السبت، 29 أغسطس 2009

فضيحة سرقة الأعضاء .. السويد تتحدى إسرائيل وترفض الاعتذار


مازالت فضيحة سرقة الأعضاء التي فجرها الصحفي السويدي دونالد بوستروم تثير غضبا عارما في إسرائيل ، بل ووصل الأمر إلى قيامها بمطالبة استوكهولم بتكذيب الأمر والاعتذار علنيا ، إلا أن الرد كان هو الآخر بمثابة صفعة جديدة للكيان الصهيوني .
ففي 27 أغسطس / آب ، نشرت صحيفة "سفينسكا داغبلاديت" السويدية استطلاعا للرأي أظهر أن أغلبية السويديين يعارضون قيام الحكومة أو جريدة "أفتونبلاديت" التي نشرت مقال بوستروم بتقديم اعتذار إلى إسرائيل ، وجاء في الاستطلاع الذي شارك فيه أكثر من 24 ألف شخص أن 56% من السويديين يعارضون تقديم اعتذار لإسرائيل .
ووفقا للصحيفة فإنه بالرغم من أن وزير الخارجية السويدي كارل بيلت قد يقوم بزيارة إسرائيل قريبا ، إلا أن الحكومة السويدية لا تزال ترفض إدانة نشر المقال كما تطالب إسرائيل وعزت السبب في ذلك إلى أن الصحافة الحرة هي أحد أعمدة الديمقراطية السويدية حيث يعود إقرار أول قانون حول حرية التعبير إلى العام 1766.
ونقلت "سفينسكا داغبلاديت" عن رئيس الحكومة السويدية فريدريك رينفيلت قوله في هذا الصدد :" لا يمكن التوجه إلى الحكومة السويدية والطلب منها بأن تخرق الدستور السويدي".
تفجر الفضيحة
وكانت صحيفة "أفتونبلاديت" السويدية نشرت في 17 أغسطس / آب تقريراً لمراسلها في الأراضي الفلسطينية المحتلة دونالد بوستروم أفاد فيه بأن جنوداً إسرائيليين قاموا عمدا بقتل شبان وأطفال فلسطينيين لسرقة أعضائهم والمتاجرة بها ، قائلا :" إسرائيل كانت تعتقل شبانا فلسطينيين في الليل وتقتلهم وتستأصل أعضاءهم وتدفنهم بسرية".
وأضاف أنه كان موجوداً في الضفة الغربية عام 1992 عندما جلبت السلطات الإسرائيلية جثة فلسطيني يدعى بلال أحمد غانم وقد قالت عائلته آنذاك إن الجيش الإسرائيلي سرق بعض أعضائه، وسمع بعد ذلك روايات مماثلة من 20 عائلة فلسطينية أخرى تسلمت جثث أبنائها وقد ظهرت فيها آثار عمليات جراحية.
وكشف أنه سعى لتصوير تحقيق وثائقي عن القضية ، غير أن الأحداث الأمنية التي أدت إلى إغلاق المعابر نحو الضفة الغربية وغزة حالت دون ذلك، مضيفاً أنه لم يتمكن من العثور على منظمات إنسانية مهتمة بالقضية.
ولفت الصحفي السويدي إلى أن قرار السلطات الإسرائيلية تشريح جثث الفلسطينيين الذين يسقطون برصاص جيشها غير مفهوم، لأن أسباب الوفاة واضحة ، معتبرا أن هذا الأمر قد يقود إلى إجراء تحقيق دولي فيما وصفه بـ"جريمة حرب" من قبل الجيش الإسرائيلي.
معاداة السامية
المتطرف ليبرمان
وبالنظر إلى أن المقال السابق كشف بعدا إجراميا جديدا لإسرائيل لم تسلط عليه الأضواء من قبل ، فقد جاء رد فعلها عنيفا جدا ، حيث شن وزير خارجيتها أفيجدور ليبرمان هجوما شديد اللهجة ضد السويد، وأشار إلى أنها تتخذ مواقف متطرفة ضد إسرائيل منذ الحرب الأخيرة على غزة ، وانتقد في هذا الصدد صمت نظيره السويدي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي عن المقال .
وفي السياق ذاته ، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إيجال بالمور: "هذا المقال يحمل عناصر واضحة من التشهير الدموي ضد اليهود في العصور الوسطى" ، متهما الصحيفة بالتشجيع على جرائم الكراهية ضد إسرائيل . وأضاف قائلا : "نشعر بأن الحكومة السويدية تستخدم حجة حرية التعبير كذريعة لعدم إدانة معاداة السامية ، نعتقد أن حرية التعبير لا تنطبق فقط على وسائل الإعلام السويدية، بل أيضا على الحكومة السويدية التي عليها أن تعلن موقفا حازما حول تلك القضية التي تشكل معاداة للسامية".
بوسترم يرد
وفي تعقيبه على الاتهامات الإسرائيلية السابقة ، كشف الصحفي ديفيد بوسترم أن الحكومة الإسرائيلية حاولت جاهدة الضغط على الحكومة السويدية بعدم نشر هذه القضية التى هزت صورتها أمام العالم.
وأضاف فى تصريحات لقناة "الجزيرة" في 25 أغسطس أن الاحتلال الإسرائيلى ينتهك القانون الدولى كل يوم فى الأراضى المحتلة ولا يريد أحد أن يحاسبه أو يكتب عنه.
وأوضح أن إسرائيل حاولت استخدام المقال على اعتبار أنه يمثل معاداة للسامية ، لكن المقال الذى كتبه ليس فيه حرف واحد حول هذه الإدعاءات.
إسرائيل تتاجر بأعضاء الفلسطينيين
وتابع "إننى أخذت بوجهة نظر كل الأطراف فى كتابة المقال حيث لم أكتف بالطرف الفلسطينى ولكنى ذهبت أيضاً إلى الجيش الإسرائيلى لمعرفة مدى صحة هذه المعلومات التى ثبتت صحتها".
التصريحات السابقة تؤكد أن إسرائيل لن تنجح هذه المرة في إخفاء جرائمها ، فقد كشف بوسترم أن الحكومة السويدية كانت على علم بالمقال قبل نشره ، أيضا فإن سفير إسرائيل في ستوكهولم بيني دغان كان اجتمع مع نائب وزير الخارجية السويدي في 20 أغسطس ووصف العلاقات بين البلدين بالمتوترة جدا ، منتقدا رفض الحكومة السويدية وخاصة وزير خارجيتها كارل بيلدت استنكار المقال .
وأضاف دغان قائلا :" المسئول السويدي علل هذا الرفض بتمسك حكومته بحرية التعبير ، لكن الحكومة السويدية سبق واستنكرت تقارير صحفية مماثلة ، صمت الحكومة السويدية إزاء القضية يمس بالعلاقات الثنائية ".
وبجانب ما سبق ، فإن هناك أحداثا تاريخية تؤكد أن السويد لن تقدم اعتذارا لإسرائيل ، فالتوتر الحالي في العلاقات بين تل أبيب واستوكهولم ليس جديدا ، حيث أتلف السفير الإسرائيلي عملا فنيا في صالة عرض باستوكهولم في 2004 ، بزعم أن العمل وهو عن استشهادية فلسطينية يمجد من أسماهم بالقتلة ، هذا بجانب الحياد الذي أبدته السويد المعاصرة تجاه هتلر ، وأخيرا ، فإن تل أبيب تأخذ على استوكهولم انحيازها للفلسطينيين ، في حين تتهمها السويد بانتهاك حقوق الإنسان .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق