السبت، 17 سبتمبر 2011

الجدار العازل بين الأستاذ والطالب‏!‏


علاقة الطالب بالاستاذ مثلها مثل كل شيء حولنا تغيرت بصورة جذرية فطالب الأمس المهذب المطيع في كل الاحوال لم يعد له وجود واستاذ اليوم
الذي يدرك أن العالم تغير ومعه الانسان ومن باب أولي الطفل أو المراهق ليس له وجود ايضا.. فهو مازال يري ان دوره هو قولبه شخصية تلميذه لأن هذه هي التربية من وجهة نظره فهو نفسه تربي علي ذلك, والنتيجة.. جدار عازل يفصل بين الطالب والمدرس.. جدار لابد ان يهدم اذا أردنا النهوض بالمجتمع واللحاق بركب دول العالم المتقدم..وللوقوف علي محاور هذه المشكلة كان اللقاء مع نخبة من المدرسين والاساتذة لمحاولة الفهم في البداية رصد طارق حماد مدرس أول لغة عربية بمدرسة احمد عرابي المشتركة للتعليم الأساسي بالنزهة ملامح هذه العلاقة قائلا: العلاقة بين التلميذ والمدرس اختلفت اختلافا كليا وجزئيا وهذا ناتج عن ان هيبة المعلم قد وصلت إلي أقصي درجات الانحدار نتيجة ماتبثه وسائل الإعلام من خلال الأعمال الدرامية والتي تظهر المدرس في صورة هزلية وهذا ليس وليد اليوم ولكن منذ أن بدأه الفنان الراحل نجيب الريحاني في فيلم غزل البنات حتي كانت الطامة الكبري بمسرحية مدرسة المشاغبين والتي دمرت أجيالا بعد أجيال بالرغم من أن هذا العمل الفني قد اقتبسه المؤلف علي سالم من فيلم امريكي قام ببطولته سيدني بواتبه والذي اثر بشكل ايجابي في طلاب المدارس بأمريكا ولكن حدث عندنا في مصر بالعكس.. وأخيرا يقدمون لنا رمضان مبروك ابو العلمين حموده مدرس اول لغة عربية في صورة هزلية كوميدية مثيرة للجدل والاستهزاء.. إضافة إلي ذلك إهدار قيمة المعلم من قبل رؤسائه والمسئولين عن العملية التعليمية بدءا من مدير المدرسة نهاية بالوزير.. ولاننسي ماحدث من قبل احد وزراء التعليم عندما أهان مدير مدرسة امام جميع شاشات التلفاز والقنوات الفضائية في حين أنه وان كان من حقه ان يجازيه فليس من حقه اطلاقا اهانته.. وأتذكر ايضا في العام الماضي عندما صفع طالب بالصف الأول الاعدادي مدرسته.المدرس مدان دائماويستطرد مدرس اللغة العربية طارق حماد والذي كان مدرسا في مدرسة ثانوي عام ولكنه طلب نقله لمدرسة تعليم أساسي لما أصابه من طلاب الثانوية العامة من ضغط وسكر علي حد تعبيره قائلا: الطالب عندما يصل لأولي إعدادي يشعر بأنه اصبح رجلا ولايستطيع أن يقومه احد, وإذا تجاوز الطالب في حق المعلم واتخذ المعلم إجراءاته القانونية تجاه الطالب يجد ضغطا شديدا من قبل إدارة المدرسة والإدارة التعليمية للتنازل عن حقه.. في حين انه إذا حدث العكس ينقل المعلم من مدرسته إلي عمل إداري بعيدا عن التدريس كنوع من العقاب أو يخصم من راتبه او تتأخر ترقيته ونقابة المعلمين ضعيفة, دائما موالية للحكومة, ولم تدافع عن المعلم إذا وقع في حقه ظلم.ويستكمل المدرس الغيور علي مهنته فيقول ان هناك بعض المدرسين الذين يطمعون في ان يأخذ كل تلاميذ فصولهم دروسا خصوصية عندهم وإذا لم يأخذ طالب ما درسا خصوصيا يبدأ المدرس في التنكيل به من خلال السخرية منه. كما ان69% من المدارس الحكومية لاتصلح ان تكون مكانا لتلقي العلم يكفي دورات المياه بها والتي لاتصلح للاستخدام الآدمي, ومن هنا يجد الطالب نفسه في مكان موحش كالأدغال فيكتسب الطبيعة المتوحشة من هذا المكان فينعكس بالتالي علي سلوكه.. ولاننسي ولي الأمر الذي يري دائما ان ابنه علي حق وطالما هناك تبرعات اجبارية من ولي الأمر للابن في المدرسة فلن ينصلح حال التعليم لأن ولي الأمر يري انه اشتري المدرسةأما ميرفت سيد مدرسة لغة عربية بمدرسة السلام الثانوية للبنات فتؤكد ان شخصية المدرس وأسلوبه في الفصل هو الذي يحدد نوع هذه العلاقة من البداية واذا كان المثل الشعبي يقول ان كبر ابنك خاويه فانه أولي بالمدرسة ان تري في طالباتها صورة الاخت الصغري أو الابنة وهي بذلك تضمن التزام الطالب علي الصعيدين التعليمي او الإنساني ولذلك نطالب بعمل دورات تدريبية تربوية حول كيفية معاملة المدرس للطالب والتي ستؤدي إلي تحسين تلك العلاقة والتي شابها الكثير من التجاوزات في الآونة الأخيرة.بينما تري د. نادية جمال الدين استاذ اصول التربية بجامعة القاهرة ان الثقة والاحترام المتبادل بين التلميذ والاستاذ أصبحت مفقودتين وعلي المعلم أن يبذل قصاري جهده حتي يستعيد تلك الثقة وذلك الاحترام من خلال تحسين أسلوبه في المعاملة مع الطالب ويبعد عن الكذب ويشرح الدروس في الفصل بضمير حتي لايضغط علي الطالب ان يأخذ درسا خصوصيا عنده ويكسب احترامه ووده.. ولاننسي دور الاسرة في البيت مع الطالب من حيث تنشئته علي احترام الكبير وتعظيم دور المدرس امام الابن المؤشر الخطيروتقر د. عفاف عبدالرحمن المدرس المساعد بكلية الخدمة الاجتماعية قسم خدمة الفرد بجامعة حلوان أن البنت حاليا أصبحت اكثر جرأة من الولد وتتحدث مع مدرستها بشكل غير لائق وهذا لم يكن يحدث من قبل بالمرة وهو مؤشر خطير نلمسه في بنات اليوم ويتطلب وقفة مجتمعية من البيت والمدرسة والإعلام ويجب علي المدرس والمدرسة ان يدركوا ان هناك فروقا فردية بين الطلاب بشكل عام من حيث المستوي العقلي والاجتماعي والنفسي والسلوكي وتفهم هذه الفروقات حتي تفهم شخصيات الطلاب لأن هذه الفروقات إذا لم يتفهمها المدرس تقع مشكلة بينه وبين الطالب.المدرسة بيت الداءويرجع د. عبدالله عسكر استاذ علم النفس ووكيل كلية الآداب جامعة الزقازيق اسباب الخلل في تلك العلاقة إلي سقوط دور المدرسة ويقول ان المدرسة من المفترض انها ليست للتحصيل الأكاديمي فقط انما هي مؤسسات للتربية والتعليم وهناك مايسمي بالتربية الرياضية والتربية الاجتماعية والتربية الأخلاقية والتربية الوطنية والتربية الدينية وكل اصناف هذه التربية غابت من دور المدرسة فأصبح لدينا متعلمون ينقصهم اصول التربية الحديثة والتي مهمتها الحفاظ علي احترام النفس واكتساب الحرية والاستقلالية والانتماء والعمل في جماعة والحفاظ علي الوطن ومكتسباته, ولايوجد مؤسسة تقدمها والبديل كانت جماعات الرفاق وإذا كان هناك فرصة للتواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر أو الجماعات الدينية المتطرفة.. وبناء عليه اختلطت الأدوار او اختلت العلاقة بين الطالب والاستاذ.. وفي الدول المتقدمة لديهم مايسمي ببرامج الوقاية الأولية ويطلقون عيها( التطعيم ضد المشاكل النفسية والسلوكية) لأنها تستنزف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة موارد الاسرة والدولة ومن هنا نطالب الدولة بعمل مثل هذه البرامج في سبيل بناء علاقة قوية بين الطالب والأستاذ. ويختتم استاذ علم النفس كلامه بنصيحة يوجهها إلي كل من الاستاذ والطالب قائلا للأستاذ أن يتقي الله في نفسه ولايهينها ويحافظ علي كرامته, اما الطالب فيقول له: ساعد معلمك علي رسم مستقبلك وأسأل استاذ علم النفسي: وهل اختلاف النوع له علاقة في المعاملة بين الطالب والاستاذ؟ فأجاب: النظام النفسي للإنسان لايعرف التمييز علي أساس الجنس او العرق أو اللون وانما يعرف التمييز علي أساس الكفاءة والسمات الشخصية للإنسان.. ولكن لابد أن يراعي كل من المدرس والمدرسة علي حسب النوع الميل من الجنس الآخر بالنسبة للطلاب بحيث يكون حياديا عطوفا متفهما يتقبل مشاعر طلابه ويترجمها إلي إبداع وإنتاج دراسي.. ويتحطم أي جدار عازل ينشأ بين الطالب والاستاذ





المصدر: الاهرام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق