لو أدرك المسلمون حقيقة الصبر لعلموا أنه من أعظم الاعمال التي يجب أن يقوموا بها من أجل حل جميع المعضلات وتجاوز الصعاب والمشكلات ولايتحقق ذلك إلا بالصبر مع الايجابية قال تعالي: ـ وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لماصبروا وكانوا بآياتنا يوقنون يقول صلوات الله عليه ما أعطي أحد من عطاء خيرا أوسع من الصبر فالصبر عطاء من الله وما أعظم آثاره ولذا كان الرسول صلي الله عليه وسلم دائما يوصي أصحابه وهم يعذبون صبرا آل ياسر
فإن موعدكم الجنة ولو لم يكن الصبر عظيما ودواء لكثير من الأمراض لما جاء ذكره في القرآن في أكثر من90 موضعا ـ والكلام للشيخ رضا حشاد خطيب بوزارة الاوقاف ـ ويضيف قائلا: إن الصبر الايجابي فرق بينه وبين الصبر السلبي كما بين المشرق والمغرب, فالصبر السلبي هو الدعة والسكون والخمول وترك العمل أما الصبر الايجابي فهو الأخذ بالأسباب المشروعة مع طول النفس وترك الاستعجال وحسن الظن بالرحمن والثقة به سبحانه وتعالي حيث قال فاصبر ان وعد الله حق ولايستخفنك الذين لايوقنون وقيل لبعض العقلاء وكان قد نزلت به نازلة صبرا فإن الصبر تعقبه راحة فإذا عجزت عن الخطوب فمن لها به عقد المكاره فيك يملك حلها فلعلها تنجلي فأجاب: صبرتني ووعظتني فأنا لها سيحلها من كان صاحب عقدها وستنجي بل لا أقول لعلها كرما به أن كان يملك حلها وقال صلي الله عليه وسلم ومن يصبر يصبره الله والحقيقة أنه بالعزم والصبر والاصرار وحسن التدريب مع صدق النية والاستعانة بالله يغير الله من حال الي حال
ويستطرد الشيخ حشاد فيقول من مظاهر الصبر, صبر علي أذي النفس الامارة بالسوء والصبر علي أذي الأهل, فقد ابتلي نوح بابنه وزوجته ولوط بزوجته وابراهيم بأبيه
والصبر لأمة سيد الخلق مكرمة ومفضلة لها ولكنها تأخذ عقوبتها إذا عصت ربها وإن كانت عقوبتها أخف تكريما للرسول واستجابة لدعائه صلي الله عليه وسلم ويشير إلي ان الصبر صفة من صفات الخالق سبحانه وتعالي وصف بها نفسه قال رسول الله صلي الله عليه وسلمما أحد أصبر علي أذي سمعه من الله يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم أما عدم الصبر فهو داء ومن انزل الداء أنزل الدواء ووعد بالشفاء فالصبر وإن كان شاقا فتحصيله ممكن بالعلم والعمل فهما الاخلاط التي منها تتركب أدوية القلوب ولكن يحتاج كل مرض إلي علم آخر وعمل آخر وكما أن اقسام الصبر مختلفة فأقسام العمل المانعة متنوعة فإذا اختلفت العلل اختلف العلاج. ويستطرد الشيخ حشاد موضحا انه بالصبر يمكن ان تتحقق الانجازات فكلما دققنا النظر في خلق أو فضيلة وجدنا أساسها وركيزتها الصبر فالعفة صبر عن شهوة الفرج والعين المحرمة وشرف النفس صبر عن شهوة البطن وكتمان السر صبر عن إظهاره والقناعة صبر عن القدر الكافي من الدنيا والحلم صبر عن ايجاب داعي الغضب, والوقار صبر عن ايجاب داعي العجلة والطيش والشجاعة صبر عن ايجاب داعي الفرار والهرب والعفو صبر عن اجاب داعي الانتقام, والجود صبر عن داعي البخل, والكسب صبر عن ايجاب داعي العجز والكسل وهذا يدل علي ارتباط مقامات الدين كلها بالصبر لكن اختلفت الاسماء واتحدت في المعني والذكي من ينظر إلي المعاني الحقيقية ثم يميل بصره إلي الاسماء, فإن المعاني هي الاصول والالفاظ توابع ومن طلب الاصول من التوابع ذل ومن هنا ندرك كيف علق القرآن علي الصبر وحده قال تعالي أولئك يجزون الغرفة بما صبروا صدق الله العظيم.
المصدر : الأهرام المسائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق