د. على السلمى نائب رئيس الوزراء الأسبق: حكومة قنديل سترحل حين يرى مكتب الإرشاد أنها استنفدت أغراضها.. الحديث عن مؤامرات لإسقاط «مرسى» كلام مرسل.. والتوازن السياسى سيتحقق بوجود حزب حاكم ومعارضة
يرى نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور على السلمى أن الشعب المصرى استوعب الدرس، ولن يقبل بأى حال عودة النظام الديكتاتورى والسلطوى بأى مسمى، وهو يؤكد من منطلق قراءته للواقع الحالى أن ثورة الجياع قاربت على الانفجار ما لم يقدم النظام الحاكم على تقديم ما يثبت حسن نواياه، وإخلاصه للفكرة الوطنية وليس لجماعة أو حزب بعينه.الدكتور «السلمى» يؤكد أيضا فى حواره مع «اليوم السابع» أن أساس المشكلات فى مصر الآن يكمن فى جماعة تحكم من وراء الستار، وتحتاج إلى تقنين أوضاعها، ومكتب إرشاد يحكم مصر ويدير البلاد من وراء ستار، واصفا الأحاديث عن مؤامرات للانقلاب على الحكم بأنها كلام مرسل، معتبرا أن التجارب لا تبشر بخير بشأن أى حوار بين الحكم الحالى والقوى والائتلافات السياسية.. وإلى نص الحوار:
> كيف ترى الأوضاع الحالية فى مصر سواء فى المجال السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى؟
- الوضع عامة فى مصر يشهد حالة ارتباك وعدم وضوح، والأشهر القليلة الماضية شهدت أحداثا سياسية بالغة الخطورة، وأثرت على مسيرة الوطن وعطلته عن الالتفات إلى قضايا مهمة فى الجانبين الاقتصادى والاجتماعى، فخلال الأشهر الـ6 الماضية فى عهد الرئيس د. محمد مرسى كانت هناك محاولات للالتفاف على أحكام قضائية أصدرتها المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، ثم العودة على هذه المحاولة بعد أن حكمت المحكمة بعدم دستورية القرار الذى أصدره الرئيس مرسى بعد 8 أيام من توليه فى شأن دعوة مجلس الشعب السابق للانعقاد، رغما عن الحكم بعدم دستورية القانون الذى انتخب المجلس على أساسه، ولم نكد ننتهى من هذه الأزمة حتى فوجئنا بضجة أخرى فى أزمة إقالة النائب العام السابق عبدالمجيد محمود، وما أثارته من غضب شديد فى قطاعات النيابة والقضاء، وفى المجتمع كله بعد إخراج النائب العام من موقعه بأسلوب يتنافى مع القانون والدستور، وبطريقة أنا أعتبرها فجة، ثم جاءت الطامة الكبرى بالإعلان «غير الدستورى» الذى صدر فى 21 نوفمبر وجمع الرئيس فيه بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وحصن قراراته السابقة واللاحقة ضد الطعون القضائية، وغل يد القضاء عن التدخل بالنظر فى أى طعون تأتى من أى متضرر أو أى مواطن ضد قراراته، وحدثت المأساة التى عاشت فيها مصر لأسبوعين وأكثر من تظاهرات واعتصامات، بالإضافة إلى التناحر بين المؤيدين للرئيس والمعارضين لقراراته، وكان الحل أن يستجيب الرئيس لطلب الشارع بالعودة عن هذا الإعلان الدستورى، وإلغائه وإعادة الأمور إلى نصابها.
وفى الحقيقة لم يستجب الرئيس لمطالب الشارع والقوى المعارضة، وأبقى آثاره نافذة على الرغم من آثاره التى انعكست على الهيئة القضائية، فالجمعيات العمومية للقضاة علقت العمل بالمحاكم، واعتبروا هذا الإجراء من قبل الرئيس تعديا على السلطة القضائية، وعودة إلى النمط الديكتاتورى فى الحكم، بغض النظر عن الدعاوى التى كانت تصدر من مؤسسة الرئاسة بأننا نسير على خطة التحول الديمقراطى.
> ألم يكن تعيين نائب عام جديد من بين أهداف الثورة؟
- النائب العام الجديد تم تعيينه بقرار جمهورى بدون استشارة المجلس الأعلى للقضاء، أو بترشيح منه، وهذا ما أثار أعضاء النيابة العامة وتظاهروا رفضا لهذا التعيين، واستجاب النائب العام ظاهريا وقدم طلبا بالعودة إلى القضاء، وأعلن ذلك على الناس، وعاد فى القرار بعد 48 ساعة، والنتيجة أنه مازالت الأمور على ما هى عليه .
> وكيف ترى تعامل الشارع المصرى مع أحداث الفترة الماضية؟
- فى هذه المرحلة انشغل الناس بقضايا غير حيوية لمسيرة الديمقراطية، وغير فاعلة فى القضاء على المشاكل والمتاعب والمآسى الاقتصادية والاجتماعية، وضاعت شهور ثمينة من العمل أو بالأدق من عدم العمل على حل هذه المشاكل، واتسمت مؤسسة الرئاسة بالتردد وعدم الكفاءة، والدليل على هذا أن عددا من مساعدى الرئيس ومستشاريه قدموا استقالاتهم وأعلنوا عدم رضاهم، حتى نائب رئيس الجمهورية السابق الذى لا نعلم حتى الآن هل هو سابق أم حالى، قدم استقالته ولم يُعلن قبول هذه الاستقالة حتى الآن، حيث لا يزال يمارس عمله فى إدارة الحوار الوطنى المدعى.
> وكيف تقيم أداء وممارسات جماعة الإخوان المسلمين خلال المرحلة الماضية؟ وهل ترى أنها كانت تسعى للتوافق الوطنى كما تقول أم مصلحتها الخاصة كما يقول معارضوها؟
- حزب الحرية والعدالة وحركة الإخوان المسلمين كان شغلهم الشاغل خلال الأشهر الماضية، ومنذ أن فازوا بأكثرية مجلس الشعب القديم المنحل، ومنذ انعقاد أولى جلساته وتولى الرئيس مرسى منصبه فى 30 يوليو، هو ترتيب الأمور من أجل تمكين الحزب والجماعة من السيطرة على مفاصل الدولة، سواء كانت تنفيذية أو تشريعية، حتى أنه بعد حل مجلس الشعب جاء الدستور الجديد ليعطى مجلس الشورى سلطة التشريع، وهذا مخالف لكل الأعراف، لأن هذا المجلس ليس منتخبا لغرض التشريع، وهو غير مؤهل لممارسة القضايا التشريعية، وغير محايد لأن أكثريته من الحرية والعدالة، وحزب النور، والـ90 المعينون أغلبهم من الفئات المناصرة أو المؤيدة أو المتماشية مع اتجاهات الإخوان.
> رئيس الجمهورية وقيادات جماعة الإخوان تحدثوا عن محاولات للانقلاب على الحكم واتهموا بعض قيادات المعارضة بالتورط فيها.. ما رأيك؟
- أحاديث الرئيس والإخوان التى تدعى أن هناك مؤامرة ضد الحكم الجديد من قبل عناصر فى القوى المدنية والأحزاب السياسية المختلفة كلها أقوال يعوزها الدليل، والرئيس فى أكثر من خطاب عرض لأفكار متعلقة بهذا الأمر، وكان هناك ادعاء بمؤامرة من أعضاء فى المحكمة الدستورية العليا تم الاتفاق عليها فى مكتب أحد المبرئين فى قضية موقعة الجمل، وهذه المعلومات ذكرها الرئيس وكررها المسؤولون فى الحرية والعدالة وجماعة الإخوان، لكن لم يقدموا دليلا واحدا عليها، ولم يتقدم عنصر واحد ببلاغ رسمى من الرئاسة أو الحزب أو من أى جهة إلى النائب العام لاتهام شخص بعينه فى هذه المؤامرة، بما يعنى أن هذه أقوال مرسلة، ودعاوى غير صحيحة حتى الآن.
> وكيف ترى الأحاديث بشأن وجود ميليشيات للإخوان قامت بالاعتداء على المتظاهرين؟
- الأزمة والمأساة التى جرت فى محيط قصر الاتحادية كانت واضحة، حيث الاعتداء الإجرامى على المتظاهرين السلميين، ووفاة عدد من المواطنين فيها، فضلا على قيام ميليشيات موجهة من قبل الإخوان باحتجاز المتظاهرين وتعذيبهم وتسليمهم للشرطة لاتخاذ إجراء معهم، وكلنا رأينا كيف أن المستشار مصطفى خاطر الرجل الشريف أفرج عن 138 شخصا ممن احتجزهم الإخوان، وحدثت بعدها الأزمة الخاصة به بمحاولة إبعاده عن منصبه.
> هناك من يرى أن لجماعة الإخوان حقا مشروعا فى أن تسعى للسيطرة على مفاصل الحكم بعد اختيار الشعب لها فى الانتخابات الرئاسية، ومن قبلها أغلبية البرلمان.. ما تعليقك؟
- الديمقراطية تعنى أن الحزب الذى يحصل على أكثرية أو أغلبية يتاح له تشكيل الحكومة، ويعهد إليه بذلك، لكن هناك فرقا بين حكومة حزبية تكون مسؤولة أمام الجماهير التى انتخبت هذا الحزب عن أداء وحل مشكلات، وبين جماعة تدعى أنها دعوية وتمارس السياسة، وتدخل فى مسيرة الوطن دون مسؤولية، فمرحبا بحكومة إخوانية بالكامل، ودعوت من قبل د. محمد مرسى إلى أن يشكل حكومة إخوانية بالكامل حتى تكون مسؤولة عن تنفيذ برنامجه الرئاسى الذى انتخب على أساسة، خاصة أن الحكومة الحالية بها فلول.
> وهل تتفق مع المطالبات بتقنين الوضع القانونى لجماعة الإخوان المسلمين؟
- جماعة الإخوان غير مقننة، ولا نعلم عن تمويلها شيئا، وكيف يتخذ القرار فيها، ولا نعلم علاقتهم بالرئيس المنتخب، كما لا نعلم بالتفصيل تأثيرها على الحكومة المعينة، وهذا الوضع مختل ويدعو للاعتراض كليا وجزئيا على هذه الممارسة غير المسؤولة، فنحن أمامنا رئيس منتخب وحكومة معينة من قبله، وهما الطرفان المسؤولان عن مسيرة الوطن، أما أن تكون هناك جماعة من وراء الستار تتخذ القرارات وتعين وترشح وتأمر وتنهى فى المسيرة الوطنية فهذا أمر غير مقبول وغير مطلوب.
> ما رأيك فى أداء حكومة الدكتور هشام قنديل وبقائها رغم المطالبة برحيلها من قبل قوى سياسية مختلفة بما فيها جماعة الإخوان؟
- المشكلة أن هذه الحكومة تسير بقرارات إخوانية من مكتب الإرشاد الذى لا يُسأل عن إخطائها رسميا، وهذه المساءلة تكون من نصيب الحكومة وحدها وليس متخذ القرار الفعلى، فالخطورة إذن فى دعوة الإخوان برحيلها أنها دعوة حق يراد بها باطل، وكان من المفروض ديمقراطيا أن تتشكل الحكومة من الأحزاب الفائزة بالأغلبية، سواء حكومة ائتلافية أو مستقلة من حزب واحد، وهذا هو المنطق الطبيعى، لكن الموقف الحالى هناك جماعة الإخوان تفصل المناصب على مقاس أعضائها بغض النظر هم فى الحكومة أو خارجها، وتسيطر على مقدرات الوطن دون مسؤولية عليها لأنها غير قانونية بالقطع.
> هل تتوقع رحيل حكومة قنديل بالكامل قريبا؟
- سترحل حكومة د. قنديل حين يرى مكتب الإرشاد أنها استنفدت أغراضها.
> اسم المهندس خيرت الشاطر مطروح بقوة لتولى الحكومة القادمة بعد الانتخابات.. ما رأيك؟
- لا أهتم بالتفكير فى هذا الاحتمال، لأن من يحدد رئيس الحكومة القادم هو مكتب الإرشاد، ولا طائل من محاولات التخمين أو التنبؤ.
> وما تقييمك لأداء مساعدى ومستشارى الرئيس خلال المرحلة الماضية؟
- هيئة مساعدى ومستشارى رئيس الجمهورية انفضت سواء بالاستقالة لمن استقال وعدم التفعيل بالنسبة للقائمين، ونحن لم نعرف أصلا ما إذا كان أعضاء هذه الهيئة فاعلين ومسؤولين وتتم استشارتهم، وما نعرفه أن القرارات توضع وتتخذ وتلغى بتعليمات مكتب الإرشاد، فلا يعقل أن يصدر رئيس الجمهورية قرارات جمهورية بتعديل 6 قوانين متعلقة بضريبة الدخل والضرائب العقارية ورفع الأسعار ويوقع عليها وتنشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ سابق حتى تحصن ضمن القرارات المحصنة بالإعلان الدستورى الملغى ظاهريا، والفعلى فى آثاره ويعود الرئيس بذاته بتجميد هذه القرارات بعد ساعتين، لا يعقل أن يكون هذا أسلوب اتخاذ قرارات مصيرية تؤثر على الشعب.
> وهل ترى أن تراجع الرئيس عن قراراته وآخرها المتعلقة بزيادة الأسعار تخبط منه فى إدارة البلاد؟
- هذه التصرفات تحمل دلالات واضحة أمام أى إنسان، سواء كان خبيرا بالسياسة أو شخصا عاديا، أن هذه القرارات تتخذ فى مكان غير مؤسسة الرئاسة، وهذا المكان هو مصدر الإشكاليات والمشاكل، لأنه مكان غير مسؤول قانونيا عن هذه القرارات، «يعنى الدنيا لما تولع بعد زيادة الأسعار مين هيتحاسب، مكتب الإرشاد أم المرشد أم الرئيس ورئيس الوزراء».
> ما توقعاتك للتشريعات التى ستصدر من مجلس الشورى؟ وهل ستكون هى آخر ما تتكفل به الحكومة الحالية؟
- سترحل حكومة قنديل بمجرد انتهاء مجلس الشورى من تمرير مجموعة القوانين التى تريدها الحكومة لتحقيق أهداف ضبط الإعلام والصحافة والأحزاب والقوى السياسية ومنع المظاهرات إلى آخره.. فهذه مجموعة من التشريعات مطلوبة لكى يحكم النظام القائم رقابته وإدارته للدولة، ومن المتوقع أن تصدر عن الشورى عدة تشريعات سريعة، فى مقدمتها قانون انتخاب مجلس النواب، وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وقوانين خاصة يتوقع صدورها لتنفيذ ما جاء بالدستور بالهيئات المستقلة والهيئات الرقابية، وأنا شخصيا أرشح فى ضوء كلام د. ياسر برهامى أن هناك قانونا منتظرا لإعادة تنظيم الأزهر، وإعادة تشكيل هيئة كبار العلماء، وقانونا منتظرا لتكبيل القوى السياسية بشروط وضوابط على حرية إنشاء الأحزاب.
وفى الحقيقة أنه علينا أن ننتظر سيلا من القوانين التى ستضيق الخناق على الحريات والحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية وفقا لما يريده المنظرون فى الإخوان أو التيار السلفى.
> وهل تعتقد أن هذه التشريعات ستكون سبيلا لتمكين الإخوان من الحكم أم سببا فى موجة جديدة للثورة؟
- الشعب المصرى، وبعد أن تعرضت ثورته فى 25 يناير 2011 لإجهاض وسرقة من أناس محسوبين على قوى الثورة، وهم فى الحقيقة معادون لهذه الفكرة الثورية، هذا الشعب استوعب الدرس ولن يقبل بأى حال عودة النظام الديكتاتورى أو النظام السلطوى بأى مسمى، ناهيك عن أمور أخرى، وبغض النظر عن القوانين المتوقع صدورها من الشورى فإن مشكلات أساسية لا ينتبه إليها الحكم بالقدر الكافى، مثل مشكلة سيناء، وما يجرى بها من انفلات أمنى، فسيناء تمثل مشكلة خطيرة بعد الخلاف مع السلطة الفلسطينية والتحالف بين الإخوان فى مصر وحماس «إخوان غزة»، وهو ما أدى إلى انشقاق الصف الفلسطينى، وابتعاد مصر عن هدفها بمحاولة التوفيق وإعادة اللحمة للصف الفلسطينى، وابتعاد الأمل فى أن يكون هناك لم للشمل الفلسطينى، كما أن علاقة الحكم الجديد فى مصر بإسرائيل وأمريكا ملتبسة وتحتاج لتوضيح.
> هل ترى أن الوضع الاقتصادى فى مصر قارب على الانفجار، أم أننا على أعتاب ما تصفه جماعة الإخوان بـ«النهضة»؟
- الفقر والبطالة وتباطؤ النشاط الاقتصادى وإهدار الموارد القومية المتمثلة فى البشر والموارد الزراعية والعملية كلها معطلة، وما يكمل هذا السيناريو البغيض أن العلاقات المصرية الخليجية أصبحت على المحك، وأصبح المصريون فى دول خليجية غير مرغوب فيهم مثل الإمارات والسعودية، والمبالغ التى يسمح بها للعمالة الوافدة بما لا يتجاوز الدخل الشهرى فى السعودية، ومنهم المصريين، كل هذا يعنى أن ثورة الجياع قاربت على الانفجار فى العشوائيات، خاصة أن أعداد الفقراء تقارب الـ 50 مليونا من السكان، وأقصى ما يستطيعه الإنسان المصرى فى هذه الفئة السكانية أن يكون دخله فى اليوم أقل من 6 جنيهات يفترض أن ينفقها على المأكل والمشرب والمسكن والعلاج والمواصلات وغيره.
> وهل تعتقد أن مثل هذه الثورة يمكن أن تنفجر فى 25 يناير الجارى فى ظل الدعوات إلى مظاهرات فى هذا اليوم؟
- إذا لم تتحسن الأوضاع خلال الأيام القليلة المقبلة، ولم يثبت الحكم حسن النوايا والإخلاص للأهداف الوطنية التى تعلو عن أهداف الجماعة أو الحزب أو الرئيس.. إذا لم يتحقق هذا الأمل فى غضون أيام قليلة، أتوقع أن يكون 25 يناير استئنافا للثورة مرة أخرى
> وهل من بين إثبات حسن النوايا دعوات الحوار الوطنى المستمرة من قبل الرئيس؟
- عندما يدعونا رئيس الجمهورية بعد تمرير الدستور المختلف عليه، والجمعية التأسيسية التى وعد بإعادة تشكيلها، وإصداره إعلانات دستورية مقيدة للحريات ومعطلة للسلطة القضائية ومحصنة لقرارات لا تعبر عن أى مضمون وطنى، يجب أن نتساءل: ماذا تبقى للحوار؟ فهو حوار بلا أجندة، وبلا التزام بتنفيذ ما ينتهى إليه المتحاورون، لذا يجب أن يلتزم الرئيس بما سيصل اليه الحوار الوطنى إذا كانت الكلمة معبرة وصحيحة.
وجميعنا نتذكر أن مجموعة من الوطنيين اتفقوا مع الدكتور محمد مرسى فى 22 يونيو 2012، وقبل أيام من جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، على عدة أمور، والتزم أمامهم بإطلاق مشروع للشراكة الوطنية يجمع الأمة «الجماعة الوطنية»، وأن تكون هناك مشاركة وطنية على مستوى اتخاذ القرار، والبت فى مصير الوطن، فضلا على تشكيل حكومة برئيس مستقل، وأن يعين نوابا من المسيحيين وامرأة، ويختار فريقا رئاسيا من الكفاءات الوطنية بغض النظر عن الانتماء السياسى، ويسعى لإعادة التوازن فى تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وهو ما دعا من اتفقوا مع الرئيس للخروج فى هذا الوقت بما يسمى بالجبهة الوطنية الثورية التى وقفت بجانب مرسى ضد الفريق شفيق، ولكن كل ما جرى الاتفاق عليه لم يحدث، وهناك إصرار على عدم الوفاء بهذه العهود، لذا فإن التجربة مريرة وغير مبشرة بخير فى ظل تكرار الدعوة للحوار، وتعد بإمكانية الوصول إلى حوار منتج ومُرض للوطن، بغض النظر عن جبهة الإنقاذ أو الأحزاب، فلا يوجد أمل فى حوار يحقق نتيجة للتقدم الوطنى فى مسار التحول الديمقراطى الصحيح.
> وهل تعتقد أن المشهد السياسى لا يقبل بوجود الطرفين معا، الإخوان وجبهة الإنقاذ؟ وما الحل فى رأيك؟
- الحل الوحيد يكمن فى وجود حزب حاكم ومعارضة غير حاكمة، وهذا النمط الديمقراطى الحقيقى، وما عدا ذلك غير مقبول لا جماعة أو تيارات، وهذا الحزب الحاكم محتمل أن تكون له مرجعية، لكن مرجعيته لا تحكم قراراته التى تنعكس على الشعب.
> وماذا إذا قدمت جماعة الإخوان التنازلات لنجاح الحوار الوطنى، هل يمكن أن يخرج ذلك مصر من أزمتها؟
- جماعة الإخوان هى الطرف الثالث، وهو المسيطر وصاحب القرار، وهى لا ترضى عن التمكين بديلا، والعبرة أو الفيصل ستكون للشعب، وهذا هو حكم الديمقراطية وحكم الصناديق غير الملعوب فيها، فإذا أراد الشعب الاستمرار على النهج الحالى فخير وبركة، وإذا أراد تحقيق التغيير الذى نادى به فى ثورة 25 يناير فله ما يريد «إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر».
> وماذا عن توقعاتك للبرلمان القادم؟
- لا أريد أن اسبق الأحداث، فمجلس النواب بمسماه الجديد يتوقف تشكيله على عوامل متعددة، مثل قانون الانتخابات، والنظام الانتخابى، وتقسيم الدوائر، وأسلوب تحديدها، والاحتمال القائم أن تستمر المقاطعة القضائية للانتخابات الجديدة، أو العودة للإشراف عليها، كل ذلك يتعلق بظروف هى محتملة واحتمالات التغيير فيها قائمة يوما بعد الآخر، وما إذا كانت قوى المعارضة ستنزل بقوائم موحدة، أم أن الأحزاب المدنية ستفضل الخروج عن جبهة الإنقاذ والاندماج فيما بينها، كل ذلك يحتاج للمتابعة اليومية حتى نستطيع توقع شكل البرلمان.
> وهل تتوقع إدخال تعديلات على الدستور الجديد بعد انتخاب البرلمان الجديد، أم أن المعارضة لن ترضى إلا بسقوطه؟
- أشك أن يتم تعديله، لأن الأسلوب الذى مُرر به، عن طريق كتابة وثيقة بالنقاط الخلافية يقدمها الرئيس لأول مجلس نواب منتخب، وتجرى عليه القواعد الخاصة بتعديل الدستور بضرورة موافقة الثلثين من مجلس النواب ومجلس الشورى، والمدد المذكورة فى الدستور 60 يوما ثم 60 يوما أخرى، وتفاصيل تعنى أن النية فى تعديل الدستور كانت غائبة منذ صناعته، وكان على الرئيس إذا أراد حل المشاكل الخلافية أن يجمع الأطراف المختلفة فى حوار بناء ويصل معهم إلى اتفاق موضوعى قابل للتنفيذ، فكان التوافق مطلوبا قبل تمرير الدستور وليس بعده، والمادتان 219 و218 اللتان تحددان أسلوب تعديل الدستور فيهما مدد غير معقولة، والاحتمال الأكبر أن يسقط الدستور نتيجة ما فيه من اختلالات تهدد كيان الدولة، ومسيرة التحول الديمقراطى.
> كنت من المعارضين للدستور الذى أُقر بالفعل، وجماعة الإخوان كانت من أشد معارضى وثيقة المبادئ الأساسية للدستور التى أعددتها .. كيف ترى هذا الموقف؟
- ما يمكن أن أقوله فى هذا الإطار إن رفض الوثيقة كان بسبب رغبة الإخوان والسلفيين عدم الالتزام بمعايير اختيار الجمعية التأسيسية، وحتى ينفردوا بتشكيلها، ويتمكنوا من صياغة دستور وفقا لتوجهاتهم الفكرية فى إطار رغبتهم فى إقامة دولة دينية، وهذا ما حققوه، والدستور الحالى الذى تم تمريره نتاج لجمعية باطلة شكلها الإخوان والسلفيون وفقا لهواهم بغض النظر عن التوازن المجتمعى وإقامة عدالة فى توزيع الأعضاء على الطوائف المختلفة، وهم حاربوا الوثيقة بمليونية 18 نوفمبر، وكل ما أثير من اتهامات ضد الوثيقة ليس له مبرر واحد من الحقيقة سوى الرغبة فى التمكين والتأثير على مجرى صنع الدستور، ولك أن ترى نصوص المواد 193 و294 و196 و197 الخاصة بالقوات المسلحة فى الدستور الجديد، والتى أتت بأكثر مما جاء بالوثيقة التى اعترض عليها الإخوان وأقاموا الدنيا وأقعدوها بسبب المادتين 9 و10، مع أن الإخوان أتوا فى دستورهم بما لم تأت به الوثيقة فيما يخص القوات المسلحة، وادعوا أن المجلس العسكرى يريد أن يجعل القوات المسلحة سلطة فوق سلطة الدولة.
المصدر اليوم السابع
=======
اقرأ أيضا
:
*
وما أدراك ما الجيش إذا غضب !
...
اضغط هنا
الجنسينج ، فوائد عظيمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق