الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010
فيلم "حراقة".. شخصيات ضائعة.. و هوية ممزقة.. و ثرثرة تخلو من الدراما
هجرة غير شرعية من الأفلام الروائية لشواطئ السينما التسجيلية
الناس من هول الحياة॥ موتي علي قيد الحياة" قد يكون بيت الشعر الذي صاغه نجيب سرور في "لزوم ما لا يلزم" ليصف به حال المصريين منذ عقود مضت، استعارة تتناسب مع الطرح الذي يقدمه المخرج مرزاق علواش في فيلم "حرافه" الذي يعبر من خلاله عن حال المجتمع الجزائري والازمات التي تحاصره وتعتصر شبابه الحالمين। ولأننا نعيش نفس الازمات فلن نلاحظ اختلافاً كبيراً بين حالة الهوان التي يعيشها الشباب المصري والجزائري علي حد سواء فالمعاناة والقهر والكبت هي الصفات المشتركة التي تجمع معظم الشعوب العربية علي اختلافها. واختراق مرزاق علواش فيلم "حراقة" لظاهرة الهجرة غير الشرعية ألقي الضوء علي تحول هذه الظاهرة الي تجارة رابحة في بعض المجتمعات العربية مع سخط افرادها وتمردهم علي حياة لا تستحق ان تعاش وهو ما ادي لظهور العديد من تجار الموت الذين يستغلون احلام البسطاء بمستقبل مشرق بعيداً عن ضبابية أوطان تتحكم بها أيادي الاستبداد ليلقوا بضحاياهم الي عرض البحر فتتلقفهم شواطئ كثيراً ما تلفظهم او تحتضن اجسادهم الميتة. والفيلم الذي عرض ضمن فعاليات الدورة الـ 26 لمهرجان الاسكندرية السينمائي يعتمد كغيره من افلام السينما الجزائرية علي التمويل الفرنسي الذي ساهم في التأصيل لصناعة السينما في الجزائر وغيرها من دول المغرب العربي بما تمنحه صناديق الدعم الاوروبية للتجارب التي تطرح القضايا المشتركة بين جنوب وشمال البحر المتوسط ولعل قضية الهجرة السرية هي الاهم بالنسبة للطرفين فدول الشمال يثقلها ما تتلقفه من المهاجرين غير الشرعيين ودول الجنوب تعاني هي الأخري من الضغط الشعبي والثورات التي تتجدد مع فشل محاولات المهاجرين أو "الحراقة" التي تنتهي بهم في قاع البحر لتؤكد علي فشل الانظمة في تلبية احتياجات شعوبها. وقد يكون فيلم "حراقة" صورة شبه مكتملة لما تحمله عملية الهجرة غير الشرعية من مخاطر مع تركيزه علي أدق تفاصيل العملية موضوع الفيلم الذي اختار ميناء "مستغانم" الجزائري نقطة لانطلاق ابطاله في اتجاه سواحل اسبانيا التي لا تبعد عنه أكثر من 200 كيلو متر، ولكن ما يكشف عنه العمل الذي يبدأ بانتحار شاب جزائري قبل الاقدام علي الهروب من وطنه واصرار اصدقاء الشاب علي استكمال رحلة الهرب الي اسبانيا لأن الجزائر كما تقول لاميه بوسكين "إيمان" بلاد الهم وبلاد الشر او لأن الغربة عن هذه البلاد تساوي كل شيء كما يؤكد "رشيد" نبيل عسلي وغيرها من الجمل الحوارية التي استعاض بها مؤلف ومخرج الفيلم عن الصورة ليقدم في النهاية رؤية تحمل من الثرثرة اكثر مما تحمله من الدراما. فالحوارات المطولة ساهمت في مسرحة العمل وزادت من بطء ايقاع أغلب مشاهد الفيلم باستثناء بعض مشاهد القارب ليبدو الطرح الدرامي هو الاكثر مباشرة بين اعمال علواش المهموم بالقضايا الجزائرية، فتلك الصورة شبه المكتملة لاحدي عمليات الهجرة غير الشرعية التي تضمنت العديد من الجماليات علي مستوي الصورة كانت اقل اكتمالاً بالنسبة للسيناريو الذي لم يستطع كاتبه توظيف التفاصيل الجديدة التي انفرد بها عن غيره من الافلام التي تعرضت لنفس القضية في اطار درامي يتناسب مع الافكار المطروحة التي جنحت بصاحبها الي شواطئ التسجيلية. ولأنه ادرك الخواء الدرامي الذي ساهم في إظهاره ضعف بنية السيناريو وملامح الشخصيات الباهتة حاول المخرج ان يضفي شيئا من الاهمية علي القضية التي يطرحها مع تترات النهاية التي حملت احصائيات لعدد القتلي والغرقي والمفقودين من المهاجرين غير الشرعيين للدول الاوروبية رغم ادراكنا لاهمية هذه القضية ودرايتنا بالارقام التي نطالعها في صحف الصباح بشكل دوري من المحيط الي الخليج. واهداء الفيلم الي كل "الحراقة" المفقودين كما اكد مخرجه في تتر النهاية يدفعنا للتعاطف مع هؤلاء الحالمين بغد افضل، ولكن الشخصيات التي اختارها علواش لتحمل مسئولية التعبير عن ضحايا الهجرة غير الشرعية لا تمتلك القدرة علي استلاب تعاطفنا معها فالواقع يؤكد ان الانسان لا يعبأ بأمر من لا يعرفه ونحن لا نعرف شخصيات علواش الدرامية وهنا قد لا نتعاطف مع شخصيات لا تعلم ما تريده ولا هم لها سوي الرحيل عن وطن يبغضونه بلا سبب واحد يوضح اسباب بغضهم لهذا الوطن، فالسيناريو لم يمنحنا تاريخاً لشخصياته التي تبدو جميعاً متشابهة كما لم يقدم ما يبرر افعالها وقد ينهكنا البحث بين مشاهد الفيلم عن لقطة واحدة تشير الي ملمح من ملامح اي من الشخصيات التي اكتفي مخرج الفيلم بالتعريف بها عن طريق الراوي الذي استمر من المشهد الاول للمشهد الاخير. فشخصية رشيد تشبه شخصية ناصر وكلاهما مصران علي الهجرة بل سبب وشخصية ايمان التي تصر هي الاخري علي الهجرة قد نبرر رحيلها كرد فعل علي انتحار اخيها ولكن تمردها علي الحجاب يأتي بلا مبرر واضح خاصة انها تنتزعه في غفلة من المجتمع رغم ان وصف رشيد لها يؤكد انها متمردة ولاتخشي شيئا، وشخصية حكيم السلفي الذي لم يفاجئنا اكتشاف انه كان يستمع الي القرآن من خلال سماعات الاذن طوال الرحلة فلا نعلم عنه شيئا سوي السر الذي افشته ايمان بأنه كان يريد الارتباط بها ولا ندرك اهمية هذا السر بالنسبة للدراما وبين كل هذه الشخصيات الضائعة قد نكتشف ان الشخصية الوحيدة الحقيقية هي شخصية حسن ذلك البحار الذي يخطط لتهريب ابطال الفيلم ولكنه يقتل قبل بداية الرحلة، وبين هذا الكم الهائل من الشخصيات تبدو الشخصية الوحيدة التي تمتلك مبررا للرحيل هو ذلك الشخص الهارب من السجن الذي يبحث عن ملجأ بعيداً عن ايدي القانون. ورغم ما يحمله فيلم "حراقة" من قصور الا ان هناك العديد من الجماليات التي يأتي في مقدمتها تصوير فليب فيلبار الذي قدم عشرات اللقطات الناعمة والمبتكرة خاصة في المناطق التي لجأ فيها المخرج للقطات الطويلة وتلك التي صورت علي ظهر القارب بالاضافة لموسيقي ديفيد حجاج المؤلمة التي تثير الشجن والترقب ومن المشاهد الجيدة مشهد الشنق الذي يبدو فيه عمر معلقاً وبجواره هوية ممزقة ثم مشهد شقيقته وهي تجمع اجزاء هويته وتلصقها وهي تبكي فلا نعلم هل تبكي اخاها ام تبكي تلك الهوية الممزقة لوطن مازال يبحث عن هوية.
موضوعات ساخنة :
* بالصور .. بكاء احمد السقا في جنازة والده.. اضغط هنا
* حبيب العادلى : سانصف من يتعرض للاهانة من رجل الشرطة.. اضغط هنا
* مشادات بين محامي هشام طلعت ورئيس جنايات القاهرة بسبب طلب سماع شهود جدد ... اضغط هنا
* المجتمعات العمرانية تلغي عقد مدينتي و تعيد التخصيص لـ طلعت مصطفى.. اضغط هنا
* مساع قبطية لاحتواء فتنة بيشوي ... اضغط هنا
* الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس أساء لـ القرآن الكريم فى محاضرة رسمية .. اضغط هنا
* استمرار غياب عمرو أديب بعد غلق استوديوهات "الأوربت.. اضغط هنا
* عالم أردني يدعو للبحث الدقيق عن موقع هيكل سليمان بعيدا عن فلسطين.. اضغط هنا
* االكويت تطالب الانتربول باحضار المسىء لـ السيدة عائشة ومحاكمته.. اضغط هنا
* آخر صيحة.. كتب خارجية هوم دليفري .. اضغط هنا
* شباب مصر ... ثروة لم تستغل ! ... اضغط هنا
* عدادات كهرباء مسبقة الدفع بـ القاهرة .. اضغط هنا
* القس تيري جونز مجنون أم متسلط أم غاوي شهرة !... اضغط هنا
* مشروع قانون لـ الأحوال الشخصية ... تمتع الزوجة المتزوجة عرفياً بكافة الحقوق ... اضغط هنا
* ويكيليكس ينوي نشر وثائق سرية عن حرب العراق .. اضغط هنا
* شباب مصر ... ثروة لم تستغل ! .. اضغط هنا
* موجات "تحرش جماعى" بالفتيات فى الحدائق و المتنزهات .. اضغط هنا
* مفاجآت و حكايات في جريمة المذيع "ايهاب صلاح" قاتل زوجته .. اضغط هنا
* إحالة الاعلامي حمدى قنديل لمحكمة الجنايات بتهمة سب وزير الخارجية ... اضغط هنا
* تامر هجرس : مراتي "مٌزَّة " ولازم أفرجها للجمهور علشان يعرفوا إني عرفت أختار !! ... اضغط هنا
* حسن الرداد : توقعت ثورة الإخوان ضد الجماعة ... اضغط هنا
* الاهمال وصل لدرجة أن جراج دار الأوبرا يتحول إلي مركز للشباب ... اضغط هنا
* "المصريين أهمه" تفتح ملف أوجاع الأغنية الوطنية ... اضغط هنا
* المفتي : ليس للزوج حق في راتب زوجته ... اضغط هنا
* انتقادات شديدة لـ "الجماعة" بسبب سخريته من عمرو خالد .. اضغط هنا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق