السبت، 26 فبراير 2011

حق يطالب به الأبناء‏..‏ اسمعــونا


اانا طفل لكن لي حقوق‏..‏ ومن حقي ان تستمعوا إلي‏.‏ هذه العبارة يمكن ان ترد في اذهان بعض الأطفال‏ ،‏ لكن كم طفلا بالفعل يسمح له والداه بإبداء الرأي في المسائل الأسرية التي تخصه‏.
وكم طفل يسمح له بالمشاركة بالرأي في المناهج الدراسية التي يتلقاها أو البرامج التي توجه له‏..‏؟ نعم هناك عدد لا بأس به من الأسر المثقفة التي تسمح للأبناء بمناقشتهم والتعبير عن آرائهم بحرية‏,‏ ولكن في مقابلها هناك عدد اكبر من الأسر التي ترفض هذا المبدأ تماما وتعتبره تدخلا في شئونها الخاصة‏.‏ مما يجعل هذه المشكلة حالة مجتمعية شبه عالمية لأنه اذا كان الطفل العربي قد حصل اليوم علي معظم حقوقه الأساسية من حيث الحق في ان يكون له شهادة ميلاد والحق في الرعاية الصحية والتعليم‏;‏ فإن حق المشاركة بالرأي والاستماع اليه مازال غير مفعل بالنسبة لنسبة كبيرة من الأطفال‏,‏ خاصة الفئات الأقل حظا والفتيات‏.‏هذا الحق نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها معظم الدول العربية واكدت انه من حقوق الانسان وان من حق الطفل التعبير عن رأيه بحرية والمشاركة في اتخاذ القرارات التي يمكن أن تكون مؤثرة في حياته داخل الأسرة والمدرسة والمجتمع وان من حقه الحصول علي المعلومات التي تمكنه من تكوين رأي مستنير وله الحق ايضا في أن يستمع اليه‏.‏ وربطت الاتفاقية هذا بأن يكون لهذا الرأي الاعتبار الواجب لسن الطفل وقدراته‏.‏ولأن هذا الحق مازال يشكل تحديا للأطفال في معظم الدول‏;‏ عقد المرصد القومي لحقوق الطفل مؤتمره السنوي هذا العام تحت شعار مشاركة الطفل‏..‏ معا نتخذ القرار بالتعاون مع الحكومة الإيطالية واليونيسيف ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء وافتتحته الدكتورة مشيرة خطاب وزيرة الدولة لشئون الأسرة والسكان وحضره عدد من المحافظين وممثلي الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية ويأتي في إطار مشروع مصر جديرة بالأطفال الذي يهدف إلي بناء بيئة ثقافية ودستورية تحترم فيها حقوق كل طفل دون تمييز‏..‏ فالمشاركة أحد هذه الحقوق وهي أساس الحياة‏..‏ والانسان في جميع مراحل عمره يحتاج إلي أن يشارك ويتكلم ويجد من يستمع اليه ويناقشه في قضايا تهم الأسرة أو المجتمع ومن حقه ان يحترم رأيه ليشعر ان له دورا ورأيا فيزداد احساسه بالانتماء وتقديره للمسئوليات والواجبات ويكتسب الثقة فيكون اتخاذ القرارات الصائبة اسهل والنتائج افضل‏.‏لكن الأخذ بآراء الأطفال واحترامها كما قالت وزيرة الأسرة والسكان د‏.‏ مشيرة خطاب غير مفعل في كثير من الدول العربية أذ يراه البعض تحديا لمؤسسة الأسرة والسلطة الوالدية‏..‏ وهو أمر غير صائب لأن دور الوالدين هو الارشاد والتوجيه وابداء الاستعداد للاستماع إلي وجهات نظر الصغار ومناقشتها معهم ليتعلموا ان يكونوا ايجابيين وديمقراطيين‏..‏ ومن خلال اتباع هذا النهج سوف يتفهم الطفل لماذا لا يمكنه اتباع بعض الآراء التي ابداها ولماذا تتخذ قرارات قد تكون مختلفة مع تلك المفضلة لديه مما يؤهله بعد ذلك لأن يكون عضوا فاعلا في المجتمع‏.‏لكن الحق في المشاركة يتطلب اجراءات فعالة ليصبح حقيقة واقعة لأن الأطفال يتعلمون من خلال المشاركة والتعامل مع الآخرين‏..‏ وأهم مجالين يجب أن يمارس الطفل من خلالهما هذا الحق هما الأسرة والمدرسة‏.‏ فبالنسبة للأسرة يجب علي الأهل اظهار الاهتمام والتركيز مع الطفل عندما يريد الأدلاء برأي وافساح الوقت له ليصيغ مايعبر عنه وتشجيعه علي الإفضاء بكلمات بسيطة والتحلي بالصبر وطرح أسئلة تعكس للطفل الرغبة في فهم ما يريده واحترام آرائه‏..‏وفي اطار المدرسة التي تعد المؤسسة المثلي لتنفيذ حقوق الطفل يجب علي ادارتها اتخاذ كافة التدابير من أجل اتاحة الفرص للأطفال في التعبير عن آرائهم واشراكهم في التخطيط للمناهج والبرامج الدراسية وفي عمليات صنع القرار من خلال المجالس واللجان المدرسية وتمثيل الطلاب بها وحتي في المسائل التأديبية‏,‏ حيث يجب احترام حق الطفل في الاستماع اليه خاصة في حالة الطرد من الفصل أو المدرسة كذلك يجب علي الوزارة وضع برامج ملائمة للأطفال والمراهقين تسعي إلي تهيئة بيئات تفاعلية تقوم علي الرعاية والحماية والمشاركة للقيام بدور ايجابي في المجتمع وتحمل مسئولية المواطنة داخل مجتمعاتهم‏..‏فالمشاركة تخدم حماية الأطفال كما قالت الوزيرة مشيرة لأن التعبير عن الآراء واحترامها هو اداة قوية يمكن من خلالها مواجهة حالات العنف والإساءة والاستغلال والتهديدات‏..‏ اما اسكات الأطفال وعدم تشجيعهم علي الابلاغ عن الإساءة التي يتعرضون لها فيؤدي في النهاية إلي حماية المعتدين بدلا من الأطفال‏..‏ لذلك وفرت وزارة الاسرة والسكان خط ساخن مجاني‏16000‏ للإبلاغ عن اي عنف او اساءة وترده مكالمات كثيرة من اطفال‏.‏هذه المشاركة وفرها قانون الطفل المعدل حيث وضع اعلي سقف لتمتع الطفل بكل الحقوق‏.‏لكن يبقي بعد ذلك تدريب الوالدين علي الاستماع إلي الطفل في الأسرة وتدريب العاملين في المدارس علي تمكين الطفل من الحصول علي المعلومة التي تمكنه من تكوين رأي مستنير واتاحة الفرصة له للتعبير عن رأيه بحرية‏.‏ويبقي علي وسائل الاعلام توفير مساحة كافية لمشاركة الاطفال والسماح لهم بتولي اعداد وتقديم برامجهم دون تدخل البالغين وان تكون موجهة لكل فئات الأطفال‏..‏فمشاركة الطفل كما قال فيليب دوامال ممثل اليونيسف في مصر يجب ان تكون وسيلة لتعزيز المساواة وتضمن مشاركة الفئات المهمشة من أجل تدعيم الحوار والتكامل‏.‏هذه النتائج التي حققها المرصد من خلال اشراك الاطفال في اعماله استحقت اشادة كلاوديو باسيفيكو سفير ايطاليا بمصر‏,‏ لأنها اثبتت ان اعمال حقوق الطفل في مصر أصبحت اليوم جزءا من آلية مؤسسية تقر بأن الأطفال والشباب ليسوا فقط متلقين من البالغين بل لهم دور ايجابي كمواطنين واصحاب حقوق يعتد بآرائهم وتؤخذ وجهات نظرهم في الاعتبار بكل جدية‏.‏مما سبق يتضح ضرورة منح أبنائنا مساحة من الوقت لنستمع إليهم ليشاركونا بالرأي فيما يخصهم من أجل مستقبل أفضل لهم ولبلدنا مصر‏.‏
الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق