الأحد، 5 يونيو 2011

المفاعل البحثى المصرى أسير الأمان النووى



الخلاف لايفسد للود قضية‏..‏ وأحيانا يكون ظاهرة صحية ويفيد في المصلحة العامة‏..‏ لكن عندما يتسبب الخلاف في توقف العمل خاصة إذا كان لسبب غير معقول ويتسبب في الخسائر هذا مالا يرضاه
ويحتاج المراعاة خاصة إذا كانت القضية علمية.. هذه هي مشكلة المفاعل البحثي المصري الثاني الذي توقف لمدة عام ونصف العام دون سبب جوهري مبرر.. فقد أكد كبار العلماء والخبراء أن المفاعل سليم تماما ولايعاني شيئآ وسيعاد تشغيله يوم 21 يونيو الحالي وسيجري إعادة تشغيله يوم 12 الشهر الجاري, بعد تأكيد لجنة سباعية من الأمان النووي سلامة المفاعل وأمان تشغيله.. وسبب توقفه من قبل رئيس مركز الأمان النووي دون مبرر هذا ما أكده زملاؤه المتخصصون في هذا المجال, حيث إن المطالب غير معقولة, وتسببت في تعطيل العمل وخسائر بعشرات الملايين, وفسخ تعاقدات لتصدير النظائر للخارج.تحقيقات الأهرام تفتح اليوم ملف المفاعل البحثي الثاني بقدرة22 ميجا وات وأسباب تعطله عن العمل تحدثت في البداية مع الدكتور محمد كمال شعت أستاذ هندسة المفاعلات والمشرف علي المفاعل البحثي الثاني.. وسألته عن حالة المفاعل وبكل أمانة فالمصريون يريدون الاطمئنان خاصة ونحن مقبلون علي مرحلة خطيرة ومهمة سوف نعتمد فيها علي إنتاج الطاقة من مفاعلات القوي النووية.. بداية أكد العالم المصري إن المفاعل سليم فنيا تماما وهذا الكلام علمي وأحاسب عليه وسيبدأ تشغيله الفعلي يوم12 من هذا الشهر وقد وافقت لجنة تضم سبعة من كبار علماء وخبرا الأمان النووي وقاموا بدراسة الموقف من جميع جوانبه والموافقة علي إعادة تشغيله لأنه لايوجد مانع علمي أو فني لمزيد من التوقف والخسائر كما يؤكد الدكتور محمد القللي رئيس هيئة الطاقة الذرية,.. واشترط الدكتور شعت لاستكمال الحديث مع من أبدأ بالتحاور والنقاش مع خبراء وعلماء الأمان النووي المختصين في تراخيص تشغيل المفاعلات والقائمين عليها.. حيث إن مطالب رئيس مركز الأمان النووي غير منطقية وليست معقولة وتسببت في توقف المفاعل عاما ونصف العام دون داع.. وانتهي حديثي معه مؤقتا.وتحدثت مع العالم الدكتور أحمد المسيري وهو الخبير المخضرم في مجال الأمان النووي والمتخصص في الهندسة النووية وشارك في تشغيل المفاعل البحثي الأول في السبعينات والتحق بالأمان النووي عام1980 وعمل في مجال أمان المنشآت النووية وشارك في وضع القانون النووي في الأجزاء التي تخص أمان المفاعلات وتراخيص المنشآت والمشتغلين فيها, وشارك في ترخيص المفاعل الثاني وعادة ترخيص المفاعل الأول عام2001 وهو حاليا مقرر لجنة ترخيص المفاعلات ورئيس لجنة ترخيص مصنع إنتاج النظائر الجديد وعضو اللجنة العليا للتفتيش والمراجعة والتقييم بالأمان النووي.. في بداية كلامه يقول: إن المفاعل الثاني بدأ عمله عام1997 بعد انشاء استمر5 سنوات دون تأخير وشارك الجانب المصري في تصميم المفاعل وإنشائه بنسبة 50% وكانت خطوة متقدمة جدا وقاد هذه العملية العالم الدكتور إبراهيم داخلي عبدالرازق وأنجز هذا العمل في غاية الدقة وحرص علي تدريب فريق متكامل من المهندسين والمتخصصين المصريين الشباب بشكل متعمق في الأرجنتين علي إعمال تصميم المفاعلات النووية وبالفعل شاركوا في تصميم المفاعل الثاني البحثي النيتروني والحراري.. وهذه الخطوة غاية في الاهمية ولاتقدمها دولة لأخري وتحسب للدكتور الداخلي, وبالإضافة للتصميم تم تدريبهم علي كيفية التشغيل الصحيحة, وهذه المجموعة هي التي تقوم بتشغيل المفاعل ومستواها عال جدا, وهم نواة يجب الحفاظ عليها بأي شكل ومساعدتهم بكافة الطرق, وليس تطفيشهم للعمل بالخارج وهذا ما حدث لثلثهم بالفعل في ظروف الضغط وتوقف المفاعل, فالقضية خسارة من كل جانب.والمفاعل بدا تشغيله في مجال الأبحاث ـ كما يوضح الدكتور المسيري كشاهد له تاريخه ـ لأن هذا النوع متعدد الاغراض فبدأ تشغيله في البحوث العينات والتصوير الفوتوغرافي تحت الماء وهو مهم جدا في مجال الكشف عن الآثار والحفريات تحت الماء وتحديد أعمارها بدقة, وهناك مشروع علمي في هذا المجال وللأسف لا اعرف لصالح من التشكيك في جدوي هذا المشروع المهم, ومن ضمن التطبيقات انتاج شرائح السيلكون المستخدمة في الدوائر الكهربائية, وإنتاج الكوبالت المشع المستخدم في العديد من الإغراض, ومنها التعقيم الجامي وحفظ ومعالجة الأغذية والأدوية والآلات الطبية والخيوط الجراحية والسرنجات, ويعد علاج السرطان باستخدام النيترونات الحرارية من تطبيقات المفاعل, أيضا ويوجد قناة أخري لاستخدام النيترونات الباردة وهذه الأخيرة لم تعمل بعد بسبب تعطل المفاعل, واستخدم المفاعل في بداية عمله في مشروع اقتصادي لانتاج الاحجار الكريمة لصالح شركة ألمانية تعاقدت مع الطاقة الذرية لتحويل الأحجار العادية لحجر التوباز الثمين بعائد كبير, وللمفاعل الثاني فوائد متعددة اخري منها تدريب المهندسين والمختصين من الدول الافريقية والعربية ويعد نواة أساسية لتدريب فرق تشغيل مفاعلات القوي التي تهدف مصر لإنشائها مستقبلا, وهذا المفاعل المهم عاني بعض الوقت بسب الخلافات الشخصية وليس لعيوب فنية فهو سليم تماما لكن..., حيث توقف من عام2002 إلي2003, ثم أشرف عليه الدكتور محمد شعت وجمع شمل المهندسين والخبراء الذي فرقهم احد الزملاء وتسبب في التشاجر بينهم, وتم إحياء المفاعل من جديد بالمجموعة التي تدربت في الأرجنتين, لكن هناك بعض العناصر الفاسدة التي تشكك في كل عمل ناجح في مصر لإجهاضها.وشهدت البداية الجديدة تقدما في العمل بالمفاعل حيث تم استكمال باقي التعاقد مع الجانب الأرجنتيني الملتزم مع مصر حيث بدأ بناء وتجهيز مشروع انتاج النظائر المشعة الذي ننتظره من سنوات وهو ملحق بالمفاعل الثاني, وسبقه مع بداية الانشاء مصنع صغير لتصنيع الوقود النووي, ومصر تحصل علي بودرة اليورانيوم المخصبة التي يتم تحويلها في هذا المصنع للقضبان التي تقوم بتشغيل المفاعل, وتدرب الشباب من أبناء مصر المتخصصين عليها في الأرجنتين أيضا.وبدأ بناء مصنع انتاج النظائرـ والحديث للدكتور أحمد المسيري ـ عام2004 وانتهي العمل به منذ عامين, وحاليا هو في مرحلة التدشين, وسوف ينتج لمصر اليود والكروميوم والأريديوم والموليبدنيوم الذي يستخرج منه التكنسيوم وهو غاية في الأهمية لأن عمره النصفي ساعات تقل بعدها الكفاءة, ويتم استيراده ونقله باستخدام الطائرات بسرعة لأنه يدخل في العلاج الطبيعي, ولذلك يفضل انتاجه محليا مثل سوريا التي سبقتنا بمفاعلها الصغير, وللأسف توقف المفاعل عاما ونصف, وجاء خبراء من الأرجنتين لاستكمال الاعمال لكن للأسف يعودون دون عمل وتسبب ذلك في طلبهم التعويض بسبب التاخيربشكل ودي فهم ملتزمون مع مصر, ولايقومون بعملهم لان المفاعل متوقف ولايوجد تصريح لتشغيل المفاعل من جانب رئيس مركز الامان النووي دون داع أو سبب حقيقي, وقد تم تدشين جميع العناصر بنجاح في مصنع النظائر لكن ماعدا عنصر الموليبدنيوم المهم فيجب إجراء عملية التدشين بتشغيل المفاعل لتشعيعها, ثم تنفل للمصنع للإنتاج النهائي.لكن ما هو السبب الفني والعلمي الذي بسببه لم يعط رئيس مركز الأمان النووي التصريح بتشغيل المفاعل؟.. الإجابة للدكتور المسيري مؤكدا ان رئيس مركز الأمان امتنع عن إصدار المرحلة الأخيرة من التصريح متسببا بعدم دقة أجهزة قياس انبعاث الغازات للهواء وهذا غير صحيح لأنه تم اختبار الأجهزة بوجود مندوبين من الأمان النووي وتم التأكد من دقتها وفاعليتها عند حدود الإنذار الأول والثاني وهذه الحدود هي المهمة في تحديد كفاءة الأجهزة لانها تضمن عدم تسرب وانبعاث الغازات, ففي حالة الإنذار الثانية تغلق الفتحات ذاتيا وهذه أهمية هذه الخاصية في الأجهزة, كما قام خبراء المفاعل بمعايرة هذه الأجهزة باستخدام مصادر خارجية معلومة الشدة, ومعرفة المقابل لها بالجهاز طبقا للقواعد العلمية المعمول بها في الشركة الأرجنتينية, إلا أنه لم يلق قبول البعض بالأمان النووي رغم صحتها ودقتها, وبالتالي لانستطيع تشغيل المفاعل أو تدشين التجربة قبل التشغيل النهائي دون مبرر, وتم تشكيل لجنة من مركز الأمان لدراسة التقرير برئاسة الدكتور مصطفي عزيز رئيس شعبة أمان المنشآت وتم وضع ملاحظات استجاب لها المفاعل وبالتالي تم إصدار عدة أذون بتنفيذ مراحل التجربة الجديدة وتبقي التدشين الأخير لعنصر المولبيدنيوم, وتوقف العمل نتيجة الخلاف علي المعايرة وهي ليست مطلبا أساسيا في الموافقة ورغم تنفيذ المعايرة وفقا للبروتوكول العلمي مع الشركة, وتم عقد لجان ومناقشات من مصر والخارج والوكالة الدولية للطاقة الذرية حلا لهذه القضية لكن دون جدوي حيث يتمسك رئيس مركز الأمان بطريقة معينة للمعايرة, ولم يقدم تفسيرا لذلك خاصة أن الطريقة التي يوصي بها تتطلب تفكيك الأجهزة ونقلها للأرجنتين ومعايرتها علي مفاعل يعمل وهذا حل صعب عمليا, وطلب أن تكون المعايرة بواسطةشركة أجنبية, مما يكلف مصر مبالغ كبيرة دون داع حيث تصل لثمن الأجهزة نفسها, ومن ناحية أخري لايمكن شراء أجهزة جديدة إلا بتقرير فني يثبت تعطل هذه الأجهزة إلا أنها سليمة وتعمل بكفاءة وصلاحية تامة, وللأسف تم وضع تعقيدات لامبرر لها ولانعرف سببا لها.وتناقشت مع الدكتور مصطفي عزيز العالم المسئول عن شعبة آمان المنشآت النووية بالمركز القومي للأمان النووي فأكد أن المفاعل يمكن تشغيله في أي وقت دون تخوف حيث لايوجد مشكلات والمشكلة القائمة التي تخص معايرة الأجهزة بسيطة لأنها أجهزة قياس. وكان هناك تعاقدات لتصدير النظائر المشعة المصرية لاستراليا وكندا بقيمة18 مليون دولار سنويا لتكون مصر من دول المقدمة علي مستوي العالم في إنتاج النظائر المستخدمة في الصناعة والعلاج والأبحاث العلمية, إلي جانب متطلبات السوق المحلية التي يتم استيرادها بعشرات الملايين من الدولارات.سيجنب تشغيل المفاعل مصر ملايين الدولارات من جراء استيراد نظائر مشعة إضافة الي فوائد أخري يذكرها دكتور طارق منجي مسئول الوقاية الإشعاعية بالهيئة: هناك فوائد عديدة لهذا المفاعل ومنها استخدامه في التطبيقات الطبية لعلاج الأورام والابحاث الطبية وتدريب الكوادر, وإنتاج السيليكون المستخدم في الالكترونيات وتصوير النيترون, والحديث عن احتمالات لتسريبات إشعاعية ضعيف جدا, فالمفاعل آمن جدا, حيث تم تصميم كود معين بحيث يكون المستوي الإشعاعي في حدود المسموح به أثناء القدرة, وهو آمن جدا من الوقاية الإشعاعية, كما يوجد جهاز رصد إشعاعي خاص بالأمان النووي وهو عند المستوي الآمن.توقف تشغيل المفاعل نحو سنتين ووجود خسائر دائمة دفع العاملين الي أن يستنجدوا بالمجلس العسكري للنظر في هذا الأمر فطلب من الوزير تشكيل لجنة تنسيقية للبحث في الموضوع, وأجمعت علي ضرورة عودة التشغيل, فيقول دكتور محمد ناجي رئيس قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية وعضو اللجنة إن كل حجج ومطالب رئيس مركز الأمان النووي غير صحيحة, وتم الرد عليها, وهو كان يتحدث عن معايرة الأجهزة للانبعاثات الإشعاعية, ويتبع المركز شبكة للرصد الإشعاعي وهي مسئولة عن رصد أي انبعاثات إشعاعية أعلي من المسموح بها سواء في أنشاص أو حتي مصر كلها, والمسئول عن شبكة الرصد هذه بالمركز فحص منطقة أنشاص كلها ولم يجد أي تسرب إشعاعي





المصدر : الاهرام







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق