غزلان وريشة الصحفيين!
تصريحات الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين عن الصحافة والصحفيين التي أدلى بها للزميلة هاجر إسماعيل بمجلة الشباب التي تصدر عن مؤسسة الأهرام تلفت الانتباه وتستحق وقفة. فهي صادرة عن قيادة سياسية بارزة اختارتها الجماعة ليكون هو قناتها وجسرها المباشر مع الصحافة والإعلام.
الدكتور يرفض أن تكون الصحافة في الدستور سلطة رابعة ويستشهد بدساتير العالم، ويرى أنه لا معنى لوجود حصانة للصحفي. كما يرى أن الصحفي ليس على رأسه ريشة، وإذا كان كذابًا ونشر معلومات غير صحيحة يسجن. وقال: "...اللي هيكتب كلام مش مظبوط ويقوم الشخص بمقاضاته ويحكم القاضي بسجنه سوف ينفذ الحكم حتى يتحرى الصحفيون الدقة ويتوقفوا عن سب وقذف الناس".
هل هذا قول يحمل الخير لمصر؟! والله ما كان يجرؤ أن ينطق بذلك، وعلى هذا النحو من الغلظة والفجاجة، صفوت الشريف أو أنس الفقي أو أي من ترزية القوانين التي كانت تتطوع بتقديم خدماتها للنظم المستبدة والفاسدة. وهل يمكن قبول هذه هي الرؤية لصحافة وإعلام ما بعد ثورة قدمت شهداء ودماء من أجل انتزاع الحرية؟! نحن أول من يعرف أن الصحافة ليست سلطة رابعة، وأن الرئيس السادات استخدم هذا التعبير للخداع، ولقمعها، لكن دساتير العالم التي يتحدث عنها د.غزلان ـ إذا كان يقصد العالم الحر ـ تصل بحرية التعبير للصحفيين وغيرهم إلى مرتبة التقديس، وجعلتها في مكانة تفوق كل السلطات، باعتبارها أحق الحقوق وليست حصانة لفئة. ولقد استوقفني استخدامه تعبير "مبارك" عندما أراد الدفاع عن تغليظ العقوبات في قضايا النشر بصدور القانون 93 لسنة 95، وقال "إن الصحفيين ليست على رأسهم ريشة"، وذلك في محاولة لتقليب الرأي العام عليهم وتصويرهم على أنهم جماعة يبحثون لأنفسهم عن ميزة.
وأتعجب أن يردد البعض الآن "كليشيهات" صاغتها أجهزة كانت تساند القمع، ومافيا الفساد التي كانت تعتبر حرية الصحافة هي العدو المبين. وأسأل هل كان عصيا على د.غزلان أن يتمهل ويدرس ويفهم ويتشاور مع كل الأطراف المعنية بهذا الملف قبل أن يفتى دون علم أو دراية؟! ولو فعل كان قد علم أن نضالنا جيلا بعد جيل، كان من أجل "إلغاء الحبس في قضايا النشر" وليس "إلغاء حبس الصحفيين"، وباعتبار أن إلغاء المواد المقيدة للحرية في ترسانة التشريعات، التي تراكمت في كل عهود الاستبداد هي ميزة وحق لكل مواطن يستخدم النشر للتعبير. لأن القانون لا يعرف فعلا "إلا الصحفيين". وكنا قد ذكرنا له أن هناك أحكاما بالحبس صدرت بالفعل ضد بعض المواطنين في سنوات ماضية بسبب آرائهم أو ما نشروه ببريد القراء في الصحف! لذلك لم يكن غريبا أن يدرك البسطاء هذه الحقيقة، وأن تشارك كل القوى الديمقراطية الصحفيين في كل معاركهم من اجل الحريات. وكنا قد أمددناه من معين ذاكرة الشعب المصري الذي دافع عن حرية الصحافة وخرج للتظاهر من أجلها لأول مرة عام 1909م. أو ألقينا عليه ببعض تراث محكمتي النقض والدستورية العليا الذي يحتوي مبادئ عظيمة أكدت أن العدوان على حرية التعبير هو عدوان على الدستور ذاته، وأن الشطط في الممارسة أو المغالاة في النقد ليس مبررا للقيد، وأنه إذا أريد لحرية التعبير أن تتنفس فإن قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه وأنه لا يسوغ بحال أن يكون الشطط في الآراء مستوجبا إعاقة تداولها. نضال الصحفيين نجح بمساندة الشعب المصري في عهد نظام مبارك المستبد في إجراء تعديلات على بعض مواد قانون العقوبات عام 2006، ومنها إلغاء مواد الحبس في قضايا السب والقذف التي يريد أن يسجننا بها الآن القائد الجديد والسجين السياسي السابق.
من يتصور أن الثورة تم وأدها في صناديق الاقتراع واهم .. فالدول المستبدة فقط هي التي تقمع حرية الصحافة، والنظم الفاسدة وحدها هي التي تتمسك بعقوبة الحبس للترويع بدلا من استخدام حق الرد أو تفعيل المدونات الأخلاقية أو عقوبة الغرامة والتعويض. لقد ناضل الصحفيون في كل العهود والعصور ومعهم كل الشرفاء للدفاع عن حرية التعبير والصحافة، وقدرهم أن يستمروا في أداء رسالتهم، ففي النهاية يذهب الديكتاتور وتبقى الحرية.
.. ونقيب الصحفيين : نحترم رأي غزلان .. ولن نرد عليه
وفي أول تعليق للأستاذ ممدوح الولي نقيب الصحفيين .. أكد لبوابة الشباب أن هذا الأمر لا يعدو كونه مجرد رأي والنقابة لديها ما يشغلها للإلتفات حول الآراء ولكنها تحترم الرأي والرأي الآخر انطلاقا من كونها نعمل في مهنة للرأي ، خاصة وأنه لم يصدر هذا الأمر من جماعة الإخوان المسلمين أو من الحزب التابع لها حتى يمكن التصدي له بطرق رسمية ..
وأضاف ممدوح الولي نقيب الصحفيين : نحن لم نر حتى الآن أنهم أصدروا بياناً محدداً حتى نرد عليه , وهذا لا يخرج من كونه تصريحاً من أحد قيادات الجماعة وهو رأي شخصي وكل واحد لديه قناعاته ونحن مهنة رأي وعلينا أن نتفهم الرأي الآخر طالما أنه لا يعدو كونه رأيا, ولو نقابة الصحفيين اهتمت بما يقوله أحد القيادات في كل حزب لن ننتهي , ونحن لدنيا ملفات في نقابة الصحفيين نعمل عليها أهم مما جاء علي لسان أحد الأفراد خاصة وأنه يعبر عن وجهة نظرة وليست وجهة نظر الحزب , وبالتالي لا يمكنني أن أعطي هذا الأمر أكثر مما يستحق أو أن أضخم الأمور وأصنع منها ترسيخا لما قاله لأنني لو أصدرت تصريحاً أو بياناً فيما قال فأنا بهذا الأمر أكون رسخت في ذهن الرأي العام هذا الأمر ، ونحن لن ننقاد إلي هذا الطريق لأن لدينا اولويات أهم سواء مدينة سكنية أو مشروعات للنقابة وكلها أمور بالنسبة لنا مهمة , حتى في اجتماع مجلس النقابة الذي عقد بالأمس لم يذكر أي عضو من بين الـ 12 عضواً هذا الأمر ، وهذا يؤكد أنه أمر فرعي لا يجب أن ننشغل به لنجعل منه قضية للرأي العام ونفعل مثلما تفعل الفضائيات ، ولابد أن نزن الأمور بقدرها ولن نتحرك إلا إذا شعرنا بالخطورة , والخطورة لن تأتي بتصريح أو وجهة نظر , ولا يوجد أي مبرر للقلق لأن البرلمان لم يعقد وبالتالي لم تظهر حتى الآن اللجنة التأسيسية , فنحن عملنا زي الناس اللي اهتمت باسم المولود قبل أن يتزوج العروسان !! , وأطمئن كل صحفي أن أي شيء يمس حقوق الصحفيين أو كرامة المهنة أنا كفيل بالتصدي له .
محمود غزلان: مفيش حصانة للصحفي.. واللي يغلط لازم يتحبس !
سيتم إلغاء المادة التي تنص علي أن الصحافة سلطة رابعة في مشروع الدستور القادم" هذه هي التصريحات التي قالها الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي لجماعة الأخوان المسلمين وذلك في المشروع الذي أعدته الجماعة لمشروع الدستور وفي السطور القليلة القادمة يشرح الدكتور غزلان لبوابة الشباب رؤيتهم لوضع الصحافة المصرية.
هل قلت هذه التصريحات التي تتعلق بوضع الصحافة ؟
بالفعل أنا تحدثت عن وضع السلطات التي تتمتع بحصانة في الدستور وقلت أنه في كل دساتير ودول العالم هناك ثلاث سلطات هي السلطة التشريعية (مجلسي الشعب والشوري) والسلطة القضائية (النيابات والمحاكم) والسلطة التنفيذية (الحكومة) ولا يوجد دستور واحد في العالم ينص علي أن الصحفيين يتمتعون بحصانة ونحن لا نحب أن تشذ مصر عن القاعدة وبالتالي فانه لا معني لوجود حصانة للصحفي.
ولكن مفهوم حصانة الصحفي متعلقة بالحبس في قضايا النشر فما هو مفهوم الأخوان لها؟
موضوع الحبس في قضايا النشر يترك لتقدير القاضي فمثلا صحفي كتب موضوع سبني وقذفني ووصفني بما ليس في، فما هو المطلوب مني؟ أن أقاضيه، وهنا القاضي يحكم بما يري فاذا كان كذاب ونشر معلومات غير صحيحة فيسجن لأن الصحفي ليس علي رأسه ريشة، نحن نريد أن نرسي دولة القانون وأي واحد غلط لازم يتحاسب ويسجن والقاضي له حرية الحكم عليه إذا كان يستحق السجن أو لا ولكن عموما كل فئة في المجتمع تطلب حصانة تميزها عن باقي الفئات وهذا يتعارض مع دولة القانون والعدالة.
كثير من الصحفيين متخوفين من وصول الأخوان للحكم خاصة في الصحف القومية لأنها هاجمت الأخوان كثيرا؟
أبدا هذا الكلام غير حقيقي والأخوان لا ينتقمون من أي شخص ويكفي أن أقول أن أحد قيادات الأخوان كان في السجن الحربي سنة 74 وتم تعذيبه عذابا شديد وكان لما يقول يارب الضابط يقوله هو فين ربنا عشان أحطه في الزنزانة اللي جانبك، وبعد خروجه من السجن وجده أمامه وكانت أمامه فرصة حقيقية للانتقام منه ولكنه تعامل بأخلاق الرسول صلي الله عليه وسلم (اذهبوا فانتم الطلقاء) وبمبدأ العفو والاحسان ونحن لن ننتقم من أي صحفي كتب أو هيكتب عننا أي شيء ونحن نحستب عند الله ونقاضي من يخطأ في حقنا ونتركه أمام القضاء.
البعض تحدث عن وجود مشروع قومي لخصصة المؤسسات القومية في مشروع الأخوان الاقتصادي؟
أولا نحن لم نصرح بمثل هذا الكلام، ولكننا نطرح رؤية تتعلق بالصحافة خاصة أننا وجدنا أن هناك مجموعة من رجال الأعمال مسيطرين على الصحف والقنوات التلفزيونية وبالتالي توجهها حسب أهوائها وهذا شيء لا يرضي الله، ونجد أن الصحفيين أو رؤساء التحرير يرفضوا نشر مقالات لاخواننا ويتم توجيههم لكتابة الموضوعات بشكل معين وهذا فيما يخص الأخوان أو غيرهم ونحن نرى أن أي جريدة إذا أصبحت شركة مساهمة ملك لأشخاص ولا يتدخل أي شخص في توجيه الجريدة سلبا أو إيجابا ويترك الصحفيين يعبروا عن رأيهم بحرية دون توجيه أو إملاء في أي اتجاه وهذا فيما يتعلق بالصحف القومية والخاصة، ورؤيتنا تتعلق أيضا بفصل الإدارة عن التحرير وعدم تدخل مالك الجريدة في التحرير وهذا متعلق بميثاق الشرف الصحفي، ولكن ليس معني ذلك أنه سوف يتم خصخصة الصحف القومية، نحن لنا رؤية سنطرحها وحسب وضع كل مؤسسة ولكن عموما أهم شيء هو أن الصحف القومية لن تكون موجهه حتي لو الحكومة شكلها الأخوان.
وكيف سيتم التعامل مع الصحف الصفراء ؟
الصحف الصفراء وضعها مثل وضع أي صحيفة اللي هيكتب كلام مش مظبوط ويقوم الشخص بمقاضاته ويحكم القاضي بسجنه سوف ينفذ الحكم حتي يتحري الصحفيين الدقة ويتوقفوا عن سب وقذف الناس إضافة إلي أن منهج الصحف الصفراء ضد القيم والعادات والتقاليد والدين.
الحبس في قضايا النشر والغاءه هو بند من أهم ما يعمل عليه أي مرشح لنقابة الصحفيين ألا تخشي الهجوم عليكم بعد هذه التصريحات ؟
أي فئة تعمل علي أن تكون مميزة ونحن لن نميز الصحفيين عن غيرهم في المجتمع وعموما الأخوان يتم الهجوم عليهم في أي حال، ونحن نريد أن نرسي دولة القانون وأن يصبح الناس جميعا سواسية والصحفيين لا يوجد ما يميزهم حتي لا يحاسبوا إذا أخطأوا وهذا هوالوضع في كل دول العالم.
المصدر : بوابة الشباب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق