من منطلق نكتة من هنا وموقف مفتعل من هناك
بعيداً عن الهجوم والتقييم الفني لـ»محمد سعد«، لا يستطيع أحد إنكار أنه في حد ذاته حالة يجب تقييمها فنياً، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا توجد معايير في محاسبة الإنسان في كيفية رؤيته لنفسه، واعتقد أن تلك المعايير هي السبب في حالة التدهور الفني المتواجد فيها »محمد سعد« الذي في حد ذاته بعيد عن سلسلة أفلامه، يعد ممثلاً له مقومات الفنان الكوميدي، ولكن ينقصه أهم عناصرين يصنعان منه مبدعاً حقيقياً، وهما الاعتراف بأنه لا يوجد ممثل أياً كانت قدراته يستطيع أن يؤلف ويخرج ويمثل.. والتأكيد علي أن صناعة النجم بكل تفاصيلها تحتاج إلي مؤسسة بأكملها، بالإضافة إلي الاعتراف بأن الاستغراق في تقديم شخصية فنية حظيت في عمل أو اثنين بقبول جمهور لا تعني الاستمرار في فرضها علي الجمهور، خاصة إذا كانت بلا مقومات تجعلها قادرة علي الاستمرار، ومن هذا المنطلق يكون المدخل للكلام علي آخر أعمال »محمد سعد« »اللمبي 8 جيجا« والذي بمثابة كلاكيت أكثر من مرة لشخصية اللمبي المقدمة أول مرة في فيلم »الناظر« وحظيت في ذلك الفيلم علي قدر من القبول تم استثماره في فيلمين بعد ذلك »اللمبي« و»اللي بالي بالك« ثم حاول الخروج ظاهرياً من عباءة »اللمبي« بسلسلة أفلام لم تتخذ من تلك الشخصية محوراً لها، ولكنها في الحقيقة كانت صورة »مستنسخة« من اللمبي، فالأساس هو الإنسان المهزوز الذي يتكلم بطريقة غير مفهومة ويقوم بتصرفات بوهيمية تفتقر إلي الذكاء والذوق معاً، ومن خلالهما كان فيلما »عوكل« و»بوحة« ونال قدر من النجاح أغري »محمد سعد« بتقديم سلسلة من الأفلام ضعيفة المستوي الفني جداً، إلي جانب الاخفاق الجماهيري مثل »كتكوت« و»بوشكاش« و»كركر«. وبدلاً من التراجع والبحث عن مضمون جديد يطرح به نفسه ازداد »محمد سعد« عناداً وقرر العودة من جديد إلي الشخصية التي كانت سبباً في نجوميته مقرراً، أنه لا تراجع ولا استسلام، وأن علي الجمهور قبول ما يراه »سعد« صواباً وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وأن العيب غير موجود فيما يطرحه »سعد« من أفلام، ولكن في الجمهور نفسه وبالطبع في النقاد محدودي الأفكار، والغريب أن فيلماً مثل »اللمبي 8 جيجا« ظهر من يقول إنه صاحب العمل، رغم أن الفيلم يجب أن يتبرأ منه حتي مشاهديه، فالسيناريو الذي كتبه مجازاً »نادر صلاح الدين« نفذ بأسلوب نكتة من هنا وموقف مفتعل من هناك وخلطهما بالنكهة »اللمبية« التي صنعها »محمد سعد«، المعتقد أنه كاتب سيناريو لا مثيل له، وبالطبع لا مانع من أن يكون المنتج غير قابل للاستهلاك الفني ومنتهي الصلاحية، منذ أفلام الأبيض والأسود، وإذا كان »محمد سعد« كما يحلو له التصريح سيقدم سلسلة متواصلة من اللمبي مثلما فعل »إسماعيل ياسين«، فالشيء الوحيد الذي يجب الانتباه له، أن تلك الصناعة تقدمت عن أيام »إسماعيل ياسين«، وأن ما تقبله الجمهور من أفلام حملت اسم »إسماعيل ياسين« في الماضي لا يمكن تقبلها الآن.. فالفكرة المطروحة والتي قيل إنها من بنات أفكار »سعد« كانت جيدة، ولكن تم تقديمها بأسلوب عقيم، لا ينتج عنه سوي فيلم لم يحظ حتي بميزة الضحك من أجل الضحك دون البحث عن مضمون، فالقصة محصورة في زوجين لا ينجبان، وإن كانت هناك فرصة لكل منهما في الانجاب إذا تزوج من شخص آخر، هذا الشخص يقع تحت طائلة مدعي طب يزرع في دماغه ذاكرة مقدارها »8 جيجا« فيصبح اللمبي محامياً له مقدرة علي قراءة الآخرين، وبالتالي يكسب معظم القضايا بالتحايل والتزوير، وعندما يحاول التمرد علي الطبيب، يهدده بنزع الشريحة، ومن أجل الفكر النضالي والأخلاقي الذي يحاول سعد قوله، لذلك ينزع الشريحة ويعود صعلوكاً، ولأن في سينما »محمد سعد« لا صوت يعلو فوق صوته، فإن كل الممثلين والعاملين لا يمكن محاسبتهم، خاصة أن المخرج »أشرف فايق« لا يمكن أن يكون له رأي في ظل دكتاتورية »سعد«. لذلك فلا مجال لانتقاد دور »حسن حسني« صاحب الماكياج السيئ جداً والدور الذي لا معني له، ويبقي في النهاية أن »محمد سعد« لا يسمع سوي صوته، فمن حقه أن يفعل ذلك في حياته الخاصة وليس في الفن
الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق