الأربعاء، 26 مايو 2010

ياسر أيوب يكتب : محمود الجوهرى


لا أنا ولا أنت ولا أى أحد آخر بإمكانه توقع من منهما سيفوز على الآخر مساء اليوم.. حسام البدرى أم حسام حسن.. وكلما التقى الاثنان شعرت بغيظ وكراهية لقوانين كرة القدم التى أبداً لن تسمح للاثنين بالفوز فى الوقت نفسه..
وأنا بالفعل أتمنى أن يفوز الاثنان.. ليس من أجل التأهل لدور أرقى فى بطولة كأس أو لثلاث نقاط إضافية فى بطولة دورى.. ولكن لأننى أثق أنهما.. مع طارق العشرى وطلعت يوسف وغيرهما.. يقودون جيلا جديدا من المدربين فى مصر.. وبهم ستتغير نهائيا صورة المدرب فى مصر ودوره ورسالته ومكانته وضرورته أيضا.. البدرى وحسن اليوم رمزان لجيل سيبقى مديناً بكثير من كبريائه واعتزازه بنفسه للكبير حسن شحاتة وإنجازاته الأفريقية وغرام الناس به وتقديره له.. جيل سيبقى أيضاً مديناً بالكثير جداً لناظر مدرسة التدريب فى مصر محمود الجوهرى..
ولست أقصد مطلقا الانتقاص من قدر ومكانة كل من مارس التدريب بنجاح واقتدار قبل الجوهرى سواء مع المنتخب أو الأهلى والزمالك.. ولكن الجوهرى وحده يبقى نقطة فاصلة فى مسار التدريب فى مصر.. فهو الذى بدأ عصر المدرب النجم.. أول مدرب فى تاريخ مصر يتحول إلى بطل قومى وأول رجل على الخط يرسم مواصفات نجم شباك ملاعب الكرة ومدرجاتها..
ولا أعرف لماذا تذكرت الجوهرى اليوم.. بوضوح وإشراق وحنين.. رغم أن الجميع تقريبا نسوا هذا الاسم الكبير والجميل.. أو الذى كان كبيرا وهو مرضى عنه من الجميع أو حتى وهو مغضوب عليه من الصحافة والمسؤولين.. هل لأنه المصرى الوحيد فى تاريخ الكرة المصرية الذى تولى يوما قيادة الأهلى ويوما آخر قيادة الزمالك..
بالإضافة طبعا إلى أجانب وغرباء مثل مايكل إيفرت وهولمان وفينجاد الذى وقع مع الأهلى عقدا أبدا لم ينفذه.. أم لأننى رأيت الجوهرى هو الغائب الحاضر فى قمة الليلة بين الحسامين.. وشعرت أن كلا منهما لابد أن يتذكر الجوهرى وقوته وعناده وكبرياءه، سواء الليلة أو فى ليال أخرى طويلة مقبلة..
فبعد أن نجح البدرى وحسن، مع العشرى وطلعت، فى إثبات أن فى مصر مدربين يملكون القدرة والموهبة الفنية، وأصبح يتعين عليهم الآن تعلم درس آخر جديد، وضرورى وحاسم وفاصل، من محمود الجوهرى.. وهو أن يستقل كل منهم بفريقه عن أى إدارة.. فقبل الجوهرى كان المدرب مجرد موظف عند الإدارة.. يمكن إغفال وجوده أو إلغاء صوته أو تهميش حضوره أو حتى تغييبه..
وجاء الجوهرى ليصبح وحده هو صاحب السلطة والقرار ولديه الصلاحية والمسؤولية الكاملة عن فريقه.. وقد يصيب أو يخطئ.. وهو ما حدث بالفعل مع الجوهرى.. ولكن هذا ليس مهماً.. المهم هو أن يبقى المدرب قويا ومستقلا حتى لو أخطأ أو خسر.. وقد بدأت أتابع مدربى أوروبا الكبار والآخرين الذاهبين إلى كأس العالم.. فوجدت السمة المشتركة بينهم هى هذه القوة، كلهم أقوى من نجومهم، ومن إداراتهم، ومن إعلام بلدانهم..
وواضح جدا أن هذه القوة، التى يصنعها الكبرياء والثقة بالنفس والطموح المشروع، هى أولى خطوات النجاح، وأهم درس يتعلمه نجوم التدريب الآن فى مصر من الأستاذ والناظر الكبير والقدير، محمود الجوهرى.

المصري اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق