الأحد، 20 ديسمبر 2009

تلاعب في خريطة مصر‏ ... علي الفضائيات و الإنترنت !!!


ربما تنبه العديد من أساتذة الجغرافيا في مصر‏,‏ إلي أن خريطة مصر التي يتم تداولها في الإعلام المحلي الرسمي‏,‏ وفي الفضائيات العربية‏,‏ وفي كتب الجغرافيا‏,‏ والعديد من الوسائل التعليمية هي الخريطة الخاطئة‏,‏ وقابلوا ذلك بمحاولات فردية لتصحيح الخطأ‏,‏ بينما لم تتحرك الجهات الرسمية لتقود حملة قومية ـ في الصميم ـ لكي تصحح الخطأ‏,‏ وتزود الجهات الإعلامية والرسمية في مختلف دول العالم بالخريطة الصحيحة‏...‏فالتحرك لتصحيح الخطأ كان يتم بشكل فردي‏,‏ لايتجاوز حدود اتصال هاتفي من متخصص إلي القناة الفضائية التي تنشر الخريطة الخطأ‏,‏ فتقوم بالتصحيح‏....‏ إلا أستاذ جامعي هو الدكتور مهندس هشام نبيه المهدي محمد أستاذ تكنولوجيا المعلومات المساعد بكلية الحاسبات والمعلومات ـ جامعة القاهرة‏,‏ فقد أقام الدنيا‏,‏ ولم يقعدها‏,‏ فلم يترك بابا الا طرقة‏,‏ ولا جهة إلا شكا إليها‏,‏ ففي عام‏2007‏ م‏,‏فبدأ في التحرك بعد أن أصبح مستشارا لنائب رئيس جامعة القاهرة لشئون البيئة وخدمة المجتمع‏...‏ وقتها أدرك الدكتور هشام أنه صرخته سوف تصل‏,‏ وأن كملته قد تكون مسموعة‏,‏ فلم يتردد‏!‏ فقد استضافته قناة الجزيرة ذات مرة‏,‏ وعندما أقام مع أحد العاملين بها جسورا للمعرفة‏,‏ طالب القناة بنشر الخريطة الصحيحة لمصر‏,‏ فصححت القناة الخريطة جزئيا‏,‏ حيث كانوا يضعون عناوين الأخبار علي المنطقة المغلوطة من الخريطة‏,‏ ومع استمرار المراسلات مع القناة أوقفوا إذاعتها لمدة ثلاثة أسابيع تقريبا‏,‏وفي مقاعد الدراسة بدأ الدكتور هشام المهدي توعية بتعريفهم بالخريطة الصحيحة‏,‏ والمغلوطة ليسهم في توعية طلابة الذين بدورهم يمكن أن يسهموا في نشر المعلومة لآخرين‏,‏ ثم واصل جهوده لتصحيح خريطة مصر‏,‏ فخاطب رئيس الوزراء ووزراء الإعلام‏,‏ والتعليم العالي‏,‏ والخارجية‏.‏جوجل تطالب بخطاب رسميلكنه لم يتوقف عند هذا الحد‏,‏ فقد اكتشف أن الخريطة التي يتم تداولها علي محرك البحث العلمي الشهير جوجل‏..‏ مغلوطة‏,‏ حيث تضم مثلث حلايب وشلاتين للسودان‏,‏ فانتهز فرصة زيارة وفد من شركة جوجل العالمية برئاسة نائب رئيس الشركة إلي كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة القاهرة ضمن جولتهم للبحث والتنقيب عن شباب ذوي مهارات عالية لتوظيفهم‏,‏ فناقشهم في موضوع الخريطة‏,‏ فطلب منه نائب رئيس الشركة أن يبعث إليه برسالة عبر البريد الاكتروني علي موقع الشركة لبحث الموضوع‏,‏ فبادر بإرسال الرسالة متضمنة الخريطة الصحيحة‏,‏ فماذا كان رد شركة جوجل؟‏!‏قالت الشركة أن الخريطة التي يجري استخدامها هي الموجودة في الأمم المتحدة‏,‏ ولكي يتم تصحيح الأوضاع لابد من مخاطبتهم رسميا‏.‏ولم يتوقف الدكتور هشام المهدي‏,‏ فقد خاطب سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي لكي تتوقف قناة دبي عن بث الخريطة المغلوطة‏.‏وبالتزامن مع هذه التحركات‏,‏ أرسلت جهة سيادية خطابا إلي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بضرورة تفعيل الكتاب الدوري الصادر من مجلس الوزراء بشأن التأكيد علي جميع الهيئات التابعة للوزارات بضرورة استخدام الخرائط المعتمدة من الهيئة العامة المصرية للمساحة‏,‏ وعدم استخدام أي خرائط غير معتمدة منها‏,‏ وإعدام الخرائط غير الصحيحة‏,‏ ومراجعة وتدقيق خريطة مصر في المناهج والمقررات الدراسية‏,‏ والتأكيد من صحتها‏,‏ مع وضع خريطة معتمدة للجمهورية بحجم مناسب في كان بارز بالجامعات والكليات والمعاهد المختلفة‏.‏الخريطة المغلوطة علي الفضائيات والإنترنتوهنا يؤيده الدكتور محمد عبد العزيز رئيس قسم الجغرافيا ووكيل كلية الآداب سابقا بجامعة بني سويف‏,‏ حيث يتفق معه في أن خريطة مصر التي يتم تداولها في العالم‏,‏ وعلي بعض شاشات الفضائيات المصرية‏,‏ والعربية هي الخريطة الخطأ‏,‏ وهو أمر يستوجب التصحيح‏,‏ ومخاطبة كل الجهات العربية والدولية‏,‏ سواء كانت رسمية‏,‏ وإعلامية‏,‏ وتزويدها بالخريطة الصحيحة حتي لو كان ذلك عبر القنوات الدبلوماسية المصرية بالخارج‏,‏ لكي يتم تداولها بشكل سليم‏.‏ويعود بالذاكرة إلي الوراء‏,‏ حينما قام محمد علي والي مصر بفتح السودان في عام‏1820‏ م‏,‏ ووصل نفوذه جنوبا ومن بعده ابنه إسماعيل إلي الصومال‏,‏ وإلي الحدود الجنوبية الحالية للسودان‏,‏ واستمرت مصر في بسط نفوذها علي السودان‏,‏ وبرغم تقليص القوي العظمي لنفوذ محمد علي وتوسعاته بمقتضي اتفاقية لندن عام‏1840‏ م‏,‏ فإن الدولة العثمانية منحته وفقا لفرمان‏13‏ فبراير‏1841‏ م حق ممارسة السيادة المصرية الفعلية علي السودان‏,‏ وتأكدت هذه السيادة في فرمان السيادة الصليبية في تاريخ‏27‏ مايو‏1966‏ الصادر لابنة إسماعيل‏,‏واستمرت السيادة المصرية كاملة علي السودان حتي عام‏1885‏ م‏,‏ وذلك عندما أجبرتها بريطانيا ـ بعد احتلالها لمصر في عام‏1882‏ ك ـ علي إخلاء السودان بعد نشوب الثورة المهدية في عام‏1883‏ م‏.‏ ورغبة من بريطانيا في الاستئثار بحكم السودان‏,‏ وفصله عن مصر‏,‏ لجأت بريطانيا إلي عقد اتفاق ثنائي مع مصر في‏19‏ يناير‏1899‏ م‏,‏ الذي بمقتضاه تم الاتفاق علي رسم الحد الفاصل بين مصر والسودان‏,‏ وهو الخط الذي يتفق مع خط عرض‏22‏ درجة شمال خط الاستواء‏,‏وقد نصت المادة الأولي من هذا الاتفاق صراحة علي أن يطلق لفظ السودان علي جميع الأراضي الكائنة جنوب الدرجة الثانية والعشرين من خطوط العرض‏.‏ ولأن خط عرض‏22‏ درجة شمالا يمتد ـ كباقي الحدود الهندسة ـ لم يراع ظروف السكان المنتشرين في المنطقة من القبائل الرعوية‏,‏ لذا اصدر وزير الداخلية المصري آنذاك قرارا إداريا في‏4‏ نوفمبر من عام‏1902‏ م يقضي بإجراء تعديل إداري علي القطاع الشرقي من خط الحدود الفاصل بين مصر والسودان‏,‏وذلك بوضع مثلث حلايب وشلاتين الواقعة شمال خط عرض‏22‏ درجة شمالا‏,‏ تحت الإدارة السودانية‏,‏ وذلك لوجود بعض أفراد قبائل البشارية السودانية بها‏,‏ ومنعا لأي لبس‏,‏ أشار القرار الإداري الذي أصدره وزير الداخلية المصري وقتها في مادته الثانية إلي أن المنطقة التي شملها التعديل تقع بأراضي الحكومة المصرية‏.‏كما أشار في مادته الثامنة إلي أن تعيين عمد ووكلاء القبائل ومشايخ القري من البشارية يتبع قرار نظارة الداخلية المصريةالصادر في‏3‏ مايو‏1895‏ م‏,‏ والمتبع في باقي المديريات المصرية في شأن العربان‏.‏ أما المنطقة التي أجري عليها التعديل الإداري والتي تعرف بمثلث حلايب ـوالكلام للدكتور محمد عبد العزيز ـ فقد بدأت تطبع في الخرائط المصرية‏,‏ والسودانية والأجنبية بحيث يظهر فيها الحدان وهما‏:‏ حد خط عرض‏22‏ درجة شمالا والذي تم تعيينه وفق الاتفاق الثانية في يناير‏1899‏ م‏,‏ والحد الإداري الذي صدر بقرار إداري من وزير الداخلية المصري‏,‏ولكن مع بداية عام‏1914‏ م‏,‏ بدأت الخرائط التي تصدرها السودان الواقعة تحت النفوذ البريطاني آنذاك ـ تغقل إظهار خط عرض‏22‏ درجة شمالا وتكتفي برسم الحد الإداري بحيث يصبح الحد الوحيد الذي يفصل بين مصر والسودان في هذه المنطقة‏,‏ ووصل الحد إلي أن وزارة الخارجية البريطانية أبلغت شركة الأطالس الأمريكية راندماكنل عام‏1928‏ م باعتماد الحد الإداري فقط‏,‏ كحد فاصل بين مصر والسودان في المنطقة‏,‏وبالفعل أصدرت الشركة المذكورة أطلسها علي هذا النحو‏,‏ وتبعتها الأطالس العالمية الأخري التي تنقل عنها‏,‏ وبالتالي فإن معظم دول العالم تنشر الخريطة الخطأ في وسائل إعلامها المختلفة‏,‏ وفي وسائل التعليم أيضا دون تدقيق في مدي صحة هذه الخرائط من عدمه‏,‏ ولاشك أن هذا الأمر يعكس تقصيرا من جانب الجهات المصرية في حقها في تصويب خريطتها لدي كل الجهات التي تنشر الخريطة الخطأ سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد
انتهت القضية‏...‏ فهل من مجيب؟


الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق