الأحد، 3 أكتوبر 2010

وول ستريت ٢ .. قراءة فلسفية للصراع بين أباطرة المال



فى المشهد الأول من الفيلم يقدم لنا «أوليفر ستون» لقطة واحدة طويلة عن عملية تسلم أحد المسجونين متعلقاته الشخصية من أمانات السجن يبدو عليها القدم والكلاسيكية، وتنتهى اللقطة على تليفون محمول من الجيل الأول الضخم لتنتقل الكاميرا إلى وجه السجين الذى هو «جوردن جيكو» – «مايكل دوجلاس» - الذى ينظر إلى التليفون الضخم نظرة ذات مغزى.. حيث إنه أحد أبطال الجزء الأول من الفيلم عام ١٩٨٧ وكان يدير منه أعماله.. وهو نفس التليفون الذى قال من خلاله لتلميذه فوكس- «شارلى شين» أن المال لا ينام أبداً وهو عنوان الجزء الجديد.. هكذا فى لقطة واحدة وبذكاء سينمائى يصل «ستون» ما انقطع من فترة زمنية بين الفيلمين ومنذ المشهد الأول.
يلجأ «ستون» مباشرة إلى الجرافيك المتزن حيث يقوم برسم مؤشرات البورصة على مبانى نيويورك – حيث يقع شارع وول ستريت- مازجا فى خباثة بين ارتباط هذه المبانى ومؤشرات البورصة كنقطة هجوم بصرية.. فانهيار أسعار المبانى نتيجة تضخم فوائد القروض عليها والعجز عن السداد هو السبب الرئيسى فى انهيار البورصة الأمريكية ومن خلفها البورصات العالمية وحدوث الأزمة.. وتبدو خطة «ستون» البصرية فى الفيلم واضحة من خلال هذا الاستخدام المحسوب للجرافيك..
فبعد مشاهد قليلة نتابع حواراً بين «لويس زيبل» أحد كبار وول ستريت مع ربيبه «جاك» – الممثل «شيا لابوف» - حول التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية التى حدثت خلال السنوات القليلة الماضية.. حتى إن عالمهم كله أصبح ينبع ويصب فى هذه «الشاشات» (شاشات الكمبيوتر التى تعرض مؤشرات البورصة وحركة المعاملات فى كل العالم)..
من هذه الجملة يدخل ستون فى كثير من المشاهد إلى عمق هذا العالم الافتراضى متجولا بين خطوط الاتصال وأرقام المؤشرات الملونة.. بل يضع الشاشات بنظام المزج المونتاجى على وجوه الشخصيات أثناء حديثها عن عالم المال.. وكأن تلك الشاشات انطبعت على الوجوه بل والحياة كلها.. هو ليس أسلوب بصرى جديد لكنه شكل مناسب لموضوعه.
وكعادة «ستون» لا تتوقف الكاميرا عن الحركة ولا تطول اللقطات حتى فى أشد اللحظات انفعالية.. رغم أن الصراع فى الفيلم يدور على أكثر من مستوى.. فلدينا المستوى الأول المباشر وهو الصراع بين تيكونات المال فى أمريكا والذى يعتبر جزءاً من اسباب الأزمة من خلال المضاربات غير الشريفة وترويج الشائعات وتمويل مشروعات قصيرة المدى غير مضمونة النتائج من أجل أرباح كبيرة وسريعة..
هذا الصراع الذى يؤدى إلى انتحار «لويس زيبل» فى البداية وبالتالى محاولة ربيبه «جاك مور» الانتقام عن طريق تحطيم من تسببوا فى ذلك.. والمستوى الثانى هو محاولة «جيكو» استعادة علاقته بابنته «وينى» بعد خروجه من السجن الذى دخله قبل سنوات بسبب فضيحة مالية.. ونكتشف أن «وينى» هى خطيبة «جاك» وبالتالى تتداخل مستويات الصراع وتتصاعد خصوصا عندما نكتشف أن «جيكو» لم يرد استعادة ابنته سوى للحصول على ١٠٠ مليون دولار قام بتهريبها إلى سويسرا قبل سجنه..
وهنا يصبح «جيكو» رمزاً لكل ما هو مادى فى عصرنا الحديث.. بل يصبح هو والمال - الذى لا ينام أبداً - شىء واحداً فهو لم ينم طوال تلك السنوات فى السجن بل ظل مستيقظا منتظرا أن تأتى له الفرصة ليعود إلى اللعبة مرة أخرى- على حد تعبيره- مستغلا الانهيار الاقتصادى ليقوم بشراء الشركات الخاسرة.
رغم قلة عدد مشاهد «جيكو» بالمقارنة بالشخصيات الأخرى فإن شخصيته تتخذ أكثر من دلالة خصوصاً عندما يقوم بتحليل الوضع الاقتصادى الأمريكى قبل الأزمة.. بل الوضع العالمى القائم على الاستهلاك وليس الإنتاج فى أحد أهم مشاهد الفيلم.. ثم يعود ليعلق على إحدى حفلات أصحاب رؤوس الأموال قائلاً لو فجر أحدهم هذه القاعة لن يجد العالم من يحكمه!
وينتهى هذا المشهد بدائرة سوداء تضيق على موائد الحاضرين حتى تظلم الشاشة ثم تنتقل بنا كاميرا «ستون» إلى قمم ناطحات السحاب ثم تهبط بسرعة رهيبة كتعبير بصرى عن انهيار أسعار العقارات وانهيار مؤشرات البورصة وبالتالى حدوث الأزمة..
يعيب «ستون» فى هذا المشهد استخدامه لأكثر من استعارة بصرية حيث يمزج ما بين لقطات الانهيار وبين صف من قطع الدومينو التى تقع بالتتابع وهى مبالغة ساذجة وطفولية لا تليق بقامته..
وبما أن الأفلام الجيدة هى التى تجبرك على إعادة مشاهدتها مرة أخرى فقد ضم الفيلم مستوى من التلقى يحتاج إلى مشاهد ذى عقلية فلسفية، فمن البداية وحتى النهاية هناك خط فلسفى أو لنقل كونى له علاقة بالتطور البشرى عبر الزمن من خلال فكرة الفقاعة التى نتجت عن الانفجار الكونى الكبير، والتى أدت إلى ظهور الجنس البشرى على الأرض..
فـ«ستون» يستخدم هذا الرمز لقراءة عملية التطور الإنسانى حيث يعتبر أن كبار رجال وول ستريت مثل الديناصورات التى حدثت لهم أزمة كونية فانقرضوا.. ولكن ظهرت أجناس جديدة أقل حجماً وأسرع حركة وأكثر خطورة، وهو ما يرمز له بشخصية «لويس زيبل» ديناصور ثم «بريتون جيمس»
وأخيراً «جيكو» مرة أخرى، الذى كان أحد هذه الديناصورات فى الماضى ثم اندثر وبُعث من جديد فى صورة أخرى تماما مثل الطاقة التى لا تفنى.. ولكنها تنتقل من شكل إلى شكل.. هذا المستوى الفلسفى يحتاج إلى إعادة مشاهدة الفيلم لتطبيقه على كل مستويات الصراع الدائر خلال الأحداث.. لكن مما لا شك فيه أن الجزء الثانى من «وول ستريت» من خلال عينى «أوليفر ستون» يدل على أنه إذا كان المال لا ينام أبداً، فالسينما أيضاً لا تُغمض عدساتها.
ريفيو
الاسم الأصلى: Wallstreet – money never sleepsالاسم التجارى: وول ستريت ٢سيناريو: آلان لوب – ستيفن شيفإخراج: أوليفر ستونبطولة: مايكل دوجلاس – شيا لابوفمدة الفيلم: ١٣٣ ق

المصري اليوم
موضوعات ساخنة :
* عمرو أديب فى الحياة بعد مشوار حافل بالنجاح فى الأوربت ..
اضغط هنا
* عمرو أديب: أسباب سياسية وراء اختفاء "القاهرة اليوم".. اضغط هنا
* أيمن نور يكتب: صبراً جميلاً على فراق "جميلة"!!.. اضغط هنا
* أحمد نظيف: مصر لديها قائد ولا محل لطرح التساؤلات عن بديل.. وانتقال السلطة ليس صعباً .. اضغط هنا
* وقف بث قناة البدر لمخالفتها ضوابط الترخيص ..
اضغط هنا
*ننفرد بنشر مذكرة حفظ تحقيقات نيابة الأموال العامة فى قضية «مدينتى» .. اضغط هنا
* مصطفى بكري : نجل مستشار مجلس الوزراء حصل علي 16 حقنة للحوامل.. وواحدة تكفي ... اضغط هنا* لأول مرة .. استبعاد البحر من موسم الحج ...اضغط هنا
* السجن 15 عاما لـ هشام طلعت و28 للسكري بقضية مقتل سوزان تميم ...
اضغط هنا
* كواليس جلسة الاستئناف في قضية مقتل سوزان تميم ... اضغط هنا
* هشام طلعت يحكى تفاصيل علاقته بـ سوزان تميم لأول مرة..
اضغط هنا
* بالصور .. بكاء احمد السقا في جنازة والده.. اضغط هنا
* "اليورومنى" تحول إلى "مكلمة" للوزراء وفرصة للشركات الخاصة.. والسؤال: ماذا يستفيد الاقتصاد القومى؟ ... اضغط هنا
* مفيد شهاب : ليس معنى أن الأغلبية مسلمة أن نحكم بـ الشريعة الإسلامية.. اضغط هنا
* الأزهر يعلن ارتياحه لاعتذار البابا شنودة .. محاكمة رمزية لـ الأنبا بيشوى فى الكاتدرائية .. اضغط هنا
* وزير التعليم يعلن استسلام دور النشر فى معركة الكتب الخارجية ..
اضغط هنا
* حبيب العادلى : سانصف من يتعرض للاهانة من رجل الشرطة.. اضغط هنا
* مشادات بين محامي هشام طلعت ورئيس جنايات القاهرة بسبب طلب سماع شهود جدد ... اضغط هنا
* المجتمعات العمرانية تلغي عقد مدينتي و تعيد التخصيص لـ طلعت مصطفى.. اضغط هنا
* مساع قبطية لاحتواء فتنة بيشوي ... اضغط هنا
* الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس أساء لـ القرآن الكريم فى محاضرة رسمية .. اضغط هنا
* استمرار غياب عمرو أديب بعد غلق استوديوهات "الأوربت.. اضغط هنا
* عالم أردني يدعو للبحث الدقيق عن موقع هيكل سليمان بعيدا عن فلسطين.. اضغط هنا
* االكويت تطالب الانتربول باحضار المسىء لـ السيدة عائشة ومحاكمته.. اضغط هنا
* آخر صيحة‏..‏ كتب خارجية هوم دليفري ..
اضغط هنا
* شباب مصر ‏...‏ ثروة لم تستغل‏ !‏ ... اضغط هنا
* عدادات كهرباء مسبقة الدفع بـ القاهرة .. اضغط هنا
* القس تيري جونز‏ مجنون أم متسلط أم غاوي شهرة ‏!‏... اضغط هنا
* مشروع قانون لـ الأحوال الشخصية ... تمتع الزوجة المتزوجة عرفياً بكافة الحقوق ... اضغط هنا
* ويكيليكس ينوي نشر وثائق سرية عن حرب العراق .. اضغط هنا
* شباب مصر ‏...‏ ثروة لم تستغل‏ !‏ ..
اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق