الأربعاء، 2 فبراير 2011

يا أهل الغضب‏ ..‏ مصرنا أعظم و أبقي



إن ما جري في أسبوع مضي سيظل حدثا جللا سيتوقف عنده تاريخ مصر طويلا‏,‏ لأن ما حدث يمثل نموذجا جديدا لما يمكن ان يصدر عن الشعوب‏,‏ الشعوب دائما تعطي كل ما هو جديد وكل ما ليس متوقعا‏.‏
هل يصنف ما حدث في مصر في الخامس والعشرين من يناير يسمي ثورة‏,‏ لا اعتقد لأن ثورات الشعوب لها مقدمات طويلة‏,‏ وتحركها دوافع منظمة قد تشترك فيها النخبة من كل مجتمع‏,‏ هل ما حدث في مصر في الأسبوع الأخير انتفاضة‏,‏ اعتقد ان الأمر ليس كذلك لأن الانتفاضة لاتشمل وطنا ممتدا وكبيرا مثل مصر‏,‏ الانتفاضة يحدها مواقع محدودة ولكن ما حدث في مصر شمل الوطن كله من أسوان إلي الاسكندرية ومن العريش إلي السويس‏.‏اعتقد ان ما حدث في مصر هو نوع من الانفجار سببه عوامل عدة‏,‏ كبت‏..‏يأس‏..‏ ضغوط نفسية وعصبية‏..‏سببها التهميش وتزييف الإرادة وقلة موارد الحياة الطبيعية فخرج الشباب الذي غاب سنين طويلة لايعبر عن نفسه سواء داخل المدرسة أو الجامعة وهذا لم يحدث في مصر مطلقا حتي في أعتي أيام الاستعمار تظاهر طلاب الجامعة وطلاب المدارس منذ أيام الخديوي وفي ظل الانجليز‏,‏ ولكن منع الشباب من التعبير الطبيعي جعلهم يلجأون إلي أساليب أخري لتصريف القهر فيها‏,‏ وظن البعض انهم ضاعوا ولم يعد هناك تأثير لهم‏,‏ وقد شارك في العمل علي تضييع هوية الشباب كثيرون من الداخل والخارج‏.‏فعندما تضيع الهوية يضيع المجتمع ثم جاءت ضغوط السلطة لكي تحمي مواقعها وإلي الأبد‏,‏ كل هذا جعل الشباب يسلك مسالك أخري‏,‏ ثم خرج منفجرا‏,‏ لأن هذا الشباب شرب من مياه النيل‏,‏ وتربي في قيم الأسرة المصرية وان اتخذ مظهرا جديدا إلا ان داخله ظل سليما وانفجر غاضبا يطالب بما يراه صحيحا‏,‏ وهذا هو الدرس الأول‏,‏ ثم هناك الدرس الثاني‏,‏ إن الحاكم يجب ان يحب شعبه وان يثق فيه وألا يقهره‏,‏ وألا يسلبه حقوقه‏,‏ فالشعوب هي رأس مال الحكام والتاريخ يحدثنا عن ذلك‏,‏ هذا غاندي الفقير في الهند تلتف حوله أمه وغير وجه التاريخ‏,‏ وهذا عبدالناصر في مصر يغير وجه التاريخ في مصر والوطن العربي وافريقيا‏,‏ ويصل إلي دول مؤتمر باندونج‏,‏ وهذا التاريخ أيضا يحدثنا عن شاه إيران عندما تخلي عنه الجميع عندما لم يسانده شعبه وحديثا حلقت طائرة بن علي ولم يجد من يسمح له بالهبوط‏.‏والدرس الثالث هو بطانة النفاق التي تزيف للحاكم انه لايخطئ وان كل أفعاله وأقواله لا يأتيها الباطل من أي زاوية‏,‏ وعندما ينهار الحاكم ويعاني المصاعب تلتف هذه البطانة حول حاكم آخر‏,‏ لكي تزين له ما يفعل والقوي هو من كان قويا بشعبه ومن حوله‏,‏ الضعيف يحكم ضعفاء والقوي يسعد بالأقوياء من حوله أما الدرس الرابع فهو ان أصحاب المصالح يكونون دائما أول فئران السفينة يهربون مع أول فرصة عندما يرون خطرا علي مصالحهم أما المخلصون فيعملون حتي اللحظة الأخيرة‏,‏ وفي كل الظروف‏,‏ لأنهم يعملون من أجل الأمة‏,‏ وليس من أجل أنفسهم‏,‏ أحداث مصر اظهرت لنا من تركوا مسئولياتهم حتي تظهر الدولة في فوضي وفراغ وكأنهم لم يعيشوا يوما علي ارض هذا الوطن واستفادوا منه واستخدموا سلطاتهم ونفوذهم من دماء شعبه‏.‏وفي هذا المجال أنوه إلي أمور مهمة جدا في تلك المرحلة‏:‏‏>‏ علي رئيس الحكومة الجديد أيا من كان هو أن يعلن انه مع الشعب وان يختار عناصر من الشرفاء وان يمارس هو وحكومته مسئولياته وفورا لكي يعيد الثقة والانضباط لمصر العظيمة‏.‏‏>‏ علي الشباب ان يعبر عما يريد بالسلم وليس بالغضب لأن الغضب يعمي العقل والبصيرة وأطالب الانتهازيين الذين يركبون كل موجة ويأكلون علي كل الموائد ان يصدقوا مع انفسهم ويقدروا إمكاناتهم لأن الأيام تظهر دائما الغث من الطيب‏.‏وأطالب الذين يريدون الانتقام بألا يفكروا كذلك لأن بلدنا جزء منا إذا دمرنا ثرواتها بحجة انها تخص من سرق ونهب فهذا مفهوم خاطئ تعالوا ندير ثرواتنا القائمة والمستقبلية بطريقة جديدة لمصلحة الأمة كلها وليس مصلحة أفراد‏.‏‏>‏ وأطالب الذين يعتقدون انهم ظلموا أو أنهم ظلموا بالفعل ان يلجأوا للقنوات الشرعية ويأخذوا حقوقهم من خلال قضائنا العادل وليس بالتدمير وإثارة الفتن واستغلال الموقف للانتهاز‏.‏إن مصرنا أعلي من الجميع ويجب ان تكون فوق الجميع وتذكروا ان رسولنا الكريم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ عذب من أهل مكة وعندما دخلها فاتحا مؤيدا بنصر الله عفا عن الجميع‏(‏ من دخل البيت فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن‏),‏ ويسوع المسيح يصل بالصفح إلي ان يقول باركوا لاعنيكم ويقول أيضا يا أبت أغفر لهم انهم لايعلمون ما يفعلون عندما جهز اليهود لقتله من خلال آخرين‏.‏نطلب من الجميع ان نكون حضاريين وان نثبت للعالم أن مصر أمة عريقة بالفعل وقادرة بالفعل ويخرج منها دروس لكي يتعلم منها العالم لا انتقام ولا أحقاد ولا ضغائن‏.‏حفظ الله مصرنا ووفق الجميع شعبا وحكومة إلي ما ينفع هذا الوطن‏.‏



الاهرام - بقلم: نصر شلش



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق