كشف اللواء فؤاد علام- مدير مباحث أمن الدولة الأسبق- أن التحقيقات التي تدور الآن حول أحداث الثورة المصرية التي استمرت 18يوماً وانتهت بخلع الرئيس السابق سوف تفجر عدداً من المفاجآت، مؤكداً أن الحزب الوطني الذي كان حاكماص قبل الثورة أفسد الحياة السياسية في مصر، مطالباً بإلغاء المحليات ومجلس الشورى، لافتاً إلى أن مصر تحولت في الماضي إلى دولة بوليسية، لأن بعض المسئولين السياسيين حين يستعينون بأجهزة الأمن ويضعونها في مواجهة الشعب فإن ذلك يعد خيانة عظمى، مؤكداً أن لجنة تقصي الحقائق سوف تكشف المستور خلال ثلاثين عاماً...
· بماذا تصف ثورة 25يناير؟
- هي ثورة حضارية راقية جداً أبهرت العالم، وأتصور أنها سوف تدرس خلال العقود القادمة، وتقدمها أثبت للجميع أصالة ومعدن الشعب المصري وأنه لديه القدرة على الصبر لمدة طويلة لكنه عندما يتحرك لا يستطيع أحد إيقافه إلا بعد تحقيق مطالبه وكل أهدافه التي ثار من أجلها.. كما أن هذه الثورة أظهرت طبيعة هذا الشباب وما يتمتع به من وعي وإدراك وحسن تقييم للأمور.
· بم تفسر اختفاء الشرطة بعد جمعة الغضب 28يناير؟
- من الصعب تحليل هذا الموقف فلدينا نتيجة حتمية وهي اختفاء جهاز الشرطة لكن أسباب وتداعيات هذا الاختفاء مجرد تكهنات، لأن الصورة غير واضحة حتى الان... وهناك عدة احتمالات لما حدث فقد يكون هناك أمر بالانسحاب. أو أن نزول الجيش أوجب انسحاب الشرطة حتى لا يحدث صدام بين الفريقين. وقد يكون الأمر مرتبطاً بالمواجهة التي حدثت بين قوات الشرطة والجماهير وتزايد عدد الجماهير بشكل كبير وضخم مما جعل الشرطة تتراجع لضخامة العدد وتنسحب.. وعادة في مثل هذه المواقف يحدث ارتباك لأنه للأسف لا يوجد لدينا جهاز لإدارة الأزمات رغم أننا طالبنا مراراً بوجود مثل هذا الجهاز.
وهناك لجنة لتقصي الحقائق تعمل ونحن في انتظار ما ستسفر عنه تحقيقاتها وما تكشف عنه الأيام القادمة من حدوث فراغ أمني عقب يوم 28يناير.
· لكن المؤكد أن اختفاء كل رجال الشرطة في أن واحد على مستوى الجمهورية لا يمكن أن يحدث بمحض الصدفة؟
- لم يحدث هذا، فهناك أماكن ظل رجال الشرطة موجودين بها بعد نزول الجيش، ولجنة تقصي الحقائق سوف تكشف النقاب عن كل ما حدث ومن المتسبب فيه حتى يمكن تقدير الأمور لأنه لو حدث أمر بالانسحاب فإن البعض يستجيب والبعض الآخر لن يستجيب.
· تزامن مع عملية اختفاء الشرطة فتح أبواب السجون.. كيف ترى ذلك؟
- باليقين هناك شيء غريب حدث، فكيف تمكن هؤلاء من هدم سور سجن أبو زعبل؟! وكيف تمكنت عناصر خارجية من الهرب لدرجة أن أحدهم وصل بعد ساعات إلى غزة والآخرين إلى لبنان؟! كل هذه الأمور تشير لاحتمال قوة دبرت ونظمت ولا أزعم عدم وجود تواطؤ لأنني سمعت عبر الفضائيات من بعض الهاربين أنه تم فتح الأبواب. كل هذه الأمور يجب إنجاز التحقيقات فيها وإعلان النتائج بأسرع وقت لأن التكهن وافتراض أي صورة من الصور شيء خطير للغاية.. وحتى لا نوجه اتهامات بالتقصير في هذا الأمر مازلت أصر على أن تقوم لجنة تقصي الحقائق بسرعة الإعلان عن كل ما توصلت إليه من خلال تحقيقات دقيقة للغاية. هذا الأمر يذكرني بعملية اغتيال السادات، فعقب مقتله طالبت عدة مرات بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول ما حدث وبالبلدي "لساني نشف" وللأسف الشديد لم يستمع لنا أحد ولم تشكل لجنة لتقصي الحقائق.
· بم تفسر ما تردد من فتح أبواب السجون بناء على تعمليمات من حبيب العادلي؟
- هذا أمر غير منطقي وإلا كان تم فتح أبواب السجون من أول يوم، ولم يقتل أفراد وضباط ولم يحدث إتلاف في السجون، لأن سجناً مثل سجن شبين الكوم تم تكسير حديد المنافذ والأبواب فيه، وتم التعامل مع الأفراد وسقط قتلى من الأفراد والضباط. لذا لا يجب ألا نطلق الظنون حتى تنتهي التحقيقات لأن التحليلات لم تصل بنا إلى الحقيقة الكاملة.
· بم تفسر تزامن هذه الأحداث مع بعضها البعض؟
- أمر عادي وليس له دلالة، والدليل أنه في أحداث الأمن المركزي عام 1986، خرج معسكر واحد في طريق الإسكندرية الصحراوي بعدها بنصف ساعة كانت جميع المعسكرات تخرج للشوارع.. ما حدث أن عامل التليفون من داخل "السويتش" قام بالاتصال بكل المعسكرات ونحن خرجنا وتم إبلاغ كل المعسكرات وخلال ساعة زمن حدث ما حدث.
· وكيف تم اقتحام 95قسم شرطة على مستوى الجمهورية واختراقها وخروج المساجين؟!
- من يدعي معرفة حقيقة بعينها كاذب، والمستشار عادل قورة عاكف على التحقيقات في هذا الصدد ونحن في انتظار ما ستسفر عنه، ومن الممكن أن تكون هناك قوة منظمة كانت تريد تحييد الأمن للاستيلاء على السلطة.
كلها احتمالات واردة، لذا نحن لا نريد أن نسبق الأحداث في أحد البرامج تواجد معي ضابط شرطة من الأمن المركزي أعجبني تحمسه وجرأته قال "في لحظة أحسست بالخطر على أرواح الجنود وانقطع الاتصال مع القيادات، فقررت الانسحاب خوفاً على الجنود وأفراد الشعب وانسحبت".. هذا نموذج آخر.
· أين دور جهاز أمن الدولة في هذه الأحداث؟
- أعتب على جهاز أمن الدولة عدم الإعلان عن جهده في ما يفعل، ولا يظهر أحدهم على شاشات الإعلام للدفاع عنهم، وترك الإعلام لتشويه صورة هذا الجهاز الحساس، والذي يعمل لأمن وخدمة الوطن، دون أن يدافع عن نفسه، مما جعل الجماهير كارهة لهذا الجهاز من كثرة التجريح فيه.
هذا جهاز جمع معلومات يقوم بعرضها على المسئولين كل في مجاله.. ويقوم بتنفيذ مديريات الأمن والبحث الجنائي في الشارع.
· مر على لجان تقصي الحقائق شهر دون أن يصدر عنها شيء.. لماذا؟
- هناك تقصير شديد لا شك، وعليها سرعة إصدار بيانات حول كل ما توصلت إلأيه، من حقائق خاصة حول معركة البغال والجمال، وأتمنى أن تعرض هذه البيانات على المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتصدر من خلاله حتى تحمل المصداقية والطمأنينة للشارع المصري.
· قيل إن عدداً من الجامعات ورؤسائها يتلقون التعليمات والأوامر وعليهم التنفيذ؟
- هؤلاء لو كانوا هكذا لا يصلحون أن يكونوا أساتذة أو رؤساء جامعات، العمل الجامعي يخضع لانتخابات ولهيكل ولائحة ولا يجوز وصف هؤلاء بهذا الوصف لأنهم أرقى درجة علمية.. لماذا لم يتم ضبط ضابط أمن دولة داخل الجامعة طوال هذه المدة؟!.. إلا أن يكون ضباط أمن الدولة يرتدون طاقية الإخفاء ويعطون التعليمات، هؤلاء واهمون، لأن العمادة داخل الكليات والجامعات بالانتخابات، وإن كان هناك تجاوز فعليهم اللجوء للقضاء الإداري.
· الأحزاب السياسية تقول إن ضعف الإقبال الجماهيري عليها وحالة الانشقاقات داخلها بسبب تدخل الأمن في شئونها؟
- أين هذه الأحزاب؟ أنا كنت أهاجم كل هذه الأحزاب، بما فيها الحزب الوطني لأن الحركة السياسية والحزبية في مصر متراجعة جداً وبعيدة تماماً عن الشارع لأسباب كثيرة، أهمها كان وجود الحزب الوطني نفسه، لأنه أثر سلباً في الحركة الحزبية والسياسية بشكل كبير جداً، ولعل ما يحدث الآن من تغيير في التعديلات الدستورية وعلى الساحة السياسية يأتي للخروج من عباءة الماضي البغيض.. فهذه الأحزاب لا وجود لها، والدليل "الإخوان المسلمون" فهم ليسوا حزباً وكانوا حركة غير مشروعة ومع ذلك كانوا أكثر تنظيماً وتأثيراً فكيف حققوا هذه النجاحات؟! الجماعة غير القانونية تحقق نجاحاً والأحزاب القانونية تفشل، إذن هناك خلل داخلها وليس في الأمن والدليل على صحة كلامي أن المستقلين يحققون نجاحات أضعاف ما تحققه الأحزاب، نعم هناك قيود على عمل الأحزاب وأنا ضدها لكنها ليست السبب في التراجع السياسي والحزبي.
· ما تفسيرك لما يتردد حول الاعتماد في تعيين رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات للصحف القومية أو الإعلامية على تقارير أمن الدولة؟
- إذن صفوت الشريف بجلالة قدره وسلطانه كان يعمل تحت إمرة أمن الدولة!! هذا كلام مغلوط، لأن الذي كا يعين الصحفيين مجلس الشورى وصفوت الشريف، وهناك صحف مستقلة يعمل بها كثيرون ويكتبون ما يحلو لهم ولا أحد يقترب منهم.
· شهدت النقابات المهنية عموماً وخاصة الصحفيين والمحامين تضييقاً من قبل أجهزة الأمن خلال العقود الثلاثة الماضية؟
- كل من نجحوا في نقابتي الصحفيين والمحامين ضد النظام، حتى مكرم محمد أحمد لا يحسب على النظام، وسامح عاشور كان ضد النظام مائة في المائة. حمدي خليفة- ربما كان تابعاً للنظام، أما الأعضاء فجميعهم ضد النظام، نقابة المهندسين فاز بها الإخوان.
من الممكن أن تكون هناك تدخلات لكن المسئول الأول عن الفشل النقابي هو النقابات نفسها وجميعاتها العمومية والأعضاء الذي يختارون من لا يمثلهم وهذه للأسف مسئولية الأعضاء.
· النيابة والقضاء لم يسلما أيضاً من أمن الدولة وتعيينات النيابة لا تكتمل إلا بموافقة أمن الدولة؟
- هذا أمر صحيح لأن هذا هو القانون وليس اجتهاد، لأن كل الوظائف العامة والسيادية لابد أن يتوافر في المتقدم لها حسن السير والسلوك، ومن لديه المعلومات وزارة الداخلية، هذه الجهات ترسل خطاباً للتحري عن المتقدم وضابط الاتصال المنوط به التعامل مع مؤسسات الدولة هو مباحث أمن الدولة ويقوم بالرد على صحيفته الجنائية هو وأسرته. ومن هنا يمكن الاعتراض عليه أو قبوله.!!
· نجح العهد السابق في وضع الأمن في مواجهة كل مشاكل الوطن بدءاً من رغيف الخبز وانتهاء بالمظاهرات السياسية؟
- أنا اتهمت من يترك مسئوليته السياسية للأمن بالخيانة العظمى، لأن هؤلاء حوّلوا البلاد في وقت من الأوقات دولة بوليسية، مما أوجد فجوة بين الشعب والشرطة حتى أصبح الأمن مكروهاً، وتسبب في جرح عميق نحاول الآن تضميده.
· من الذي أطلق الرصاص الحي على شهداء الثورة وحتى الآن لم تكشف التحقيقات من الذي أعطى الأوامر؟
- حتى هذه اللحظة لم تصدر التقارير الطبية التي تؤكد نوع الوفاة وهل كانت بسبب "رصاص حي" أم "خرطوش". وحتى الآن لم نجزم بمن أطلق على من، المعيار الأخير في هذا الأمر هو الطب الشرعي وأنا أستغرب لماذا لم تصدر التقارير حتى الآن التي توضح نوع السلاح المستخدم وطبيعة المسافة المستخدم فيها السلاح، لأن هناك شهداء من الشرطة ومن شباب الثورة وهناك جرحى من الطرفين.. وهناك حتى الآن تناقض غير طبيعي، ومازال الغموض يخيم على التحقيقات.. ولجنة تقصي الحقائق عليها أن تسارع بكشف المستور وتعلن أولاً بأول ما تتوصل إليه.. وحكاية أن معظم الضرب كان يستهدف الرأس والقلب هذا كلام خطير لأنه ضد الأعراف المتعارف عليها دولياً ومحلياص وكل من أطلق رصاصاً حياً إذا ثبت عليه ذلك سوف يحاسب ويقدم للعدالة من أي طرف.
· بم تفسر المستندات التي تداولت في محافظة البحيرة وتكشف عن رموز للمعارضة كانت تعمل مع جهاز أمن الدولة؟
- طبيعي أن يكون لدى جهاز جمع المعلومات مصادر من مختلف الاتجاهات للحصول على المعلومات لأن طبيعة الجهاز أن يتعاون مع مختلف شرائح الشعب، والمهم هذه المستندات دلت على أشياء مشروعة أم غير مشروعة، المشكلة أن لدى البعض حساسية مفرطة بالتعاون مع أجهزة الوطن، من يتعاون مع جهاز أمن الدولة مصري والجهاز مصري ويعمل لصالح الوطن، لذا فهو ليس خائناً لأن الجميع يعمل لخدمة الوطن.
· ماذا عن الأمن المركزي؟!
- الأرقام التي سمعتها عن تعداد الأمن المركزي أزعجتني ويجب إعادة هيكلة هذا الجهاز مرة أخرى لأنه ليس من المعقول أن يكون تعداد الأمن المركزي ثلاثة أضعاف الجيش ويزيد. أذكر حين كنت مدير "أمن بورسعيد" كان تعداد الأمن المركزي 300ألف اليوم وصلوا إلى مليون ثلثمائة ألف. هذا رقم خطير ويحمل الدولة ميزانية وأعباء كبيرة لأن مهمة الأمن المركزي مهمة مؤقتة ولفترة محدودة... أما أن أعطل كل هذه الطاقات لفترة زمنية تتعدى شهوراً ليؤدي مهمة عمرها ساعات فهذا أمر غير مقبول وإهدار للمال العام.. وهذا الكم يؤدي لعدم القدرة على التدريب بشكل يجعله لديه القدرة على أداء أية مهمة ولا العقيدة العسكرية التي تربى عليها تجعله متماسكاً لإنجاز أي مهمة.. لذا يجب إعادة تأهيله وتحديد أعداده واستغلال التكنولوجيا الحديثة.
· كيف ترى السيارات التي قتلت الأبرياء أثناء المظاهرات؟
- كما قلت، لجنة تقصي الحقائق عليها سرعة إصدار بيانات عن كل ما حدث وهذه عملية سهلة من خلال أرقام السيارات وأماكن تواجدها ومعروف من كان بداخلها.. وعليهم إصدار قرارات ضد هؤلاء حتى يهدأ الشارع وتعود الحياة بين المواطن والشرطة في سلام لأن التعليمات أن تنادي على المجرم بمكبر صوت، إن لم يستجيب تطلق قنابل مسيلة للدموع في الهواء، وإن لم يستجب يكون الضرب في القدمين، الفرضية الوحيدة في حالة المواجهة ويكون معه سلاح وخشية على حياته له الحق في الضرب في المليان، أما ما حدث فيعد عبثاً لذا نطالب لجنة تقصي الحقائق بسرعة إنهاء التحقيقات.
· يتردد أن حبيب العادلي أخد أوامره من الرئيس السابق؟
- مهما كان الذي أعطى الأوامر يجب أن يحاسب ويحاكم، والنائب العام أصدر قراراً بوضع أموال رئيس الجمهورية السابق وعائلته تحت التحفظ فكل شيء أصبح ممكناً ولا يوجد مستحيل!!
المصدر : مجلة الإذاعة والتليفزيون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق