الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

هروب و تشاؤم منتجى فن الرسوم المتحركة


"العثور على نيمو"، و"حياة حشرة" و"الملك الأسد"، و"مؤسسة الوحوش"، أسماء لأفلام رسوم متحركة تأتى ضمن قائمة طويلة تضم العديد من الأفلام التى حققت نجاحا كبيرا عند عرضها بدور العرض الأمريكية، وعند عرضها فى مصر أيضا، ورغم ذلك المنتجين مازالوا يحجمون ولا يريدون التقدم خطوة نحوها، رغم أنه كانت هناك عدة بدايات مبشرة تمثلت فى بعض مسلسلات الرسوم المتحركة التى تعد على أصابع اليد الواحدة منها "فرافيرو"، والنحلة زينة"، وحقق الاثنان نجاحا عند عرضهم وتعلق بهما الأطفال.فن الرسوم المتحركة يحظى بتأييد العديد من القائمين على صناعة السينما بالدول العربية، ولكن فى مصر مازال المهتمون بذلك الفن يعانون من التجاهل، والمنتجون لا ينظرون إليهم، حيث يعتبرون الأمر تافها، ودائما ما يسوقون ذلك المبرر هربا من خوض المغامرة والتضحية بأموالهم فى أفلام ومسلسلات لا يعرفون مصيرها، بينما يقف التليفزيون المصرى موقف المتفرج ويكتفى بعرض أفلام الرسوم المتحركة المستوردة من الخارج، وأيضا التى تحمل "دبلجة" بلهجات خليجية ولبنانية.
فى الوقت الذى اهتمت فيه التلفزيونات العربية والأجنبية بإنشاء قنوات متخصصة لأفلام الكارتون، أهمل التلفزيون المصرى هذا الأمر تماماً، ولم يستطع سوى إطلاق قناة "النيل للأسرة والطفل" التى ينصب اهتمامها الأول على الأسرة، ويأتى الطفل فى المرتبة الثانية من اهتمامتها، وبالتالى تأتى أفلام الكارتون فى مرتبة متأخرة. يأتى ذلك فى الوقت الذى سبقتنا فيه عدة محطات فضائية عربية لإنشاء قنوات خاصة لعرض أفلام الكارتون، فمنذ حوالى 4 سنوات أطلق التلفزيون السعودى قناة M B C 3"" والتلفزيون القطرى أطلق قناة "الجزيرة للاطفال"، بالاضافة إلى دبجلة قناة "سبيس تون" الأمريكية وأيضاً "ارتى نز"، ولم يستوعب القائمون على الإعلام والتليفزيون المصرى خطورة الموقف، إلا أن أفاقوا بين يوم وليلة على كارثة كبرى لم يتم الالتفات إليها وقتها، وتكمن فى هيمنة اللهجة الخليجية واللبنانية على جميع أفلام ومسلسلات الكارتون المقدمة، وبالتأكيد نسبة مشاهدة الأطفال المصريين لهذه القنوات عالية، وهذا يعنى سيطرة اللهجة الخليجية على الطفل المصرى، لأنه أيضاً يتم دبلجة أفلام ومسلسلات الكارتون الأجنبية باللهجة الخليجية، ويسرى ذلك على هذه القنوات جميعها باستثناء قناة الجزيرة، هذا لأنهم يدربون جميع العاملين فيها على عدم إظهار لهجاتهم المحلية، بالإضافة إلى وجود الكارتون المدبلج على بعض القنوات الدينية مثل "المجد" و"اقرأ" للأطفال.وهناك بعض القنوات الجديدة المشفرة منها قناة "طيور الجنة" الفضائية وقناة "بان اراب" للطفولة والشباب التى تطلقها مجموعة "لاجادير" الفرنسية وهى قناة تلفزيونية تعليمية ناطقة باللغة العربية.علاء حمزة مدير قناة سبايس ستون يوضح أن الأطفال فى كل مكان شغوفون بمتابعة مسلسلات الرسوم المتحركة خصوصاً فى العالم العربى، الذين يقضون أوقات كثيرة أمام التلفزيون. والمميز فى مسألة أفلام الكرتون هو أنه يمكن إعادتها بدون أن يشعر الأطفال بملل، إضافة إلى أنه فى كل عرض هناك أطفال جدد يتابعون هذه الأفلام والمسلسلات الكرتونية للمرة الأولى. ويضيف صناعة الكرتون من أكثر الفنون التى تأثرت بالتقنية، فكان قبل ذلك المسلسلات تعتمد على القصة الكلاسيكية، أما الآن الأمر أصبح يعتمد أكثر على الشخصيات الغريبة والإيقاع السريع، وهذا ما يمثل أحد وجوه التقدم التقنى، ولكن ذلك لا يعنى أن صناعة الكرتون تمر بخطر، على العكس فهى مزدهرة لأن هناك طلبا دائما على أفلام الكرتون مع وجود أطفال يبحثون عنها. الأمر تضاعف مع التطور التقنى ففى السابق يستغرق الفيلم الكرتونى أياماً طويلة لإنجازه، أما الآن فمن الممكن أن تنتهى من فيلم كامل بسرعة وبدون أن تخرج من الغرفة. أيضاً هناك طلب متزايد من القنوات المتخصصة على الأعمال الكرتونية التى تريد دائما أن تكسب عدداً أكبر من الأطفال بعرض أكبر عدد من الأفلام والمسلسلات الكرتونية الجديدة.أسامة خليفة المدير العام لشركة "آلاء" للإنتاج الفنى للطفل المسلم، واحد من رواد صناعة أفلام الرسوم المتحركة العربية الذين حملوا على عاتقهم عبء تقديم ما يلائم الطفل المسلم، يقول "قطعت رحلة طويلة ثم ظهرت العديد من الشركات التى أرادت أن تلحق بأفلام الرسوم المتحركة وخاصة شركتى"، مضيفاً أنهم لا يزالون فى بداية المشوار، ولهم طموح عال جدا، فى منافسة شديدة مع الشركات العالمية، وبعد تفكير فى ذلك وصلوا إلى عدة قَناعات، منها أنهم لن يستطيعوا الدخول فى هذا التنافس إلا إذا توفرت عدة أمور أهمها الإمكانيات المادية ويضيف "أعطنى إمكانيات "ديزنى"، أعطِكَ إنتاجًا موازيًا لها".وعن تكلفة إنتاج فيلم واحد قال خليفة: أولا، من حيث الأرقام، تكلفة الفيلم فى ديزنى تصل إلى 100 مليون دولار، بينما تكلفة إنتاج الفيلم لدينا لا تتجاوز مليون دولار فقط، ولك أن تنظر إلى الفرق الكبير بيننا وبينهم.إضافة إلى فارق كبير فى الخبرة، فهم يعملون منذ وقت طويل منذ أوائل القرن الماضى، بينما خبرتنا لا تصل لخبراتهم.ويؤكد نحن، نقوم بصنع الخبرات فى شركتنا، وإذا أردنا كتابة سيناريو، فلا نجد مع الأسف من يكتب سيناريو للرسوم المتحركة، بحرفية كما هو موجود فى الشركات العالمية، وهذا يُصعب المشوار علينا كثيرًا. وعندما بدأنا على سبيل المثال فى كتابة سيناريو فيلم يتحدث عن قضية من قضايا الأطفال المسلمين استغرقت كتابته 3 سنوات، ومع ذلك لم يظهر بشكل جيد كما كان متوقعا له.ويلفت خليفة الأنظار إلى أن المسئولين فى التلفزيون المصرى يجب أن يفيقوا ويتذكروا جميعا كيف ساهمت الأفلام المصرية الروائية الطويلة والدراما التليفزيونية فى انتشار اللهجة المصرية فى جميع أنحاء الوطن العربى، وباتت اللهجة المفضلة للكثير من العرب، ولكن أطفالنا حاليا يشاهدون الكارتون بلهجات خليجية ويتحدون مع شخصياتها، ويوما بعد آخر سيظهر جيل جديد مصرى ولكن لهجته المفضلة خليجية.سر تجاهل التلفزيون لإنشاء قناة متخصصة للكارتون مازال سؤالا يبحث عن إجابة، رغم من أهمية الموضوع وخطورته على ثقافة الطفل المصرى الذى بات محاصرا بين أفلام الكارتون الأجنبية والخليجية.لمعلوماتك:* تلفزيون "دبى" أنتج مؤخرا مسلسل "شعبية الكرتون" الذى يذاع على قناة "سما دبى"، وهو اجتماعى كوميدى يناقش مشكلات المجتمع الخليجى عبر تصوير حياة أناس من ثقافات مختلفة، يعيشون فى أحد الأحياء السكنية فى إمارة دبى..وسبق لتلفزيون دبى أن أنتج 3 أجزاء من مسلسل "فريج" الذى يدور حول أربع سيدات إماراتيات يكشفن من خلال علاقة بعضهن ببعض، حال المجتمع.* تحتل الأردن مكانة متقدمة فى العالم العربى لإنتاج ودبلجة أفلام الرسوم المتحركة، وافتتح مؤخرا فى العاصمة عمان الفرع التاسع والأربعون للمؤسسة الأسترالية «سكول أو أوديو انجنيرنغ» School of Audio Engineering، والمقصود بها "معهد الهندسة الصوتية" والمعنية بتدريس الفنون الرقمية المرئية المسموعة، وتقدم شهادات عالمية فى صناعة الأفلام وهندسة الصوت والرسوم المتحركة الثلاثية الأبعاد والتصميم الجرافيكى ووسائل الإعلام المتعددة، ويلتحق الفرع الأردنى بنظيريه العربيين فى دبى والكويت.

اليوم السابع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق