الخميس، 16 فبراير 2012

ما بين المطالب المشروعة والتعجيزية‏ :‏السخنة تغلي‏!





للمرة الثانية يضرب عمال ميناء العين السخنة عن العمل داخل مقر عملهم‏..‏ وهذا الإضراب يؤدي إلي توقف حركة العمل بالميناء‏،وتضاعف خسائر جميع المتعاملين مع الميناء من موردين ومستوردين بالملايين.





عمال الميناء خلال وقفتهم الاحتجاجية

عمال الميناء خلال وقفتهم الاحتجاجية
وبالرغم من اجراء الكثير من المفاوضات مع العمال من قبل الجهات المعنية سواء وزارة القوي العاملة أو المسئولون بالمحافظة أو القوات المسلحة للوصول إلي حل بين العمال والشركة التي تدير الميناء فإنه لا يحدث أي توافق نتيجة اصرار العمال علي مطالبهم المغالي فيها بالاضافة الي استغلالهم أوضاع البلد فيتمادون في ذلك ويرفعوا سقف المطالب لدرجة لا يصدقها عقل, ولا نجد تفسيرا لما يحدث, لانه تتطاير اخبار عبر مواقع الإنترنت لتصريحات لبعض المنظمات بأنها المحرض وراء هذا الإضراب وتتحدي بعبارة انتهت اللعبة.

وفي لقاء لـ الأهرام من داخل الميناء يقول رفاعي إبراهيم مدير مستخلص بشركة رويال: جميع العملاء متضررون من الإضراب, وذلك بسبب الغرامات التي تحصل علي بقاء الحاويات أكثر من مواعيدها بالدائرة الجمركية, بالإضافة إلي أن العقود الخاصة بالشركات المستوردة تؤثر علي عقودها وتاريخ تسليم البضاعة الخاصة بالعملاء, فهذا الإضراب يتسبب في خسائر فادحة لكل المتعاملين بالميناء من شركات نقل, وشركات ملاحة, فنرجو أن ينتهي هذا الوضع ونجد له حلا حتي لا يعود مرة أخري.

ويضيف: حاولنا التحدث مع المسئولين لكننا لم نحصل علي إفادة, حيث أفاد العاملون بالشركة بأنه ليس منوط بهم التحدث باسم الشركة, وأن الإدارة بدبي هي التي من حقها إصدار أي أحاديث.

وفي أثناء الجولة بالميناء تقابلنا مع أحد أفراد الأمن بالميناء يدعي وائل عبدالمنعم, الذي أوضح أن العمال منذ شهر مايو الماضي وفي أثناء إضرابهم يطالبون بحقوقهم في هيكلة الأجور والرواتب وصرف بدل مخاطر نتيجة ظروف وبيئة مكان العمل بالميناء, من وجود معدات ثقيلة, ومواد مشعة مثل تنكات الأمونيا, هذا كله بالإضافة إلي أنه منذ تسلم شركة دبي للميناء لم تمنح العمال أي أرباح بالرغم من أن الشركة تحقق أرباحا طائلة, ونحن كعاملين بالميناء لم نطالب إلا بحقنا طبقا للقانون, ففي المادتين40 و41 من قانون العمل نص علي أنه في حالة توزيع أرباح علي المساهمين بالشركة يحق للعمال الحصول علي أرباح, ورفعنا هذه المطالب إلي الجهات المسئولة لنسير في الإطار القانوني, فتحدثنا مع الدكتور أحمد البرعي الوزير السابق للقوي العاملة, الذي كلف بدوره خبراء من هيئة السلامة والصحة المهنية التي حضرت إلي ميناء السخنة وأقرت بأن الميناء يتعرض لمخاطر كيميائية وبيولوجية وإشعاعية, وقرر الوزير السابق أحقيتنا في صرف بدل مخاطر للعاملين.

ويقول علي سليم( وناش بواخر بالميناء) ونائب رئيس نقابة العمال بالميناء: إن عدد العمال بالميناء1141 عاملا, وجميعهم مشاركين ومتضامنين مع الإضراب, لأننا نطالب بحقوقنا التي ترفض الشركة تحقيقها, برغم كل القرارات التي اتخذت والاتفاقيات التي أبرمت من قبل في اعتصام مايو الماضي, فلقد اجتمعت اللجنة النقابية للعاملين بالميناء بالسيد المحافظ محمود هاشم مع ممثلين من إدارة الشركة, وتم الاتفاق علي بعض البنود التي وقعوا عليها, ووعدنا المحافظ بتحقيقها في خلال شهر, لذا عدنا إلي العمل مرة أخري, لكن مرت6 أشهر ولم يتحقق شيء ضئيل من المطالب.

أما هشام حسني فني صيانة بالميناء, فيري أن إدارة الشركة لم تحترم لا الجيش ولا الحكومة ولا المحافظ, وذلك يتضح من عدم تطبيق الاتفاقيات التي أبرمت وضربت بها عرض الحائط, في الوقت الذي يجب علي الشركة أن تحترم قانون البلد, ومنح العمال حقوقهم وليس تعذيبنا, كما حدث.

ويقول محمد كامل حسني الشهير بحمادة رئيس نقابة العمال بميناء السخنة: نحن نطالب بالأرباح المستحقة لنا عن أعوام2008 و2009 و2010, فلقد قامت الشركة بصرف ثلاثة أشهر كأرباح عام2010, إلا أنه ذكر في محضر اجتماع الجيش مع الشركة أن من لديه مستند يثبت الأحقية في زيادة هذه النسبة من الأرباح فليتقدم به. لذا حصلنا علي ميزانية الشركة التي أثبتت نسبة الأرباح للشركة واحتكمنا للقوي العاملة, وفي هذه الأثناء ذكرت الشركة أن ما دفعته كان جزءا من أرباح عام2011 بالرغم من أن ميزانية عام2011 لم تعد بعد.

أما محمد عبدالله توفيق وناش بالشركة, فأوضح أن الشركة رفضت أي باب للتفاوض, وتم إنذارهم أكثر من مرة بأننا سنكرر الإضراب إن لم ينفذوا ما اتفقنا عليه. ويضيف: يشاع عن العاملين بالميناء أنهم يحصلون علي رواتب خيالية, وهذا أمر غير منطقي, فهذه استمارة راتب أحد العمال من بيننا, وهي لا تزيد علي1500 جنيه, فالشركة تصرف لنا200 جنيه عن الوردية, وهذا مبلغ ضئيل لأن بدل الوردية في أي مكان يزيد علي600 جنيه, كما يسيئنا ما يشاع عنا بالحصول علي إكراميات تزيد علي500 جنيه في اليوم, وهذا شيء لا يحدث, والإدارة تضع تنبيهات وتحذيرات ضد الإكراميات في كل مكان, ومن يثبت عليه ذلك يفصل, وهنا المكان مجهز بأجهزة وكاميرات مراقبة عالية التقنية, وإن حدث ذلك سيكون بصفة فردية وليست حالة عامة بالنسبة للميناء.

وكان لزاما علينا كتحقيقات الأهرام أن نعرف حقيقة الأحداث من الدكتور أحمد البرعي وزير القوي العاملة السابق, الذي أبدي دهشته من تفجر الوضع مرة أخري بميناء العين السخنة, خصوصا أنه عند حدوث إضراب العمال بمايو الماضي استدعي فريقا من العمال من الميناء وأصحاب الأعمال بالوزارة وكلا الطرفين أبدي استعداده للتفاوض والتفاهم, وأسفرت المفاوضات بالفعل عن اتفاق, وبعد إبرام الاتفاق انصرف العمال وعادوا إلي العمل.

ويؤكد البرعي: أما في الوضع الحالي فتجب إعادة التفاوض من خلال وزارة القوي العاملة للوصول إلي حل, وإن لم يتمكنوا من ذلك فعليهم طلب تدخل أي وسيط مع الأخذ في الاعتبار أن المشكلات العمالية يتم حلها بالحلول القانونية مع مراعاة الأوضاع الحالية في مصر.

ويري البرعي أن الوضع في هذه المرحلة أسهل علي القوي العاملة مما سبق, بحيث إن عليها مراجعة الاتفاق السابق إبرامه والتثبت من تنفيذه من عدمه, وتحديد المخطئ, وفي هذه القصة إذا كانت الشركة هي التي لم تنفذ التزاماتها فعليها أن تفي بها وتطبق القانون المصري الواجب احترامه.

أما الدكتور فتحي فكري وزير القوي العاملة فيؤكد أن الوزارة تلقت في نهاية العام الماضي شكوي العاملين بشركة مواني دبي العالمية بالسخنة حول تضررهم من عدم حصولهم علي حصتهم في الأرباح عن أعوام2008 و2009 و2010, وعلي بدل المخاطر, فضلا عن مطالبتهم بإعادة هيكلة الأجور نظرا للتفاوت فيها بين العاملين في مختلف أقسام الشركة, وبناء علي الدور المنوط بالوزارة ودعم استقرار المنشآت والعاملين بها, وتشجيع التعاون البناء بين الوزارة وأصحاب الأعمال, والحرص علي التطبيق السليم لأحكام قانون العمل الصادر برقم12 لسنة2003 والقوانين ذات الصلة بعلاقات العمل, فقد قامت الوزارة بعقد العديد من الاجتماعات بمقر ديوان عام الوزارة بحضوري شخصيا العديد منها, وبحضور كل من إدارة النقل البحري, واللجنة النقابية للعاملين بالشركة, فضلا عن أحد أعضاء مجلس الشعب في الجلسة الأخيرة التي تمت فيها مناقشة مطالب العمال.

ويري فكري أن إطالة إدارة الشركة فترة التفاوض يقابله وجود صدي للمقترحات المقدمة منها لدي العمال, خاصة أنها في رأيهم لا تمثل سوي جزء ضئيل مما تحقق لعمال الشركات العاملة في المجال نفسه, وحيث إن قانون العمل منح العمال الحق في تحسين شروط وظروف عملهم عن طريق التفاوض والحوار, فإن الشركة تمسكت بصورة أساسية بأنها تمنح العمال المزايا المطلوبة من خلال مسميات أخري.

ونظرا لاختلاف وجهات النظر بين الطرفين وعدم حرص كل طرف علي تقوية سبل الحوار بينه وبين الطرف الآخر, خاصة أن القائمين علي الحوار من جانب إدارة الشركة ـ الممثلين قانونا ـ ملتزمون بما تم تكليفهم به من إدارة الشركة الأم, مما ترتب عليه عدم وجود حلول بديلة لدي الطرفين, وهو ما أدي إلي استمرار الأزمة الحالية, خاصة أن الطرفين علي علم بأن المنشأة التي يعملون بها هي إحدي المنشآت الاستراتيجية التي صبغ عليها قانون العمل الحالي هذه الصفة وواجب علي الطرفين في حالة فشل الحوار والتفاوض بينهما أن يلجأ أي منهما إلي التحكيم باعتباره الآلية الثانية والأخيرة, لفض منازعات العمل الجماعي.

وأكد فكري أن محاولات التسوية الودية مازالت قائمة وتسهم فيها مع الوزارة جهات متعددة ونأمل في أن تنتهي إلي ما يحقق القبول للطرفين وللمصلحة العامة.

المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض الاسبق وعضو مجلس الشعب يقول: إن ما يحدث في ميناء العين السخنة من جانب العمال خطأ جسيم, فمن له حق يجب ان يطالب به بالطرق القانونية, فحق التظاهر والاعتصام مكفول بحيث لا يعطل الانتاج ولا يعوق عمل المرافق ولايتسبب في ضرر للافراد وللدولة, وعقوبة من يخترق هذا الفعل والذي يعد جرما وتعديا علي اموال الدولة وحقوق الناس تصل الي الحبس وتدخل في مجال الخيانة لمصالح الناس.

وأضاف الخضيري ان الاعتصام المكفول هو أن ينهي العامل عمله علي أكمل وجه ثم يذهب ويعتصم واذا ما اعتصم الفرد منا اثناء عمله فيخصم من أجره, أما الاعتصام داخل مقر العمل وتعطيله فيعد جريمة أشد وعقوبتها رادعة حسب نص القانون.

أما الدكتور حامد مرسي عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس فيري ان إضراب العمال في العين السخنة وطلباتهم المجحفة والغريبة الهدف منها مختفي بين السطور لان مايحدث من العمال هو طمع وجشع ويوضح ان وراء هذا العمل محرضين.

ويضيف مرسي بعد الثورة تعودنا علي ظهور بعض الصبية في الواجهة دون ان نعلم من يحركهم او نعلم هدفهم, فلا نعلم ما معني ان يطالب العمال بالميناء بالحصول علي ارباح بأثر رجعي من عام2008 وحتي الآن, ولماذا في هذا التوقيت بالذات تذكروا الارباح القديمة.

ويري نشأت الديهي الخبير الاقتصادي في النقل البحري ان النقل البحري في مصر يتعرض لأزمة غاية في الخطورة والمواني هي عصب التجارة المصرية وما تشهده بعض المواني من اعتصامات وإضرابات أثر سلبا علي سمعة المواني المصرية بما يهدد بهروب الخطوط الملاحية الي المواني الاخري ولابد من إعادة صياغة وتعريف وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي ترسخت في عقول الناس حول حق الاعتصام والإضراب, فهذه الحقوق يكفلها الدستور وفي مقابلها واجبات اهمها ألا تعطل العمل ولا تضر الآخرين ولا توقف عجلة الانتاج, أما في حالة الفوضي الحالية وحالة غياب القانون فسنتأخر كثيرا ولسنوات قادمة.

اما الدكتور عصام النظامي عضو المجلس الاستشاري فيقول: إن إضراب العمال في ميناء السخنة عمل تخريبي للاقتصاد القومي واساءة بالغة لسمعة مصر ورسالة للعالم بأن مصر غير مستقرة والافراد المشاركين في الاحداث هم مساهمين في العمل التخريبي وسيلحق العار بهم لاننا سنقوم برصد اسماء المشاركين ونضعهم في قائمة سوداء لانهم استجابوا لدعوات مشبوهة من حركات ممولة بالخارج وتطبق منهج مكتوب لتخريب الاقتصاد القومي والمشاركة فيه تعتبر خيانة لهذا البلد, فلا أحد ينكر حق الجميع في الاعتصام وحرية التعبير عن الرأي والمطالبة بالحقوق المستحقة لهم علي ان يكون ذلك عبر القنوات الشرعية والقانونية وليس بتعطيل حركة العمل والاضرار بمصالح المواطنين.

اما اللواء محفوظ طه رئيس هيئة مواني البحر الاحمر السابق فيري ان التوقيت والطريقة التي اتبعها العمال في المطالبة بحقوقهم تحتاج الي مناقشة ويوضع في الاعتبار الظروف التي تمر بها البلاد والوضع الاقتصادي الراهن الذي يتطلب منا جميعا الاستمرار في العمل وليس الإضراب عنه وذلك لإعلاء المصلحة العليا للوطن.



المصدر : الاهرام











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق