الخميس، 22 سبتمبر 2011

السلاح متاح للجميع بمحافظات الصعيد‏ وبالتقسيط‏!‏


سباق محموم بين عائلات الصعيد الصغيرة والكبيرة خلال الاشهر الماضية لامتلاك السلاح بعد غياب الأمن‏,‏ ومع وجود الفقر والبطالة والجهل تجددت الخصومات الثأرية القديمة وحدثت خصومات جديدة واصبحت حوادث الثأر هناك مثل مخالفات المرور‏.‏
ظاهرة انتشار السلاح بالصعيد هل من رادع
دخلت فئات جديدة من المجتمع تجارة السلاح بعد الثورة كالطلاب والمدرسين والاطباء والمهندسين في القري والنجوع, اما الكبار فقد ابتكروا اساليب جديدة للتجارة منها البيع بالتقسيط أو باسعار منافسة او باستقدام أسلحة ثقيلة وقنابل يدوية. تبادل المسئولون الاتهامات حول انتشار السلاح وحوادث الثأر والشاهد عدم امتلاكهم سياسة واضحة للمواجهة وأن الوقت قد حان لايقاف توريد انصاف المسئولين الي الصعيد واستبدالهم بآخرين لديهم رؤية واضحة لمواجهة المشاكل وإحداث تنمية شاملة تقضي علي البطالة والفقر والجهل وهي الأسباب الأساسية وراء انتشار ظاهرة الثأر.تحملت محافظات الصعيد اخطاء الحكومات المتعاقبة سواء بحرمانهم من المشروعات الكبري الاقتصادية والخدمية ومن الكوادر البشرية الماهرة وتحولت الي منفي لكل موظف فاشل أو منحرف أو مغضوب عليه فتفشي فيها الفقر والجهل والمرض والبطالة فهجرها سكانها إما للدول العربية او إلي القاهرة والإسكندرية وشكلوا حول هاتين المحافظتين مئات العشوائيات. وبسبب الفراغ الأمني ازدهرت تجارة الآثار واستخدم جزء من ارباحها وهو بالملايين في شراء السلاح لخدمة الثأر.< لماذا يتسابق أهل الصعيد علي السلاح؟{ اثناء وجودي مع أحد تجار السلاح بسوهاج جاء إلينا رجل في الخمسينيات من عمره يضع بندقية آلية علي كتفه اليسري ويصطحب ابنه ذا العشرين عاما في يده اليمني.. فقال له التاجر طلبك موجود ورفع ملاءة سرير قاتمة اللون كانت موضوعة علي كنبة خشبية بأحد اركان الحجرة التي كنا نجلس فيها وتسمي المندرة وحجرة الضيوف وفوجئت بأن أسفل هذه الملاءة القديمة ترسانة أسلحة من البنادق الآلية والمسدسات مختلفة الأنواع, فأشار الرجل إلي احدي البنادق الآلية فسحبها التاجر ووضع الملاءة علي باقي الأسلحة مرة أخري وأخذ يفكها ويجمعها امام الرجل وابنه ووضع فيها الاعيرة النارية واطلقها في الهواء فنظر الشاب الي البندقية باعجاب فعلم والده انه يرغبها وتشاوروا علي السعر واخرج الرجل من صديري يرتديه أسفل الجلباب الفضفاض الذي يرتديه حزمة من النقود فئة مائتي جنيه واعطاهما للتاجر واخذ السلاح وهم بالرحيل فاستوقفته وسألته لماذا تشتري هذه البندقية؟فقال: المفروض تقول لي كيف تعيش بدون البندقية ـ واكمل ـ البندقية عندما اضعها علي كتفي اشعر ان هناك20 رجلا يحموني من الخلف وأن أي رجل امامي سيفكر ألف مرة قبل الاعتداء علي. وسحب ابنه من يده وكل منهما يضع بندقيته علي كتفه وانا انظر اليهما حتي اختفيا في شارع ضيق.. فقاطعني التاجر قائلا: يا استاذ ماتشغلشي بالك دول عليهم تار من عشر سنين< اذا كان الثأر هو السبب وراء شراء السلاح فما هي الاسباب وراء الثأر؟{ يري مصدر أمني رفض ذكر اسمه ان حيازة السلاح لدي الشباب المتهور عقب الثورة بشكل كبير أدي إلي زيادة حوادث القتل والإصابات النارية حتي اصبحت مثل مخالفات المرور في الصعيد. في حين اكد اللواء وضاح الحمزاوي محافظ سوهاج أن الثورة بريئة من حمي انتشار الفوضي وحمل الانفلات الأمني وغياب الشرطة غير المبرر مسئولية تدهور الأوضاع بحيث اصبح كل فرد يريد أن يأخذ حقه بيده, مشيرا إلي أن الثأر عادة سيئة تحتاج إلي تغيير, بالإضافة الي انتشار السلاح الذي تم الاستيلاء عليه من أقسام الشرطة. في حين أرجع المستشار أبو المجد أحمد علي رئيس لجنة المصالحات بسوهاج ورئيس محكمة جنايات قنا السبب الي غياب الشرطة ودلل علي هذا الغياب بسهولة الاستيلاء علي300 بندقية مابين احراز وأسلحة ميري من قسم جرجا في احداث الاعتداء علي القسم دون مقاومة من الشرطة خاصة ان محافظة سوهاج لم تشهد أي حالة تعد علي رجال الشرطة أو التعدي علي الأماكن العامة وعليه فلا يوجد مبرر لغياب رجال الشرطة من الشارع..أما اللواء عبدالعزيز النحاس مساعد وزير الداخلية لأمن سوهاج فكان له رأي آخر وهو ان هناك هجوما شديدا علي الأمن وجعله شماعة لكل الاحداث خاصة الثأر, موضحا ان حوادث الثأر كانت منتشرة قبل وبعد الثورة ولا يمكن أن يكون الحل الأمني هو الحل الوحيد لمواجهة الثأر الذي يعتبر عادة مورثة واساسها سببان بعيدا عن شماعة غياب الأمن هما: الأول اللدادة في الخصومة, فلا يوجد سقف للخصومة ولايكتفي بأحكام القضاء وصاحب الثأر يريد ان يتولي القصاص بنفسه وهنا يأتي دور الأمن في عقد جلسات الصلح ونزع السلاح. والسبب الثاني عدم وجود عقوبة رادعة بعدم تطبيق الحد الأقصي وذلك لعدم توجيه أهل القتيل التهمة لأحد وغياب الشهود, فلا يجد القاضي أمامه سوي الاخذ بالادلة البسيطة المتوافرة لديه.< ولكن يقال ان الأمن بعد الثورة اصبح مرتعشا وغير موجود رغم عدم حدوث اي حالة تعد عليه في سوهاج؟{ يقول اللواء عبد العزيز النحاس ان هذا القول عار تماما من الصحة, فالأمن موجود ويقوم بعمليات الضبط والاحضار وايضا يبذل أقصي جهد ممكن لتحقيق المصالحة بين اطراف الخصومة ونستدعي الحكماء من الطرفين ورءوس كبار العائلات لرأب الصدع بين المتشاجرين ويقول ـ انني كمدير أمن لا اغادر مكتبي قبل الثالثة صباحا يوميا وكذلك باقي الضباط, فالجميع يبذل أقصي درجات الجهد لضبط الأمن غير أن الشارع في حالة من الفوضي والجرأة بدعوي ان ذلك من مقتضيات الحرية فهذا انفلات اخلاقي أولا واخيرا.< ماهي المصادر الرئيسية وراء انتشار السلاح الذي زاد من حوادث القتل اخيرا؟{ كانت تجارة السلاح قبل الثورة تتم بشكل عائلي في مناطق معروفة منها ابو حزام وحمرادوم في قنا وكتكاته وعين الحاجر والمحامدة والروافع وجهينة في سوهاج ونجع عبد الرسول وبني محمد والمعابد في أسيوط علي حد قول احد التجار, مضيفا ان المورد الاساسي لهم بالسلاح كان احدي القبائل في بني سويف والمنيا وكانت تستخدم الابل في حمل السلاح من الحدود الجنوبية سالكة دروبا في الجبال تمر علي محافظات قنا وسوهاج وأسيوط.تاجر سلاح آخر يقول ان التجار كانوا يحصلون علي السلاح من الحدود الجنوبية من منطقة حلايب وشلاتين ويسلكون الدروب التي ذكرها التاجر الأول وتباع لتجار محافظات قنا وسوهاج وأسيوط بنظام الرابطة وهي حزمة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة يحصل عليها التاجر بسعر معين ثم يبيعها بالقطعة ويحقق ربحا كبيرا يزيد علي150% اما الآن فأغلب الأسلحة تأتي من حدود مصر الشرقية مع وسطاء وتجار العريش خاصة السلاح الإسرائيلي والأمريكي أما الحدود الليبية فتأتي منها الأسلحة الصينية.< هل هناك كبار وصغار في هذه التجارة؟{ هناك تجار كبار بخلاف العائلات القديمة المعروفة دخلوا السوق خلال السنوات الماضية منهم اعضاء بمجلس الشعب واصحاب صالات افراح واصحاب مدارس خاصة.يقول احد التجار ان دخول بعض اعضاء مجلس الشعب في تجارة السلاح خلال السنوات الأخيرة كان وراء انتشار السلاح وضرب مثلا بأحد الاعضاء عن الحزب الوطني المنحل بسوهاج والذي استغل معرضا لبيع الادوات الكهربائية والمنزلية كغطاء لبيع الأسلحة بالتقسيط, فمن يحصل علي بندقية آلية ثمنها الاصلي قبل الثورة10:8 آلاف جنيه يحصل عليها بسعر14:12 ألف جنيه بواقع ثلاثة آلاف مقدم والباقي علي12 شهرا تسدد بموجب ايصالات امانة مقابل شراء غسالات أو ثلاجات وبوتاجازات ومطابخ علي الورق ويقال ان هذا التاجر العضو السابق بمجلس الشعب تمكن خلال السنوات الماضية من بيع قرابة الفين وخمسمائة قطعة سلاح مابين مسدس وبندقية كانت آتية في صناديق بسيارات تحمل شعاري مجلس الشعب والحزب الوطني المنحل. احد التجار الشباب كان يجلس علي مقهي معروف بمنطقة الحميات بمدينة سوهاج قال: ان اهم مايميز تجارة السلاح حاليا ربحها السريع, فالجميع يريد شراء السلاح ولايوجد منزل بدون سلاح وهناك منازل بها أكثر من قطعة, كل فرد في الأسرة له سلاحه الخاص.< اذا كانت محافظات الصعيد تشتهر بالفقر خاصة أسيوط وسوهاج فما هي مصادر تمويل شراء السلاح؟{ أحد المصادر الأمنية يري ان اقتناء السلاح بسبب الانفلات الأمني اصبح امرا اساسيا للدفع عن النفس, بمعني ان كل منزل في الصعيد يستوجب عليه حماية نفسه بنفسه بحيازة السلاح, الأمر الذي ادي الي وجود توازن قبلي وعائلي وحافظ علي الأمن من البلطجية واللصوص. احد التجار يري ان الطفرة التي حدثت في أسعار الأراضي والعقارات خاصة في الأماكن والقري القريبة من المدن ورفعت الأسعار قرابة500% ووصل سعر متر الأرض في مدينة سوهاج الي25 ألف جنيه ادي الي توافر سيولة لدي البعض والبعض الاخري في القري القريبة من الأماكن الاثرية اختار التنقيب وبيع الآثار ومن لديه قطع أثرية قام بالتصرف فيها ويؤكد ان حصيلة بيع الآثار في سوهاج خلال الأشهر الماضية يزيد علي الملياري جنيه نصفها اموال مزورة.< من يتصدي لمواجهة مشكلة الثأر؟{ يقول اللواء وضاح الحمزاوي انه مع غياب الأمن اصبح العبء ملقي بالكامل علي لجنة المصالحات والتي كانت قبل الثورة تابعة لمديرية الأمن واصبحت تبعيتها حاليا للمحافظ مباشرة وقد شارك المحافظ في حل النزاعات بنفسه وخير دليل علي نجاح لجنة المصالحات تصديها لأحداث جرجا. من جانبه يري المستشار أبو المجد أحمد رئيس لجنة المصالحات التي انهت مشكلة جرجا بنجاح ان حوادث الثأر زادت بعد الثورة وكأن الناس تخاف من بطش الشرطة اكثر من خوفها من اللص واصبحت تحدث لأسباب تافة كما حدث في جرجا, بسبب لعب الأطفال قتل ثلاثة اشخاص و33 إصابة خطيرة و24 اصابة عادية بالاضافة60 حالة اتلاف محال واحراق مصنع مكرونة ومركز للشرطة وسرقة300 بندقية منه مابين احراز وميري وقد انتدبت اللجنة خبراء لتقدير الخسائر ومنح تعويضات وصلت الي100 الف جنيه لكل متوفي و25:15 الفا لكل مصاب مع استمرار التحقيقات دون التدخل في احكام القضاء أي ان التعويضات عقاب اضافي رادع. وقد نجحت اللجنة خلال السنوات الثلاث الأخيرة في انهاء60 خصومة ثأرية علي مستوي المحافظة لم يحدث فيها أي انتكاسة بخلاف مصالحات الاصابة التي لم تفض الي الوفاة وعددها150 حالة





المصدر : الاهرام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق