صحيح ان للزمن علامات وأمارات.. وصحيح انه قادر علي ترويض الشرس وتحويل المسالم الهادئ الي إنسان متمرد.. ولكن ليس صحيحا انه قادر علي تغيير رائحة الورد أو اجبار حركة النسيم علي التوقف.. وهكذا تبدو لي الفنانة الكبيرة زبيدة ثروت فقد مر بها العمر وكرت الايام ومازال وجهها يشع نقاء وصفاء وبهاء. ترفض التصوير وتحب ان تعيش في وعاء الذكريات وتعاند حركة الزمن بصلابتها وارادتها.. سألت عنها كثيرا وكنت اشتاق لرؤيتها وسماع صوتها فهي الصورة التي غزت المشاعر وأشعلت لهيب الحب في قلوب الكثيرين.. وفي كل مرة كانت الاجابة تأتيني انها تعيش في امريكا.. ولم تكسر الايام بخاطري وتعاطف معي الحظ فقد جاءت الي القاهرة وتحدثت اليها وكانت وبأمانة شديدة مشغولة ولكنها استجابت لطلبي ورحبت بالحوار معي. وقبل ان أحكي ما حدث بيني وبينها وافصح عما قالته يجب القول انها قطة السينما العربية وان والدها كان ضابطا. ولدت في محافظة الاسكندرية عام 1940 واختارتها مجلة الكواكب عام 1955 كأجمل فتاة في الشرق.. واقنع الفنان الراحل يحيي شاهين والدها احمد ثروت بأن تعمل ابنته في السينما.. فقامت ببطولة افلام عديدة وقدمت موضوعات رائعة أسهمت في بناء جسر من الود بينها وبين الجمهور. ومنها- يوم من عمري- شمس لا تغيب- الاحضان الدافئة- الحب الضائع- الحب الحرام- نصف عذراء- الملاك الصغير- في بيتنا رجل. تزوجت زبيدة ثروت في بداية حياتها رياضيا اسمه إيهاب الغزاوي ثم المنتج السوري صبحي فرحات الذي انجبت منه بناتها الأربع ثم محمد اسماعيل وآخر أزواجها ممثل مغمور يدعي عمر ناجي. في بداية حديثي مع زبيدة ثروت قالت: شكرا لأنك تسأل عني فالايام تمر وكأنها في سباق وهناك لحظات كثيرة يشعر الانسان خلالها بالوحدة وبأنه غريب رغم العطاء والاضواء التي حاصرتني وطاردتني كثيرا. سألت زبيدة ثروت.. هل قررت الاستقرار في القاهرة واجابت: نعم قررت الاستقرار في القاهرة فما احلي واجمل ان تعيش في الوطن الذي احتوي احلامك واحتضن ايام الطفولة والصبا والشيخوخة. وعن تأثير الشيخوخة عليها قالت: أشعر ان الشيخوخة ليست في اصابة العظام بالضعف ولا في تراجع مؤشر البصر للخلف ولكن الشيخوخة الحقيقية هي توقف القلب عن الحب والعطاء.. وانا والحمد لله مازلت قادرة علي حب الحياة ومازلت أري كل شيء فيها يغري بالامتلاك. وحول ما تردد بشأن شراء احدي الفضائيات العربية مذكراتها. قالت: لن أبيع مذكراتي لو عرضوا عليّ مائة مليون جنيه فأنا مستورة والحمد لله وأسراري ملكي انا وحدي.. وعندما قلت لها ان هناك اعمالا درامية قامت بتخليد نجوم الفن مثل ليلي مراد قالت: انا لا احتاج لذلك وعموما انا لم يلفت نظري مسلسل ليلي مراد لانه سيئ جدا ولا يليق بفنانة في حجمها ووزنها.. ولقد تابعته من فرط حبي للفنانة ليلي مراد التي سرقت القلوب كمطربة واستوقفت الانظار كممثلة لها حضور. وبسؤال زبيدة ثروت عن علاقتها بكل من عبدالحليم حافظ وفريد الاطرش قالت: »الناس دي ماتت خلاص.. ربنا يرحمهم.. لكن بصراحة الاثنان كانا في غاية الانسانية وكان فريد الاطرش شديد الحساسية وقد قدمت معهما اعمالا رائعة.. ولكن لي قصة مع عبدالحليم حافظ فقد تقدم لطلب يدي ورفض والدي ولم يعلن لي أسباب الرفض رغم ان عبدالحليم كان حلم كل بنات جيلي في ذلك الوقت.. والغريب ان قرار الرفض لم يغضب »حليم« وربطت بيننا علاقة ود وصداقة امتدت لسنوات وسنوات طويلة. وحول احساسها بالوحدة قالت: انا أم البنات فقد رزقني الله سبحانه وتعالي بأربع بنات من المنتج صبحي فرحات وقمت بتربيتهن تربية جيدة وبعد الزواج استقلت كل واحدة بحياتها ولكن وبصراحة بناتي لا يتأخرن عنيّ ودائما اجدهن بجانبي.. ولهذا الاحساس بالوحدة لا يتملكني ولا يستبد بي. وبخصوص ما تردد حول ظهورها في عمل سينمائي قريبا.. قالت هذا الكلام لا يمت للحقيقة بصلة فقد اعتزلت التمثيل وابتعدت عن الوسط تماما ولا توجد واحدة من بناتي داخل الوسط وبصراحة انا سعيدة لأن بناتي لم يتعلقن بحبال وبريق الشهرة والاضواء. وعن الممثلة التي تعتبر امتدادا لها من جيل الشباب قالت: »مفيش حد ينفع يبقي امتداد لحد كلهم كويسين« وواصلت كلامها قائلة انها لا تتابع السينما والتليفزيون بشكل جيد ومنتظم ولا تعرف احمد السقا أو مني زكي ولكن الممثل الوحيد الذي لفت نظرها هو فتحي عبدالوهاب. إلي هنا وانتهي الحوار بيني وبين زبيدة ثروت التي اختتمت كلامها قائلة: »سلم لي علي جمهوري وأوعي تنشر لي صورة وحشة أحسن أزعل«.
الوفد - صفوت دسوقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق