*ربما تكون المتعة والإثارة هما سر الشعبية الجارفة لكرة القدم॥ والسؤال: لماذا صارت "الساحرة المستديرة" هي تاجر السعادة الذي يؤلف بين قلوب الشعوب। ويشحذ همتها. ويملؤها بالحماس ويذكي في نفوسها الولاء القومي لبلادها. وينتزع آهات الإعجاب ويفجر الدموع فرحاً بالفوز. أو حزناً لما لحق بفريقها من هزيمة..!! * وفي ظروف كهذه كان طبيعياً أن يتخذ رؤساء الدول والحكومات المونديال فرصة للتقرب لشعوبهم بإظهار مدي اهتمامهم بمنتخبات بلادهم. فربما ينجحون في زيادة شعبيتهم التي لم تتحقق لهم في مجالات أخري.. لا فرق في ذلك بين دول متقدمة وأخري نامية أو حتي متخلفة.. والسؤال: لماذا نجحت الكرة فيما أخفقت فيه السياسة.. ولماذا جمعت الكرة ما فرَّقته السياسة.. حتي أن مشجعي فريق متوسط الشعبية قد يزيد عددهم علي المنتمين أو المنتسبين لأكبر الأحزاب وربما الأحزاب الموجودة في العالم كله..!! * ثمة أسباب عديدة تتوج "كرة القدم" ملكةً علي عرش القلوب. وتجعلها محببة إلي النفوس في كل مكان» فاللعبة تُدار بشفافية وعلانية وحسم.. وحكامها يقضون بين اللاعبين بالقانون نفسه دون محاباة ولا تحيز.. والجمهور لا يقف متفرجاً بل يشارك ويؤثر بقوة في سير المباريات ونتائجها بما يبثه من حماس في نفوس اللاعبين » حتي صار الجمهور هو اللاعب رقم 12 في الملعب. بعكس ما يجري في السياسة التي تدور أحداثها وراء الكواليس وتتسم بالغموض والسرية والمناورة. وتجد الجماهير نفسها مجرد متلقي لا حيلة لها ولا تأثير. فتضطر لقبول ما يُملي عليها من قرارات ربما لم يؤخذ رأيها فيها من الأساس..!! * في الكرة يجري الكيل بمكيال واحد.. وفي السياسة مكيالان وربما مكاييل عديدة.. في الكرة حسم وحزم يجعل الاتحاد الدولي لكرة القدم أقوي من الحكومات نفسها. مثلما حدث في المونديال الأفريقي حين رفض الفيفا بحزم تدخل رؤساء دول وحكومات في شئون اتحاداتها المحلية المنتخبة وأصر علي تطبيق القانون بحذافيره والاحتكام إلي لوائحه جاعلاً إياها فوق سيادة هذه الدولة أو تلك.. فبمَ نفسر ذلك سوي بأن الفيفا إذا حكم فلا رادَّ لحكمه بل ينبغي علي الجميع أن يصمت ويرضخ.. فلا صوت يعلو فوق صوته..!! * أما الشعوب فتجد في منافسات الكرة تنفيساً عن نفسها لما تعانيه في حياتها اليومية.. وحين تقابل دول صغيرة دولاً كبري في مباريات الكرة وتنتصر عليها فإنها تتخلص من تراكمات قديمة تسبب فيها استعلاء واستبداد وتسلط تلك الدول وغيرها في حقب ماضية.. أفلا يرفع ذلك الدولة المنتصرة كروياً لمصاف الكبار في تلك اللعبة.. وألا يشعرها ذلك بالأمل في تعويض تخلفها في مجالات الاقتصاد والسياسة والعلم والتكنولوجيا وغيرها..؟! * والسؤال الذي قد لا نجد له إجابة : إذا كانت "كرة القدم" بكل تلك الأهمية فمتي يمكن أن تفوز دولة نامية بكأس العالم.. أم ستبقي تلك الكأس - شأنها شأن السياسة والاقتصاد والعالم- حكراً علي الكبار والكبار فقط..!!
الجمهورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق