هذا هو أقل وصف لما شهدته مباراة الأهلي والمصرى في بورسعيد، فالمخاوف تحققت ودفعت الكرة المصرية من سمعتها ثمناً لمشاكل جماهير الألتراس، وتكررت موقعة الجلابية لكن هذه المرة بكل أنواع وأشكال الملابس .. ووسط متابعة الملايين واستسلام رجال الأمن .. ودماء العشرات.
صحيح أن فريق الأهلي، وجهازه الفني والمئات من جماهيره خرجت من بورسعيد، إلا أنه هناك حقيقة مريرة حرقت قلوب أمهات عديدة، وهي أن هناك 74 مصريا عادوا داخل النعوش من بورسعيد، من بينهم جنديين من قوات الأمن المركزي ومخبر بالإضافة إلى 248 مصابا، وذلك حسب تصريحات وزارة الصحة.
فريق الأهلي وصل إلي مطار ألماظة منتصف ليل الخميس علي متن طائرتين عسكريتين عقب خروجهم في سيارات مدرعة من استاد بورسعيد، أيضا الجماهير الحمراء عادت في القطار القادم من بورسعيد عقب خروجهم أيضًا في 12 سيارة مدرعة، ولكن فقط عاد 960 فردا من أصل 1200 مشجع سافروا إلي بورسعيد.
ويتم نقل جثامين المتوفين من خلال سيارات الإسعاف التي أرسلتها وزارة الصحة من القاهرة إلى بورسعيد، أو من خلال طائرتين عسكريتين تابعتين للقوات المسلحة حسب تصريحات عادل العدوي مساعد وزير الصحية، ايضا أكد أن سيارات الإسعاف المرسلة والبالغ عددها 40 سيارة ستقوم بنقل المصابين للقاهرة وتم تخصيص 25 سريرا فى عدد من المستشفيات وهى معهد ناصر والبنك الأهلى والهلال ودار الشفاء والسلام ومنشية البكرى.
وزارة الداخلية التي وقف أفرادها يشاهدون ما يحدث في الاستاد وكان ما يحدث يتم في بلد مجاورة، أو أنهم لم يتدخلوا كنوع من ضبط النفس!!! أعلنت عن ضبط 47 من المتهمين بإثارة تلك الأحداث والمحرضين عليها حتى الآن، وأكدت أنه جار اتخاذ الإجراءات القانونية قبلهم، وأصدر محمد إبراهيم وزير الداخلية قراراً بتشكيل لجنة عليا تبدأ أعمالها فوراً للوقوف على ملابسات وخلفيات تلك الأحداث، وسيتم الإعلان عن كل القرارات التى سوف تُتخذ عقب انتهاء تلك اللجنة من أعمالها. وأصدرت بيانا قالت فيه "تنعى وزارة الداخلية ببالغ الحزن والأسي أسر لبضحايا الذين سقطوا خلال الأحداث المؤسفه التى شهدتها مباراة كرةالقدم بين فريقى النادى المصرى البورسعيدى والنادى الأهلى باستاد بورسعيد مساء اليوم والتى تعد مأساة إنسانية وأخلاقية ورياضية بكل المقاييس. وتعلن الوزارة فى هذا الصدد أنه بالرغم من كل الاستعدادات والتنسيقات الأمنية التى تم اتخاذها قبل المباراة إلا أنه كان هناك تصعيد عدائى شبه متعمد من قبل بعض الجماهير، والتى تعاملت معها الأجهزة الأمنية المكلفة بتأمين المباراة بحكمة بالغة للوصول للمباراة إلى بر الأمان حرصاً على سلامة الجماهير إلا أنه بدا واضحاً أن هناك إصراراً متعمداً من قبل مجموعات من مثيرى الشغب للقيام بتعديات غير مبررة بقصد إحداث حالة من الفوضى والشغب والاندفاع بكثافة داخل الملعب عقب انتهاء المباراة .. وقد أسفرت الأحداث عن وقوع 74 حالة وفاة من بينهم أحد أفراد الشرطة بالإضافة إلى 248 مصابين بإصابات مختلفة من بينهم 14 من رجال الشرطة. لقد سبق وأن حذرت وزارة الداخلية من تفشى سلوك العنف بين جماهير الأندية وقامت الوزارة بالتدخل فى محاولة منها لمعالجة هذا السلوك من خلال التنسيق مع اتحاد كرة القدم والأندية الجماهيرية وروابطها لاحتواء مشجعيها واستيعابهم داخل المنظومة الرياضية حرصاً على سلامة الجماهير داخل الملاعب وسمعة مصر الرياضية. لقد آن الأوان لأن يتكاتف الشعب المصرى بكل طوائفه وفئاته ووسائل إعلامه للوقوف وقفه حازمة تجاه مثل هذه الأحداث التى شوهت صورة مصر وثورتها البيضاء. هذا وقد قامت قوات مديرية أمن بورسعيد والأمن المركزى بتأمين مغادرة فريق النادى الأهلى وإداريه وكل مشجعيه فى طريق العودة حتى وصولهم للقاهرة".
كما قرر المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود، النائب العام الانتقال إلى محافظة بورسعيد لمتابعة سير التحقيقات التى تجرى بشأن أحداث الشغب التى وقعت وقرر النائب العام تشكيل غرفة عمليات بمكتبه لمتابعة الأحداث فيما قام فريق من محققى النيابة الذين كان النائب قد قام بندبهم من أعضاء نيابات بورسعيد والإسماعيلية والسويس والمحامين العامين بتلك النيابات تحت إشراف المحامى العام الأول لنيابة استئناف الإسماعيلية بالانتقال إلى الأماكن التى شهدت تلك الأحداث لمعاينتها. كما قرر الانتقال إلى المستشفيات التى نقلت إليها جثث الموتى، والمصابون لمناظرة الجثث والاستماع لأقوال المصابين، وأمر بندب فريق من الطب الشرعى لاتخاذ إجراءات الكشف على الجثامين، وتحديد أسباب الوفاة والتصريح بدفن الجثث بعد التعرف على هويتها. كما يقوم فريق النيابة العامة بسؤال جميع المصابين وكل من لديهم معلومات عن تلك الأحداث بشأن معلوماتهم، وحصر التلفيات الناتجة عن تلك الأحداث وتحديد المسئوليات الجنائية بشأنها.
كل شيء حدث في هذه المباراة التى حسمها المصري بالفوز 3-1، فعلي مستوي كرة القدم قدم الفريقان مباراة ممتعة خاصة في الشوط الأول وحتى منتصف الشوط الثاني، حكم المباراة فهيم عمر اتهمه الجميع.. ونال إهانة مباشرة من حسام غالي رد عليها بطرده ، كما كانت هناك إهانة معتادة من مانويل جوزيه عندما أشار بيده ليوحي بأنه حصل علي رشوة، أما جماهير المصري فقدمت عرضاً لأحدث فنون إهانة المنافس وجماهيره بداية من توجيه السباب والشتائم للاعبين واحداً واحداً وبالاسم من قبل بداية المباراة .. مروراً بقذف الملعب بالطوب والزجاجات والشماريخ والألعاب النارية ، وصولاً لاعتبار الملعب وكأنه "طريق عام" ينزلون لأرضيته في أي وقت..
واكتمل المشهد مع نهاية المباراة بعد الهجوم علي لاعبي الأهلي من آلاف المتفرجين وكأن المصري كان يلاقي منتخب العدوان الثلاثي، ونال الجهاز الفني وشريف إكرامى ومدرب الحراس أحمد ناجى وسيد عبد الحفيظ مدير الكرة علقة ساخنة من الجمهور بحجة أن جماهير الألتراس الأهلاوي شتمت بورسعيد !! وكادت الجماهير أن تفتك بمانويل جوزيه المدير الفني للفريق والذي لم يتمكن من الجري مثل باقي لاعبي الأهلي لولا كامل أبو علي رئيس النادي المصري والذي أنقذه هو ورجاله من أيدي الجماهير.
وأكتمل المشهد المآساوي بوفاة أحد جماهير النادي الاهلي في غرفة اللاعبين عقب المباراة، وتحولت غرفة خلع الملابس إلى مستشفى ميداني قام خلالها طبيب الأهلي الدكتور إيهاب علي بعمل إسعافات لعدد كبير من لاعبي الأهلي وجماهيرهم، بينما ظهر حسام عاشور وهو يبكي على الهواء ويصرخ "إحنا بنموت " وينهار بركات وهو يتوسل لأي رجل أمن حتى ينقذهم مع وعد منه بألا يلعب الأهلي كرة قدم مرة أخري .. ثم جاءت الكارثة مع ظهور خبر علي التليفزيون المصري عنوانه " عاجل : وفاة 7 وإصابة 35 في أحداث بورسعيد " !!! .
وقد اضطرت إدارة استاد المصري إلي إطفاء الأنوار عقب انتهاء المباراة لحجب الرؤية عن الجماهير التي احتشدت في أرض الملعب عقب انتهاء المباراة، وهو فعل غير مفهوم أو مبرر، واختفت قوات الأمن من استاد المصري وسط الحشود الكبيرة التي توجهت إلي مدرجات جماهير الأهلي، رغم أن هذه النتيجة كانت متوقعة خاصة وأن العشرات من جماهير المصري كانوا ينزلون للملعب بعد كل هدف يحرزه فريقهم وسط مشاهدة سلبية من رجال الأمن .. وصمت من حكم المباراة ، كما إن الشغب الذى حدث بين شوطي المباراة كان كفيلاً بأن يتوقع الجميع ماذا سيحدث عقب نهايتها.
ورغم هذا التوقع، إلا أن الجميع لم يتخيل هذا الكم من الدماء التي سالت في ظلام استاد بورسعيد، عشرات الشباب المصري مات دون أن يتحرك مسئول من مكانه، إلا بعد أن تمت الجريمة كاملة، ليخرج الدكتور حسن الإسناوي مدير المستشفى المركزي ببورسعيد ويؤكد وجود 13 حالة وفاة في المستشفي من الجماهير وجنود الأمن المركزي، وأضاف أن هناك 11 حالة وفاة في مستشفى المبرة و11 في مستشفى الحميات بالإضافة إلى ثلاث حالات أخرى داخل الملعب، مؤكدا أن حالات الوفاة كلها بسبب الاختناق والكسور الخطيرة، نافيا وجود أى اطلاق رصاص على الجماهير.
ووسط حالات الاستغاثات والنداءات من لاعبي الأهلي بانقاذهم من الموت المحقق، وجه نادر السيد، مدير البرامج الرياضية بقناة الأهلي نداءً للمشير حسين طنطاوي والمجلس العسكري، للتدخل لإنقاذ الموقف حتى لا يحدث ما هو أسوأ، وطالب إيهاب علي توفير إسعافات طبية فورية تتوجه إلي استاد المصري لإسعاف المصابين نتيجة الاشتباكات المستمره عقب احداث اللقاء، أيضا كانت هناك اتصالات من حسن حمدي رئيس النادي الأهلي بعدد من أعضاء المجلس طالبهم، بعدها أعلن التليفزيون المصري، عن أن المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمر بتحرك طائرتين لنقل جماهير الأهلي والفريق للقاهرة، وبالفعل خرجت الجماهير والفريق في عربات مدرعة من الاستاد تابعة لقوات الأمن المركز حسبما صرح عماد البناني رئيس المجلس القومي للرياضة.
ومع تطور الأحداث للأسوأ في بورسعيد، ألغى محمد فاروق حكم لقاء الزمالك والإسماعيلي باستاد القاهرة، المباراة بعد مطالبات من الجهازين الفنيين للفريقين وبعض الصحفيين اعتراضا على ما يحدث في بورسعيد، وبالفعل استجاب الرجل وأنهى اللقاء، الغريب أنه بعد إعلان ذلك بدأت الصورة تتغير في استاد القاهرة وتنتقل حمى بورسعيد إليه، واشتعل حريق كبير بمدرجات الدرجة الثالثة، وقد قالت الاذاعة الداخلية بالاستاد أن الحريق بسبب ماس كهربائي، وقيل بعد ذلك أنه بسبب الشماريخ.
وعلى خلفية الأحداث بدأت سلسلة انسحابات من الدوري الممتاز، حيث أعلن المهندس محمد فرج عامر رئيس مجلس إدارة نادي سموحه انسحاب ناديه، وأكد عفت السادات رئيس نادي الاتحاد السكندري أنه سيوقف النشاط الرياضي بالنادي إذا لم يتم إيقاف هذه الأحداث المؤسفة، وأعلن نادي الإسماعيلي الحداد لمدة 3 أيام وإيقاف النشاط الرياضي بالنادي، وقد قال ممدوح عباس رئيس نادي الزمالك في تصريحات إعلامية أن الجو غير ملائم لإقامة مباريات كرة القدم وتعجب مما حدث في استاد بورسعيد، وأعلن الزمالك الحداد لمدة 3 أيام، وإيقاف كل الأنشطة الرياضية والترفيهية بالنادي، وقرر عمرو زكي لاعب الزمالك اعتزال الكرة تضامنا مع الأهلي، وتردد أيضا اعتزال كل من أبوتريكة وبركات ومتعب، أيضا ألغى طارق يحيى المدير الفني للمقاصة معسكر فريقه وأعطى اللاعبين إجازة لمدة 3 أيام وقرر مجلس إدارة النادي تعليق النشاط الرياضي، الغريب في الأمر أن اتحاد الكرة والمسئولين به لم يتحرك لهم ساكن، أو بمعنى أدق لم يقدموا استقالتهم، وخرج سمير زاهر في أول تصريح له ليقول "إن هذه الأعمال لن تثنينا عن استكمال الدورى"، ونسي أو تناسى أن هناك العشرات من المصريين ماتوا دون سبب، الواحد منهم أهم من مليون دوري ومن مليون كرة قدم، إلا أنه تراجع بعد ذلك وقرر وقف كل المسابقات الرياضية في جميع الأعمار، وأزاح الأزمة بعيدا عنه وقال إن ما حدث مشكلة دولة وليست مشكلة اتحاد كرة، وأكد عزمي مجاهد المتحدث الرسمي للاتحاد أن الاتحاد سيوقع في اجتماعه الذي سيعقد الخميس عقوبات صارمه على المصري وسيتم غلق استاد بورسعيد لمدة قد تصل إلى 3 سنوات.
كما تقدم كامل أبو على رئس مجلس إدارة النادي المصري هو ومجلسه بالاستقالة، أيضا استقال إبراهيم وحسام حسن من تدريب النادي، أيضا قرر اتحاد الكرة الطائرة وقف نشاطه الرياضي، وقرر مجلس إدارة الأهلي خلال اجتماعه وقف النشاط الرياضي، واصدر عدة قرارات هي (الحداد لمدة ثلاثة أيام علي أرواح الشهداء الذين سقطوا في استاد بورسعيد ـ تعليق جميع الأنشطة الرياضية بالنادي ـ تقديم طلب إلي النائب العام للكشف عن الأسباب الحقيقة لهذا الحادث ـ رفع تقرير عاجل إلي المجلس العسكري ومجلس الوزراء لمعرفة ما تسبب في هذه الأحداث ـ عقد اجتماع طارئ غدًا لمجلس الإدارة لمناقشة تداعيات الموقف للأحداث الحالية ـ ويتقدم مجلس الإدارة بخالص التعازي إلي أسر الشهداء، مؤكدًا أنه لن يترك الأحداث تمر غلا بحصولهم علي حقوقهم.
وقد عقد حسن حمدي رئيس الأهلي جلسه مع مانويل جوزيه في مطار ألماظه عقب وصول الفريق وأعطاه إجازه للسفر إلى بلاده وعدم اتخاذ أي قرار الآن، حيث تردد أن جوزيه ينوي تقديم استقالته، كما طلب حمدي من اللاعبين عدم الإدلاء بأي تصريحات إعلامية الآن.
على المستوى الخارجي فقد أعرب جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم عن آسفه لماحدث، وقال إن ما حدث كارثه، وأنه متعجب من هذا العدد الكبير من الوفيات والإصابات، وقدم تعازيه لأهالي الضحايا، وقال إنه يوم أسود على كرة القدم، أما الاتحاد الإفريقي لكرة القدم فأعلن أن سيتم الوقوف دقيقة حداد في كل مباريات أمم إفريقيا على روح ضحايا أحداث بورسعيد، وقدم عيسى حياتو رئيس الاتحاد تعازيه للمصريين، كما أعلن نادي الترجي التونسي على صفحته على الرسمية على الفيس بوك الحداد 3 ايام بسبب أحداث بورسعيد، وقدم نادي ليفربول الإنجليزي تعازيه لجماهير الأهلي من خلال صفحته الرسمية على الفيس بوك.
فليفرح كدابين الزفة وليفرح المهيجيين واصحاب المصالح والباحثين عن الإعلانات في برامجهم، ولكن لك الله يا مصر، ورحم الله شبابا مات دون سبب، كل تهمته أنه ذهب خلف فريقه ليهتف له.. ولننتظر ماذا ستفعل لجنة الشباب والرياضة التي ستذهب إلى بورسعيد حسبما أعلن عصام العريان رئيس كتلة الأغلبية، ولنرى ماذا سيقرر برلمان الثورة إزاء هذه الكارثة؟
والسؤال الآن : كل هذا حدث رغم فوز المصرى 3-1 .. تخيلوا ماذا كان سيحدث لو خرج الأهلي فائزاً بالمباراة كما فعل في الشوط الأول ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق