منذ البداية تشعر بأن التجربة الخامسة للمخرج مجدى الهوارى مختلفة كليا عن أى من تجاربه الأربع السابقة، صحيح أنه كان هناك بعض الإرهاصات فى بداية فيلمه خليج نعمة إلا أن الوتر الفيلم الخامس للهوارى الذى بدأ حياته منتجا وقدم عددا من نجوم الشباك الآن يشبه إلى حد بعيد الوتر الخامس فى آلة العود ذلك الوتر الذى وضعه زرياب من قديم الأزل لينظم وبشكل كبير إيقاع الآلة التى يقدرها عشاق الطرب।وتر الهوارى كان مشدودا دون انقطاع إلى حد كبير فى الفيلم الذى برع فيه لدرجة أنك يمكن ان تؤكد وبكل ثقة أن فيلم مجدى الهوارى الخامس هو ميلاده الحقيقى كمخرج وهو درس ربما يقدمه الهوارى بدون أن يقصد يعنى وبكل تأكيد أن الانطباعات الأولى لا يجب أن تدوم، فمن الطبيعى أن يعيد المرء حساباته وأن يخرج من دائرة مغلقة رسمها بنفسه إلى رحاب سماء مفتوحة لا حدود لها، ولأن الانطباعات ــ كما أثبت الهوارى الذى قدم أول أفلامه فى إطار من الكوميديا اللفظية الشائعة وفقا لمعايير سوق مبتذلة هو فيلم 55 إسعاف ــ لا تدوم فالانطباع الأول الذى سوف يتسرب إلى نفسك وأنت تطالع المشاهد الأولى من الفيلم الذى كتبه محمد ناير ومن بطولة غادة عادل ومصطفى شعبان وأروى هو أنك أمام فيلم بوليسى يعتمد على أبجديات أو خلطة الأفلام البوليسية॥ جريمة قتل ومحقق وشخوص يشتبه فيهم ولكن هذا الانطباع سوف يتلاشى فبعد أن كنت تتمنى أن تشاهد المشاهد الأولى من الوتر وأن تعرف من هو قاتل الموسيقى الشاب سوف تتمنى بعد ذلك ان يكون كل من تحوم حولهم الشبهات هم من قتلوه فحسن ذلك الموسيقى الموهوب الذى يعيش حياة صاخبة هو كل وتر مال عن استقامته دون أن يراعى أوتارا أخرى أو إن جاز التعبير هو وتر جار على أوتار أخرى فى منظومة واحدة لا يمكن أن تكتمل على هذا النحو ولذلك فموته كان ضرورة ولذلك لم يكن إجابة الضابط محمد سليم ــ مصطفى شعبان ــ ساخرة عندما سألته عازفة الكمان ــ غادة عادل ــ عن قاتل حسن وقال لها أنا الذى قتلته فأنت أيضا لو أتيح لك أن تجيب عن هذا السؤال سوف تؤكد وبكل تأكيد «أنا اللى قتلته!» فحسن ليس مجرد وتر نشاز يحمل كل الموبقات والانفلات ولكنه شخص ما سوف تقابله فى حياتك يشعرك باليأس والسخط، شخص سوف ينغص عليك حياتك وحبك للحياة هو نفس الرجل الذى اعتدى جنسيا على طفلة صغيرة وهو الزوجة التى خانت زوجها وهو الضياع الذى سيطر على شابة فى مقتبل العمر، هو من أفسد لحنا جميلا وسطى على مسودته غير مبال بما يعنيه للآخر.. حسن ليس مجرد ضحية فى فيلم الوتر بل كان جانيا فى المقام الأول.. «يستحق القتل» هى الجملة التى سوف تتسرب إلى داخلك وأنت تشاهد الفيلم وسوف تتأكد بعد فترة أنها تسربت لمن يجلس بجوارك وأن اختلف بداخلك الشخص الذى يستحق هذا القتل. أداءمنذ البداية سوف تشعر بأداء ناضج من كل أبطال الفيلم بداية من أشرف زكى الذى أدى مشاهد معدودات بإتقان كبير وحتى النجوم غادة عادل التى أصبحت تحجز حيزا أقل مما تستحقه فقد قدمت شخصية الفتاة المضطربة بسبب ماض فرض عليها بحرفية ودون افتعال وأظهرت وجها جديدا يضاف لها بعد شقة مصر الجديدة الذى ظن البعض أنه آخر حدودها ومصطفى شعبان الذى عاد إلى قواعده بأداء متزن ورؤية عميقة لشخصية الضابط الذى قتل زوجته التى خانته وزوج الأم الذى اعتدى على عازفة الكمان وهناك أيضا أداء بسيط وراق لأروى التى تخطو خطوات هادئة نحو النجومية التمثيلية وهو ما ينطبق على أحمد السعدنى الذى يمكن أن نؤكد أن دوره فى الفيلم بمثابة خطوة واسعة إلى الأمام وأخيرا سوسن بدر التى أصبح من الصعب تقييم أدائها بعد أن وصلت إلى مرحلة كبيرة من الاحتراف. كادركاميرا مازن المتجول وعمر فاروق ساهمت بشكل كبير فى النتيجة النهائية للعمل وهما ينبئان بمستقبل كبير، موسيقى محمد مدحت وأمير هداية أخذت مساحة تستحقها وبرعا فى العشرين دقيقة الأخيرة بصورة لافتة سيناريو محمد ناير يحمله مسئولية القادم. الحكايةضابط شاب يحقق فى جريمة موسيقى شاب ويجد لديه صورا لشقيقتين كان يرتبط معهما بعلاقة غرامية فى نفس الوقت ويبدأ التحقيق فى الجريمة ويتهم الفتاتين اللتين تعملان كعازفتين للكمان والتشيلو ويشك فى والدتهما إلى ان يتورط فى جريمة قتل زوج والدة الفتيات الذى كان يعتدى على الفتاة الكبيرة ويكتشف ان الفتاتين هما من قتلتا الموسيقى الشاب وأن الضابط سبق أن قتل زوجته بعد أن اكتشف خيانتها.النهايةفيلم الوتر الذى عرض فى نهاية 2010 كان يستحق معاملة أفضل.
الشروق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق