الخميس، 8 ديسمبر 2011

د. سيدخطاب : قانون الرقابة لن يتغير لو حصل الإخوان و السلفيون على أغلبية البرلمان



أكد الدكتور سيد خطاب، رئيس الرقابة، أن قانون الرقابة على المصنفات الفنية، الذى يعود إلى سنة ١٩٥٥، قادر على البقاء لسنوات طويلة، خاصة أنه يتميز بالمرونة والتغير مع المجتمع، موضحاً أنه يستبعد فكرة تغيير هذا القانون فى حالة تفوق التيارات الدينية ممثلة فى الإخوان والسلفيين على مقاعد مجلس الشعب. وقال «خطاب» لـ«المصرى اليوم»: إن الحرية لا تعنى الإباحية، مشيراً إلى أنه لو تعرض لضغوط كرقيب فلن يهرب من موقعه وسيظل يدافع عن حرية الإبداع، طالما كان ذلك لا يخل بحقوق الآخرين.

■ بعد المرحلة الأولى للانتخابات هناك تخوف من تفوق الإخوان والسلفيين وتأثير ذلك على وجود رقابة أكثر تشدداً فما رأيك؟

- العلاقة بين الرقابة وحالة المجتمع قوية، لأنها تعبر عن التنوعات الاجتماعية والسياسية، كما أننا فى دولة القانون، واحترام هذا القانون من الأسس التى نبنى عليها الدولة الديمقراطية، ولن يتغير هذا القانون فى حالة تفوق تيار على الآخر.

■ ماذا سيكون موقفك لو صرحت بعرض فيلم واعترضت عليه التيارات الدينية فى البرلمان؟

- من الطبيعى أن يكون هناك اعتراض، وكان هذا يحدث فى الماضى، وكان أى شخص يعترض ويناقش ويحاسب المسؤول الحكومى، لأن النواب لهم سلطة الرقابة على الأجهزة التنفيذية، لكن هذه السلطة لا يصح تطبيقها على قانون الرقابة، لأنه قانون قديم ويحمل رقم ٤٣٠ لسنة ١٩٥٥، وإذا كان لأى شخص منهم الرغبة فى تعديل هذا القانون، فأعتقد أنه سيحتاج إلى تعديل تشريعى، ولن يحدث ذلك بسهولة ما لم يرض عنه المبدعون، وسأواجههم بالقانون، فهناك جلسات عمل تعقد للمسؤولين ويتم خلالها عرض وجهات النظر، لأن الإبداع ليس خاضعاً لتقديرات ذاتية، فطالما يلتزم المبدع بتنفيذ القانون فليست هناك مشكلة.

■ هل من الوارد تغيير قانون الرقابة فى حالة فوز الإخوان والسلفيين بالأغلبية؟

- هناك من لديهم تخوف بسبب تفوق الإخوان والسلفيين فى المرحلة الأولى، خاصة أن المبدأ الأساسى الذى قامت من أجله ثورة ٢٥ يناير، وهو الحرية، يشمل الحريات العامة والخاصة وحرية التعبير والإبداع والصحافة والإعلام وكل أشكال التعبير المختلفة، لذلك فوعى البرلمان المقبل بحرية الإبداع يحتاج إلى مناقشة وتفسير وعدم توجيه الاتهام لأحد، لأننا ندعو إلى الحرية الملتزمة وليس الحرية المستهترة، وأعتقد أنه لن يتم سن قوانين جديدة خاصة بالرقابة إلا بعد استشارة المبدعين أنفسهم، ولا أدعو للخوف من التيارات الإسلامية، لأنهم سيكونون فى حاجة إلى العقلانية، فهم يعلمون حجم المخاطر التى نمر بها فى المرحلة الحالية، كما أنهم أمام اختبار كبير ولن يستطيعوا أن يكونوا وحدهم، فمشاكل مصر كثيرة ومتراكمة، وهم فى حاجة لكل الآراء والأفكار التى تساندهم.

■ لكن سيطرة الإخوان والسلفيين على مقاعد البرلمان، ربما تجعل هناك رقيباً داخل الرقباء أنفسهم؟

- ما سنواجهه ليس مجرد تغيير فى طبيعة وشكل المؤسسة، لأن هذا كان يحدث منذ سنوات طويلة، وكان يظهر فيما يسمى الرقابة المجتمعية من خلال رفع أحد المواطنين أو الشيوخ دعاوى قضائية لمنع بعض الأفلام، أو ضد وزارة الثقافة، وأعتقد أن هذا الوضع سيؤثر على الرقباء، لأنه من خلال ما يحدث فى البرلمان سنرى توثيق لخريطة مصر الاجتماعية المقبلة، لكن إذا سارت الدولة فى الشكل الديمقراطى، الذى وعدنا به المجلس العسكرى، فبالتأكيد سينعكس ذلك على البناء التشريعى، وهى معركة طويلة فى صياغة شكل الدولة، ونتمنى أن يكون المجتمع متحركاً وحذراً فى المرحلة المقبلة، ونحن نمتلك قانوناً للرقابة عاش منذ سنة ١٩٥٥، وشهد الكثير من الإبداع والمرونة والتغير مع المجتمع، وهذا القانون يصلح للبقاء سنوات طويلة.

■ بعد الثورة كان هناك من يطالب بإلغاء الرقابة، فهل هذه المطالب مازالت قائمة؟

- هذا المطلب كان مثاراً بالفعل، لكن بشكل خافت، وكنت أؤيد فكرة الوصول إلى الحرية الملتزمة فى مرحلة قراءة السيناريو، ولكن فى المرحلة الحالية أعتقد أنه من الصعب تغيير أى شىء، فنحن نحتاج إلى الهدوء قليلاً حتى يظهر شكل البرلمان، وتنتهى الانتخابات الرئاسية.

■ هل لديك مخاوف على المستوى الشخصى من صعود التيارات الدينية؟

- لست خائفاً على الكرسى، فأنا فى الأساس أستاذ فى المعهد العالى للفنون المسرحية وعضواً بمجلس نقابة الممثلين، لكن الرقابة ستستمر فى ممارسة دورها الاجتماعى، لأنها مرتبطة بعلاقة وطيدة مع المجتمع، وتحافظ على نسيجه ومصالحه العليا من خلال القانون، الذى يحمى المجتمع من جهة، والمبدع من جهة أخرى.

■ ماذا ستفعل لو تعرضت لضغوط معينة أثناء أدائك عملك الرقابى؟

- سأظل أمارس عملى، لأن ما يفرض علىّ وأنا رقيب، سيفرض علىّ كفنان مبدع، فلا مجال للهروب، وسأقف وأدافع عن حقى بكل قوة وإيمان، طالما كان ذلك لا يخل بحقوق الآخرين، والإسلام كدين يدعو للحرية، ويقف ضد العبودية، ونموذجاً فى حقوق الإنسان، وهو ما يعطى حق ومساحة للمبدعين فى التعبير عن مشاكل مجتمعهم، وسأظل فى هذه المعركة، لأنه لم يأت نظام فى يوم من الأيام يرضى عن مبدع أو يرضى عنه المبدع، فالاختلاف والتمرد جزء أساسى من مقومات الإبداع.

■ كيف ترى تأثير صعود التيارات الدينية على مستقبل الفن؟

- هذه المعركة خاضتها مصر، وبشكل أكثر عنفاً مما يتصور الجيل الجديد فى فترة السبعينيات والثمانينيات، حيث وصلت الأمور إلى إراقة الدماء، وقتل مبدعين ومفكرين، فضلاً عن اغتيالهم الأخلاقى، وفضح سيرهم الذاتية، التى وصلت إلى حد التكفير، ولست خائفاً رغم أننا نمر بها الآن، لكن بشكل قانونى ودستورى، فهذا المجتمع هو مرآتنا التى تكشف لنا آراء الناس، وعلينا الالتزام بالقانون، لأنه المخرج الوحيد من هذا المأزق، وعلينا أن نترك التخويف والتخوين ونلتزم بالقانون.

■ بعد الثورة توقعنا أن تكون الأفلام أكثر جدية لكن هذا لم يحدث، فما السبب؟

- الأفلام التى كنا نتوقع وجودها لم يحن وقتها بعد، وهى التى تعبر عن قضايا المجتمع، ونحن لم نكن ننتظر فقط أفلاماً جديدة، بل كنا نناشد المبدعين طرح أفكار جديدة، ممثلة فى نوعيات لم تتطرق إليها السينما المصرية كثيراً، مثل أفلام الخيال العلمى، والأفلام التاريخية، فضلاً عن الأفلام التى تحمل قيمة إنسانية، وأعتقد أن هذا تحقق، نوعاً ما، من خلال تجربة «إكس لارج»، و«سيما على بابا»، ففيلم مثل «إكس لارج» يطرح تيمة إنسانية، و«سيما على بابا» أقرب إلى الخيال العلمى، وأتمنى أن تزيد الجودة فى الأفلام، كما أننا بحاجة إلى بناء الثقة بين المبدع والمجتمع فى طبيعة الموضوعات، خاصة أن السينما المصرية كانت قريبة من هموم مجتمعها، والمبدعون فى حاجة إلى بعض الوقت للتعبير عن المجتمع، لأن مصر فى مرحلة ميلاد جديدة، وأتمنى أن ينتبه المبدعون لمناقشة قضاياهم وحرياتهم العامة والخاصة، وهى التى كانت مطلباً أساسياً للثورة، فليست الحرية هى التى تؤدى للإباحية، فنحن ننادى بالحرية المسؤولة





المصدر : المصري اليوم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق