الأربعاء، 9 فبراير 2011

النتائج المترتبة على انفصال جنوب السودان


أمريكا أول من ستعترف بدولة الجنوب الجديدة.. والجنوب لن يتحرر كلية من الشمال وسيظل تحت يده بسبب البترول.. وتضارب فى الآراء حول تأثر مصر بانفصال الجنوب
بعد أن أعلنت أمس مفوضية استفتاء جنوب السودان إعلان انفصال الجنوب رسميا عن شمال السودان وسط مؤتمر صحفى حضره الرئيس عمر البشير ورئيس حكومة الجنوب سلفاكير مارديت، تعد حاليا دولة الجنوب الجديدة دولتها وتبنى سواعدها الأساسية لتصبح دولة ذات سيادة، وأول من اعترف بدولة الجنوب كما هو المتوقع كانت أمريكا، حيث رحب أوباما بالانفصال قائلا "إن أمريكا ستكون أول دولة تعترف بدولة الجنوب كدولة ذات سيادة فى شهر يوليو المقبل"، وفى الوقت نفسه تبحث أمريكا حاليا رفع اسم السودان من قائمة الدول الإرهابية.والآن بعد انفصال السودان رسميا هناك عدد من المحاور والقضايا المتعلقة بانفصال السودان بالإضافة إلى النتائج المترتبة على الانفصال والتى تتمثل فى الآتى: أولا يفقد الجنوب نصيبه فى البنيات الأساسية القائمة فى الشمال والتى هى فى ظل السودان الموحد ثروة مشتركة لكل القوميات والكيانات وهذا يلقى على عاتق الجنوب مهمة إنشاء بنياته الأساسية من جديد.ثانيا: دولة الجنوب دولة مغلقة لا منفذ لها على البحار وسلبيات هذا الوضع من وجهات النظر الاقتصادية والحضارية، أن هذا الأمر سيقلل التجارة البحرية مع الدول المجاورة.ثالثا والأهم أن دولة الجنوب حاليا ستنضم للدول الإفريقية وتفقد صلتها بالدولة العربية، حسبما أعلن سلفاكير أن جنوب السودان يفكر فى عدم انضمامه لجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى.خامسا إن ما يوحد القبائل الجنوبية هو تحالفها لمواجهة الشمال، وهذا التحالف يؤجل المواجهة والحروب بين قبائل الجنوب، فان انفض التحالف بانفصال الجنوب فمن المرجح أن يصبح الجنوب مسرحا لحروب قبلية لا تكفل الاستقرار الذى ينشده الجنوب.سابعا: البترول الذى يعتمد عليه الجنوب حاليا قد ينضب بعد عام2011 ومن ثم فان بعد النظر والتخطيط السليم يوجب أن يتم إعادة تقسيم الثروة من جديد بشكل متساو.وعلى الرغم من أن حكومة الجنوب ستتمتع بنسبة 100 % بإيراداتها النفطية عقب الاستقلال، فإن الشمال سيطالب بسعر أعلى فى صورة إيجارات ورسوم لاستخدام المصافى وخطوط الأنابيب والموانئ؛ مما يجعل الجنوب رهينة للشمال الذى يمتلك البنية الأساسية للتكرير وشحن النفط، وسيحتاج الجنوب سنوات لتشييد بنيته التحتية، حتى وإن تمكن من التغلب على الصعوبات المالية، مما يشكل تحديًا على قدرة الجنوب على التحرر من قبضة الشمال.ومن المؤكد أن الجنوب وحده ليس هو الذى سيخسر ويفقد الكثير بعد الانفصال بل كذلك الشمال فسيصاب بعدد من الخسائر حيال الانفصال، حيث يفقد شمال السودان الدور الكبير الذى يلعبه فى تطوير مشاريع أعالى النيل المائية التى يتوقع أن تزيد من تدفق المياه فى نهر النيل "مشروع جونقلى مثلا".كما سيحجب انفصال الجنوب عن الشمال من الاتصال المباشر بشرق إفريقيا ويحرمه من أن يلعب دوره المرتقب كجسر الحضارة والثقافة العربية لإفريقيا.ويفقد الشمال أيضا السوق الجنوبية لتسويق منتجاته ولن يقدر الشمال على المنافسة فى سوق الجنوب التى سوف تفتح على مصراعيها لشرق إفريقيا والعالم.هناك أيضا أمور متعلقة بالفساد وبذخ زعماء الحركة الشعبية التى ربما تؤثر على إدارة الجنوب الداخلية، حيث تعانى حكومة الجنوب من صعوبة التحول من حركة متمردة إلى حزب سياسى يصلح لإدارة دولة مترامية الأطراف، فبعد توقيع اتفاق نيفاشا، وزعت الحقائب الوزارية على قادة الحركة الشعبية، وهنا يتشكك البعض فى مدى كفاءاتهم الإدارية وقدرتهم على تقديم الخدمات التى يأمل بها الجنوبيون؛ فالتحول من حركة سياسية عسكرية إلى حكومة مدنية يشكل أخطر التحديات التى يمر بها الجنوب.مظاهر الغنى الفاحش لزعماء الحركة ووزرائها الذين يعيشون فى بنايات ضخمة ويتجولون فى شوارع جوبا بسيارات دفع رباعى "هامر"، تشير كذلك إلى انفراد الحركة بمكاسب الاستقلال وحدها؛ حيث تلاحق تهم الفساد العديد من أعضاء الحركة فى ظل غياب الشفافية والرقابة الإدارية على عائدات النفط.وفى هذا الصدد، أثارت الدول المانحة للجنوب موضوع الفساد الحكومى كأحد أهم معوقات جهود التنمية فى الجنوب كدولة جديدة. إضافة إلى ذلك بدأت العديد من الخلافات بين قادة الحركة تطفو على السطح، والتى وصلت أحيانًا لحد النزاع المسلح، مثل تمرد الجنرال جورج أتور الذى يقاتل وقواته حكومة الجنوب، مما يزعزع استقرار الدولة الجديدة.وعلى الرغم من توقع بعض المحللين أن حكومة الجنوب ربما تتمكن من إضافة مليار دولار إلى ميزانيتها السنوية التى تبلغ نحو مليارى دولار من خلال الحصول على المزيد من عائدات النفط بعد الاستقلال، فإنه ليس مؤكدًا أن توجه هذه الميزانيات نحو التنمية.فالواقع يقول: إن أغلب ميزانية الجنوب تخصص لدفع رواتب الموظفين والجيش الشعبى لتحرير السودان، وينفق الجزء الآخر على إعادة التسليح، وذلك طبقًا لتقرير مؤسسة (مسح الأسلحة الصغيرة) المعنية بمراقبة تجارة الأسلحة حول العالم.أما بالنسبة لتأثير دولة الجنوب الجديدة على حصة مصر من نهر النيل صرح من قبل وزير الرى السابق الدكتور نصر الدين علام أن انفصال جنوب السودان لن يقلل حصة مصر من مياه النيل.وقال علام "حصة مصر من مياه نهر النيل لن تتأثر بتقسيم السودان وذلك تطبيقا للاتفاقات والمعاهدات الدولية." وأضاف "الفارق الوحيد فى حالة تقسيم السودان هو تقسيم حصة السودان بين شمالها وجنوبها دون الاقتراب من حصة مصر."وردا على تصريح علام أكد خبراء فى الشؤون الإفريقية، أن انفصال جنوب السودان سيكون له تأثير سلبى على حصة مصر من مياه النيل على المستوى البعيد، فى ظل مساندة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل للجنوب، محذرين فى الوقت نفسه من انضمام دولة الجنوب إلى جبهة دول المنبع فى مواجهة الموقف المصرى والسودانى الشمالى.ومن الذين أكدوا على ماسبق الدكتورة أمانى الطويل، خبير الشؤون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيحية، التى قالت الجنوبيون لا يمتلكون أسباباً أو دوافع لمعاداة إسرائيل، فالصراع العربى الإسرائيلى لا يخصهم بشكل مباشر، مشيرة إلى أن الموقف الاستباقى المصرى ببناء علاقات تعاونية مع جنوب السودان مع التأكيد على وحدة السودان، دون المساس بخيارات شعب الجنوب فى تحديد مصيره، يواجه عملية تخريب من جانب قوة إقليمية متربصة وخاصة إسرائيل التى ستكثف جهودها خلال الفترة المقبلة فيما يتعلق بملف نهر النيل. وقال الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ القانون الدولي، أيضا أن انفصال جنوب السودان سوف يؤثر على حصة مصر من مياه النيل، بحيث تصل إلى نصف حصة مصر المعتادة، "لأن الشمال سوف يقتسم حصته مع الجنوب، مما يؤثر على حصة مصر ويجعلها تنخفض للنصف، ومع انفصال السودان سوف تصبح مصر محاصرة من جميع الاتجاهات".

اليوم السابع



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق