الاثنين، 10 أغسطس 2009

سميحة أيوب : الرقابة حوّلت المسرح إلي‮ ‬كباريه سياسي



أثناء عرض مسرحية‮ "‬دماء علي‮ ‬ستار الكعبة‮" ‬قلت للفنانة الكبيرة سميحة أيوب ‮: ‬النجاح الجماهيري‮ ‬الكبير لهذا العرض‮ ‬يثبت أن هناك نهضة مسرحية ثم إن هناك ذوقا عاما جيدا فالمسرحية باللغة العربية الفصحي‮ ‬وصياغتها كاملة بالشعر ومفاهيمها سياسية اجتماعية نقدية‮..



‬ومع ذلك كله استقبلها الجمهور باهتمام‮.. ‬وأذكر أن سميحة أيوب لم تفاجأ بالكلام‮.. ‬ولكنها صرحت أيضا بأن نجاح المسرحية لا‮ ‬يعني‮ ‬بالضرورة أن هناك نهضة مسرحية بالمعني‮ ‬الأشمل فالمسرح المصري‮ ‬عاش في‮ ‬حقبة الستينيات من القرن الماضي‮ ‬نهضة مسرحية حقيقية‮ ‬يشهد بها الجميع وفي‮ ‬اعتقادي‮ ‬أنها لن تتكرر ومن شروط عودتها أن تكون هناك خطة متكاملة لإحياء هذا الفن الرفيع الذي‮ ‬يجمع بين دفتيه جميع الفنون‮.‬



أتذكر هذا الكلام بعد مرور سنوات طويلة تقترب من عشرين عاما وأقول إنها تنبأت بما‮ ‬يجري‮ ‬حاليا‮.. ‬فنحن في‮ ‬زمن ضياع المسرح‮.. ‬نجحت العولمة بامتياز في‮ ‬تفتيت فنوننا وخاصة أمهات الفنون والترويج بأسلوب السلعة للدراما التليفزيونية التي‮ ‬تحولت الي‮ ‬اخطبوط‮ ‬يلتهم المبدعين‮.. ‬ولكن هذه الخريطة العبثية التي‮ ‬تحكم الإبداع المصري‮ ‬حاليا ـ وربما العربي‮ ‬ـ الي‮ ‬أين ستصل بنا وعلي‮ ‬أي‮ ‬شط سترمينا‮.‬ ‮



‬قلت لسميحة أيوب‮: ‬ولكن برغم الأزمة أنت تقاومين ولاتزالين تقدمين المسرح الجاد المصري‮ ‬والعربي‮ ‬والعالمي؟
‮- ‬أنا عاشقة للمسرح من أخمص قدمي‮ ‬حتي‮ ‬أعلي‮ ‬شعري‮ ‬وأعتبر نفسي‮ ‬فنانة مسرحية بالدرجة الأولي‮ ‬برغم أنني‮ ‬شاركت في‮ ‬أكثر من‮ ‬40‮ ‬فيلما سينمائيا وكثير من الأعمال الدرامية التليفزيونية‮.. ‬ولكني‮ ‬أحس بغربة شديدة بيني‮ ‬وبين السينما كنت أعمل في‮ ‬البلاتوهات ولا أجد نفسي‮ ‬أحس أنني‮ ‬في‮ ‬مكان‮ ‬غير بيتي‮ ‬لأن بيتي‮ ‬هو المسرح‮..


‬ولهذا اتخذت القرار بترك السينما وبسهولة تخليت عن السينما‮.. ‬بينما الأمر بالنسبة للمسرح مستحيل والذي‮ ‬يعرف المسرح‮ ‬يدرك ما أتحدث عنه عشاق المسرح عندهم خشبة المسرح هي‮ ‬حياتهم‮.. ‬وأنا تأثرت جدا حينما سمعت وقرأت عن وصية الشاعر اللبناني‮ ‬الشهير عاصي‮ ‬الرحباني‮ ‬أحد رموز الرحبانية في‮ ‬العالم‮.. ‬أوصي‮ ‬أن‮ ‬يدفن في‮ ‬صندوق من خشبة المسرح التي‮ ‬كان‮ ‬يعمل عليها لأكثر من نصف قرن‮.. ‬وأنا أجهز حاليا لنص مسرحي‮ ‬مازلت أقرأه‮.‬
‬هل تتذكرين أول مرة وقفت فيها فوق المسرح؟ ‮
- ‬كان من خلال استاذي‮ ‬زكي‮ ‬طليمات وهو الذي‮ ‬أعطاني‮ ‬العديد من الفرص ومع كل عرض جديد كنت أكتسب خبرة أكبر وكان‮ ‬يزيد مساحات أدواري‮ ‬والتنوع في‮ ‬الشخصيات وحين تحمس لي‮ ‬تأكد من موهبتي‮ ‬قال لي‮ ‬إني‮ ‬سأكون أكبر وأهم نجمات المسرح المصري‮ ‬والعربي‮.



‬ونموذج زكي‮ ‬طليمات اعتبره قدوة وأتمني‮ ‬أن‮ ‬يوجد مثله في‮ ‬زمننا فهو أحد رواد الفن وله أسلوب عجيب في‮ ‬اكتشاف المواهب وتبنيها والارتقاء بمستواها وحينما التحقت بالمعهد العالي‮ ‬للفنون المسرحية اهتم بي‮ ‬زكي‮ ‬طليمات أنا وزميلتي‮ ‬فاتن حمامة وارتبطنا بصداقة قوية في‮ ‬هذا الوقت وكان طليمات‮ ‬يولينا اهتماما كبيرا وبعد قرار فاتن حمامة بعدم الاستمرار في‮ ‬الدراسة وانسحابها بعد انشغالها في‮ ‬العمل السينمائي‮ ‬تركز اهتمامه بي‮ ‬وكانت مصر في‮ ‬هذا الوقت تمر بنهضة فنية كبيرة في‮ ‬كل المجالات‮.‬ ‮



‬من بين المجالات الفنية التي‮ ‬قدمت فيها أعمالا مبهرة الإذاعة حديثنا عن تجربتك الإذاعية؟
- ‬أنا قدمت أعمالا كثيرة تتجاوز‮ ‬75‮ ‬عملا في‮ ‬الإذاعة أهمها مسلسل‮ "‬سمارة‮" ‬وكان عملا إذاعيا متكاملا لفت أنظار الجماهير وحقق نسبة سماع عالية جدا ولكن كلما تألقت في‮ ‬مجال كان المسرح‮ ‬يعود ويشدني‮ ‬اليه فلا أستطيع مقاومة المسرح أبدا‮.‬ ‮



‬أيضا قدمت في‮ ‬السينما أعمالا لا تنسي‮ ‬مثل أفلام‮ "‬أرض النفاق ـ فجر الإسلام ـ امرأتان و رجل ـ جسر الخالدين‮" ‬وغيرها؟
‮- ‬دخلت السينما عام‮ ‬1950‮ ‬في‮ ‬فيلم‮ "‬المتشردة‮" ‬وكنت في‮ ‬الثامنة عشرة من عمري‮ ‬ثم في‮ ‬عام‮ ‬1951‮ ‬قدمت‮ "‬شاطئ الغرام‮" ‬مع ليلي‮ ‬مراد وحسين صدقي‮ ‬وأعقبه‮ "‬ورد الغرام‮" ‬و"الدم‮ ‬يحن‮" ‬و"بين الأطلال‮" ‬و"العملاق‮" ‬و"لا تطفئ الشمس‮" ‬و"المتمردة‮" ‬وغيرها‮.. ‬ولكني‮ ‬أعود وأقول إن حماسي‮ ‬للمسرح كان وراء عدم الاستمرار في‮ ‬السينما‮.‬ ‮


< ‬كثيرا ما‮ ‬يضع النقاد‮ "‬حقبة السبعينيات الفنية‮" ‬في‮ ‬قفص الاتهام كيف تجدين ذلك؟ ‮- ‬قلت في‮ ‬هذه الفترة مقولتي‮ ‬الشهيرة إن الكاتب‮ ‬يكتب ووراءه خمسة عساكر‮ ‬يراقبونه‮.. ‬وبرغم ذلك قدمت نماذج راقية من المسرح مثل‮ "‬يا سلام سلم‮" ‬لسعدوهبة وإخراج نبيل الألفي‮ ‬عام‮ ‬1970‮ ‬و‮"‬8‮ ‬ستات‮" ‬إخراج جلال الشرقاوي‮ ‬عام‮ ‬1977‮ ‬و"الاستاذ‮" ‬اخراج جميل راتب‮ ‬1978‮ ‬و"سهرة مع الحكومة‮" ‬1979‮ ‬و"سيادة المحافظ علي‮ ‬الهواء‮" ‬1980‮ ‬والمؤسف أن الرقابة خنقتنا في‮ ‬السبعينيات‮ ‬وأفسدت الكثير من العروض ومنعت استمرارها مثل عرض‮ "‬اسطبل عنتر‮" ‬عام‮ ‬1973‭.‬ ‮


‬أنت أول من قدمت مسرح‮ "‬برنولد بريخت‮" ‬في‮ ‬مصر؟
‮- ‬برنولد بريخت له طبيعة خاصة ومسرحه سياسي‮ ‬رمزي‮ ‬مقاوم ومهم وأنا قدمت أهم أعماله وآخرها منذ ثلاثة أعوام‮ ‬بعنوان‮ "‬الشبكة‮" ‬ولكن النقاد دائما‮ ‬يتوقفون عند رائعته‮ "‬دائرة الطباشير القوقازية‮" ‬وقدمت من المسرح العالمي‮ ‬أيضا فيدرا والبخيل وانطونيو وكليوباترا والمتحذلقات واجامنون والكترا وانتيجون وغيرها‮.‬ ‮



وماذاعن مسرحنا اليوم‮.. ‬من تتوقفين عنده بتقدير؟
‮- ‬مسرح محمد صبحي‮ ‬أحبه جدا فهو يمتلك المتعة والفكر والسياسة داخل مسرحه وهو‮ ‬يحترم عقول الجماهير‮.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق