
»الباجوري« يقتحم الدراما التليفزيونية بالوجوه الجديدة
تجربة مسلسل "عرض خاص"، تعتبر أهم محاولة جادة للتمرد علي الاشكال التقليدية للمسلسلات المصرية التي أصبحت عبئا علي صناعها وعلي مشاهديها في نفس الوقت! والغريب أن أحدا من الذين يملأون الصفحات الفنية بكلام فارغ، واخبار لا قيمة لها، لم يهتم بمتابعة تلك التجربة الفريدة التي تستحق الاهتمام فعلا، ربما يكون مسلسل »عرض خاص« الذي أخرجه هادي الباجوري، ليس الاول الذي يتم تصويره بكاميرا سينما "35 مللي" فقد سبقته تجارب كثيرة، وخاصة في السنوات الاولي من عمر التليفزيون المصري، مثل: »الدوامة«، و»القط الاسود«، و»العسل المر«، »الأفعي« وغيرها، ولكن بالتأكيد أن مسلسل "عرض خاص" هو الاكثر نضجا وجمالا، والاهم من كل هذا فهو يعتمد بشكل كبير علي مجموعة من الوجوه الجديدة تماما، بعضهم سوف يكون له شأن في مجال السينما، لو تمت رعايته من قبل شركات الإنتاج! أما سيناريو المسلسل الذي كتبه محمد المعتصم بمشاركة آخرين، فهو يعتمد علي الإيجاز والمشاهد القصيرة المتدفقة، البعيدة تماما عن الثرثرة، والاستطراد في مواضيع غير ذات بال، تلك التي يلجأ اليها بعض كتاب السيناريو لملء فراغ الثلاثين حلقة، حتي تترات البداية تحمل الكثيرمن الطموح والابتكار، حيث يقدم المخرج أبطال العمل وهم في سنوات الطفولة، ليؤكد أن هؤلاء الشباب الخمسة حملوا معهم حلم التمثيل والنجومية منذ نعومة أظافرهم! يشارك "عزت أبو عوف" مجموعة الشباب في البطولة ويقدم واحدا من اهم أدواره التليفزيونية والسينمائية أيضا، فهو يظهر بشخصيته الحقيقية، ولكن مضافا لها الدور الذي نسجه له المؤلف حيث يقوم بعمل ورشة لتدريب مجموعة من الشباب الراغبين في التمثيل، وذلك بعد أن يجري للمئات ممن تقدموا، امتحانات تصفية، ويبقي خمسة هم: كريم فهمي وهو طبيب اسنان يعشق التمثيل، وترك عمله من أجل الالتحاق بورشة عزت ابو عوف، ياسمين رئيس وهي فتاة جميلة ولكنها من اسرة بسيطة تعتمد عليها الاسرة في تدبير بعض النفقات من خلال عملها كموديل إعلانات، ولكن ياسمين تطمح في التمثيل في السينما، كي تحقق مكاسب مادية أكثر مما يتيح لها عملها في الاعلانات، خاصة أنها تدرك أن عمر الموديل وإن طال قصير، لأن شركات الإعلان تبحث دائما عن كل ماهو جديد، ياسمين تتمتع بقدر كبير من الذكاء مخلوط علي شوية دهاء، وتجيد استغلال الفرص، ومع ذلك فهي تصعب عليك لأنها في حالة دائمة من الصراع حتي تجد لنفسها مكانا تحت الشمس، دينا الشربيني فتاة من اسرة ميسورة، تعاني من سيطرة الام، التي تعترض علي التحاقها بورشة التمثيل، ولا تكف عن البحث عن عريس مناسب لابنتها، أما مصطفي الريدي فهو حائر، بين رغبته في التمثيل ورغبته في الغناء، فهو لا يعرف لنفسه هدفا محددا ولذلك فهو في حالة تخبط دائم، مما يوقعه في براثن امرأة لعوب تحترف اصطياد الشباب الشغوفين بالاضواء والشهرة، أما علاء حسني فهو ممثل في مسارح الدولة، يقدم أدوارا جيدة في عروض لا يشاهدها أحد، ويحلم بفرصة يثبت فيها موهبته، ولذلك يلتحق بورشة عزت ابو عوف حتي يكون قريبا من تحقيق حلمه، بالمناسبة كل الممثلين يظهرون باسمائهم الحقيقية، مضافا لهم بعض النجوم الذين يشاركون كضيوف شرف في حلقة أو اثنتين مثل آسر ياسين، نيكول سابا، جومانا مراد، والسيناريست محمد حفظي، تلك الوجوه الشابة التي لا تزال تحتفظ بالتلقائية ولم تلوثها أمراض النجومية الكاذبة، تقدم عرضا شديد الامتاع، مع صدام بين القيود الصارمة التي يضعها الاستاذ "عزت ابو عوف" وبين رغبة الشباب في التمرد وتعجل النجاح، كما تحدث حالات حب تجمع بين دينا وكريم، أما علاء فهو يحب ياسمين من طرف واحد، ولكنها لاتمانع في إظهار بعض الاهتمام به، كلما احتاجت إليه، فهي تدرك جيدا أنه لا يـتأخر عن خدمتها في كل الاحوال، أما الممثل الشاب "محمد علاء" الذي يشتهر باسم جاميكا، فهو يمتاز بموهبة فطرية كبيرة، أعتقد ان هو نفسه لا يدرك قيمتها، وسبق له الظهور في دور في سائق يعمل لدي محمود قابيل في مسلسل "خاص جدا" الذي لعبت بطولته يسرا، ودور إرهابي في فيلم "تلك الايام"، وفي مسسلسل "عرض خاص" يقدم شخصية شاب يبدو ضائعا بلاهدف ومن بيئة متواضعة، ويحرص علي ان يقدم لصديقه علاء حسني خدمات من نوع لف سيجارة حشيش، أو منحه نصيحة خايبة، أو ابتذال نفسه من أجل فرصة عمل بين فريق أي عمل فني، وفي واحد من اهم مشاهد المسلسل يسأله علاء لماذا يفعل من أجله كل هذا، فيرد عليه جاميكا، انا اعرف انك موهوب وسوف تصل يوما، فأرجوك عندما تصل لا تنس صديقك جاميكا شدني معاك لفوق! حلقات مسلسل عرض خاص لن تستهوي هؤلاء الذين أفسد ذوقهم طول إدمان مشاهدة المسلسلات المصرية الاستهلاكية، وأغلب الظن ان المسلسل يستهدف في المقام الاول جمهور الشباب اللي مالوش في اللت والعجن، المتربي علي المسلسلات والافلام الاجنبية ذات الايقاع اللاهث، والصورة الجميلة، ومن أهم عناصر التميز في مسلسل "عرض خاص" بالإضافة لأداء مجموعة الممثلين الشباب، كاميرا "مازن المتجول" وموسيقي هشام نزيه، أما المخرج هادي الباجوري المعجون بعشق الفن، فهو يقدم كادرات سينمائية رائعة، مع اختيار موفق لفريق الممثلين الشباب، ولا اعرف لماذا انتظر كل هذه السنوات ليقدم تجربته الاولي مع الدراما التليفزيونية وإن كنت أنصحه أن يتجه للسينما فهو المجال الذي يمكن أن يبدع فيه أكثر!
الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق