كانت المسألة مجرد شائعات واتهامات متناثرة دون دليل حتي ذهبت السفيرة الأمريكية آن باترسون للجنة العلاقات الخارجية, وأعلنت أن الإدارة الأمريكية تمول بعض الجمعيات المصرية بنحو 40 مليون دولار..
لم تمر هذه الأموال عبر القنوات الشرعية ولكنها تسللت مباشرة من الإدارة للجمعيات. كانت هذه هي البداية لمحاولة الإدارة الأمريكية اختطاف الثورة والإيحاء بأنها صناعة أمريكية تبرر فيها الانحياز السابق وشبه المطلق للنظام السابق.
وبمنطق أن المريب يكاد يقول خذوني تزامنت حملة سياسية وإعلامية شرسة من الداخل المصري( من المستفيدين من التمويل) ومن الخارج الأمريكي علي كل المستويات ـ الإدارة والكونجرس ووزارة الدفاع والإعلام ـ وبدت اللهجة الأمريكية بعيدة تماما عن الأعراف الدبلوماسية واللياقة السياسية بالتهديد والوعيد والمطالبة بالكف فورا والإفراج ووقف التحقيق مع المنظمات الأمريكية التي تعمل بشكل غير رسمي. وشعر المصريون ـ وربما لأول مرة ـ منذ أيام عبدالناصر أن هناك إصرارا لاحترام السيادة الوطنية والقانون المصري.
في شهر ابريل الماضي جلست السفيرة الأمريكية أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس في جلسة استماع قبل تسلم عملها في القاهرة, وإذا بها تفتح ملف التمويل, وتعلن أن الإدارة الأمريكية دفعت40 مليون دولار لمنظمات مصرية لدعم ما يسمي بالتحول الديمقراطي, وأن هناك160 مليون دولار أخري في الطريق, وهكذا قدمت السفيرة أول دليل اتهام رسمي خاصة لأربع منظمات أمريكية تعمل بالاراضي المصرية بدون أي ترخيص, وفي تحد سافر للقوانين المصرية.
وقد وصل التحريض الأمريكي علي الوزيرة فايزة أبو النجا مداه باتهامها من أنها فلول النظام السابق, وأنها تسعي لترشيح نفسها لرئاسة الجمهورية وطالبوا المجلس العسكري بتأديبها وإقالتها فورا, وكتبت وول ستريت جورنال أنها الأكثر نفوذا في مصر, وهي العدو الصريح لأمريكا, بينما قال دبلوماسي كبير في وزارة الخارجية المصرية إن الدولة المصرية لديها الحق في معرفة ما يجري داخل حدودها, وأن رسالة فايزة أبو النجا هي أن مصر دولة ذات سيادة, ولها حكومة شرعية لا تستسلم لتهديدات واشنطن.
في أول اختبار حقيقي للثورة واستقلال القرار المصري, ونفض التبعية للبيت الأبيض, ورفض الضغوط الرهيبة التي ظلت الإدارة الأمريكية تمارسها علي مدي الأشهر الماضية علي مصر, فازت مصر بالضربة القاضية علي تليفونات أوباما ووزير دفاعه, وعلي الكونجرس ووزارة الخارجية الأمريكية, وحولت المتهمين في قضية التمويل الأجنبي لمحكمة الجنايات, وكان علي رأس القائمة سام لحود ابن وزير النقل الأمريكي, ومعه31 أمريكيا ومصريا من العاملين بالمعهد الجمهوري و15 من العاملين في المعهد الديمقراطي, وكذلك مسئولي منظمة فريدوم هاوس, وبشكل عام فإن هذه أول مرة يتم منع91 أمريكيا من السفر وتحويلهم للجنايات, مما أشعل الغضب الأمريكي تهديدا ووعيدا بصورة أخرجتهم عن اللياقة الدبلوماسية والأعراف السياسية.
واعتبرت الإدارة الأمريكية أن إحالة34 متهما هو تصعيد في العلاقات الثنائية, ولم تجد واشنطن سوي التهديد بقطع المعونات, وبدأ رد الفعل الأمريكي عصبيا حتي قبل قراءة لائحة الاتهامات التي تشمل تلقي تمويل أجنبي بدون الحصول علي تراخيص لمزاولة انشطتها واستخدام تلك الأموال في أنشطة محظورة والإخلال بسياسة الدولة المصرية.. وهكذا قطع قاضيا التحقيق أشرف العشماوي وسامح أبو زيد كل طرق الوصاية والضغط علي الإدارة المصرية لتصبح الإدارة الأمريكية وجها لوجه أمام القضاء والإرادة والشعب المصري, ويصبح قرار الإحالة واحدا من أهم إنجازات الثورة المصرية.
وخرجت المتحدثة الرسمية الأمريكية تقول انتهي عصر الشيكات علي بياض بما يعني أنها كانت تفعل ذلك بما يعني خيانة لدافع الضرائب الأمريكي.
وأصل المسألة أن مراكز البحث الأمريكية ابتكرت المنظمات المدنية بعد فضيحة إيران ـ كونترا جيت ـ التي دهست دور المخابرات الأمريكية في دعم المعارضة السندنيسية في نيكاراجوا بأموال إيرانية من بيع السلاح الإسرائيلي, وكانت الفكرة أن ما تقوم به المخابرات الأمريكية من تحت الترابيزة تستطيع تلك المنظمات القيام به وعلنا فوق الترابيزة وبتكاليف أقل, وهذا ما كان.
تحالف السفارات
وزعمت جريدة وول ستريت الأمريكية في خبر لمراسلها من مصر أن مجموعة من الدبلوماسيين الغريبين في القاهرة قد شكلت تحالفا لمعاقبة فايزة ابو النجا لموقفها من المنظمات التي تتلقي تمويلا, وقال دبلوماسي للصحيفة: الهدف هو رسالة قوية بأن ما تفعله أبو النجا فظيع بالنسبة لمصر.
وكان موقع ويلكيكي قد كشف عن برقية من السفارة الأمريكية بالقاهرة تؤكد تحايل واشنطن علي الرقابة الحكومية عن طريق تأسيس منظمات كواجهة في بعض الدول العربية الأخري تم استخدامها في اعادة تحويل الأموال لمنظمات مدنية في دول عربية أخري بغرض التموية.. وتحمل البرقية تصنيفا سريا باسم السفيرة السابقة مارجريت سكوبي تؤكد تمويل منظمة مصرية من واشنطن بتلقي أموال عن طريق منظمة في المغرب واصل تمويلها أمريكي من برنامج مبادرة الشراكة الشرق أوسطية( ميبي) التي أطلقها الرئيس السابق جورج بوش بعد أحداث سبتمبر2001 وتخضع للخارجية الأمريكية.
الجارديان تفضح!
والأسبوع الماضي نشرت( الجارديان) البريطانية تقريرا عن دعم الديمقراطية علي الطريقة الأمريكية قالت فيه أنها جهود جوفاء في الشرق الأوسط ونداء أجوف لا أحد في المنطقة يقتنع به وبررت ذلك بأن المعهد الجمهوري الدولي أن من ينظر إليه من العنوان يتصور أنه فعلا يعمل علي نشر الديمقراطية, بينما المتابع بدقة للأمور يجد غير ذلك بدليل أنه لعب دورا أساسيا عام4002 في قلب الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في هايتي, وفي عام2002 احتفل رئيس المعهد بالانقلاب العسكري في فنزويلا, والذي فشل بعد ذلك, وفي عام2005 عمل المعهد في البرازيل, وحاول تغيير قوانين الانتخابات لاضعاف حزب لولادا سيلفا الرئيس البرازيلي السابق.
وفوجئنا بالسيناتور باتريك ليهي يقدم خطابا للكونجرس يطالب بوقف المعونة عن مصر مادام أن السيدة فايزة أبو النجا في منصبها في أول تحد سافر أمريكي للتدخل في القرار والسيادة المصرية علما بأنه لا يستطيع وقف المعونة لأنها تصب مباشرة في المصالح الأمريكية ثم أنها جزء من مفاوضات كامب ديفيد, وتحقق مصلحة كبيرة لأمريكا تفوق بكثير حجم المعونة المادي والخدمي والاستراتيجي, وهنا السؤال المحير لكل المراقبين لماذا تمتد حبال الصبر للسلطة المصرية الحاكمة الآن والأغرب أن الإدارة الأمريكية لم تقنع بعد أن مصر قامت فيها ثورة, وتريد من يقسم لها ليل نهار والله العظيم ثلاثا مصر تغيرت, ولم تعد دولة الرجل الواحد, وإلا ما هو تفسير الخط التليفوني المفتوح مع المشير ورئيس الاركان ثم ما هو التفسير لكل الإدارة الأمريكية بدءا من وزارة الخارجية ومرورا بوزارة الدفاع وانتهاء بالكونجرس في الضغط اليومي علي مصر لكي تنتهك القوانين المصرية التي تقول واشنطن أنها تمول جماعات دولة القانون, وربما لم تصدق الإدارة أن المشير لا يستطيع فعل أي شيء في ملف أصبح في عهدة الرأي العام وأمام القضاء.
صفارات العسكري للسفارة
والغريب أن المجلس العسكري أطلق صفارات إنذار منذ عدة أشهر حول مسألة التمويل السياسي للمنظمات حتي كادت صفارات الإنذار أن تصيب سامعيها بالصمم غير أن السفارة الأمريكية أخذت المسألة بكثير من الهزل, ولم تؤد وظيفتها في حماية رعاياها في القاهرة بدليل أنه كان يمكن تسفير الأمريكيين المتورطين أو وقف هذا النشاط غير القانوني والاعتذار عنه ووقتها كان يمكن لكثير من الأمور أن تحل عبر القنوات الدبلوماسية, ولكن السلوك المتغطرس للسفيرة أن باترسون ظنت أنها لاتزال تعمل في أفغانستان أو دول الموز.
ثم ما هو التفسير لسلوك باترسون في الخطابات الشخصية لقاضي التحقيق ووزير العدل والهرولة للقاء رئيس مجلس الشعب لاغلاق الملف أمام النقابة.
وتتساءل الجارديان من يعلم عن نشاط هذا المعهد المشبوه داخل مصر, وتضيف ولكننا نعلم ماذا فعلت الإدارة الأمريكية في مصر, وهو أنها ساندت نظاما ديكتاتورا صارما لعقود, وحتي نقطة انقلاب الثورة.
وتخلص الجارديان إلي أن المنظمات الأمريكية ربما تساعد أحيانا في نشر الديمقراطية, ولكن الأمر المؤكد أنها لا تفعل ذلك في معظم الأحيان, بل علي العكس في كثير من الأحيان ضدها, ليس لأنها شريرة بطبعها, ولكن بسبب الوضع الأمريكي في العالم, وهي أكثر دولة الآن تدير إمبراطورية وبحكم طبائع الأمور فإن الأمبراطوريات كلها تدور حول القوة والتحكم في بلاد بعيدة, وعلي شعوب هذه البلاد, وهذه الأهداف في كثير من الأحيان تتعارض مع طموحات هذه الشعوب, ومن هنا نشأ تضارب المصالح وأمثلة ذلك في الشرق الأوسط الوضع الملتبس بين إسرائيل وفلسطين والدور الأمريكي فيه.
اغتيال وسرقة الثورة
وتكشف مؤسسة كندا الحرة الصحفية في تقرير لها الأسبوع الماضي أن خبراء انترنت أمريكان قاموا بتدريب نشطاء الانترنت المصريين في أمريكا عبر منظمة اتحاد حركة الشباب, وهي منظمة غير حكومية, وتكشف أيضا أن لحركة6 أبريل جذورا في هذه المنظمة, وأن لهذه المنظمة خطوطا مع وزارة الخارجية الأمريكية والمؤسس المشارك لها أحد مديري جوجل ويدعي جارد كوهين, وكان يعمل مستشارا لكونداليزا رايس وهيلاري كلينتون.
وطبقا لجريدة النيويورك بوست فإن هذه المنظمة(A.Y.M) عملت ثلاثة مؤتمرات دولية لنشطاء العنف, وكان من بينهم مجموعة كبيرة من المعارضة المصرية, ودعمت الحكومتان الأمريكية والبريطانية هذه المنظمة, وتكشف أن هناك مجموعة من هؤلاء النشطاء أرسلوا خطابا للرئيس الأمريكي يطلبون منه التدخل لدعم الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط, وذلك في22 مايو2009 ومن بين هذه الأسماء شادي حامد من مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط.
وأخيرا تم تسريب مصطلح جديد اسمه الهدم الخلاق بدلا من الفوضي الخلاقة للشرق الأوسط الكبير, ويشير تقرير غامض إلي أن الثورة المصرية هي الخطوة الأولي في هذا المخطط, وأن مراكز البحث الأمريكية مثل( راند) تعمل في هذا المخطط منذ إسقاط الرئيس الفرنسي ديجول عام1968 بالتزامن مع نكسة67 وفتح أبواب المنطقة لإسرائيل, وأن إحدي أدوات هذا المشروع بعض الحركات الثورية مثل حركة كفاية التي تماثل حركة( طارا) في جورجيا, وأن فريدوم هاوس والمعهد الديمقراطي الأمريكي في قلب هذه الأحداث الجارية, وتشير إلي أن سلوك الجماهير الثائرة في مصر وتونس وخريطة تلك الدول يتطابق تماما مع مشروع واشنطن للشرق الأوسط الكبير, والذي تم إزاحة الستار عنه خلال فترة رئاسة جورج بوش في عام2001 وأن( الوقفية الأمريكية للديمقراطية) إحدي المنظمات الأمريكية الممولة مباشرة من الكونجرس كانت تعمل بهدوء منذ عام2003 خلال الغزو الأمريكي لافغانستان والعراق, وكانت تعمل بالتوازي, وبهدوء في مجموعة الدول التي قامت فيها الثورات مثل تونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن والسودان.
استطلاع رأي الشارع
وتعليقا علي خبر سفارات الغرب تعاقب أبو النجا كان هناك62 تعليقا... يقول سامي.. والله لو اجتمعتم بحقدكم وغلكم جميعا علي الحق, فالله عقابه وسخطه عليكم لكبير, فأنتم ومنظماتكم أعداء البلد, ومصر ستبقي أكبر بكثير من الخراب الذي تسببتم فيه فسحقا لكم.. ويكتب صلاح الدين نحن الشعب معك لعدم تمويل العملاء..
وتكتب فريدة المرأة المصرية الحديدية.. بارك الله فيكي وإبراهيم عبد القادر: هذه ست الستات يا غجر علشان كده الكلاب تحاربها, وهي ست بمائة رجل من المنهزمين الذين باعوا دينهم وضمائرهم, ويتلقون أموالا قذرة لتدمير البلد.
> أحمد: حثالة العالم تجتمع للتدخل في شئوننا.. كلنا ضد التمويل الأجنبي, ويجب محاسبة العملاء والخونة بالحزم ليكونوا عبرة.
> مصري: العيب ليس علي الأوروبيين لإنهم زعلانين علي الجواسيس العيب علي اللي قبل من الأساس أنه يبقي جاسوس.
> عاطف مصر: هي دي المرأة الحديدية وربنا يحميك.
> بسمة عيد: بإذن الله لن نحتاج لتمويلكم, وستعتمد مصر علي أبنائها, وعلي خيراتها, وعلي عقول أبنائها لأنهم خيرة شباب العالم.
> سيب إيدي: هذا هو الفرق بين فايزة أبو النجا وبين إسراء وأسماء وعلياء و...6 أبريل.
> وعلي موقع اليوم السابع تعليقا علي موضوع احالة34 متهما للجنايات بتهمة التمويل الأجنبي علق75 كتب مجدي معلقا: أما آن الآوان علي كل مصري أن يعرف ما يحاك ببلده, ولا يجري وراء السفارات الرنانة.
> واحد فاهم: يا رب تكمل ويلتف الشعب حول اقتصاده ولا يحاربه.
> عصام: المهم عدم الرضوخ لأي ضغوط والاستغناء عن المعونة الأمريكية.
> مصرية: يجب تطبيق القانون علي الجميع.
> مصطفي مطلوب: أيوه كده ياريت ده من زمان, وبلاش نخاف.
> محبات: الله ينور عليكم وينصركم وينقذ مصر من أعدائها.
> علاء رستم: الله ينور.. بس دي بداية معركة مع خفافيش الظلام.
> ابن البلد: الله أكبر ويسقط العملاء والمنظمات العميلة.
> أحمد إسماعيل: أرجو من المجلس العسكري عدم الانصياع للضغوط الخارجية ومحاكمة المتورطين داخل مصر, وكل الشعب وراءكم لتنظيف مصر من الخونة.
> علاء محمد: الأجندات الاجنبية والكنتاكي هي المعونة الأمريكية بجد.
> نورا: علشان تعرفوا من وراء كل ما يحدث.
> دي دي: ضربة كانت من معلم.. أيوه كده.. كرامة مصر والمصريين.. وروهم العين الحمراء شوية.
> البير فوزي: عاوز آكل عيش حاف بدل ما مرات كلينتون تتحكم فينا.. نريد هدوءا ومقاطعة قنوات.. وكل البرامج اللي بتهدم.
> حسام: اللي مفرحني بعد الثورة أصبحت لنا كلمة في بلادنا, ونستطيع منع الأمريكي المخطيء من السفر.
> عمر: ده أحسن رد علي هيلاري... الحمدلله ربنا ينصرنا.
> مصطفي الصافي: هذه بداية وأول الغيث.... يا ريت كشف باقي الحقائق علشان الشعب يعرف المأجورين والعملاء الذين يتاجرون بدم الشعب.
> خالد فريد: نفس أقبل رؤساء قضاة التحقيق.. المهم الحركات المتورطة في المؤامرة علي مصر.
المصدر : الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق