هو شاب.. كان يجهز لي حجرة لمكتبي في المنزل في شهر رمضان الماضي.. وكان معه بعض العمال الذين حضروا معه لإتمام العمل..
وبعد انتهاء العمل ركبوا معي السيارة لأوصلهم في طريقي.. قال أحد العمال: يا أستاذ فيه حاجة عايز أقولها لك.. قلت له: اتفضل قول.. قال: لما كنا عندك في رمضان اللي كنا بنجهز فيه حجرة مكتبك.. فاكر لما فطرنا عندك هذه الأيام في رمضان؟.. قلت له: طبعا فاكر.. ولم يكن يوم إفطار واحدا.. لكن كنا نفطر جميعا بعد أذان المغرب أنا وأنتم كلكم.. قال: طبعا.. لكن عندما رجعت بيتي لقيت مراتي وحماتي وأولادي في انتظاري بلا إفطار.. وعندما أخبرتهم بأني أفطرت عندك كانت دهشتهم كبيرة.. سألوني بنفس الدهشة: هم دول بيصوموا.. يقصدوا الممثلين. لاحظ ابتسامة باهتة علي شفتي ولكنه أكمل حديثه.قال العامل الطيب: أنا قلت لهم طبعا.. ده الأستاذ ـ اللي هو حضرتك ـ أنا قعدت معاه طوال شهر مضان الذي كنا نقوم فيه بتجهيز مكتبه.. كان كل يوم يبدأ صباحه بسماع القرآن ويصوم رمضان.. وأولاده يؤدون الصلاة في مواعيدها معه.. أو في غير وجوده.. وعندما كان في طريقه إلي عمله أسمعه يتمتم بآيات الله مستعينا بها علي دنياه.. لم يكن تمثيلا, بل حقيقة رأيتها بعيني أنا وزملائي العمال.نظر العامل الطيب إلي ولاحظ نظرة أسي في عيني.. وقال: معلهش يا أستاذ أنت نجم كبير والناس بتحبك.. لكن هم معذورين.قلت له.. عندك حق.. فهم يرون الممثل في السينما أو علي شاشات التليفزيون يشرب الخمر.. وقد يقوم بقتل إنسان.. ويدخن الحشيش.. ويظهر الشر بقسوة.. ولا يعلمون أن هذه الخمر التي يشربها الممثل عبارة عن مياه مضافا إليها شاي أو مشروب غازي له لون الخمر.. وأن كثيرا من الممثلين ينتابهم ألم كبير في المعدة لتضررهم من شرب هذه الألوان التي توضع علي الماء حتي تصبح بلون الخمر والتي يشربونها عدة مرات كما يتطلب المشهد.. وكلها أشياء مزيفة وليست حقيقية.. لهذا معهم عذرهم.. إنهم لا يعلمون أن هناك كثيرا من الممثلين والنجوم والنجمات يعيشون حياة بسيطة مليئة بالإيمان.. والأسرية.. ويراعون التقاليد.. ويسهمون بأموالهم ومجهودهم في فعل الخير.. ورعاية المرضي.. ويدفعون الزكاة للمستشفيات.. ويسهمون في إنشائها بكل الرضا والإيمان.ونظر إلي مؤيدا.. لأنه شاهد حقيقة لنوع من الممثلين.. وعاش معه طول شهر رمضان.. وأنا واحد منهم.. وصمت صديقي النجم.. وهو يحكي لي حكايته.. فقلت له: لا تحزن فأنا نفسي في بدء حياتي الصحفية لم أكن أصدق ما أري في كواليس المسارح.. وخلف ديكورات أي مشهد سينمائي.. فقد كان مثلا النجم المسرحي الكبير عباس فارس يجلس في حجرته بمسرح الريحاني يقرأ القرآن من المصحف بصوت مسموع في كل أوقات فراغه.. وكل ممثل قبل دخوله إلي خشبة المسرح أو أمام الكاميرا تسمع منه كلمات الله يتمتم بها قبل بدء عمله.. يا صديقي لا تحزن.. فأنتم نجوم يراها الناس علي الشاشات.. ويصدقون ما يرونه ولا يرون الوجه الحقيقي لكم.. يرونكم تحت الأضواء.. وبعض الصور والأخبار.. والأوضاع المبالغ فيها.. وأنتم نجوم كبار.. والغلطة الصغيرة تكبر بحجم النجم.. وتؤثر في الآخرين.. وأنتم قدوة.. وعليكم مسئولية القدوة الحسنة.. حتي يراكم الجمهور علي حقيقتكم.. وكما تريدون!!
المصدر : الاهرام المسائي
الجمعة، 5 أغسطس 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق