الجمعة، 5 أغسطس 2011

سمية‏..‏ أولي شهيدات الثورة


كانت الثورة الاسلامية سلمية‏,‏ فلم يدخل الإسلام حروبا دون أن يضطر لها اضطرارا‏,‏ وفي مكة قبل الهجرة‏,‏ كانت الثورة سلمية لا تمتلك حتي فرصة الدفاع عن النفس سوي بالصبر‏,‏
وكانت حكومة قريش تسعي لإجهاض الثورة بأي وسيلة‏,‏ حتي لو اقتضي الأمر انتهاك حقوق الإنسان التي أقرها إيلاف قريش‏,‏ وبالطبع فإن أول مظاهر هذا الانتهاك كان التعذيب في سلخانات القريشيين‏.‏وكأي ثورة سلمية فقد قدم الإسلام شهداء‏,‏ سبقوا شهداء الغزوات والسرايا‏,‏ عليهم جميعا رضوان الله‏,‏ وكان أسبق المسلمين إلي حصد لقب الشهيد أو الشهيدة هم آل ياسر‏.‏سمية بنت خياط‏,‏ وزوجها ياسر بن عامر الذي جاء مكة هو وأخواه الحارث ومالك من اليمن‏,‏ وأقام بها‏.‏ وحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم‏,‏ وكانت سمية جارية عند أبي حذيفة‏,‏ وزوجها ياسر بن عامر‏,‏ فولدت له عمارا‏,‏ فأعتقه أبوحذيفة‏.‏توفي أبو حذيفة‏,‏ فلما جاء الله بالاسلام أسلمت الأسرة‏,‏ وكانت سمية سابع من أسلم‏,‏ لقد كانت سمية من الأسرة التي ألبسها المشركون أدراع الحديد‏,‏ وصفدوهم في الشمس‏,‏ فبدأت رحلة العذاب مع سمية وزوجها وابنها عمار حيث كان المشركون يخرجونهم إلي الفضاء إذا حميت الرمضاء ليرتدوا عن دينهم‏,‏ وكان الرسول يمر بهم فيقول لهم‏:‏ صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة‏.‏ فتزداد الأسرة الصابرة صلابة وإيمانا وتسليما‏,‏ حتي استشهد ياسر تحت التعذيب‏,‏ فواصلت الأسرة الياسرية رحلة الصبر والثبات‏.‏وبدأت سمية تتحدي بني المغيرة بن عبدالله بن مخزوم‏,‏ وتقف صامدة أمام أبي الحكم الذي كان يشعر بوطأة هزيمته من سخرية سمية‏,‏ فما يسقط الطغاة أمر أشد من السخرية عليهم‏,‏ ولنا في المخلوع أسوة حسنة‏.‏إذن فقد حطمت ــ رضي الله عنها ــ كبرياءه وصلفه بصبرها وثباتها‏,‏ وفطرت قلبه بعدم ذكرها رسول الله صلي الله عليه وسلم ــ ولو بكلمة واحدة‏.‏لم يكن ابوالحكم يترك وسيلة في فتنة الناس عن الإسلام إلا اتبعها‏,‏ فإن كان الرجل له شرف ومنعة أنبه وقال‏:‏ تركت دين أبيك وهو خير منك لنسفهن حلمك‏(‏ عقلك‏),‏ وإن كان تاجرا قال‏:‏ والله لنكسدن تجارتك‏,‏ ولنهلكن مالك‏,‏ وإن كان ضعيفا ضربه وأغري به‏.‏ وإن كان ضعيفا لا يشعر بأنه ضعيف فعل معه مثلما فعل مع سمية‏.‏ظلت سمية تتحمل العذاب‏,‏ وتصبر صبر الأبطال‏,‏ فلم تهن عزيمتها أو يضعف إيمانها‏,‏ وذات يوم أغلظ لها الكلام‏,‏ ثم قال لها‏:‏ ما أمنت بمحمد إلا لأنك عشيقته لجماله‏,‏ فما كان جوابها إلا أن أغلظت له القول‏.‏ فأعضبته‏,‏ ولم يكن من جبروته وغيه إلا أن طعنها بحربه في قلبها فماتت شهيدة في سبيل الله‏.‏ فكانت بذلك أول شهيدة في الاسلام‏.‏



المصدر : الاهرام المسائي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق