الخميس، 18 أغسطس 2011

من علماء الإسلام :الإدريسي مؤسس علم الجغرافيا الحديث



هو أبو عبد الله محمد بن محمد عبد الله بن إدريس وينتسب للأسرة الإدريسية العلوية والتي يمتد نسبها للإمام علي ـ رضي الله عنه‏,‏ ولذلك لقب عادة بالشريف الإدريسي‏,‏ كذلك يلقب الإدريسي بالصقلي لكونه أمضي سنوات طويلة من حياته في صقلية‏.‏
والشريف الإدريسي أكبر جغرافي عرفته الحضارة الإسلامية بل وأكبر جغرافي علي الإطلاق حتي عصر الكشوف الجغرافية الأوروبية أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر الميلاديين.ولد الإدريسي في سبته بالمغرب عام493 هـ(1100 م) وعاش أكثر سنوات حياته بالمغرب والأندلس وصقلية وتوفي عام561 هـ(1166 م) في سبته بالمغرب.بدأ الإدريسي تعليمه في سبته وفاس ثم انتقل الي قرطبة بالأندلس ليدرس علي علماء عصره من أساتذه جامعتها وأمضي بقرطبة عدة سنوات أتقن فيها الجغرافيا والفلك والحساب والهندسة ودرس أيضا الطب والصيدلة والنبات والي جانب دروس اساتذة استقي الإدريسي قاعدة معلوماتية ودرس أيضا الطب والصيدلة والنبات والي جانب دروس اساتذته استقي الإدريسي قاعدة معلوماتية الجغرافية من دراسة ما توفر لديه من مؤلفات كبار الجغرافيين مثل بطليموس وابن حوقل وغيرهم فأحاط إحاطة شاملة بإنجازات من سبقه من الجغرافيين قام الإدريسي برحلات واسعة في بلاد حوض البحر المتوسط والبلاد القريبة منه وقد زودته تلك الرحلات بالكثير من المعلومات وأكتسبت معارفه الجغرافية بعدا عمليا, فقد زار مصر والشام وزار القسطنطينية ومكث بقرطبة زمنا كما تنقل بين أقاليم الأندلس والشمال الأسباني ومدنهما وزار البرتغال الذي كان مايزال جزءا من الدولة الأموية وزار الشاطئ الفرنسي وجنوب انجلترا وأخيرا زار صقلية عندما دعاه ملكها روجر الثاني وحل عليه ضيفا في العاصمة باليرمو ويعتقد أن الإدريسي مكثف بصقلية قرابة عشرين عاما, وكانت صقلية لا تزال تزدهر فيها الثقافة الإسلامية علي الرغم من استيلاء النورمانديين عليها من المسلمين, فطلب من الإدريسي أن يرسم له خريطة للعالم, فاختار الإدريسي الرجال ودربهم علي دقة المشاهدة ليصوروا ما يشاهدونه برسومهم ويزودوه بمعلومات جغرافية عن البلاد التي سينزلون بها, وحين اطمأن الي قدراتهم علي انجاز مهمته أرسلهم الي بلاد كثيرة وكان الإدريسي يدون المعلومات التي تصل اليه منهم ويعيد صياغتها, ثم جمع الإدريسي كل ما وصل اليه في كتاب سماه( نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) وقد احتوي الكتاب علي كثير من المعلومات الخاصة بغرب أوروبا وقد اشتهر هذا الكتاب بين علماء الشرق والغرب ولقد استغرق اخراج هذا الكتاب خمسة عشرة عاما, وبعد الانتهاء من تأليفه أهداه الي صديقه الملك روجر الذي أعجب به وكافأه عليه, وبقي هذا الكتاب المصدر الأول لعلماء أوروبا والشرق لأكثر من ثلاثة قرون, وهذه الموسوعة كانت من أول الكتب العربية التي عرفت الطباعة, وبقيت تطبع وتنشر بالعربية واللاتينية والفرنسية والألمانية والأسبانية والإيطالية والإنجليزية حتي عام1957 م, واستخدمت مصوراته وخرائطه في سائر كشوف عصر النهضة الأوروبية, حيث لجأ الي تحديد اتجاهات الأنهار والمرتفعات والبحيرات, وضمها ايضا معلومات عن المدن الرئيسية بالإضافة الي حدود الدول.وتتكون مخطوطة الخريطة من70 سبعين ورقة تصل الي نحو5 أمتار مربعة كما قام الإدريسي برسم خريطة للعالم حسب طلب الملك روجر علي لوح مستطيل من الفضة ثم طلب الملك روجر منه أن يصنع له كرة توضح شكل الكرة الأرضية, فصنع بذلك أول مجسم لكرة أرضية دقيقة عرفت في التاريخ وكان قطر الكرة يبلغ المترين طولا ووزنها يقدر بوزن رجلين وصنعت من الفضة ورسم علي سطحها خريطة العالم, وبعد وفاة الملك روجر حاكم صقلية خلفه غليوم الأول وظل الإدريسي علي مركزه في البلاط فألف للملك غليوم الأول كتابا أخر في الجغرافيا سماه( كتاب الممالك والمسالك) يعرف منه مختصر مخطوط موجود في مكتبة حكيم أوغلو علي باشا باسطنبول.ويعتبر الإدريسي هو مؤسس علم الجغرافيا الحديثة فجعلها علما مثل باقي العلوم ومن اسهاماته في هذا المجال أنه أكد علي خطوط الطول والعرض لتحديد المكان والمسافة وقال بكروية الأرض وترك عددا من الخرائط لمنابع النيل والبحار وأقاليم العالم القديم, الي جانب الجغرافيا كان الإدريسي مهتما بالطب فألف كتاب اسماه( كتاب الأدوية المفردة) الذي وصف فيه الأدوية وخواصها مستخدما أثني عشرة لغة.وفي عام1928 قام العام الألماني كونراد ميلر بنشر نسخة ملونة من خريطة الإدريسي بعد أن بذل جهدا خارقا من أجل تجميع أجزائها المختلفة وترجمة الأسماء العربية الي الألمانية ومنذ سنوات قليلة نشرت خريطة العالم للإدريسي مع نص العالم الألماني كونراد ميلر وتم عرضها في معرض فرانكفورت للكتاب اثناء استضافة العالم العربي كضيف شرف بالمؤتمر, ويعتبر ذلك اشارة قوية الي اسهامات العرب والمسلمين في تطوير المعارف الإنسانية ويرمز الي وحدة الثقافات وتعاونها وليس صراع الحضارات



المصدر: الاهرام



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق