخدم مصلحة الأفراد.
في ظل الصراع السياسي بين التيارات السياسية هل يستطيع البرلمان القادم انتاج دستور معبر عن آمال الشعب؟
تموج الحياة السياسية بمتغيرات صعبة وصراع قوي بين التيارات المختلفة كل منها يريد الانفراد بالساحة واحداث التغيير الذي ينشده, وهذا الصراع في نهاية المطاف يفرز قوي سياسية غير معبرة عن الواقع الذي نعيش فيه ويؤدي إلي برلمان لا يعبر عن إرادة الشعب.. إن الفترة الفاصلة بين نظام سياسي يقظ ونظام آخر يبزغ تعد أخطر ما يواجهه المجتمع, وإذا لم يكن لدي الناس الوعي الذي يعينهم علي الاختيار السليم.. فاني أتصور أن البرلمان القادم سيضم في عضويته خليطا متناقضا من القوي السياسية المتنافرة والمتصارعة من أجل الفوز بزعامة النظام السياسي. نحن بصدد مرحلة غاية في الخطورة ولن تكون فيها ضمانات لاستقرار ورقي وتقدم المجتمع إلا بوعي الشعب وقدرته علي المشاركة في صناعة المستقبل.. مصر لا تملك تجربة سياسية يمكن أن تطبقها علي نحو يخدم المجتمع ويدعم مسيرة بناء الدولة الديمقراطية. ولذلك أخشي علي البرلمان القادم أن ينزلق صوب صناعة واقع لا يختلف في تفاصيله عما صنعه النظام السابق.. لدينا قضية خطيرة التعامل معها لابد أن نحتكم فيه إلي الضمير الوطني ومصلحة الأمة.. نحن سرنا في ركاب مسار خاطئ منذ البداية ولم نتخذ التدابير اللازمة التي تقود سفينة الأمة إلي شاطئ الأمان.. لقد وضعنا صياغة مواد الدستور في قبضة البرلمان.
التيارات الاسلامية تخطط للانقضاض علي صياغة مواد الدستور بانقلابهم علي الوثيقة؟
الكلام الذي صدر من التيارات الدينية خلال الفترة القليلة الماضية وأسلوب تفكيرها في ادارة مصير البلاد وتعاملها مع الواقع الذي نعيش فيه يجعل الشكوك تساور كل الخائفين علي مصير الوطن مما يحاك من تفاصيل داخل تلك التيارات ورغبتها في صناعة دستور يحقق هدفها في مجتمع يسعون بجد الي اقامته وهذا ينطوي علي خطر محدق تتعرض فيه التيارات والقوي السياسية إلي عدم المشاركة في تقرير المصير ورغم المخاوف السائدة إلا أنني لا أتصور ان البرلمان القادم ستكون فيه التيارات الدينية مسيطرة علي مقدرات الأمور أو يمكنها وضعها من اختطاف مواد الدستور.. يجب ألا نترك الأمور تسير علي غير هدي لابد من وضع الدستور في مكانة رفيعة ونتخذ الخطوات صوب تكوينه دون أن نتركها للظروف والتوقعات.. التيارات الدينية لديها مشروع سياسي.. الكلام الذي يرددونه يكشف عن حقيقة مسعاهم والشر الساكن في أعماقهم تجاه الثوابت التي تقوم علي أركانها الدولة.
وثيقة الأزهر لاقت قبولا واسعا لدي التيارات الاسلامية من الممكن اعتبارها كافية كوثيقة للدستور؟
الوثيقة التي خرجت جاءت ضمن خليط متجانس ضم9 وثائق.. الأزهر والتحالف الديمقراطي والمجلس الوطني المصري ومنظمات حقوق الانسان ومستقبل مصر وما قدمه الدكتور يحيي الجمل والمستشار هشام البسطويسي والدكتور البرادعي والمنظمات النسائية.. كل ذلك تم دمجه في وثيقة واحدة ارتضاها الجميع ولم يكن هناك أدني اعتراض علي محتواها بما فيها التيارات الدينية وهذه هي الوثيقة التي يمكن الاعتداد بها في صياغة الدستور.. كونها شاملة وتأخذ برأي كل التيارات والقوي في المجتمع. وثيقة الأزهر ليس بها مواد دستورية يمكن القياس عليها لكنها تطرح رؤية شاملة في شتي مناحي الحياة وتضع أسسا يمكن الأهتداء بها في بعض النقاط التي تنظم الواقع بكل مفرداته وتحمي الدولة وحقوق الأفراد والحريات.. وثيقة الأزهر ليست ببعيدة في روحها عن الوثيقة الحالية.. نحن نضع وثيقة فيها مبادئ دستورية تقود الحياة الي ضمانات قوية وتمنع الانحراف وتدعو إلي الذود عن قواعد صارمة تعد من ثوابت الدولة.
الوثيقة المطروحة تضع قيودا علي اعضاء الجمعية التأسيسية المعنية بصياغة الدستور؟
التعامل مع صياغة مواد الدستور لابد ان يحكمه قواعد صارمة تمنع التلاعب فيه أو الانحياز إلي تيار سياسي دون غيره. تشكيل الجمعية التأسيسية لن يخضع في ظل الظروف السياسية الراهنة للغلبة البرلمانية.. لأن تلك قضية أخري.. تكوين الدستور لا يأتي في ضوء معايير اللعبة السياسية والحزبية.. الدستور انعكاس لقوي المجتمع بأسرها والبعض اعتقد عكس ذلك




المصدر : الاهرام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق