الأحد، 20 فبراير 2011
الخصخصة السرية لـ السكك الحديدية
اعتصام العاملين بهيئة سكك حديد مصر الذي بدأ منذ أيام لم يكن فقط تعبيرا عن ازمة عمال يبحثون عن حقوقهم المالية والوظيفية الضائعة, بل فتح صفحة من صفحات ملف الفساد في واحدة من اكبر الهيئات الحكومية واقدمها في مصر وهي هيئة سكك حديد مصر
والتي يزيد عمرها علي150 عاما والتي كانت الدولة تؤكد دائما انها بعيدة عن ملف الخصخصة لكن تم تفتيتها وخصخصتها قطعة بعد أخري بينما لم يقل لنا احد كم يبلغ عائد هذه الخصخصة الصامتة التي استقطعت من جسد الهيئة العجوز كل ما يمكن أو يدر ربحا.ما هي تلك الشركات؟ ومن قادتها؟ ومن أين أتوا؟ وأين ذهبت أموال استثمار هذا الكيان الهائل وكيف استخدمت؟ وفي أي شيء؟ عشرات الأسئلة تحتاج إجابات واضحة, بينما في الخلفية تعلو أصوات المحتجين من أبناء الهيئة الذين كانوا وقودا لتلك الخصخصة الخفية هيئة سكك حديد مصر قصة جديدة.قيادات المحتجين الذين وقفوا علي باب المهندس مصطفي قناوي في أو انتظار الدخول له للتفاوض علي حقوقهم خرجوا أكثر إحباطا بعد أن فشل رئيس الهيئة في تقديم وعود حقيقية وموثقة بحل مشكلاتهم, بينما كان زملاؤهم يصرخون علي أرصفة محطة مصر مطالبين بقائمة طويلة من المطالب, ولم يكن بوسع قناوي سوي الصراخ في وجه المتظاهرين معلنا في النهاية أنه ليس لديه ما يقدمه لهم, وأن يخبطوا رءوسهم في الحائط علي حد تعبيره, ولم يكن فعلا يمتلك حلولا لهم, فبرغم أنه رئيس لهيئة السكة الحديد ولم يعد يملك صلاحيات تمكنه من حل مشكلات أبناء الهيئة بعد أن تفتت الهيئة وتم توزيعها بنظام القطعة علي شركات خاصة خرجت من جسد الهيئة العجوز لتمارس لعبة البزنس والعمل الخاص تحت حماية الهيئة الحكومية القديمة التي لم ينلها للأسف من الكعكة الغنية شيئا, بينما لم يتبق لها سوي ملف عمالي متضخم من الأزمات تبدأ بالتثبيت وتنتهي ببدل الوجبة.القصة بدأت في عهد الوزير السابق محمد منصور وجاء الوزير الحالي علاء فهمي ليسير علي نفس الدرب.شركات منصوروزير النقل السابق محمد منصور الذي تولي الوزارة في ديسمبر2005 واستمر فيها حتي سبتمبر2009 لم ير في الهيئة سوي كيان ضخم يمكن استثماره بعد تقطيعه لكيانات أصغر تحق الربح وبنفس فكر رجال الأعمال بدأ منصور عملية هيكلة وخصخصة داخلية للهيئة العريقة التي لم تدخل أصلا في برنامج الخصخصة ولكن أدخلها الوزير علي طريقته بعد أن قرر أن تكون قطاعات العمل بالهيئة شركات تخضع للقانون159 الخاص بالشركات الاستثمارية وتم بالفعل تشكيل ثلاث شركات خاصة في عهده وكانت( الشركة المصرية لمشروعات السكك الحديدية والنقل) علي رأس تلك الشركات واسست الشركة في اغسطس2006 كشركة مساهمة مملوكة للهيئة كما نص العقد يرأس مجلس إدارتها المهندس اسماعيل عثمان رئيس شركة المقاولون العرب سابقا وكان من ضمن أعضاء مجلس إدارتها السيد منير ثابت وحسب العقد فإن من ضمن أغراض الشركة( تصميم وإنشاء وإدارة وتشغيل واستغلال وصيانة خطوط وأصول الهيئة القومية لسكك حديد مصر.وبوجب هذا يكون للشركة أو تحصل مقابل الآن فاع والايجارات المستحقة علي ممتلكات الهيئة مقابل نسبة20% تحصل عليها الهيئة فقط والاستغلال كما نص العقد ايضا يشمل استغالال الاسوار والعربات والمحطات في اعمال تتعلق بالاعلانات واقامة انشطة تجارية وبشكل بسيط جدا فرغم أن الهيئة قدمت للشركة أصولا أن أراضي مباني بل وآلات يمكن أو تدر مئات الملايين بلا أدني مسئولية من الشركة وبعائد لا يزيد علي خمس الأرباح, وهو أمر مثير للتساؤل والدهشة فالهيئة الضخمة تمتلك أصولا في جميع أنحاء الجمهورية فكم يمكن أو تدر تلك الأصول من أرباح بينما اكتفت بفرض غرامة تأخير1% فقط في حالة عدم التزام الشركة بتسديد مستحقات الهيئة في موعدها وبفسخ العقد في حالة إفلاس الشركة أو تصفيتها, أما ملف العمالة والذي فجر الموقف مؤخرا فلم تشترط الهيئة سوي أن تستخدم الشركة العدد الكافي من العمال المتخصصين واستخراج الرخص والتصاريح اللازمة لهم وتوفير وسائل النقل وأماكن الإعاشة لمن تستلزم طبيعة عملهم هذا ولم يتحدث العقد عن أي التزامات وظيفية أو مالية أو حقوق أخري لهم لرغم أن عددا غير قليل منهم هم اصلا من عمال الهيئة ولم يكن هذا الملف يسبب أزمة للشركات تلك حيث كانوا يتخذون كل التدابير اللازمة لإحكام السيطرة عن طريق فسخ العقود القديمة وكتابة عقود جديدة للعمال بشروط مجحفة وصلت في كثير من الاحوال لحد إجبار العمال علي التوقيع علي استمارة6 الشهيرة في نفس وقت توقيعهم علي عقد العمل.أما الشركة الثانية والتي تم تأسيسها ايضا في عهد الوزير محمد منصور فهي( شركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة لاعمال التأمين والنظافة) وتضم جميع عمال النظافة والامن داخل الهيئة وفي عربات القطارات بها وهي اكبر الشركات عددا في عمالها حيث تضم اكثر من اربعة الاف عامل والشركة اسست عام2008 والادارة بالكامل من خارج رجال الهيئة من ظباط سابقين في الشرطة والقوات المسلحة ازمة عمال الشركة كما قال عمالها تتمثل في العقود الجديدة التي الزمتهم الشركة بالتوقيع عليها بدلا من عقودهم القديمة وخاصة فيما يتعلق بالاجور والبدلات الخاصة بهم وكذا ساعات العمل فالاجر لا يزيد عن400 جنيه يخصم منه61 جنيه تأمينات الشركة وكما قال لنا العمال يراسها المستشار ابراهيم جلال وبنفس السيناريو كانت العقود الجديدة ملحق بها استمارة6 لاغلب العماملين وهو ما يعني انهم بلا ادني حماية من التعرض للفصل في أو وقت بينما اكثر ن نصف العمالة ليس لديها عقود عمل أصلا.نفس السيناريو تكرر من قطاع الامن الصناعي بالهيئة وفي نفس العام حيث أسس الوزير السابق شركة اطلق عليها شركة ايرث لتتولي عمليات الامن الصناعي يرأسها لواء صبحي عابدين وكررت الشركة نفس سيناريو الفصل للعمال القدامي الذين كانوا يتبعون هيئة السكة الحديد ليعاد تشغيلهم من جديد بعقود اخري تعمل بمنطق القطاع الخاص في اهدار حقوق العمال بل وتعرض ما يزيد عن230 عاملا للفصل التعسف كما يقول محمود صديق احمد الذي اتي من الصعيد مع مجموعة من هؤلاء العمال مطالبا بحقه في العودة للعمل حتي ول براتب175 جنيها الذي تقدمه الشركة لعمالها.بزنس السياحةالشركة الدولية لعربات النوم قصة اخري شديدي الاثارة لكن بطلها هذه المرة هو الوزير السابق المهندس علاء فهمي الذي قرر أن يسير علي نفس درب محمد منصور الشركة اسست في اكتوبر2010 وتضم نحو1300 عامل ويرأس مجلس إدارتها اللواء محمد طلعت.هذا القطاع في هيئة السكة الحديد والذي يضم بالإضافة لقطارات النوم الميني بارات داخل القطارات وعلي محطات القطارات وكذلك الكافيتريات داخل القطارات وعلي المحطات كان منذ البداية وباتحديد منذ عام1980 يعتمد علي الاستعانة بشركات عالمية لإدارته باعتباره مرفق يقدم خدمات سياحية وكان الاختيار بين الشركات يتم بنظام المظاريف المغلقة بين تلك الشركات بما يضم الشفافية العائد المادي الجيد للهيئة إلا أن الهيئة قررت وفي عام2010 أن تنشأ شركة خاصة بها لتديره, مما أدي لتدهور الخدمة تماما به بشهادة العاملين هناك كما يقول أحمد عبداللطيف احد قدامي العمال فكما يقول: الشركة الجديدة يديرها أشخاص لا علاقة لهم أصلا بالخدمات السياحية ولا بالإدارة مجمعة من أهل الثقة وظباط الشرطة المتقاعدين والجميع لا يهدف سوي للربح بينما لا يعود هذا علي العمال بأي شيء بل بالعكس الكثير من حقوقنا ضاعت ولا يتقاضي العامل بعد15 عاما سوي500 جنيه علي أقصي تقدير بينما وحسب القانون رقم125 لسنة2003 الخاص بتوزيع الحصص مقابل الخدمة السياحية يحق لنا الحصول علي نسبة60% من الحصيلة الكلية لارباح البيه خاصة أن الشركة تتعامل مع الأطعمة والمشروبات والخدمات التي تقدمها باسعار سياحية بل وتفرض رسم خدمة12% كأي مرفق سياحي بينما عندما ذهبنا لوزارة القوي العاملة طلبنا مقابلة الوزيرة من نحو شهر تلاعبوا بنا وقالوا إننا مرفق حكومي بالمغالطة للقانون تماما في الوقت نفسه الذي لا تعطينا الشركة حقوقنا في بدل الوجبة والمبيت وبدل المخاطر باعتبار أن هذه بنود حكومية لا تعترف بها.حالة الارتباط والخلط بين ما هو عام وخاص التي أصابت ملف عمال الشركة لا أحد يفهم سببها خاصة أن الهيئة منذ البداية ورغبة منها في تحسين نوعية الخدمة تلك اعتمدت كما قلنا علي الشركات الكبري لتوفير خدمة سياحية جيدة بدأتها في الثمانينات بشركة فاجون لي الفرنسية المتخصصة في خدمة القطارات وعربات النوم ثم شركة اكور وهي شركة فنادق عامية ثم أخيرا شركة ابيلا المملوكة لساويرس, وحسب بعض التقديرات داخل الهيئة فقد كان هذا يوفر للهيئة نحو25 مليون جنيه سنويا حصتها من الارباح التي تتحقق بينما الآن لا أحد يعرف حجم ما تحققه الشركة الجديدة من أرباح, وإن كان العمال يرون أن أغلبها يذهب لنحو11 قيادة تتولي إدارة الشركة الجديدة بمرتبات لا تقل عن15 ألف جنيه شهريا بخلاف حصتهم من رسم الخدمة المقررة للعاملين علي خطوط القطارات حسب القانون.125تساؤلات كثيرة تستحق أن ننتظر إجاباتها بالأرقام والمستندات من السيد وزير النقل لنعرف ما الذي ينتظر سكك حديد مصر بعد أن تفجرت ملفات العمالة والشركات الجديدة بها وأهمها ما الذي حققته تلك الشركات من مكاسب للهيئة.. وأين ذهبت تلك المكاسب؟ وفيما استخدمت؟ ونحن نري القطارات بلا أدني تحسن والخدمات بالتحديد ماذا تفعل شركات الصيانة بينما الحوادث تتوالي؟ وأين شركة النظافة بينما القذارة تسكن القطارات؟ وأين عائد الخدمات السياحية بينما أقدم ثاني سكك حديد في العالم تنتظر منذ أشهر أن تتم عمليات تجديد محطتها الرئيسية منذ أشهر.
الاهرام
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق