
أيام قليلة وتنطلق انتخابات مجلس الشعب المقبلة، التى سترسم صورة فعلية لنواب البرلمان خلال الخمس سنوات المقبلة، وفى المقابل يراقب صناع الدراما المشهد من بعيد سعيا لرسم صورة خيالية لعضو البرلمان فى الأعمال الفنية.البعض يعتبر الصورة ستكون انعكاسا للواقع حيث يظهر فيها النائب فاسدا وانتهازيا وغير سوى، بينما يرفض آخرون تلك النظرة السوداء مفضلين النموذج المثالى، الذى يمنح الجميع أملا فى المستقبل، فضلا عن كون البرلمان يجمع بين جنباته الفاسد والصالح أيضا.«من أين يأتى رجل البرلمان الذى يدافع عن مصالح الناس وليس مصلحته الشخصية فقط فى ظل عدم وجود حياة سياسية أصلا تغيب عنها الأحزاب ولا تسود إلا قوانين البلطجة؟».. بهذه الكلمات نسج المؤلف محمد حلمى هلال تصوره لصورة نائب مجلس الشعب.وقال: «إذا كنت بصدد التحضير لعمل درامى جديد ولا مفر من وجود نائب مجلس شعب، فحتما سأميل للصورة الواقعية، التى تؤكد أنه ما هو إلا انتهازى وغالبا ما يحصل على عضوية البرلمان بالرشوة والتزوير وشراء الأصوات، وغالبا ما سيكون مجرد واجهة لناس آخرين يتسترون خلفه».وأضاف: «لا أميل لافتراض ما هو غير موجود، وأحب أن تكون شخصياتى الدرامية واقعية من روح الأحداث الجارية، التى تؤكد الصورة التى ذكرتها سابقا، وما أحب توضيحه أنه حتى إذا وجد الشخص المثالى فلن يسمح له بالمرور ولا الوجود على الساحة أصلا».أما المؤلف محمد صفاء عامر، فاعترف أنه لا يرغب فى الوقت الحالى للتعرض لنائب مجلس الشعب لأنه غير سوى، كما وصفه، والصورة أصبحت أكثر سوءا من ذى قبل لأنه أصبح غير فعال وفاسد أيضا.وقال: «إذا رسمت صورته الآن كما أريد فعلا فسيتم الاعتراض عليها، ولو جمعنا صورة نواب القروض ونواب القمار والكيف والنواب الذين ينامون فى المجلس ويتسحبون، سنجد أنها غير مشرفة ومن الأفضل عدم ذكرها». انطباع سيئمن جانبه، حرص المؤلف مجدى صابر على التأكيد على وجود نائب مجلس الشعب الإيجابى الجيد الذى يخالف القاعدة والصورة السيئة المترسخة فى أذهان البعض، قائلا: «للأسف الرأى العام لديه انطباع سيئ عن نواب البرلمان من كثرة ما يُنشر ويُذاع عنهم من سلبيات، وهذه الصورة ناقصة حتى لدى صناع الدراما وهو ما يؤكد شيوع النائب الفاسد فى أغلب الأعمال الدرامية».وتابع صابر: كل ما سبق لا يعنى انعدام النموذج الجيد الذى يوجد بقلة، وبالمناسبة هذا الاعتقاد الخاطئ دائما يحدث أيضا مع رجال الأعمال، ولهذا حرصت فى مسلسل «أين قلبى» على أن أظهر صورة رجل الأعمال الإيجابية فى دور محمود قابيل.وأضاف: «إذا كنت بصدد التحضير لعمل جديد يظهر فيه نائب برلمان، فسأميل لصورته الإيجابية، التى يحرص فيها على تضييق الفجوة بينه وبين الناس ويقف تحت قبة المجلس يعدد أخطاء الحكومة والحزب الحاكم ولا يصبح صوت نفسه فقط». وفى حين اتفق الكاتب مصطفى محرم مع صابر فى الرأى على ضرورة التركيز على الصورة الإيجابية فى الأعمال الدرامية، إلا أن اتفاقه هذا كان من جانب آخر، حيث فضّل عدم اللجوء للصورة الواقعية الأكثر سوادا وفسادا وإنما التعرض للإيجابيات لأنها ــ على حد تعبيره ــ الحل الوحيد للتخلص من أى فساد موجود ولأن الظروف الراهنة لا تحتمل غير ذلك.
ما يجب أن يكونوأضاف: «الفن لابد أن يناقش ما يجب أن يكون وليس ما هو كائن، ولذلك أفضل أن يكون نائب البرلمان فى أعمالى مستقلا لا ينتمى لأى حزب ويضع رقبته على كفه، وأن يتمتع بكاريزما تجعله يستقطب من حوله حتى لو كان معارضا له»، إلا أن محرم عاد ليقول: «لكن للأسف من الصعب العثور على تلك الشخصية لأن أغلب من يرشحون أنفسهم للبرلمان لا يريدونه إلا لأغراض شخصية فقط». من جهته، رفض المخرج عمر عبدالعزيز أى عمل يُعرض عليه ويظهر نائب البرلمان بصورة إيجابية، وقال ساخرا: «إذا وافقت على عمل يظهر النائب بشكل إيجابى فحتما سيكون إما عملا كوميديا أو خياليا لا يمت للواقع بأى صلة، فهذا المقعد أصبح مشوها لأن أغلبيتهم يتربحون منه، وليس معقولا أن ينفق أحد على دعاية نحو 10 ملايين جنيه تطوعا منه فى المجلس». أما المخرج محمد النقلى فقال: «لا أفضل ظهور نائب مجلس شعب أو وزير أو سفير فى أى عمل درامى لأن الجمهور لا يحب مثل هذه الأنماط ولا يصدقها ولا أى قيمة لوجودها أصلا، فالناس تحب أن تشاهد واقعها وخصوصا قصص الصعود والأشخاص الذين يشعرون بقربهم منهم وليسوا فى أبراج عالية عنهم».وأشار إلى أن أغلب المسلسلات التى تعرضت لنواب مجلس الشعب لا يتذكرها أحد ومرت مرور الكرام وهذا ما يؤكد فشلها، مضيفا «ولكن عامة إذا ظهر نائب مجلس شعب فى أحد أعمالى فإننى أفضل أن يكون وسطيا ليس مثاليا دائما أو فاسدا دائما، أى أن يكون إنسانا طبيعيا يخطئ ويصيب».
الشروق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق