الاثنين، 24 يناير 2011

من الخائن؟

عبد الله كمال - روز اليوسف
بينما تقرأ هذا الكلام، ربما يكون أحدهم قد قبل بالفعل أن يكون مرشحاً لرئاسة وزراء لبنان بديلاً للشيخ سعد الحريري، الذي أسقطت حكومته، باستقالة وزراء حزب الله، وضغوط مهولة علي وليد جنبلاط الزعيم الدرزي، وألعاب خلفية مارستها سوريا وإيران، لمنع الحريري من أن يواصل مهمته الشرعية. اليوم ، أو ربما فيما بعد ذلك، سوف يعلن عن اسم شخص خائن لطائفته السنية، سوف يقبل أن يتم سحب الأكثرية الشرعية من تيار المستقبل، وأن يكون دمية في يد دمشق، تحركه وفق ما تقول، وتأمره بما يفعل، وقد يكون هذا الشخص ليس عضواً في البرلمان أصلاً.. لأنه لم يحصل علي أصوات دائرته.. بل ويخشي أن يزور مسقط رأسه. رئيس الوزراء في لبنان لا بد أن يكون وفقاً للدستور سنياً، والسنة كلها في لبنان تجمع علي سعد الحريري، وتريده رئيساً للوزراء، ولكن لأنه يتعرض لإجحاف وظلم، ويريدون منه أن يتنازل عن حق دم أبيه، فإنهم قرروا أن يبعدوه بكل الطرق، ولو من خلال اصطناع هذه الأزمة السياسية، لإبعاده وكسره، وقد عرف الحريري بما يريدون.. وخرج إلي الناس.. وقال كلاماً مسئولاً.. وقال إنه مد يده.. وذهب بعيداً جداً.. وإنه يرتضي الخيار الديمقراطي.. ولكن الخطة كانت تدبر بليل.. ورغم أنها سرية إلا أنها معروفة. من المثير أن مشاورات تشكيل الحكومة سوف تبدأ اليوم، وحتي اللحظة لا أحد يعرف من هو رئيس الوزراء المرشح، لأن العاصمة التي تحكم لبنان من الخارج.. أي دمشق.. وحليفتها طهران.. لم تعلن هذا الاسم بعد.. ولكن الجميع يعرفون تقريباً من الذي سوف يقبل.. ومن الذي سوف يخون طائفته السنية.. ومن الذي سوف يرتضي أن يكون أداة في هذا الالتهاب الطائفي الذي يؤكد هيمنة الشيعة من خلال قنوات خلفية وعلنية علي أوضاع لبنان.. وبطريقة تطيح بعهده ودستوره. الذي سيقبل، سوف يحول لبنان إلي غزة أخري.. انقسام كبير مهول.. ليس بين الطوائف وبعضها البعض.. ولكن داخل الطائفة الواحدة.. سيكون للسنة «عونهم».. كما أن هناك العماد عون المتحالف مع حزب الله بين المارون.. وسيكون للسنة «مشعلهم».. تماما كما كان خالد مشعل أداة الانقسام التي استخدمتها سوريا لفصل غزة عن الضفة. هل سيؤدي هذا إلي حل لأزمة لبنان؟ هل سيؤدي هذا إلي إلغاء محكمة قتلة الحريري؟ هل سيؤدي ذلك إلي نجاة عناصر حزب الله من العقوبات التي يجب أن تنزل بهم؟ لا.. لن يؤدي أي شيء مما يحدث الآن إلي هذا علي الإطلاق.. بل علي العكس سوف يقود إلي تعقيد تلو تعقيد.. ولكنه لن يجعل القانون معطلاً.. علي الرغم من أن تلك محاولة لارتهان دولة بأكملها من أجل حفنة قتلة ومنفذي برامج وأجندات إقليمية. لم تستوعب سوريا درس التاريخ.. ظلت عقوداً تعتقد أنها لن تخرج من لبنان.. وأنها سوف تبقي فيه إلي الأبد.. وفي لحظة وبعد أن أحكمت قبضتها تماماً علي مقدراته لم تتمكن من إبقاء قواتها فيه.. وخرجت تجر أذيال الخيبة.. بعد أن عاثت سنوات في بلد كان من المفترض أنها تعينه علي عبور محنته.. فتحولت هي إلي محنة جديدة. وبمضي الوقت.. فإن الأمر تحول إلي عقدة.. أرادت دمشق أن تقول إنها يمكن أن تدير لبنان بدون أن تكون قواتها فيه.. وإنها يمكن أن تستلبه بدون أن تحتله.. وإنها سوف تنتقم ممن دفعوها إلي أن تغادره.. وفي ذات الوقت فإنها تريد أن تفر برقاب من يمكن أن يتهم في عملية اغتيال الحريري.. والأهم الذين اغتالوا السياسيين الآخرين ورموز الفكر الذين قتلوا بعد اغتياله. الآن، تريد سوريا، التي خدعت الكثيرين بأن أوحت أنها تقطع طريق الحل مع السعودية، أن تشل البلد المميز تماماً، وأن تخنقه وتمتص تفرده، إذ إن هناك سبباً آخر يدفعها إلي ذلك.. وهو أنها لا تقبل أن تكون إلي جانبها دولة تكشف مدي القهر الذي تمارسه في مجتمعها.. أو ديمقراطية تظهر انعدام الحرية فيها.. وسوف يساعدها سني قرر أن يخون طائفته السنية. أقول هذا وقد بلغتني الآن معلومات تشير إلي أن سوريا بعد أن سربت اسم أحدهم واكتشفت أنه يلقي اعتراضات مهولة.. سوف تدفع إلي تأجيل المشاورات الوزارية بحثاً عن خائن آخر للسنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق