السبت، 4 فبراير 2012

الذين لايستحقون الحياة‏..‏يقتلون الذين لايستحقون المــوت‏!‏


من حق كل أمهات شهداء مجزرة بورسعيد البشعة التي راح ضحيتها‏77‏ شابا من خيرة شباب مصر واصيب أكثر من‏..250 كل ذنبهم أنهم ذهبوا في رحلة كروية بريئة لكي يشاهدوا مباراة في كرة القدم‏.



أن يصببن اللعنات علي رؤوس كل من يمسك بصولجان السلطة في البلد كله.. وكل من في يده الامارة والإدارة لا نفرق بين أحد منهم.. بعد أن قتل الذين لا يستحقون الحياة.. الذين لا يستحقون الموت!

ومن حق كل أمهات مصر أن يلبسن السواد ويتركن لدموعهن أن تصنع نهرا من الدموع ينساب في كل ركن ويدخل كل دار ويعشش في كل صدر..

ومن حق كل مصري قبل الدولة والسلطة وأصحاب القرار أن يلون قلبه بلون السواد.. وأن يرفع فوق هامته اعلام الحداد.. بعد أن تحولت مجرد مباراة في كرة القدم إلي مذبحة للشباب الصغير الذي صحب فريقه لكي يتفرج ويسعد.. فإذا بقبيلة القتلة المأجورين بأوامر خفية ربما أتت من الأخوة كرامازوف في سجن مزرعة طرة تنقض عليه بنيران حقدها وبنادقها.. لتذبحه ذبحا وتلقي به من فوق المدرجات مجرد جثث هامدة بلا حراك.. والأمن نعسان يغط في نوم عميق.. لتصحو مصر علي دم طاهر نقي يراق.. وأرواح بريئة من الشباب في زهرة العمر تزهق بعدما فعله القتلة المأجورون الذين لا يريدون لمصر أن تتقدم وأن تتحرك وأن يعلو صوتها بين الأمم وأن يذوق شعبها حلاوة النصر علي دولة الفساد.. فإذا بزباينة دولة الفساد يحكمون عليهم بالإعدام.. وينفذون مخططهم بذبح المشجعين الذين جاءوا من القاهرة ذبحا وضربا وتقطيعا ويلقون بهم في عز فرحتهم ومرحهم من فوق المدرجات.. ولا أحد يدري عنهم شيئا.. ولا أحد يحرك ساكنا ولا عسكريا واحد تدخل.. ولو حتي بكلمات: حاسب يا جدع أوعي يا جدع.. كأنهم جرذان في مصيدة وليس كنز مصر ودرع مصر ورصيدها في بنك المستقبل وفي غد مشرق بسام.. وبدلا من ان يدخلوا علي أمهاتهم بالفرحة يسبقهم اليهن خبر قتلهم وإرسالهم إلي الموت في عز فرحتهم!

وطائر الموت الأسود يعد ويحصد77 قتيلا و250 جريحا.

لقد حكي لي شاب نجي باعجوبة من مجزرة بورسعيد بان تسلق عمود النور وقفز من أعلي مدرج الموت الذي أن يجلس فيه التراس الأهلي بشاعة ما كان يصنعه الجناة الذين اعدوا لهم مصيدة الموت ودبروها: كانوا يلقون بالشباب الصغير من أعلي المدرج إلي الشارع.. لينكسر عمودهم الفقري أو يسقطوا فوق ادمغتهم فتنبجر رؤوسهم علي بلاط الشارع؟

ومن يفلت كان البلطجية يمسكونه ويشنقونه شنقا بالكوفيات حتي تخرج السنتهم من أفواهم.. موت بشع وعملية ابادة جماعية.. حتي كفار قريش.. ما كانوا يفعلون أبدا ما فعلوا!

...........

...........

الذين لا يستحقون الحياة.. قتلوا الذين لا يستحقون الموت..

لكم ابكتني أم كانت في انتظار القطار القادم من بورسعيد بمشجعي النادي الأهلي.. راحت تصيح في كل من يقف علي الرصيف في محطة مصر والقطار قد توقفت عرباته في الساعات الأخيرة من الليل.. تتلفت باحثة عن ولدها.. تناديه أحمد انت فين يا أحمد.. إنت قافل موبايلك ليه يا أحمد!

تلتفت إلي جموع المنتظرين مثلها من أمهات الذين ذهبوا ولم يعودوا.. وليس علي لسانها إلا سؤال واحد.. ماحدش شاف أحمد.. أحمد الدهشوري ابني عنده تمنتاشر سنة.. قالي ياأمه هاروح بورسعيد مع النادي الأهلي.. عشان اشجعه مع أصحابي.. مااعرفش ليه ماجاش ماحدش شاف أحمد.. أحمد الدهشوري ابني..

أحمد لا يرد..

وكيف يرد علي أمه وقد قتله مع ستة وسبعين من اقرانه الذين يريدون بمصر كلها شرا مستطيرا..؟

إن الذين لا يستحقون الحياة.. قتلوا الذين لا يستحقون الموت!

...........

...........

يا خسارة يا مصر.. ما الذي يريدونه بك في آخر الزمان.. بعد أن كنت الشمعة التي تنير الدنيا كلها نورا وتنويرا.. كان فيها لسانك هو الحكمة.. وعقلك هو النبع وقلبك هو الرحمة وصلاتك للإله الواحد الأحد الذي خلق هذا الكون ليكون سكنا وأمنا.. وللإنسان الذي سواه فعدله في أحسن صورة ما شاء ركبه..

يا خسارة يا مصر.. انهم يريدون بفعلتهم هذه في ستاد بورسعيد يريدون بك شرا مستطيرا..

من الذي قتل77 وأصاب250 شابا في عمر الزهور من خيرة شباب مصر ذهبوا لكي يتفرجوا ويتمتعوا ويقضوا وقتا طيبا مع الكرة والألعاب الرياضية التي تضيء حياة الإنسان وتعلمه وتربيه الحكمة والعدل والحق والسلام..

كيف يمكن أن تتحول مباراة في كرة القدم.. إلي مجزرة بشرية يراق فيها دم الشباب النبيل دون ذنب جنوه.. سوي أنهم أرادوا أن يتفرجوا علي فريقهم وهو يلعب في المدينة الباسلة التي اسمها بورسعيد والتي دافعت عن كرامة الوطن في عدوان1956 وحرب1973 التي حررت تراب مصر من القدم الهمجية..

من الذي قتل الشباب النبيل وأسال دمه علي البساط الأخضر الذي يتنافس فوقه المتنافسون فريق يغلب وفريق يخسر.. لا يهم الكل سعيد فرحان سواء انتصر أم خسر..

هذه هي الرياضة الحقة.. لم تكن أبدا ضربا من الجنون كما حدث في بورسعيد.. الجماهير قتلت بعضها.. لا.. بل فئة غريبة مندسة تريد لهذا البلد الطاهر النقي شرا مستطيرا..

لا تريد لمصر أن ترفع رأسها أبدا بين الأمم وتقول للدنيا كلها كما شدت أم كلثوم:

أنا تاج العلاء في مفرق الشرق..

ودرائه فرائد عقدي..

أنا إن قدر الإله مماتي..

لا تري الشرق يرفع الرأس بعدي!

.......

.......

لو بحثنا عن هذه الأيدي الخفية التي تريد بهذا البلد أن يعود إلي عصر الغابة... أو حتي إلي عهود الظلام والفساد.. لوجدنا الجواب جاهزا..

(1) هؤلاء الذين لا يريدون لمصر أن تتقدم وتحقق طفرة سياسية واقتصادية وحضارية واجتماعية وثقافية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التي حققت لمصر ما كانت تحلم به بوصفها الدولة التي علمت العالم ما لم يكن يعلم دينا وخلقا وقانونا وتحضرا وتنورا وعلما وقوة وشمسا منيرة تضيء للدنيا كلها طريق الحق والخير والعدل والسلام.

(2) هؤلاء الذين لا يريدون لمصر أن تصبح دولة ديمقراطية بالمعني الصحيح.. مثل باقي دول العالم الحر المستنير

(3) هؤلاء الذين لا يريدون أن تصبح مصر دولة ديمقراطية بإنتخاب مجلس شعب نزيه لأول مرة في تاريخها.. وأن يجلس علي كرسي السلطة وصنع القرار إنسان مصري حر شرب من ماء النهر ورضع القرآن والانجيل والتوراة.. كتب السماء الثلاثة في صدره مكان القلب.

(4) انهم لا يريدون لنا أن نقود العالم العربي كما كنا طوال مائة عام ويزيد نورا وعلما وتنويرا وثقافة وسياسة وقانونا وعدلا وقوة عظمي تتحدي أساطيل وبوارج انفاثات وجبروت الدول العظمي..

(5) انهم يعرفون جيدا أنه متي صحت مصر واستيقظت فلا أحد يستطيع أن يقف في طريق علمها وحضارتها وثقافتها وجمال أدبها ورائع شعرها وبديع فنها وشدو أغانيها في سمع الزمان!

.........

ما حدث في ملاعب الكرة ليس قتلا للجماهير ولكنه قتل لمصر نفسها ومحاولة لإرجاعها إلي العصر الحجري التي عاشت فيه تحت مظلة حكم آخر الفراعين الظلمة القساة الفاسدين الذي اسمه حسني مبارك..

ابحثوا عن تصريحات مبارك التي قالها قبل الرحيل: أنا أو الفوضي!

ابحثوا عن الفلول.. عن اللهو الخفي.. عن خفافيش النظام السابق.. عن أصابع أجنبية تلعب في الظلام حتي لا تشرق شمس مصر من جديد.. انهم يريدون وأد الثورة وضربها في مقتل..

الدوري العام.. باي باي.. فالكرة المغموسة في دم المصريين.. لا كانت ولا عانت ولا بقيت!

......

......

ولكن ما يحدث الآن أيها السادة من مسلسل الفوضي.. الذي نعيشه والذي ألصقوه ظلما وعدوانا بأعظم ثورة شهدتها مصر وشهد لها العالم كله وصفق لها طويلا ورفع العقبات.. هذا الذي يحدث الآن في هذه الأيام.. هو حقا العجب العجاب:

> ملثمون يخطفون سائحتين أمريكيتين مع مرشديهما في سانت كاترين.

وياعيني علي السياحة وسنتها السودة!

> سطو مسلح في وضح النهار وفي عز نفحة القيالة وفي وقت واحد علي بنكH.S.B.C بالتجمع الخامس ويسرقون7 ملايين ونصف مليون جنيه ويفرون والشرطة تطاردهم!

> العمال في كوبري إسنا يمنعون72 فندقا عائما يحمل آلاف السياح لليوم الثاني علي التوالي.. بغلق بوابات الهويس.. حتي تتحقق مطالبهم الفئوية!

>عمال مشروع توشكي الفاشل الذي تسبب في ضياع7 مليارات جنيه تبخرت في رمال الصحراء يقطعون الطريق في أسوان ويمنعون053 سائحا من مغادرة معبد أبو سمبل!

>اطلاق نار عشوائي من قبل بلطجية في سوق شرم الشيخ القديم.. يسفر عن مقتل سائح فرنسي واصابة آخر!

>قطع خطوط السكة الحديد في الوجه القبلي من قبل أنصار الغول قطب الحزب الوطني السابق.. وسقوط الغول في انتخابات البرلمان!

>مسلحون يستولون علي محطة كهرباء في مدينة قنا ـ تصوروا محطة كهرباء بحالها ـ ويطالبون بالافراج عن زميل لهم مسجل خطر!

>مجهولون يستولون علي4 ملايين جنيه من سيارة نقل الأموال بالهرم!

>هجوم مسلح علي قسم شرطة بالأقصر لتهريب متهم والاستيلاء علي أسلحة ميري!

>المدعون بالحق المدني يطالبون بنقل مبارك إلي مستشفي سجن طره.. هذا حقهم وبلاش دلع والنبي وتدليل لرئيس أفقر وأذل شعبه ثلاثين سنة بحالها!

> قطع خطوط السكة الحديد من قبل الأهالي في مطالبات فئوية وشعبية تسببت في خسارة مرفق السكة الحديد لنحو50 مليون جنيه أعطال تأخير حتي اشعار آخر!

>رئيس الكسب غير المشروع يعلن: علاء مبارك وجمال مبارك يمتلكان340 مليون دولار في سويسرا!

> خطف حفيدي المهندس اسماعيل عثمان والإفراج عنهما بعد دفع كفالة للخاطفين بالملايين.. أين الشرطة هنا!

...........

...........

أيها السادة.. إن الذين لايستحقون الحياة قد قتلوا الذين لا يستحقون الموت.

ماحدث في ستاد بورسعيد هو قتل لمصر نفسها.. ولابد ألاتمر هذه الجريمة التي اهتزت لها السموات العلي وتوقفت العصافير فوق الأغصان عن شدوها, دون عقاب رادع مهما كان هذا العقاب مرا علقما!














المصدر : الاهرام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق