"العلم علمنا والثورة ثورتنا ".. شعار كثير من حملات تسويق السلع خاصة فى موسم رمضان ، فهناك شركات تستخدم العلم وشعارات الثورة وصور الشهداء فى حملات الدعاية من باب لفت الأنظار الى خدماتها ومنتجاتها بركوب موجة الثورة تجاريا , ولإكتساب الثقة والمصداقية في نشاطها حتى إن إحدى لافتات الدعاية المضيئة لشركة اتصالات معروفة اتخذت العلم خلفية لها مصحوبا ًبالإعلان عن مشروع خيرى .
بل وصل الأمر إلى النداء على البلح بأسواق رمضان ببلح الشهيدة "سالى زهران" فى محاولة لترويجه بين محبى الشهداء دون مبالاة بمدى حساسية ذلك واستفزازه لأسر الضحايا . وهناك شركات ومصانع صينية استغلت شخصيات قيادية بالدول العربية التى شهدت ثورات فى تسويق منتجاتها مثل فانوس القذافى الذى يركب توك توك ويغنى" زنجا زنجا ..أهلا رمضان" ولعبة مبارك تحت حبل المشنقة .
وتتباين الآراء إزاء إستخدام العلم ورموز الثورة فى حملات الدعاية والتسويق بين معارض بحجة أن المتاجرة بمبادىء ثورة عظيمة و صورة ضحايا أبرياء اسلوب غير لائق وقد يجرح مشاعر أهالى الشباب الثائر وبين مؤيد من منطلق أن الثورة ومكاسبها ملك للشعب كله بما فيه التجار و المستثمرين وأن الترويج بهذا الاسلوب يعكس حب الوطن وينشر مبادىء الثورة ويجعلها محركا لنشاط الاقتصاد القومى فى مواجهة دعاة الثورة المضادة الذين يشجعون التظاهرات الفئوية ويتسببون فى كساد الأسواق .
فن الدعاية اللائقة
د. صفوت العالم أستاذ العلاقات العامة والتسويق بكلية الإعلام جامعة القاهرة قال لموقع أخبار مصر إن التسويق بعلم مصر للمنتجات والخدمات ليست ظاهرة جديدة ولكنها اقتصرت الفترة السابقة على مباريات كرة القدم فى البطولات الأفريقية والدولية التى يشارك بها المنتخب الوطنى ثم راجت لسائر المنتجات مع شيوع روح الثورة وولع الكثيرين برموزها .
واستدرك د صفوت ،قائلا : المعادلة الصعبة هنا هى أن يتولى القائمون على تنظيم هذه الحملات الدعائية بوكالات الاعلان المواءمة بين نوع المنتج أو الخدمة وقدسية وسيلة الترويج سواء علماً أو شعاراً أو رمزاً أو مناسبة اضافة إلى وضع توقيت البث و نوعية الجمهور ومدى إستيعابه لهذه الدلالات فى الإعتبار .. فعلى سبيل المثال اذا وضعنا علم مصر أو شعار الثورة على "تى- شيرت" أو" علبة مناديل" أو لصقنا صورة دبابة على فانوس , فالطريقة التسويقية هنا مقبولة وجذابة ومواكبة لأجواء المرحلة بخلاف مثلا القيام بلصق العلم أو إطلاق أسماء الشهداء على علبة سمنة أوحلويات.
ضريبة دمغة وتبرعات
وأوضح د. طه خالد زميل جمعية المحاسبين بإنجلترا وعضو بمجلس إدارة جمعية المحاسبين المصرية أن كل شىء فى حياتنا إكتسى بألوان علمنا ،فكثير من العمارات, والمنشآت ترفع العلم خفاقاً فى نوافذها، وفوق أسطحها، والبعض يعتبره اكسسواراً فخماً وفاخراً يزين به السيارات والموبايلات والحقائب والملابس .
و أضاف د. طه أن إستخدام علم البلاد أو رموز ثورة تاريخية فى الدعاية والتسويق قد تقتصر على التمجيد والترويج لهذه الرموز على نطاق أوسع وقد تمتد إلى الإستغلال التجارى وهنا إذا لم تكن الشركة أو الوكالة الاعلانية حصلت على ترخيص ودفعت ضريبة أو تبرعت للبلد ، فلابد من رفع دعوى على الشركة حتى تلتزم بالقانون وتدفع 15% من قيمة أرباح الحملة كضريبة دمغة لمصلحة الضرائب بالدولة ,وفى حالة مشاركة الوكالة فى مشروع قومى أو تبرعها للحكومة يمكن خصم نسبة من الضريبة.
العودة إلي أعلي
إنتماء أم مجرد بيزنس ؟
أما د. فاطمة الشناوى استشارى الطب النفسى و خبيرة المشكلات الاجتماعية ، فترى أن التجارة فى شعارات الثورة أو أدواتها أمر لابأس به إذا كان الهدف منه بعث روح الإنتماء وتشجيع الشباب على العمل الوطنى, وهذا واضح فى إنتشار الأعلام فوق أسطح البيوت وداخل السيارات ,وعلى "التى- شيرتات , قائلةً: فأنا شخصياً لدى علم بالسيارة ولوحة عليها 25 يناير واشتريت هذه الاشياء من تجار بسعر عادى وسعيت إليها برغبتى .
بينما نبهت د. فاطمة الى أنه إذا تحولت المسألة من الزينة والاكسسوار المعبر عن الانتماء ونجاح الثورة إلى مجرد وسيلة تسويق لمنتجات خاصة أو سلع صينية وبطرق مستفزة فهنا القضية تتطلب وقفة والزبون هو الفيصل فعلى سبيل المثال أنا أرفض التسويق بإستخدام أسماء وصور الشهداء لأن الموقف قد يمس مشاعر أسرهم ويتعدى على خصوصياتهم بل لايليق بمكانة الشهيد وان كان ظاهر الأمر تكريمه .
و أخيراً .. بغض النظر عن شرعية أو لياقة هذه الأساليب الدعائية ، فإنها تبدو رائجة ومربحة خاصة فى هذه الفترة المفعمة بالحماس لاصلاح البلاد وبناء مصر الجديدة .
وبالتالى على هؤلاء المستثمرين أن يخصصوا نسبة من عائد حملاتهم لمشروعات خدمة المجتمع ومنها تعويض المتضررين من أعمال البلطجة وتكريم أسر الشهداء ،وذلك بالتواصل مع ائتلاف شباب الثورة والمسئولين فى مختلف الوزارات والهيئات ليس فقط من أجل إعطاء كل ذى حق حقه وأداء رسالتهم تجاه الوطن وانما كى يظل حماسنا للثورة حصانا رابحا حتى فى ماراثون "البيزنس" .
المصدر : اخبار مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق