الجمعة، 6 أبريل 2012

بعضهم لايترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله .. الرئيس المؤمن ‏..‏ظاهرة عابرة للقارات


ولعل خطاب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الديني وحديثه عن التكليف الإلهي كان الأكثر بروزا علي الساحة السياسية الأمريكية‏,‏ إلا أن هذا الخطاب ذاته كلفه غاليا بعد ذلك‏.
وكان سببا ضمن أسباب أخري في اتهامه بـ الغباء السياسي. خطاب بوش لم يكن متفردا وحسب بل تطابق معه خطابات رؤساء وقادة أخرين ساروا علي النهج ذاته في استخدام الدين في السياسة.
وبدأت نغمة لابد أن تختار الولايات المتحدة رئيسا مسيحيا لأنها دولة مسيحية, في التصاعد من قبل الجمهوريين خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية, قالها جون ماكين ضد منافسه باراك أوباما بسبب أصوله الإسلامية, وقالها المرشح الجمهوري ريك سانتورم ضد منافسه ميت رومني بسبب انتمائه لطائفة المومورن الدينية. وبسبب فرط استخدام الديني في السياسي, وصف مسئول أمريكي السباق إلي البيت الأبيض في2008 بين جون ماكين الذي استخدم الدين لمحاولة هزيمة منافسه أوباما أن المرشحون الأمريكيون يطمحون إلي منصب القس العام وليس القائد العام للقوات المسلحة.
بوش.. الرئيس المتدين
أنا مؤمن أن الله أرادني أن أكون رئيسا, هذه العبارة كررها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن في أكثر من مناسبة. استخدام بوش للدين في السياسة لم يسبق له مثيل في التاريخ الأمريكي, خاصة أنه دائما ما كان يضمن خطاباته بعبارات من الإنجيل لتفسير قراراته السياسية.وبدأ بوش منذ مشاركته في الحملة الانتخابية الرئاسية لأبيه في اللعب علي أوتار صعود اليمين المسيحي وخاصة في الجنوب الأمريكي حيث قدر عدد المتدينين بحوالي18 مليون أمريكي. وخلال حملته الانتخابية ركز بوش المنتمي للعقيدة الميثودية- علي الدين حيث أعلن أنه يبدأ يومه بقراءة الإنجيل وأن من كتبه المفضلة التي يقرؤها يوميا في البيت الأبيض كتاب للقسيس أوزوالد شامبرز الذي مات في مصر عام1917 وهو يعظ الجنود البريطانيين والأستراليين للزحف إلي القدس وانتزاعها من المسلمين. وكان من الملاحظ دائما استخدام الرئيس الأمريكي السابق لمصطلحات دينية مثل محور الشر, في إشارة إلي الدول التي تأوي الإرهاب وهي العراق وإيران وكوريا الشمالية. وشكلت أحداث11 سبتمبر انطلاقة قوية لحركة وايدلوجية المحافظين الجدد أو النيو كونز التي سيطرت علي إدارة بوش وشكلت عقيدتها ووجدث تأييدا شعبيا لها. ويقوم فكر المحافظين الجدد علي الإيمان بالمطلقات مثل الصراع بين الخير والشر بينما ينظرون إلي السياسة علي أنها تقوم علي القوة العسكرية, وهذا ما يفسر الحرب علي الإرهاب وغزو أفغانستان والعراق كما حاولوا الترويج للديمقراطية في الشرق الأوسط. واستخدم بوش أيضا مصطلح الحرب الصليبية ليصف بها الحرب علي الإرهاب, بالرغم من نفيه الدائم أن هذه الحرب لا تعني حربا ضد الإسلام. الدين لم يطبع السياسة الخارجية لبوش فقط بل أيضا في الداخل الأمريكي فقد توالت الانتقادات له بعد الكشف عن أن إدارته رصدت60 مليار دولار للجمعيات الخيرية المسيحية.
عقيدة توني بلير
لا يمكن أن يتحقق السلام في العالم بدون فهم مكان الدين فيه هذه المقولة لرئيس وزراء بريطانيا الأسبق وصديق بوش في حروبه العالمية توني بلير. معتقدات بلير تشبه معتقدات بوش, فقد كشف أحد مساعديه عن أن الدين لعب دورا كبيرا في التأثير علي قرارات أبرز قادة حزب العمال البريطاني. وأشار إلي أن بلير شارك في حرب العراق والبوسنة لاعتقاده أنها حربا صليبية. وخلال سنواته في10 دواننج ستريت, استخدم بلير وبوش الأصولية المسيحية لتبرير ايدلوجيات سياسية متطرفة وللتأكيد هيمنة الغرب بالقوة. وفور خروجه من السلطة, تحول بلير عن الانجيلية واعتنق الكاثوليكية مثل زوجته وأطفاله وأنشأ منظمة تحمل اسمه للعقيدة, تهدف إلي توحيد الأديان في العالم.
العلمانيون والدين
تبرز فرنسا وتركيا كنموذجين للدولة العلمانية وإن اختلفا قي التطبيق. في سبتمبر2008 دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلي ما أسماه علمانية إيجابية, وذلك خلال استقباله لبابا الفاتيكان في قصر الإليزيه, قائلا لا نبجل أحدا علي أحد ولكننا فخورون بجذورنا المسيحية. وأثارت مجاهرة ساركوزي صاحب كتاب الجمهورية والأديان والأمل- بكاثوليكيته وانتمائه لليمين انتقادات اليسار الفرنسي باعتبارها انتهاك لحيادية الدولة. وخلال حملته الرئاسية, صرح نيكولا ساركوزي حيث كان المرشح الأوفر حظا للفوز- بأنه برغم تأييده لفكرة العلمانية إلا أنه يري أن للدين رأيا في شئون المجتمع يجب أن يسمع. وبالرغم من إدعاء الرئيس الفرنسي أنه بطل العلمانية الأوحد في أوروبا إلا أنه استخدم العلمانية مع مسلمي فرنسا خاصة في موضوع الحجاب بينما استخدم الدين لمغازلة اليمين. ومن المتوقع أن يلعب ساركوزي خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة علي الاسلامفوبيا لحشد أصوات أقصي اليمين. واتهم الرئيس الفرنسي منافسه فرانسوا هولاند مرشح الحزب الاشتراكي اليساري في الانتخابات الرئاسية بتهديد التوافق الذي يعود إلي قرن مضي بشأن علمانية الدولة بتعهده بتضمين قانون1905 الذي يضمن مبدأ الفصل بين الدين والدولة في الدستور الفرنسي.
وعلي جانب أخر, حيث تركيا العلمانية أيضا, فقد جاهر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مرارا بمناهضته للعلمانية لأنه مسلم. يحلم أردوغان بعودة الخلافة الاسلامية ويكون مركزها تركيا وأن يجاهر الأتراك بمناهضة العلمانية. كما استطاع أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية ترويض الجيش أحد معاقل العلمانية في تركيا والمدافع الشرس عنها خاصة بعد فشل مؤامرة المطرقة التي كانت تهدف لقيادة انقلاب عسكري ضد الحكومة. ومنذ توليه السلطة عام2002 ظلت العلاقة بين أردوغان والجيش متوترة بسبب نظرة الجيش للحزب علي أنه حزب إسلامي يهدد العلمانية وكذلك رفض بعض قادة الجيش حضور إحدي الاحتفالات بسبب حجاب زوجة الرئيس التركي عبدالله جول وكذلك سلسلة من التعديلات الدستورية لإنهاء سيطرة الجيش علي الحكم.
أورعربية.. أسلمة أوروبا
يواجه القادة الأوروبيون المخاوف من أسلمة وتعريب أوروبا بخطاب ديني يركز علي التدين المسيحي واللعب علي الإسلاموفوبيا. ويظهر هذا في تصريحات بابا الفاتيكان الذي تدخل في السياسة وحذر من السماح لدولة إسلامية مثل تركيا بالانضمام إلي الاتحاد الأوروبي لأنه سيكون خطأ جسيما, علي حد تعبيره. وكذلك ظهرت هذه المخاوف في تحذيرات جورج جاينزفاين السكرتير الخاص للبابا بنديكت السادس عشر من أسلمة أوروبا. كما دعا الفاتيكان إلي إعادة التبشير في أوروبا. ويبدو أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تسعي لتسهيل مهمة الفاتيكان عبر تصريحاتها عن أن المشكلة في المانيا ليست في كثرة المسلمين بل في قلة المسيحية ودعوتها المسلمين إلي الاندماج في المجتمع وتبني القيم المسيحية. وفي تصريح نادر لرئيس وزير بريطاني عن الدين, أعلن ديفيد كاميرون أنه من المدافعين عن دور الدين في السياسة وأن بريطانيا دولة مسيحية. ووصف كاميرون نفسه بأنه عضو ملتزم بكنيسة انجلترا وأنه كان يمارس العبادة في الكنيسة دون فهم كامل, قائلا إن شكوكا تملؤه بشأن قضايا لاهوتية كبري.
المرشد والرئيس
يلعب رجال الدين في إيران بقيادة المرشد الأعلي للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي دورا حاسما في إضعاف مؤسسة الرئاسة. وتظل الكلمة العليا لخامنئي في اختيار ودعم الرئيس. ويظل الصراع المحتدم بين الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد وخامنئي محاولة لتهميش الرئيس مقابل تعزيز مكانة رجال الدين المتشددين. وأظهرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة قوة الزعامة الروحية للمرشد ولرجال الدين المحافظين في معركتهم ضد نجاد أو التيار المنحرف والإصلاحيين. وبالرغم من محاولة نجاد الابتعاد عن المحافظين القدامي بزعامة خامنئي واستخدام خطاب سياسي قومي ممزوج بأفكار دينية مثل عقيدة آخر الزمان واقتراب خروج الإمام المهدي مما يعني انتهاء ولاية الفقيه, إلا أنه فشل في اجتذاب المحافظين بسبب رفض خامنئي لهذه العقيدة.ومما أثار الكثير من الانتقادات والتساؤلات حديث مطول لنجاد عن الإمام خلال اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة. ولعل فوز حلفائه في الانتخابات البرلمانية, سيمكن خامنئي من القضاء تماما علي منصب الرئيس بعدما دعا في أكتوبر الماضي إلي إقرار النظام البرلماني بدلا من الرئاسي في إيران.
يهودية إسرائيل
تلعب القوي الدينية دورا فاعلا ومميزا في رسم الحياة السياسية في إسرائيل.ويذعن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو لضغوط هذه القوي خاصة أنها تسيطر علي ائتلافه الحكومي. وقد أسس قانون يهودية إسرائيل لفكرة الدولة الدينية مقابل الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط التي كان يتشدق بها الإسرائيليون. كما فجر قانون تال الذي يعفي المتدينين اليهود ممن يدرسون التوراة في المعاهد الدينية من الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي لمدة5 سنوات, صراعا بين المتدينين وحكومة نيتانياهو. وعلي الفور, سارع نيتانياهو لتهدئة غضب طائفة الحريديم المتشددة, بمحاولة تمديد العمل بالقانون كما سارع لاسترضاء لأحزاب الدينية المتحالفة معه في الائتلاف الحكومي والمتمسكة بالقانون, وعلي رأسها شاس ويهودوت هتوراة والبيت اليهودي. وسخرت صحيفة يديعوت أحرنوت من موقف رئيس الوزراء قائلة إن نيتانياهو بإمكانه استعراض العضلات أمام حكام إيران أما الجماعات الدينية المتشددة فكان موقفه منها مثل موقف الجبان, موضحة أن رغبته القوية هي إخضاع الجميع لهدف واحد فقط وهو الاستمرار والبقاء علي كرسي العرش.





المصدر : الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق