سرّبتها مخابرات 3 دول
لم يعد الخيار الدبلوماسي منهجاً أوحد في تعامل المجتمع الدولي مع الملف النووي الإيراني، وإنما لاحت في الأفق بوادر اللجوء إلى العمل المسلح ضد إيران، وبات واضحاً من خلال المعطيات التي فرضت نفسها على أرض الواقع في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، اعتزام إسرائيل وربما الولايات المتحدة اللجوء إلى لغة السلاح لحسم مسألة الملف النووي الإيراني.ووفقاً لتسريبات استخباراتية دولية، تمكنت آلة الحرب الإسرائيلية والأميركية من غزو مناطق استراتيجية متاخمة لإيران، من خلال عمليات استخباراتية سرية، تمهيداً لعمل عسكري بات قاب قوسين أو أدنى للخروج إلى حيز التنفيذ، قد يقود في بدايته إلى تشابك جبهات عدة في المنطقة.فحوى التسريبات الاستخباراتية العبرية يعكس مشهداً قاتماً، يؤكد وقوف منطقة الشرق الأوسط على أعتاب حرب جديدة، لن تقتصر رحاها على الجبهات الإيرانية والإسرائيلية والامريكية فقط، وإنما ستطال جبهات عربية أخرى، في مقدمتها الجبهة السورية وحزب الله وربما حماس في قطاع غزة.وكانت المناورات والتدريبات العسكرية، التي أجراها الجيش الإسرائيلي داخل وخارج نطاق الدولة العبرية خلال الآونة الأخيرة دليلاً اقتراب ساعة الصفر لهذه المعارك. ووفقاً للتسريبات الاستخباراتية التي نشرها موقع "دبكا" العبري على شبكة الإنترنت، بدأ سلاح البحرية الإسرائيلي خلال الأيام القليلة الماضية، بمساعدة الأسطول الامريكي الخامس، الرابض في مياه الخليج العربي تنفيذ عمليات عسكرية سرية قبالة السواحل الإيرانية، استعداداً لقيام قوات إسرائيلية بحرية خاصة بضرب أهداف في العمق الإيراني.
تعتيم أمريكي
ولم يقتصر النشاط العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي على مياه الخليج العربي فقط، وإنما طال أيضاً الأراضي العراقية، حيث تشير التسريبات العبرية الموثقة إلى أن قيادة وزارة الدفاع الإسرائيلية مدعومة بكوادر بارزة في شعبة الاستخبارات العسكرية بالجيش الإسرائيلي كلفت خلال الأسابيع القليلة الفائتة عدداً من أمهر الضباط الإسرائيليين للقيام بعمليات ميدانية داخل الأراضي العراقية، تهدف إلى ترسيم مسارات برية وجوية داخل بلاد الرافدين، وإبلاغ القيادة في تل أبيب بهذه المسارات بشكل متواتر، تمهيداً لاستخدام هذه المسارات حال اتخاذ قرار بالحرب ضد إيران، وأن الكوادر الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية التي يدور الحديث عنها قد وصلت بالفعل إلى بلاد الرافدين قبل أيام قلائل، وبدأت في ممارسة نشاطها السري بعد حصولها على مظلة ودعم من قيادة القوات الامريكية في العراق.ووفقاً للتقارير العبرية التي اعتمدت على مصادر وصفتها بالغربية، طالبت دول عربية الولايات المتحدة بإيضاحات حول هذه التسريبات، خاصة أن هذه المعلومات لم تصدر عن أية جهات رسمية أو غير رسمية، الأمر الذي أثار العديد من علامات الاستفهام، حول حرص واشنطن على أن تجري هذه التطورات العسكرية والاستخباراتية في نطاق بالغ من السرية. جاء ذلك في الوقت الذي رصدت فيه الأسلحة البحرية لعدد من الدول الخليجية، النشاط العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي غير المعلن في مياه الخليج العربي.وإذا كان النشاط الذي يدور الحديث عنه خاص بآلة الحرب الإسرائيلية، فالأمر لا يختلف كثيراً عند التطرق إلى الاستعدادات العسكرية الأميركية للحرب المرتقبة على إيران، فالتسريبات الاستخباراتية ذاتها تؤكد أن عدداً ليس بالقليل من القوارب والقطع البحرية الأمريكية تدور عكس عقارب الساعة قبالة السواحل الإيرانية، وتحمل هذه القوارب صواريخ بحرية من طراز "أجيس" Aegis، جاء ذلك في أعقاب القرار غير المعتاد الذي اتخذه الرئيس الامريكي باراك اوباما، في 30 من كانون الأول (يناير) المنصرم، حينما عمد إلى تسريب معلومات سرية لوسائل إعلام امريكية، في مقدمتها صحيفتا (نيويورك تايمز) (وواشنطن بوست)، أشار فيها إلى أن الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، في طليعتها الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين بدأت في اتخاذ أساليب الحذر والحيطة، فضلاً عن الاستعدادات العسكرية غير المسبوقة، تحسباً لاحتمالات اندلاع حرب قد يشنها حزب الله رداً على عملية عسكرية امريكية أو إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
تنصّت إسرائيلي في تركيا
وفي تطور غير مسبوق كشفت عناصر في الحزب الإسلامي التركي الـ"AK" النقاب عن أن الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية (الموساد) نجح في وضع أجهزة تنصت عالية التقنية داخل مقر قيادة الأركان التركية في أنقرة، محولاً هذا المقر إلى محطة تنصت وتعقب ومتابعة لما يجري داخل إيران وسوريا، وقد بدأ تداول هذه المعلومات التي تم تسريبها في 27 من كانون الأول (يناير) الماضي يطفو على السطح بأوامر من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، الأمر الذي اعتبرته دوائر سياسية وأمنية في تل أبيب إعلاناً ضمنياً لانسحاب تركيا التدريجي من تحالفها العسكري مع إسرائيل، ويبدو بحسب الدوائر الإسرائيلية أن القيادة السياسية في تركيا كانت على علم مسبق بمساعي تل أبيب وتحركاتها العسكرية ضد إيران.آلة الإعلام التركية تحدثت باستفاضة عن هذا الكشف بعد حصولها على الضوء الأخضر من القيادة السياسية والعسكرية في أنقرة، حيث أشار الموقع الالكتروني لصحيفة "وقت" WAQAT التركية إلى أن الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، حوّلت مقر قيادة الأركان التركية إلى محطة الكترونية سرية للتنصت على ما يجري داخل إيران وسوريا، ووفقاً للتقرير التركي ضمت المحطة التي يدور الحديث عنها عدداً من الكوادر الاستخباراتية الإسرائيلية، المسؤولة عن تشغيل أجهزة التنصت، وكان محظوراً على عدد ليس بالقليل من الضباط الأتراك دخول هذه المحطة. التقارير التركية تحدثت بالتفصيل عن المحطة الالكترونية، مشيرة إلى أنها تعمل بأجهزة تنصت عالية التقنية من طراز SIGNIT- Signals Intelligence، وتعمل هذه الأجهزة على تعقب والتقاط ما تبثه شبكات الاتصال الإيرانية والسورية، وسمحت تركيا لإسرائيل بوضع هذه المحطة في مقر قيادتها العسكرية للحصول منها على المعلومات، التي تفتقر إليها عن المؤسستين العسكريتين الإيرانية والسورية.استكمالاً لتلك التطورات، نقلت تقارير غربية عن دوائر عسكرية في واشنطن قولها "إن وزارة الدفاع الامريكية "البنتاجون" تعتزم زيادة قوام جنودها في منطقة الخليج العربي، على أن تقتصر مهام معظم هؤلاء الجنود على الدفاع عن حقول وموانئ النفط في منطقة الخليج من أي هجمات صاروخية إيرانية، أو هجمات أخرى قد تنفذها قوات عسكرية خاصة تابعة لحزب الله، بعد تلقيها تدريبات مكثفة على أيدي عناصر الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى ذلك عززت قيادة القوات الامريكية في مياه الخليج العربي من وضع بطاريات صواريخ "باتريوت" في دول الخليج وقبالة السواحل الإيرانية". ويسود الانطباع لدى الدوائر السياسية والعسكرية في تل أبيب بأن الإدارة الامريكية لن تقف مكتوفة الأيدي أكثر من ذلك أمام تباهي الدولة الفارسية بقدراتها العسكرية النووية دون رد مناسب، ولن يردع طهران في ظل التطورات التي يشهدها الواقع السياسي والدبلوماسي الدولي، سوى عمل عسكري ضد طهران، تلعب فيه الدولة العبرية دور البطولة.
سوريا تستدعي الاحتياط
وفي تطور آخر يحمل صدى طبول الحرب المرتقبة في منطقة الشرق الأوسط، أزاحت تقارير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" الستار عن إعلان سوريا استدعاء قواتها من الاحتياط بدرجة "4"، ونقل هؤلاء الجنود إلى المناطق العسكرية السورية المحاذية لهضبة الجولان المحتلة، وبحسب تقارير استخباراتية نشرها موقع "دبكا" العبري على شبكة الانترنت.وبررت القيادة السورية استدعاء الاحتياطي بأنه يأتي رداً على ما تصفه دمشق بالخطط الهجومية للجيش الإسرائيلي، وتفسر دوائر عسكرية في تل أبيب الخطوة السورية بأنها بمثابة الإعلان عن التعبئة النسبية للوحدات الخاصة والمدرعة السورية، وفي مقابل ذلك أعلن حزب الله هو الآخر عن حالة استفار قصوى بين صفوف قواته، ووفقاً لمعلومات الإسرائيلية فإن استعدادات حزب الله تشمل جميع مناطق الجنوب اللبناني، وكل أراضي البقاع، غير انه لم يتم إعلان حالة الاستنفار ذاتها في مناطق لبنانية أخرى تضم عناصر عسكرية تابعة للحزب، مثل بيروت وبعلبك.وعلى الرغم مما أثير حول مرجعية حالة الاستنفار العسكري داخل الجيش السوري وحزب الله إلى المناورات العسكرية الأخيرة التي أجرتها إسرائيل في هضبة الجولان وجبهتها الشمالية بشكل عام، وما ينطوي على هذه المناورات من استعدادات إسرائيلية تنذر باعتزامها الهجوم على حزب الله ثم مداهمة الأراضي السورية من الجبهة اللبنانية، إلا أن تقارير تقدير الموقف الإسرائيلية تشير إلى أن الاستعدادات السورية ونظيرتها في صفوف حزب الله تأتي نتيجة مباشرة للاتفاق العسكري الذي تم إبرامه بين طهران ودمشق وحزب الله، خلال زيارة مستشار الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والزيارة المماثلة التي قام بها وزير الدفاع الإيراني احمد وحيدي في 17 من كانون الأول (ديسمبر) الماضي للعاصمة السورية.ووفقاً لبنود الاتفاق تعهدت سوريا وحزب الله بمساعدة إيران حال تعرضها لعمل عسكري من جانب إسرائيل، بالإضافة إلى اتفاق الأطراف الثلاثة إيران وسوريا وحزب الله على العمل سوياً ضد أي تحرك عسكري إسرائيلي، يؤكد ذلك المناورات العسكرية الأخيرة التي أجراها الجيش السوري بالتعاون مع عناصر عسكرية من حزب الله، رداً على المناورات العسكرية الواسعة التي أجرتها إسرائيل في هضبة الجولان والجبهة الشمالية الإسرائيلية خلال الآونة الأخيرة بحسب دوائر عسكرية في تل أبيب.
العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق