الشرق الأوسط الكبير" هو مصطلح أطلقته إدارة الرئيس الأمريكي السابق "جورج دبليو بوش" عام 2004 في إطار مشروع لنشر الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط.
البداية:
- في خطاب للرئيس بوش في 26 فبراير 2003 أمام معهد (American enterprise) – تحدث بوش عن إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، والعمل على نشر الديمقراطية في المنطقة، وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واسعة. وبعد ذلك دعا بوش في مايو 2003 إلى إقامة منطقة للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط في غضون عشرة أعوام؛ على أساس أن "إحلال مبادئ السوق الحرة والقوانين العادلة محل الفساد والمحاباة كفيلة بجعل شعوب المنطقة تعيش مناخًا من الازدهار والحرية" على حد تعبيره.
- وفي خطابه في 6 نوفمبر 2003 أمام الصندوق الوطني للديمقراطية - قال بوش: "التزامنا بالديمقراطية في الشرق الأوسط هو محور كلمة اليوم، ويجب أن تتركز عليه السياسة الأمريكية خلال عشرات السنوات المقبلة".. "تبنت الولايات المتحدة سياسة جديدة، هي إستراتيجية مستقبلية للحرية في الشرق الأوسط".
- وفي خطابه أمام الكونجرس، والذي أدلى به في 21 يناير سنة 2004 - أورد ما يلي: "طالما بقي الشرق الأوسط مكانًا للاستبداد واليأس والغضب؛ فإن المنطقة ستستمر في تفريخ الناقمين والحركات المهددة لأمن أمريكا وأصدقاء أمريكا؛ ولهذا فإن الولايات المتحدة مصرة على المضي قدمًا في إستراتيجيتها لتحقيق أكبر قدر من الحرية في الشرق الأوسط. سوف نتحدى أعداء الحرية ونواجه حلفاء الإرهابيين، ونتوقع مساعدة أصدقائنا".. "إن أمريكا أمة ذات رسالة، وهذه الرسالة تأتي من مبادئنا الأساسية؛ فنحن ليست لدينا أية رغبة في الهيمنة، وليست لدينا طموحات في التحول إلى إمبراطورية، إن هدفنا هو السلام الديمقراطي، سلام قائم على الكرامة والحفاظ على حقوق كل رجل وامرأة، وأمريكا تتحرك نحو هذا الهدف مع حلفائها وأصدقائها، وسيكون هذا البلد العظيم في المقدمة لتحقيق الحرية".
إطلاق المشروع:
وفي 9 فبراير 2004 أطلقت الولايات المتحدة ما يعرف ب"مشروع الشرق الأوسط الكبير"، فأعلنت الإدارة الأمريكية من خلال الصحف والتصريحات الرسمية أنها عازمة على نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط الكبير، وقد نشرت جريدة الحياة بتاريخ 13/ 2/ 2004 نص المشروع، والذي يستند إلى تقريري التنمية البشرية لعامي (2002، 2003)، وينطلق من نواقص حددت بالتقريرين (الحرية، والمعرفة، وتمكين المرأة)؛ باعتبارها نواقص ساهمت في خلق الظروف التي تهدد المصالح والأمن الغربي والأمريكي.
وتنادي المبادرة بضرورة بدء عملية الإصلاح في منطقة الشرق الأوسط الكبير، وهي من موريتانيا غربًا حتى باكستان شرقًا.
وقد حددت المبادرة ثلاثة أهداف كمدخل لعملية الإصلاح في منطقة الشرق الأوسط الكبير، وهي:
1 – تشجيع الديمقراطية والحكم الصالح.
2 – بناء مجتمع معرفي.
3 – توسيع الفرص الاقتصادية.
ردود الفعل العربية:
أثار مشروع الشرق الأوسط الكبير ردود أفعال عربية معارضة للأفكار الأمريكية، ولقد كان أهم محور لتلك المعارضة هو وجوب أن يكون الإصلاح من الداخل.
جزء من نص مشروع الشرق الأوسط الكبير:
يمثل "الشرق الأوسط الكبير تحديًا وفرصة فريدة للمجتمع الدولي. وساهمت "النواقص" الثلاث التي حددها الكتاب العرب لتقريري الأمم المتحدة حول التنمية البشرية العربية للعامين 2002 و2003 – الحرية، والمعرفة، وتمكين النساء – في خلق الظروف التي تهدد المصالح الوطنية لكل أعضاء مجموعة الثماني. وطالما تزايد عدد الأفراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة؛ سنشهد زيادة في التطرف والإرهاب والجريمة الدولية والهجرة غير المشروعة. إن الإحصائيات التي تصف الوضع الحالي في "الشرق الأوسط الكبير" مروعة":
- مجموع إجمالي الدخل المحلي لبلدان الجامعة العربية ال22 هو أقل من نظيره في إسبانيا.
- حوالي 40 في المائة من العرب البالغين – 65 مليون شخص – أميون، وتشكل النساء ثلثي هذا العدد.
- سيدخل أكثر من 50 مليونًا من الشباب سوق العمل بحلول 2010، وسيدخلها 100 مليون بحلول 2020. وهناك حاجة إلى خلق ما لا يقل عن 6 ملايين وظيفة جديدة لامتصاص هؤلاء الوافدين الجدد إلى سوق العمل.
- إذا استمرت المعدلات الحالية للبطالة سيبلغ معدل البطالة في المنطقة 25 مليونًا بحلول 2010.
- يعيش ثلث المنطقة على أقل من دولارين في اليوم. ولتحسين مستويات المعيشة؛ يجب أن يزداد النمو الاقتصادي في المنطقة أكثر من الضعف من مستواه الحالي، الذي هو دون 3 في المائة إلى 6 في المائة على الأقل.
- في إمكان 1,6 في المائة فقط من السكان استخدام الإنترنت، وهو رقم أقل مما هو عليه في أية منطقة أخرى في العالم، بما في ذلك بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
- عبَّر 51 في المائة من الشبان العرب الأكبر سنًّا عن رغبتهم في الهجرة إلى بلدان أخرى، وفقًا لتقرير التنمية البشرية العربية للعام 2002، والهدف المفضل لديهم هو البلدان الأوروبية.
وتعكس هذه الإحصائيات أن المنطقة تقف عند مفترق طرق. ويمكن للشرق الأوسط الكبير أن يستمر على المسار ذاته؛ ليضيف كل عام المزيد من الشباب المفتقرين إلى مستويات لائقة من العمل والتعليم، والمحرومين من حقوقهم السياسية. وسيمثل ذلك تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة، وللمصالح المشتركة لأعضاء مجموعة الثماني.
البديل هو الطريق إلى الإصلاح. ويمثل تقريرا التنمية البشرية العربية نداءات مقنعة وملحة للتحرك في الشرق الأوسط الكبير. وهي نداءات يرددها نشطاء وأكاديميون والقطاع الخاص في أرجاء المنطقة.
المصدر : "الولايات المتحدة الأمريكية وقضية الديمقراطية في العالم العربي" – محمود علي الخطيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق