الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

أبناؤنا بعيد ون عن البحث العلمي


صدق أو لاتصدق‏..‏ توجد مدارس حكومية تعطي أهمية خاصة لتدريس العلوم والرياضيات وبها معامل ومتاحف علمية وفصول نظيفة أنيقة بها شاشات عرض ومبني خاص للمدرسين يضم مركز معلومات
والمعلم ليس لديه دفتر تحضير والدراسة بها لا تعتمد علي الحفظ والتلقين وانما علي الفهم والتطبيق والإبداع والابتكار!!
لا.. بل يجب أن تصدق, لأن هذه المدارس ليست في مصر وانما في الصين واليابان.. ففي محاولة للبحث عن سبب عدم فوز أبنائنا في المسابقات العلمية الدولية أو حصولهم علي مراكز متدنية في هذه المسابقات كان اللقاء مع اثنين من خبراء التعليم تمثلان جيلين مختلفين إحداهما من جيل الرواد وحيث زارت الصين وتجولت في مدارسها, والثانية من جيل الوسط وزارت اليابان وشاركت في مشروع مصري ياباني لتطوير التعليم.
د.عايدة أبو غريب الأستاذ بشعبة تطوير المناهج بمركز البحوث التربوية والتنمية والتي أسهبت في وصف المدرسة الصينية وفاضت عينيها بالدموع وهي تتذكر مركز تطوير تدريس العلوم والرياضيات بجامعة عين شمس الذي أغلق منذ فترة ليست بالبعيدة, وتروي بمنتهي الأسي تجربة المركز منذ عدة سنوات في إعداد طلبة الثانوية العامة المتفوقين للمشاركة في الأولمبياد الدولي للكيمياء, وكان المرشحون للاشتراك في هذه المسابقة ثلاثة من الحاصلين علي الدرجات النهائية في الكيمياء ولكنهم- وهم الأوائل علي الثانوية العامة- حصلوا علي أدني الدرجات في المسابقة, ولأنهم طلاب أذكياء عرفوا مواطن الخلل وقالوا ان المسابقة ركزت علي استخدامات الكيمياء في المجالات التطبيقية وهو ما لم يمارسوه, ويكفي أن نعرف أن حصول طالب الثانوية العامة علي الدرجات النهائية في الكيمياء ليس دليلا علي تفوقه فيها أو فهمه لها لأن امتحان الكيمياء يتم علي الورق أو نظريا!!
د.أمل الشحات- الباحثة بشعبة تطوير المناهج بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية (مناهج الرياضيات) والتي زارت اليابان وشاركت في المشروع المشترك لتطوير مناهج العلوم بين مصر واليابان, تقول ان مايدرسه الطالب في مادة الرياضيات في محتواه يتوافق مع المعايير الدولية ولكن المشكلة في أساليب التدريس. فالطالب في مصر تقدم إليه مسألة الرياضة مجردة ويقومه معلم لديه التزام بنموذج إجابة وكل همه الانتهاء من المنهج المقرر, أما هناك فالمسألة تقدم للطالب في موقف حياتي ومطلوب منه الاجتهاد والابتكار للبحث عن حلها وله أن يعبر بأي أسلوب يراه.
وحتي عندما حاولنا تطبيق ما اطلعنا عليه في اليابان في إطار المشروع وعملنا نسخة الكترونية من كتاب الرياضيات ليدرسها طلبة مدرسة المتفوقين كانت صدمتي لا وصف لها عندما زرت المدرسة ووجدت النسخة الالكترونية تحولت إلي صفحات مصورة من الكتاب تعرض علي الطالب من خلال الكومبيوتر, لذا لم تتعجب د.أمل من رغبة بعض طلبة مدرسة المتفوقين العودة إلي المدارس العادية لأن الفرق بين المدرستين لا يساوي البعد عن الأهل والاغتراب في مدرسة داخلية.
وتجمع كل من د.عايدة ود.أمل علي أن سبب تأخر ترتيب أبنائنا في المسابقات العلمية يرجع لعدة أسباب منها عدم وجود تنظيم ولا تخطيط لدخول هذه المسابقات, والمعرفة بها تتم قبلها بوقت غير كاف وعدم تأهيل المعلمين الذين يعدون الطلبة علي اجتياز امتحاناتها التي تتطلب مهارات عقلية وطرق تفكير معينة, ونظام المدارس الذي مازال اليوم الدراسي فيها يبدأ بطابور الصباح في حين أنه في اليابان علي سبيل المثال يخصص الأسبوع الأول من العام الدراسي لتأهيل الطلبة للتعامل داخل المدرسة والتي تتضمن توزيع الأدوار وتبادلها حتي في إعداد وتناول الوجبة وتنظيف الأدوات والأماكن بعدها, وفي بداية اليوم تخصص ربع ساعة يجتمع فيها الطلبة مع بعضهم في شكل مجموعات وكذلك المدرسون لوضع خطة اليوم وكيفية تنفيذها.
وتفيض كل من الخبيرتين في وصف المدارس والمناهج والتي أخرجوها هم وزملائهم من الباحثين في المركز في أبحاث ودراسات خاصة بكل ما يتعلق بالعملية التعليمية حتي مواصفات المباني التعليمية لكل مرحلة وكل محافظة.. ولكن المهم أن تخرج لحيز التنفيذ.. فهل من مجيب؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق