منفذ السلوم يربط مصر بليبيا ويطل من فوق أكثر من ألف متر ارتفاع علي مدينة السلوم المنعدمة الخدمات والمهملة دائما من الحكومات المصرية المتعاقبة.. يعاني المنفذ حاليا من الانفلات الأمني والفوضي,بسبب البلطجة والابتزاز وعمليات التهربيب النشطة تحت أعين قوات الشرطة والجيش
وبعضها يتم بصورة رسمية بمشاركة غرفة التجارة ومصلحة الجمارك.. فضلا عن موجات قاسية من البرد والصقيع لا يحتمله إلا بعض العابرين العالقين من المصريين دون سرابيل تقيهم البرد ولا حكومة تحفظ لهم كرامتهم.
كما يعاني العالقون السوريون الهاربون من جحيم الأسد وكتائبه الشرسة. عرايا من الغطاء الإنساني طاردتهم بلادهم ومنعهم ثوار ليبيا من دخول أراضيهم. ولم تقدم مصر لنسائهم وأطفالهم علي مدي أسابيع خياما تقيهم برد الصحاري القارس حتي مات منهم اثنان, ولاجئون من الأفارقة لم يبرحوا المكان منذ عشرة شهور.. فوضي هو المنفذ المصري الحدودي, حتي مسئوليه وضباطه يعانون من البلطجة والمهربين ومهددون بالقتل بعد تكرار حوادث التطاول عليهم بالضرب والسب. وفقر في الامكانات. أمان غير متوفر وخدمات منعدمة, حتي استراحات الضباط ليست أفضل حالا من مكاتبهم التي دخلنا إحداها احتماء من الرياح الشديدة والبرد فقام الضابط الشاب ليوصد الباب بحجر وسيدة مصرية صرخت وامصراه بعد أن تحرش بها الليبيون في مساعد فلم تجد حكومة.. فقط بعض شباب السلوم الغيوريين علي شرفهم كادوا يشتبكون مع الثوار علي الجانب الآخر..
صداع اللاجئين
وفي المنفذ أقيمت دولة اللاجئين, حيث يعيش داخل مخيمات أكثر من ألفي لاجئ من ثماني عشرة دولة إفريقية أغلبهم من نيجيريا والصومال وأثيوبيا والسودان يمارسون حياتهم بشكل كامل فيما يشبه حيا فقيرا وعشوائيا في إحدي دولهم, دعارة وسرقات وخناقات وتجارة في أشياء يسيطة كالبسكويت والمكالمات الهاتفية والسجائر.. ينتظرون قرار مفوضية اللاجئين بإعادة توطينهم في غير بلادهم بعد أن هربوا من جحيم القذافي وملاحقة الثوار.. صحيح أن المفوضية تقدم لهم المساعدات الغذائية والطبية لكنهم يبقون صداعا أمنيا في رأس المنفذ المنفلت أصلا والذي يعاني من عدم ضبط الأمن حوله بصورة تؤمن عمل موظفيه وعناصر الأمن فيه. مجتمع عشوائي الإقامة والانتماء مسببا للأرق وحكومة القاهرة وكأنها لا تعلم شيئا عنه فلم نسمع أن خارجيتنا المباركة فعلت شيئا لهم بحث بلادهم علي نقلهم أو المفوضية علي إعادة توزيعهم علي بلاد العالم.. وسيظل الأمر هكذا ـ حسب أحد المصادر ـ مالم تجتهد الحكومة المصرية, لأن دول قبول اللجوء تحدد موافقاتها علي سن محدد مما سيخلف العجائز والمسنين منهم أو من تخطوا السن وهم كثر.
ولاشك أن مسئولي المنفذ يعانون من وجود هؤلاء وإن كانت المعاناة الكبري متمثلة فيما يحدث من بلطجة وتبجح وسمسرة جوازات ومتاجرة بعقود العمل المزورة التي تنتشر في مدينة السلوم بين العمال الراغبين في العبور إلي ليبيا.
ومنذ أسبوعين يعيش ما لايقل عن أربعمائة مواطن سوري عالقين علي الحدود في السلوم في ظروف انسانية أكثر سوءا, حيث البرد القارس وانعدام الخدمات الاساسية من أماكن الايواء أو حتي حمامات, هم ـ كما قال سمير الحريري ـ هاربون من جحيم النظام السوري وبشائع جيشه في قهر الثورة.. لايوجد أكل أو مياه للشرب ولا أغطية تقينا برد الشتاء في هذه الصحراء, كان معنا بطانية نلتف بها سبعة شباب تركناها لأسرة حلت بجوارنا.. وكل يوم نخاف حلول الليل لشدة البرد.. ويضيف رأفت معين: كان الهلال الأحمر حتي أسبوع يوزع علينا وجبات بعدها إمتنع مما يشكل عبئا ماديا علينا, حيث نجمع ما نستطيع من جنيهات قليله من بعضنا لشراء أقل كميات يمكن أن تسد جوعنا.. مات منا شاب وطفل عمره أربع سنوات بعد معاناة البرد والجوع لمدة أسبوع, غير من نقلوا إلي المستشفي العام في مدينة السلوم.
ورغم الظروف السيئة التي يعاني منها أحمد حجمو إلا انه يصر علي البقاء حتي فتح الحدود أمامهم, ويفكر في استقدام أهله من حوران في سوريا أفضل ـ رغم كل شيء ـ من القهر والذل الذي نعيش فيه تحت أقدام بشار الأسد, أما اسماعيل الشاب الذي رفض تعريفنا باسمه كاملا فيقول: باع لنا أحد الشباب في مدينة السلوم عقود عمل في ليبيا وأكد لنا صحتها, وحادث من ادعي انه صاحب العمل في طبرق هاتفيا الذي طمأننا بدوره لكن أحد العاملين في المنفذ أوضح لنا أن هذه العقود مزيفة واننا خضعنا لعملية ابتزاز ونصب, ورغم ذلك فلن نبرح المكان إلا إلي ليبيا لأن عودتنا إلي سورية تعني اعتقالنا أو قتلنا. ويعاني الشاب. سليم طه ـ22 عاما ـ تشردا منذ أكثر من عام ما بين الامارات, حيث هرب للعمل وبيروت ومصر أملا في الاستقرار في ليبيا حتي لا يضطر إلي العودة إلي سوريا.
أما نزار محمد فقد جاء من حلب إلي القاهرة وطار إلي بنغازي ولكنهم لم يسمحوا له بالدخول وأعادوه علي نفس الطائرة مع6 عائلات سورية, ففكر في الدخول إلي ليبيا برا ويعيش في العراء منذ اسبوع وسط السوريين يتدفأ بغطاء بال مع خمسة أحدهم نذير عبدالله الذي هرب من سوريا إلي الأردن بعد اعتقاله لأكثر من شهرين بتهمة المشاركة في المظاهرات يقول: عذاب البرد هنا والتشرد في البلاد أهون علي النفس من العذاب الذي ذقته في معسكر المخابرات الجوية بمطار المزه..
وفي ظل هذا العذاب الذي يعانيه العالقون السوريون بمنفذ السلوم فإن محمد المصري أصغر معتقل سابق في سجون بشار الأسد, عمره12 سنة الذي يلتف حوله العالقون ليرددوا وراء زنجة زنجة دار دار بدنا نشيلك يابشار وهو الهتاف الذي سجن بسببه عندما خرج مع بعض رفاقه في أحد شوارع قرية الحراك بدرعا, واعتقلوه لمدة يومين... يقول محمد في براءة: ضربوني بالعصا فهربت مع والدي إلي الاردن بعد الافراج عني وجئت إلي مصر في الطريق إلي ليبيا ولكنهم لا يريدوننا.. ومازال الهاربون من الأسد يقاسون برد الصحراء وشتات الغربة يراودهم الأمل في الدخول إلي بلد ربما يتنفسون فيه نجاح الثورة ويعثرون علي فرصة عمل ولكن الحدود موصدة منذ أول أيام العام, حيث قررت السلطات الليبية قصر الدخول إلا علي من يحمل تأشيرة رغم أن السفارة في القاهرة والقنصلية في الاسكندرية توقفتا عن منح التأشيرات.. ويقف مسئولو المنفذ في حيرة بين سلطات الحدود الليبية والعالقين السوريين الذين كان يسمح لهم بالدخول إلي الأراضي الليبية حتي نهاية ديسمبر الماضي, حين فرض الليبيون ضرورة الحصول علي تأشيرة مسبقة وحتي كتابة هذا التحقيق كان مسئولو المنفذ المصريون يحاولون مع الجانب الآخر بتفاوض مضن للسماح للسوريين بالعبور بعد نجاح محاولات سابقة في ادخال أكثر من500سوري علي مرحلتين, الوضع الانساني المزري الذي يعيش فيه السوريين علي الحدود المصرية الليبية أسوأ من الكلمات يماثله في السوء ما يتعرض له المصريون أيضا الذين انطبق عليهم فرض التأشيرة وخضعوا لابتزاز مزوري العقود وسماسرة تخليص الاجراءات بختم الجوازات من الجانب المصري. وفي الجانب الآخر يتعرضون لابتزاز وإعادة.. حمدي ابراهيم من محافظة الفيوم عاد من ليبيا مع سبعة من رفاقه بعد أن أنفق كل منهم أكثر من ثلاثة آلاف ما بين عقد مزور ورسم ابتزازي يجبر العامل علي دفعه في مساعد من100إلي300دينار ليبي بصورة غير رسمية.. ويحكي جميل فتحي عطية أنه وعددا آخر تم احتجازهم بواسطة كمين في أول طبرق لعدة أيام وبعد ابتزازهم والاستيلاء علي ما معهم من نقود وهواتف وبعض الحاجات الخاصة شحنوهم في سيارة ليلقوا بهم أمام المنفذ الليبي رغم أنهم جميعا ـ أكثر من15عاملا ـ ختموا جوازاتهم بخاتم الدخول من الجانب الليبي.
مؤكدا سماعه لحكايات مماثلة كثيرة تعرض في بعضها المصريون للضرب والسخرية.
وحدث ذلك أيضا لعدد آخر في البيضاء ودرنة والسلطات المصرية ــ للأسف الشديد ـ لم تحرك ساكنا في الأمر اللهم تحرير محاضر ببعض هذه الأحداث لعدد من العمال العائدين ـ وإن كان تدخل بعض الضباط من مسئولي المنفذ ورجال المخابرات العامة به يتم لإعادة جوازات سفر لمصريين تم الاستيلاء عليها من قبل كمائن الطرق في الجانب الليبي مع أموال ومتعلقات شخصية.
ويحكي صلاح هيبة عن غضب أهالي مدينة السلوم علي أبناء عمومتهم في الجانب الليبي بسبب ما يفعلونه مع أشقائهم المصريين والذي وصل إلي محاولة بعض المصريين من أبناء السلوم الهجوم علي الجانب الآخر ورشقهم بالحجارة, وكادت تحدث معركة بعد أن أخبرتهم سيدة مصرية عائدة من ليبيا بأولادها عن محاولات التحرش الجنسي بها عدة مرات, ولذلك فإن الصيحة المزعومة ارفع رأسك أنت مصري حر لم تكن سوي لافتة للتهدئة وكلمات حماسية لم تعمل بها الحكومة ولا المجلس العسكري ولم يؤسسا لصيغة احترام لكرامة المصري خارج حدوده وينشط المهربون منذ اشتعال أحداث ثورتي مصر وليبيا في تهريب كل شيء بدءا من السلاح الذي تم ضبط أكثر من400 قطعة منه بنادق ورشاشات وقناصة بالتيلسكوب في عدة قضايا أثناء محاولة تهريبه من المنفذ كان آخرها القضية رقم183لسنة2011جنايات عسكرية مطروح هذا بالطبع غير ما يتم تهريبه وبكميات هائلة عبر البحر والصحراء, وليست الأسلحة فقط بل ويتم تهريب جميع أنواع السلع والبضائع مثل الألومنيوم والنحاس وكثير من السلع المستوردة بداية من البسكويت وحتي السلع المدعمة. الأخطر هو الحاويات التي تنقلها يومياأكثر من مائتي سيارة نقل كبيرة إلي ليبيا بطريقة المرور أو الترانزيت والتي ترد من جميع موانئ الجمهورية باعتباررها بضاعة مصدرة إلي ليبيا يتم تفريغها بعد دخول مساعد وإعادة تهريبها إلي مصر في سيارات تحمل بضائع مسموح بدخولها مثل الجلود. صحيح أن جهود بعض رجال الجمارك والشرطة في ميناء السلوم تؤدي إلي ضبط بعضها ومصادرتها كما تم الأسبوع الماضي بمصادرة سيارتي تحملان خردة النحاس وسجائر قدرت قيمتها بـ8 ملايين إلا أن البعض من ضعاف النفوس يقبض مقابل التغاضي, الأخطر هو ما يعاد تهريبه عن طريق البحر والجبل وبرغم صدور قرار حظر الترانزيت ومنع بضائع المرور قبل ذلك إلا أن ضغوط المستوردين ورجال الأعمال دفعت وزارة المالية إلي إصدار قرار بإعادة السماح بالمرور بدءا من أول يناير ويشمل البضائع غير مستوفاة الشروط الصحية والأمان أو المرفوضة جمركيا فيعاد اخراجها إلي ليبيا وبالاتفاق مع مافيا التهريب من السلوم ومساعد يعاد إدخالها. المصيبة تكمن في خطورة هذه البضائع علي الاقتصاد القومي حيث يجئ في مقدمتها الملابس والمنسوجات والبطاطين وأيضا علي الصحة العامة حيث تحفل بالأجهزة الإلكترونية المشعة المسببة لمرض السرطان مثل المكياجات وأجهزة المحمول والكمبيوتر والأدوية المغشوشة.
ويؤكد أحد المصادر المسئولة في ميناء السلوم البري أنهم أرسلوا مكاتبات إلي الجهات المعنية ورفع الأمر بطلبات إغلاق الترانزيت كما حدث قبل ذلك بعد توضيح ما يتعرض له الاقتصاد من تخريب لمصلحة نفر من رجال الأعمال والمستورد وخطورة ذلك علي صحة المواطن المصري, ولكن محاولاتهم المضنية باءت بالفشل, ويضيف المصدر: علمنا بفتح الترانزيت من المهربين قبل أن يرد لنا خطاب مصلحة الجمارك فمن يدفع يحصل علي قرار حسب مصلحته.
ويبقي أن نحذر من تهاون القيادات الأمنية وتخاذلهم عن الشكاوي التي ترد إليهم من الضباط والتهاون تجاه ما يتعرضون له من انتهاكات وكذلك نقص الخدمات التي يعملون بها مثل الاستراحات غير الآدمية والمعرضة للسرقة, فلماذا يتم بناء استراحات فوق الهضبة بجوار عملهم؟ ولماذا اختفت الكمائن علي الطريق؟
كما يعاني العالقون السوريون الهاربون من جحيم الأسد وكتائبه الشرسة. عرايا من الغطاء الإنساني طاردتهم بلادهم ومنعهم ثوار ليبيا من دخول أراضيهم. ولم تقدم مصر لنسائهم وأطفالهم علي مدي أسابيع خياما تقيهم برد الصحاري القارس حتي مات منهم اثنان, ولاجئون من الأفارقة لم يبرحوا المكان منذ عشرة شهور.. فوضي هو المنفذ المصري الحدودي, حتي مسئوليه وضباطه يعانون من البلطجة والمهربين ومهددون بالقتل بعد تكرار حوادث التطاول عليهم بالضرب والسب. وفقر في الامكانات. أمان غير متوفر وخدمات منعدمة, حتي استراحات الضباط ليست أفضل حالا من مكاتبهم التي دخلنا إحداها احتماء من الرياح الشديدة والبرد فقام الضابط الشاب ليوصد الباب بحجر وسيدة مصرية صرخت وامصراه بعد أن تحرش بها الليبيون في مساعد فلم تجد حكومة.. فقط بعض شباب السلوم الغيوريين علي شرفهم كادوا يشتبكون مع الثوار علي الجانب الآخر..
صداع اللاجئين
وفي المنفذ أقيمت دولة اللاجئين, حيث يعيش داخل مخيمات أكثر من ألفي لاجئ من ثماني عشرة دولة إفريقية أغلبهم من نيجيريا والصومال وأثيوبيا والسودان يمارسون حياتهم بشكل كامل فيما يشبه حيا فقيرا وعشوائيا في إحدي دولهم, دعارة وسرقات وخناقات وتجارة في أشياء يسيطة كالبسكويت والمكالمات الهاتفية والسجائر.. ينتظرون قرار مفوضية اللاجئين بإعادة توطينهم في غير بلادهم بعد أن هربوا من جحيم القذافي وملاحقة الثوار.. صحيح أن المفوضية تقدم لهم المساعدات الغذائية والطبية لكنهم يبقون صداعا أمنيا في رأس المنفذ المنفلت أصلا والذي يعاني من عدم ضبط الأمن حوله بصورة تؤمن عمل موظفيه وعناصر الأمن فيه. مجتمع عشوائي الإقامة والانتماء مسببا للأرق وحكومة القاهرة وكأنها لا تعلم شيئا عنه فلم نسمع أن خارجيتنا المباركة فعلت شيئا لهم بحث بلادهم علي نقلهم أو المفوضية علي إعادة توزيعهم علي بلاد العالم.. وسيظل الأمر هكذا ـ حسب أحد المصادر ـ مالم تجتهد الحكومة المصرية, لأن دول قبول اللجوء تحدد موافقاتها علي سن محدد مما سيخلف العجائز والمسنين منهم أو من تخطوا السن وهم كثر.
ولاشك أن مسئولي المنفذ يعانون من وجود هؤلاء وإن كانت المعاناة الكبري متمثلة فيما يحدث من بلطجة وتبجح وسمسرة جوازات ومتاجرة بعقود العمل المزورة التي تنتشر في مدينة السلوم بين العمال الراغبين في العبور إلي ليبيا.
ومنذ أسبوعين يعيش ما لايقل عن أربعمائة مواطن سوري عالقين علي الحدود في السلوم في ظروف انسانية أكثر سوءا, حيث البرد القارس وانعدام الخدمات الاساسية من أماكن الايواء أو حتي حمامات, هم ـ كما قال سمير الحريري ـ هاربون من جحيم النظام السوري وبشائع جيشه في قهر الثورة.. لايوجد أكل أو مياه للشرب ولا أغطية تقينا برد الشتاء في هذه الصحراء, كان معنا بطانية نلتف بها سبعة شباب تركناها لأسرة حلت بجوارنا.. وكل يوم نخاف حلول الليل لشدة البرد.. ويضيف رأفت معين: كان الهلال الأحمر حتي أسبوع يوزع علينا وجبات بعدها إمتنع مما يشكل عبئا ماديا علينا, حيث نجمع ما نستطيع من جنيهات قليله من بعضنا لشراء أقل كميات يمكن أن تسد جوعنا.. مات منا شاب وطفل عمره أربع سنوات بعد معاناة البرد والجوع لمدة أسبوع, غير من نقلوا إلي المستشفي العام في مدينة السلوم.
ورغم الظروف السيئة التي يعاني منها أحمد حجمو إلا انه يصر علي البقاء حتي فتح الحدود أمامهم, ويفكر في استقدام أهله من حوران في سوريا أفضل ـ رغم كل شيء ـ من القهر والذل الذي نعيش فيه تحت أقدام بشار الأسد, أما اسماعيل الشاب الذي رفض تعريفنا باسمه كاملا فيقول: باع لنا أحد الشباب في مدينة السلوم عقود عمل في ليبيا وأكد لنا صحتها, وحادث من ادعي انه صاحب العمل في طبرق هاتفيا الذي طمأننا بدوره لكن أحد العاملين في المنفذ أوضح لنا أن هذه العقود مزيفة واننا خضعنا لعملية ابتزاز ونصب, ورغم ذلك فلن نبرح المكان إلا إلي ليبيا لأن عودتنا إلي سورية تعني اعتقالنا أو قتلنا. ويعاني الشاب. سليم طه ـ22 عاما ـ تشردا منذ أكثر من عام ما بين الامارات, حيث هرب للعمل وبيروت ومصر أملا في الاستقرار في ليبيا حتي لا يضطر إلي العودة إلي سوريا.
أما نزار محمد فقد جاء من حلب إلي القاهرة وطار إلي بنغازي ولكنهم لم يسمحوا له بالدخول وأعادوه علي نفس الطائرة مع6 عائلات سورية, ففكر في الدخول إلي ليبيا برا ويعيش في العراء منذ اسبوع وسط السوريين يتدفأ بغطاء بال مع خمسة أحدهم نذير عبدالله الذي هرب من سوريا إلي الأردن بعد اعتقاله لأكثر من شهرين بتهمة المشاركة في المظاهرات يقول: عذاب البرد هنا والتشرد في البلاد أهون علي النفس من العذاب الذي ذقته في معسكر المخابرات الجوية بمطار المزه..
وفي ظل هذا العذاب الذي يعانيه العالقون السوريون بمنفذ السلوم فإن محمد المصري أصغر معتقل سابق في سجون بشار الأسد, عمره12 سنة الذي يلتف حوله العالقون ليرددوا وراء زنجة زنجة دار دار بدنا نشيلك يابشار وهو الهتاف الذي سجن بسببه عندما خرج مع بعض رفاقه في أحد شوارع قرية الحراك بدرعا, واعتقلوه لمدة يومين... يقول محمد في براءة: ضربوني بالعصا فهربت مع والدي إلي الاردن بعد الافراج عني وجئت إلي مصر في الطريق إلي ليبيا ولكنهم لا يريدوننا.. ومازال الهاربون من الأسد يقاسون برد الصحراء وشتات الغربة يراودهم الأمل في الدخول إلي بلد ربما يتنفسون فيه نجاح الثورة ويعثرون علي فرصة عمل ولكن الحدود موصدة منذ أول أيام العام, حيث قررت السلطات الليبية قصر الدخول إلا علي من يحمل تأشيرة رغم أن السفارة في القاهرة والقنصلية في الاسكندرية توقفتا عن منح التأشيرات.. ويقف مسئولو المنفذ في حيرة بين سلطات الحدود الليبية والعالقين السوريين الذين كان يسمح لهم بالدخول إلي الأراضي الليبية حتي نهاية ديسمبر الماضي, حين فرض الليبيون ضرورة الحصول علي تأشيرة مسبقة وحتي كتابة هذا التحقيق كان مسئولو المنفذ المصريون يحاولون مع الجانب الآخر بتفاوض مضن للسماح للسوريين بالعبور بعد نجاح محاولات سابقة في ادخال أكثر من500سوري علي مرحلتين, الوضع الانساني المزري الذي يعيش فيه السوريين علي الحدود المصرية الليبية أسوأ من الكلمات يماثله في السوء ما يتعرض له المصريون أيضا الذين انطبق عليهم فرض التأشيرة وخضعوا لابتزاز مزوري العقود وسماسرة تخليص الاجراءات بختم الجوازات من الجانب المصري. وفي الجانب الآخر يتعرضون لابتزاز وإعادة.. حمدي ابراهيم من محافظة الفيوم عاد من ليبيا مع سبعة من رفاقه بعد أن أنفق كل منهم أكثر من ثلاثة آلاف ما بين عقد مزور ورسم ابتزازي يجبر العامل علي دفعه في مساعد من100إلي300دينار ليبي بصورة غير رسمية.. ويحكي جميل فتحي عطية أنه وعددا آخر تم احتجازهم بواسطة كمين في أول طبرق لعدة أيام وبعد ابتزازهم والاستيلاء علي ما معهم من نقود وهواتف وبعض الحاجات الخاصة شحنوهم في سيارة ليلقوا بهم أمام المنفذ الليبي رغم أنهم جميعا ـ أكثر من15عاملا ـ ختموا جوازاتهم بخاتم الدخول من الجانب الليبي.
مؤكدا سماعه لحكايات مماثلة كثيرة تعرض في بعضها المصريون للضرب والسخرية.
وحدث ذلك أيضا لعدد آخر في البيضاء ودرنة والسلطات المصرية ــ للأسف الشديد ـ لم تحرك ساكنا في الأمر اللهم تحرير محاضر ببعض هذه الأحداث لعدد من العمال العائدين ـ وإن كان تدخل بعض الضباط من مسئولي المنفذ ورجال المخابرات العامة به يتم لإعادة جوازات سفر لمصريين تم الاستيلاء عليها من قبل كمائن الطرق في الجانب الليبي مع أموال ومتعلقات شخصية.
ويحكي صلاح هيبة عن غضب أهالي مدينة السلوم علي أبناء عمومتهم في الجانب الليبي بسبب ما يفعلونه مع أشقائهم المصريين والذي وصل إلي محاولة بعض المصريين من أبناء السلوم الهجوم علي الجانب الآخر ورشقهم بالحجارة, وكادت تحدث معركة بعد أن أخبرتهم سيدة مصرية عائدة من ليبيا بأولادها عن محاولات التحرش الجنسي بها عدة مرات, ولذلك فإن الصيحة المزعومة ارفع رأسك أنت مصري حر لم تكن سوي لافتة للتهدئة وكلمات حماسية لم تعمل بها الحكومة ولا المجلس العسكري ولم يؤسسا لصيغة احترام لكرامة المصري خارج حدوده وينشط المهربون منذ اشتعال أحداث ثورتي مصر وليبيا في تهريب كل شيء بدءا من السلاح الذي تم ضبط أكثر من400 قطعة منه بنادق ورشاشات وقناصة بالتيلسكوب في عدة قضايا أثناء محاولة تهريبه من المنفذ كان آخرها القضية رقم183لسنة2011جنايات عسكرية مطروح هذا بالطبع غير ما يتم تهريبه وبكميات هائلة عبر البحر والصحراء, وليست الأسلحة فقط بل ويتم تهريب جميع أنواع السلع والبضائع مثل الألومنيوم والنحاس وكثير من السلع المستوردة بداية من البسكويت وحتي السلع المدعمة. الأخطر هو الحاويات التي تنقلها يومياأكثر من مائتي سيارة نقل كبيرة إلي ليبيا بطريقة المرور أو الترانزيت والتي ترد من جميع موانئ الجمهورية باعتباررها بضاعة مصدرة إلي ليبيا يتم تفريغها بعد دخول مساعد وإعادة تهريبها إلي مصر في سيارات تحمل بضائع مسموح بدخولها مثل الجلود. صحيح أن جهود بعض رجال الجمارك والشرطة في ميناء السلوم تؤدي إلي ضبط بعضها ومصادرتها كما تم الأسبوع الماضي بمصادرة سيارتي تحملان خردة النحاس وسجائر قدرت قيمتها بـ8 ملايين إلا أن البعض من ضعاف النفوس يقبض مقابل التغاضي, الأخطر هو ما يعاد تهريبه عن طريق البحر والجبل وبرغم صدور قرار حظر الترانزيت ومنع بضائع المرور قبل ذلك إلا أن ضغوط المستوردين ورجال الأعمال دفعت وزارة المالية إلي إصدار قرار بإعادة السماح بالمرور بدءا من أول يناير ويشمل البضائع غير مستوفاة الشروط الصحية والأمان أو المرفوضة جمركيا فيعاد اخراجها إلي ليبيا وبالاتفاق مع مافيا التهريب من السلوم ومساعد يعاد إدخالها. المصيبة تكمن في خطورة هذه البضائع علي الاقتصاد القومي حيث يجئ في مقدمتها الملابس والمنسوجات والبطاطين وأيضا علي الصحة العامة حيث تحفل بالأجهزة الإلكترونية المشعة المسببة لمرض السرطان مثل المكياجات وأجهزة المحمول والكمبيوتر والأدوية المغشوشة.
ويؤكد أحد المصادر المسئولة في ميناء السلوم البري أنهم أرسلوا مكاتبات إلي الجهات المعنية ورفع الأمر بطلبات إغلاق الترانزيت كما حدث قبل ذلك بعد توضيح ما يتعرض له الاقتصاد من تخريب لمصلحة نفر من رجال الأعمال والمستورد وخطورة ذلك علي صحة المواطن المصري, ولكن محاولاتهم المضنية باءت بالفشل, ويضيف المصدر: علمنا بفتح الترانزيت من المهربين قبل أن يرد لنا خطاب مصلحة الجمارك فمن يدفع يحصل علي قرار حسب مصلحته.
ويبقي أن نحذر من تهاون القيادات الأمنية وتخاذلهم عن الشكاوي التي ترد إليهم من الضباط والتهاون تجاه ما يتعرضون له من انتهاكات وكذلك نقص الخدمات التي يعملون بها مثل الاستراحات غير الآدمية والمعرضة للسرقة, فلماذا يتم بناء استراحات فوق الهضبة بجوار عملهم؟ ولماذا اختفت الكمائن علي الطريق؟
المصدر : الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق