ابراهيم سعده - الاخبار
في »الأخبار« أمس نشر زميلنا النابه جمال حسين تغطية متابعة للخبر الذي انفرد به عن الشاب الذي حكم عليه بالسجن وغرامة 900 ألف جنيه بعد إدانته بجريمة لم يرتكبها!تفاصيل المأساة أن مهندس حي المعصرة بحلوان حرر ضد »المتهم« محمد سويلم - بائع اللب - 6 محاضر بتهمة تعلية 4طوابق مخالفة بعمارة سكنية، رغم أن »سويلم« لا يملك تلك العمارة وإنما هو مستأجر إحدي شققها! وعبثاً حاول البريء/المدان أن يقنع أحداً ببراءته. فالمحكمة حكمت بعد تأكدها من »أدلة ومستندات« السيد باشمهندس الحي وبالتالي عليه أن يرضي بما ناله وأصابه!فور نشر »سكوب« صحيفة »الأخبار« اتصل محافظ حلوان السيد قدري أبوحسين بالزميل جمال حسين معرباً عن حزنه وألمه لما تعرض له ابن حلوان من ظلم دفع به إلي السجن، مؤكداً أنه سيجمع كل الأطراف فوراً »لرفع هذا الظلم وقطع رقبة من تثبت التحقيقات أنه تسبب في هذه المأساة«. ووعد بمخاطبة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود لإعادة الاستيفاء والتحقيق من جديد حتي تثبت الحقيقة، بحكم قضائي أيضاً.مأساة مفزعة أن يظلم مواطن ويحكم عليه ثم يتبين فيما بعد براءته، لكن ما حدث للشاب »محمد سويلم« ليس بدعة، ولا يمثل سابقة نادرة. ومن الطريف أن أجهزة الإعلام العالمية انشغلت منذ أيام معدودة ماضية بمأساة مشابهة حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية، وإن كانت أفظع مليون مرة من مأساة الشاب المصري.محمد سويلم لم يمض في السجن سوي 10أيام فقط من فترة عقوبته، وأفرج عنه انتظاراً لإعادة النظر في قضيته، أما »المجرم/البريء« الأمريكي فقد أمضي ثلاثين عاماً مسجوناً، قبل أن تُكتشف براءته!منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. عثر علي فتاة أمريكية 15عاماً مقتولة في مكان مهجور، وتبين أن القاتل قام باغتصابها بوحشية.. قبل تمكنه من الهروب. وبعد ساعات تم القبض علي شاب أسود 20 عاماً، متزوج وزوجته في شهور حملها الأولي ووجهت إليه العديد من أفظع التهم: خطف فتاة قاصر، واغتصابها، وقتلها. وجاء »شهود ما شافوش حاجة« مع الاعتذار لفناننا الكبير عادل إمام أكدوا تعرفهم علي »المجرم« متلبساً(..).وأصدرت المحكمة الأمريكية حكمها بالسجن علي الشاب الأمريكي ب150عاماً أو لحين وفاته.. أيهما أقرب!ثلاثون عاماً أمضاها »المجرم« يبكي داخل زنزانته ويقسم بأغلظ الايمان لكل من يراه أو يسمعه أو يخاطبه بأنه لم ير هذه الفتاة من قبل، ولم يخطفها، ولم يمسسها، وبالتالي فهو بريء من اغتصابها وقتلها رغم أنف كل شهود الزور. وبالطبع لم تصمد طعونه في الحكم أمام شهادات المكفوفين، وتحريات المخبرين، ولا مبالاة المحققين.. فأيدت المحاكم باختلاف درجاتها الحكم المؤبد.. المرة بعد الأخري.في بداية الشهر الحالي.. وبعد مرور 30عاماً سجناً اقتنع النظام القضائي الأمريكي بخطئه الرهيب في حق مواطن أمريكي ألقوا به في السجن وهو دون العشرين من عمره ثم أفرجوا عنه بعد تخطيه سن الخمسين!أجهزة الإعلام الأمريكية لم تمر مرور الكرام علي هذه النهاية »السعيدة« التي جاءت متأخرة ثلاثة عقود كاملة. وتنافست الأقلام والأصوات علي المطالبة بالبحث والتنقيب داخل ملفات القضايا المتراكمة للكشف عن نماذج متشابهة أقل فظاعة، أو أكثر بشاعة ضحاياها داخل السجون أو قضوا نحبهم رغم براءتهم مما أدينوا به.وشاهدت علي شاشة التليفزيون الأسبوع الماضي القاتل/البريء الأمريكي وهو يتحدث عن مأساته، وكان كريماً لأقصي درجة مع من ظلموه، قائلاً: إنه في البداية كان ساخطاً علي كل شيء و يائساً من أي شيء.. لكنه مع مرور السنوات وبلوغه من العمر عتياً أصبح متصالحاً مع نفسه، متسامحاً مع من أضاعوا خطأ لا عمداً أجمل سنوات شبابه وحرموه من طفلته وزوجته وعمله وأصحابه.. ويريد الآن أن يعوض ما فاته وضاع منه.التسامح مع الظالمين لا يعني التنازل عن أبسط حقوق المظلومين في تعويضهم مادياً علي الأقل مادام من المستحيل إضافة 30عاماً إلي عمره. هكذا طالب الرأي العام الأمريكي.. وهكذا وافق من حيث المبدأ عتاة وكبار النظام القضائي في الولايات المتحدة.. وقيل أنه تقرر تعويض الرجل بما لا يقل عن مليوني دولار. وهذا أضعف الايمان.
الاثنين، 24 يناير 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق