الجمعة، 10 يونيو 2011

نزيف المياه الجوفية ..عرض مستمر بـ البحيرات الصناعية!


من يوقف نزيف إالمياه الجوفية في البحيرات الصناعية ‏؟ .. تساؤل يفرض نفسه بقوة ‏فى وقت تواجه فيه مصر أزمات تهدد أمنها المائى بعد توقيع 6 دول على اتفاقية "عنتيبى " الاطارية لانشاء مفوضية دائمة لادارة نهر النيل من أجل تقاسم مياه أكبر نهر في أفريقيا ، واعلان اثيوبيا انشاء سد الألفية العظيم على النيل الأزرق الذى يمد مصر بنحو 85 % من حصتها المائية بالنهر .
وهذه القضية قديمة متجددة ، فسبق أن تقدم الدكتور فريد إسماعيل عضو مجلس الشعب السابق باستجواب إلي رئيس البرلمان المنحل، اتهم فيه وزيري الزراعة والري السابقين بالسماح لرجال الأعمال المصريين والأجانب بإقامة أكثر من‏3000‏ بحيرة صناعية، تقدر مساحتها بـ‏159‏ فدانا عند الكيلو‏55‏ بطريق مصر ـ الإسكندرية الصحراوي،و تتسبب في إهدار أكثر من مليار متر مكعب من المياه الجوفية سنويا بالمخالفة لقانون تخصيص هذه المساحات من الأراضي‏، ما يشكل تهديدا لمستقبل المشروعات الزراعية ‏والصناعية ‏.‏
د. محمود أبو زيد وزير الرى والموارد المائية الأسبق ورئيس المجلس العربى للمياه ،قال لموقع أخبار مصر :" المفترض ان تستثمر هذا الاراضى كأرض ملاعب الجولف فى الزراعة ولكنها تستغل فى اقامة المبانى والقصور ذات البحيرات التى تستنزف المياه الجوفية بالآبار ،والعيب ان طريق مصر اسكندرية الصحراوى به عدد كبير جدا من آبار المياه مركزة فى مكان واحد ،ما يتطلب اعادة توزيعها لحسن الانتفاع بها ، وهناك مشاكل حدثت نتيجة للحفر العشوائي للآبار دون الأخذ في الأعتبار المسافات بين الآبار حتي لا يحدث تداخل بينها بالإضافة إلي أن تركيز عمليات التنمية في مناطق محددة مجاورة للطريق الصحراوي ،أدي إلي استهلاك واستنزاف الخزانات الجوفية بتلك المناطق.
ثم استدرك د."أبو زيد "، قائلاً:" بعد انتشار مشروعات القري السياحية في الفترة الأخيرة بمناطق كانت مخصصة للزراعة الصحراوية ،‏ بدأت أغلق عدداً من الآبار منذ سنوات بمشروع السليمانية والريف الأوروبي،وقتها الناس ورجال الاعمال اشتكوا ولا أعلم إن كان أعيد فتحها أم لا ؟ ".

نسبة الملوحة
وبين الدكتور محمود أبوزيد وزير الري الأسبق انه عندما نقوم بالسحب من آبار غير متجددة في الصحاري والوادي الجديد وشرق العوينات ، فإنها تتناقص ولايعوض المفقود منها ومن هنا تبدأ المشاكل لأنه عندما يقل المنسوب تزداد نسبة الملوحة بها وتفقد صلاحيتها للاستخدام الآدمى مثلما حدث فى منطقة مزارع وادى نطرون .
أما المياه الجوفية المتجددة في وادي النيل والدلتا ،فلاتوجد بها أي مشكلة خاصة أن الوزارة قامت بإنشاء قطاع المياه الجوفية الذي يقوم بإجراء الدراسات والخرائط الخاصة بالمياه الجوفية بحيث إذا أراد مستثمر إنشاء بئر في غرب الدلتا يكون من خلال خريطة وإذا كان الحفر متاحا بالمنطقة يتم إعطاؤه تصريح ‏.‏
وشدد رئيس المجلس العربى للمياه علي ضرورة تعديل القانون الخاص باستخدامات المياه الجوفية بحيث يتم تجريم استخدامها في البحيرات المائية العذبة خاصة أن هناك بعض المستثمرين يستغلون هذه البحيرات في تربية الأسماك ثم يتم إعادة استخدامها في الري بالإضافة إلي أن كل من يرغب في إنشاء مثل هذه البحيرات لايجد أي معاناة في الحصول عل تصاريح مشيرا الى ان القوانين الموجودة لاتتناول البحيرات الصناعية بصفة خاصة ولكنها تتطرق الى إهدار المياه.
ويقول د. محمود أبو زيد :" الحل فى ضوء نتائج اطروحة الدكتوراه التى أجريتها وخبرتى بالمجال هو تحويل مياه الآبار للزراعة وتجديد مياه البحيرات الصناعية من مياه الصرف الصحى المعالج ، فليست لها أي خطورة .كما اقترح اضافة المياه الافتراضية كالمياه الجوفية والأمطار الى
اتفاقيات ادارة الانهار الدولية المشتركة مع تفعيلها بجيث يتم تنظيم استخدامها وترشيده على مستوى الدول .

أين التراخيص ؟
ويوضح د. نور عبد المنعم نور الخبير الاستراتيجى لشئون المياه بالشرق الأوسط صحراء أن مصر بها نوعان من المياه الجوفية (المتجددة المستقاة من آبار رشح مياه النيل على أعماق غير بعيدة تصل نحو150 مترا وتوجد غالبا بالقرب من شريط الدلتا مثل مياه الأبار الموجودة على طريق مصر-اسكندرية الصحراوى ،وهناك مياه جوفية غير متجددة من آبار على أعماق بعيدة تمتد الى 300 و400 متر تحت الارض ).
ويشير د. نور الى أن برك المياه الصناعية المنتشرة بفيلات 6 أكتوبر ونواديها تنبع من مياه الأبار الجوفية المتجددة ، ولكنها تستنزف مياه النيل فى غير أغراضها التنموية وبالتالى يجب ترشيدها وبيعها من خلال المحليات بسعر مرتفع وليكن دولار للمتر المكعب لأنها موجهة لأغراض سياحية وترفيهية .
ويطالب الخبير الاستراتيجى بتشديد الرقابة على هذه الثروة المائية الجوفية من خلال التعاون بين وزارة الرى والمحليات مع تقنين استخدام هذه المياه بحيث يحصل من يستخدم الطلمبة لتوصيلها لأرض زراعية أو بحيرة صناعية على رخصة مدفوعة الرسوم حسب حجم ونوعية الاستخدام ووسيلته بدلا من الفوضى الحالية تلافيا لاهدار المياه فى وقت قد نواجه فيه أزمة مياه بعد توقيع اتفاقية "عنتيبى" من 6 دول بحوض النيل دون موافقة مصر والسودان فضلا عن اقامة سد الألفية على النيل الأزرق .
سحب جائر
وفى السياق نفسه ، كشفت دراسة علمية أجرتها الدكتورة سوسن مصيلحي أستاذة المياه بمركز بحوث الصحراء أن المنطقة من الكيلو 58 جنوبا وحتي طريق العلمين شمالا تعاني من سوء إدارة المياه الجوفية وحدوث انخفاض في منسوبها يصل إلي متر واحد سنويا.
وأكدت الدراسة حدوث انخفاض في الأرض قدرت مساحته بحوالي 8 آلاف فدان بالإضافة إلي تدهور انتاجية الآبار الأمر الذي دفع المستثمرين إلي إغلاق الكثير من الابار وحفر آبار استعواضية بديلة مما أدي في النهاية إلي تدنى نوعية المياه الجوفية خاصة أن معدلات السحب وصلت إلي مائتي متر مكعب للساعة بمعدلات تشغيل تبلغ عشرين ساعة يوميا.
وجود بعض المنتجعات السياحية الترفيهية في المنطقة أحد الأسباب الرئيسية لهذه المشكلة حيث حذرت منها الدراسة لأنها تقوم بإساءة استخدام المياه الجوفية من خلال ضخ كميات كبيرة لانشاء بحيرات صناعية بالإضافة إلي أن مساحات البحيرات الصناعية في أحد المنتجعات السياحية عند الكيلو 55 ،تستوعب مايقرب من مليوني متر مكعب من المياه العذبة عن طريق 557 بئرا جوفية وتؤدي لإهدار أكثر من 5 آلاف متر مكعب يوميا في عملية البخر بينما تكفي المياه المستغلة في البحيرات الصناعية بأحد المنتجعات الأخري لري 100 ألف فدان.
المهندس الجيولوجى / ابراهيم النطار المستشار باحدى الشركات العالمية برى أن حل المشكلة يتوقف على الدراسات الاكتوارية والجيولوجية التى أجريت لهذه الاراضى لمعرفة حالتها ومدى صلاحيتها للزراعة والرجوع الى تقارير الآبار الجوفية للوقوف على عددها وقوة منابعها ومااذا كانت قابلة للتجدد تلقائيا أم معرضة للنضوب ؟.
ويوضح المهندس الجيولوجى أنه فى ضوء هذه الدراسات العلمية والتقارير الرسمية المتخصصة يمكن تحديد الحل الأمثل سواء باسترداد بعض المساحات واستزراعها والحد من استنزاف مواردها من المياه الجوفية داخل البحيرات الصناعية أو بتقليل نسبة المياه المتدفقة من قلب الأرض الى هذه المنتجعات باغلاق أو تحويل مسار عدد من الآبار المغذية لها حسب مقتضيات الصالح العام من الناحيتين العلمية والمهنية .
ضياع فرص زراعية وصناعية
أما د. فتحى عبد التواب الأستاذ بزراعة عين شمس،فقال :" نحن فى أمس الحاجة الى الانتاج الزراعى والتصنيع ،وكان المفترض أن يتم استزراع هذه الاراضى (قمح وأرز) لكنها استغلت لمصلحة الملاك دون مراعاة للصالح العام أو احترام للقانون حيث استغلوا 90% من مساحتها للمنشآت والبحيرات، بينما القاعدة أن تكون المبانى فى حدود 2% من مساحة الأرض المزروعة وتمت زيادتها الى 7% بشرط دفع غرامة 100 ألف جنيه لكل فدان ،وعند تجاوز ال 7% تحسب الزيادة بالمتر واذا لم تستغل تسحب منه الارض ويلغى التعاقد ، الأمر الذى ترتب عليه استنزاف المياه الجوفية وضياع فرص استثمارها فى الزراعة.
وأكد د. عبد التواب أن الحل ليس الردم وانما الحد من الاستغلال ببعض الآبار أو تغيير مسار تدفق مياهها لانقاذ مايمكن انقاذه وفق تقدير المتخصصين لمدى صلاحية كل تربة وامكانية إعادة تأهيلها ورفع كفائتها لاستزراع نوعية معينة من المحاصيل الزراعية المطلوبة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء مع توظيف علم الهندسة الوراثية فى الاكثار منها أو انتاج أصناف ممتازة تتحمل ظروف البيئة









المصدر : اخبار مصر






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق