الخميس، 5 يناير 2012



جرائم دولية وجنائية عديدة ارتكبها الحكام العرب في دول الربيع العربي ضد شعوبهم العزل لعل أهم هذه الجرائم واخطرها قتل المتظاهرين وهي نفس الجريمة التي يحاكم عليها الرئيس المخلوع حسني مبارك والسؤال هل هذه الجرائم يمكن أن تقع تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية‏.‏ وبالتالي يحاكم امامها مبارك وغيره من الرؤساء؟






هذه التساؤلات وإجاباتها القانونية هي موضوع رسالة الدكتوراه للمستشار محمد صلاح أبو رجب الخبير في مجال القانون الجنائي الدولي والمستشار بمجلس الدولة والتي تمت مناقشتها بكلية حقوق عين شمس تحت عنوان المسئولية الجنائية الدولية للقادة وفقا للقانون الدولي.
الرسالة تطرح الافكار والمباديء المتعلقة بالمسئولية الجنائية للقادة جراء انتهاكهم قواعد القانون الجنائي الدولي والذي أصبح الآن علي درجة قصوي من الأهمية في الوقت الراهن الذي تتداول فيه اوساط دولية وعربية اتهامات للرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته اللواء حبيب العادلي ومعاونيه كذلك الرئيس السوري بشار الأسد وقادة جيشه والرئيس اليمني علي عبدالله صالح وعدد من مرءوسيه والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي ونجله سيف الاسلام ومدير الاستخبارات الليبية عبدالله السنوسي بارتكاب جرائم ضد الانسانية بقتلهم الثوار في بلادهم وتعذيبهم. وحددت الدراسة القادة او الرؤساء الذين سيساءلوا بأنهم كل رئيس مدني أو عسكري او شرعي يمثل بشكل مباشر أو غير مباشر جزءا من سلسلة القيادة ويمتلك سلطة فعلية للسيطرة علي أفعال المرءوسين او المعاقبة عليها. ومن الجرائم الجنائية الدولية المرتكبة من قبل الدولة اوالافراد والتي تمثل خطورة علي المجتمع بجرائم الارهاب التي تنشر الرعب بين الناس الابرياء وعلي قمتها جريمة الابادة الجماعية التي تستهدف القضاء الكلي او الجزئي علي جماعة عرقية أو دينية أو وطنية وجدير بالذكر هنا ان هذه الجريمة تسببت في مقتل اكثر من170 مليون شخص وهو عدد يفوق عدد ضحايا الحروب التي دارت في القرن العشرين مجتمعة والتي انتقلت من دولة لاخري مثلا من كمبوديا إلي يوجوسلافيا السابقة ومن بورما الي كشمير والي رواندا وفلسطين والعراق ودارفور وغيرها وهو امر يتضح معه عدم التفريق بين اشخاص او ثقافات في ارتكاب هذه الجرائم مما يترتب عليه تقرير المسئولية الجنائية الدولية للقادة والرؤساء.
اما بالنسبة للجرائم ضد الانسانية والتي اندلعت في الحرب العالمية وتلاها قرابة250 نزاعا مسلحا ما بين محلي واقليمي ودولي نتج عنها انتهاكات عديدة لحقوق الانسان كالقتل العمد والابادة والاسترقاق, وابعاد السكان ونقلهم قسريا, والسجن والتعذيب والاغتصاب والاكراه الجنسي او الاختفاء ؟؟ للافراد كما حدث مع الزميل الصحفي رضا هلال وغيرها من الجرائم.التي تؤذي الجسم او العقل او الصحة وما يميز الجرائم الانسانية عن غيرها انها تتبع سياسة دولة أو منظمة ضد السكان المدنيين مع العلم ان قتل شخص مدني واحد يمكن ان يشكل جريمة ضد الانسانيه اذا ارتكب ضمن هجوم واسع النطاق أومنهجي بخلاف الافعال الاجرامية المرتكبة من قبل شخص ما ضد ضحية واحدة وبناء عليه يمكن محاكمة العديد من الرؤساء العرب عن الجرائم التي ارتكبوها ضد الثوار في كل دولة وايضا يمكن محاكمة القادة الامريكان بها جراء ما ارتكبوه من جرائم في افغانستان والعراق, ويمكن محاكمة القادة الاسرائيليين بها جراء ماارتكبوه من جرائم ضد الشعب الفلسطيني.
وتناول المستشار محمد صلاح في دراسته الاساس القانوني للمسئولية الجنائية للقادة حيث انهم يرتكبون جرائم ضد الانسانية بطريقة مباشرة او غير مباشرة اي لا يرتكبونها بأنفسهم بل يأمرون او يخططون او يحرضون او يسهمون بشكل أو بآخر في ارتكابها وتنطبق هذه الصورة علي الرئيس السابق حسني مبارك حيث اتهمته النيابة العامة بالاتفاق مع المتهم حبيب العادلي السابق احالته للمحاكمة الجنائية بارتكاب جنايات الاشتراك في قتل المتظاهرين عمدا مع سبق الاصرار والترصد والمقترنة بهما جنايات اخري ــ حيث ان المتهمين عقدا العزم وبيتا النية علي قتل عدد من المتظاهرين في المظاهرات التي اندلعت في عدد من المحافظات احتجاجا علي تردي الاوضاع والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيه عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه المتسبب في تردي هذه الاوضاع, وسمح له باستخدام الاسلحة النارية والمركبات التي تعين قوات الشرطة علي تنفيذ الجريمة وتابع عمليات اطلاق ضباط وافراد الشرطة للاعيرة النارية علي هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من اجسامهم ودهس بعضهم بالمركبات ووافق علي الاستمرار في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو وقفهم عند ذلك قاصدا من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين علي التفرقه واثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره في الحكم ــ فأطلق احد قادة قوات الشرطة اعيرة نارية من سلاحه علي المجني عليه معاذ السيد محمد كامل المشارك في احدي هذه المظاهرات فاحدث به اصابات اودت بحياته وقد وقعت الجريمة بناء علي هذا الاتفاق.
ويوضح المستشار محمد صلاح صورة اخري للمسئولية الجنائية الدولية للقادة تتمثل في مسئوليتهم عن الجرائم الدولية المرتكبة من قبل مرءوسيهم والقائمة علي تقصير القادة في اتخاذ اجراء لمنع من يقوم بارتكاب الجريمة وهي قائمة علي الامتناع أو الإحجام الشخصي الارادي عن اثبات فعل ايجابي ينتظره الشارع في ظل وجود واجب قانوني يلزمه بهذا الفعل ومن هناك فإن هذه المسئولية لا يمكن ان يفلت منها الرئيس حسني مبارك واعوانه حيث تتوافر جميع شروطها في حقهم ويؤيد بشدة محاكمة الرئيس مبارك أمام المحكمة الجنائية الدولية لان فرصة إفلاته من العقاب في ظل القانون الوطني واردة بعكس محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية حيث فرصة إدانته امامها واردة وبقوة.
وتحدث الدكتور المستشار محمد صلاح عن حصانة قادة ورؤساء الدول التي تمكنهم من فعل تلك الجرائم ويطالب برفع هذه الحصانة والتي لا وجود مطلقا لها اذا ما ارتكبوا جرائم دولية, وأفرد بابا عن حصانة رئيس مصر والوزراء في الدستور المصري والتي بحاجة الي تعديل.
وانتهت الدراسة الي توصيات منهما تحديث التشريعات الوطنية بشأن سياسات التجريم والعقاب وايجاد آليات قوية وفعالة لظاهرة الإفلات من العقوبة محليا ودوليا وتدريب القادة العسكريين في القوات المسلحة علي مباديء القانون الجنائي الدولي والقانون الدولي الانساني ــ وضرورة ايجاد قوة تنفيذية متعددة الجنسيات لتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية.








المصدر : الاهرام




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق