رغم نقص الأوكسجين
تنعم مدينة بوجوتا عاصمة كولومبيا بجمال طبيعي خالص.. فالجبال تحاصرها من كل جانب والأشجار الخضراء تلتف حولها وكأنها حزام كفيل بحمايتها من الأعداء. ورغم هذه الشواهد الرائعة لا تلمس الإحساس بالأمان، ولا تلمس الشعور بالراحة.. خاصة إذا علمت أن الأرض هناك ترتفع عن مستوي سطح البحر بمسافة كبيرة، وأن نسبة الأكسجين تكاد تكون معدومة.. وعلي الراغب في الجلوس في هذه المدينة أن يكون قادراً علي التكيف مع هذه الظروف السيئة.. ولا أعرف من حسن حظ فرقة الشرقية أو من سوء حظها أن تدفعها الظروف لتقديم عروض غنائية واستعراضية في مهرجان بوجوتا، الذي بدأت فعالياته يوم 23 يونيو الماضي. عانت فرقة الشرقية من ظروف المناخ هناك ولكنها لم تستسلم وقدمت علي مسرح أرض المعارض عروضاً أكثر من رائعة.. قدمت الفرقة عرضاً يحمل عنوان »فرح شرقاوي« الذي يقدم صورة الفرح في محافظة الشرقية من عقد القران وحتي يوم الصباحية، وتألقت في العرض الفنانة نجلاء عصمت التي تجمع بين رشاقة الحركة والحضور المتدفق ورغم وجودها في كل الرقصات إلا أنها كانت مبهرة في الأداء ولافتة للنظر إلي حد كبير.. كما نجح أيضاً الراقص المتميز طارق جابر في إثارة انتباه الحضور في استعراض الحصان وفقرات أخري كثيرة.. ومن أجمل العروض أيضاً استعراض السقايين الذي قدمه خالد عمران وحسين محمد ومحمد عاطف وحمدي زايد وأشرف زين والذين نجحوا بأداء متناغم ورشيق في الاستحواذ علي انتباه الجمهور وانتزاع صيحات الإعجاب ويبقي الفنان سيد الهضيبي أشبه بمايسترو علي المسرح فهو عازف إيقاع متميز ومطرب عذب الصوت وفي كل الاستعراضات يغني ويعزف إيقاع فهو من وجهة نظري كان أشبه برمانة ميزان علي المسرح. قدمت الفرقة أيضاً استعراضات متميزة منها الحواية والدحية والحصان والشمعدان، وكشفت الاستعراضات عن جمال فرقة الشرقية التي تضم مجموعة من الفنانات الرائعات مثل سمر كمال وندي إبراهيم ونورهان السيد وشيرين حسين التي تأثرت بنقص الأوكسجين وحرمت من العرض الثاني. تضم فرقة الشرقية للفنون الشعبية مجموعة من العازفين الذين يتمتعون بموهبة وحضور مثل صلاح فوزي ومحسن رصين وشحتة الريس. ونجحت التنورة كالعادة في كسب ود وتفاعل الجماهير وقدم رقصة التنورة الفنان حسين محمد أحمد ويتمتع بذكاء علي خشبة المسرح وحضوره متدفق، كل هذه الفرقة كانت تحت قيادة مدير هادئ الطباع وفنان بالفطرة اسمه أحمد واصف. كان البرنامج الذي قدمته فرقة الشرقية للفنون الشعبية في كولومبيا غنياً جداً وكان متنوع الفقرات واستطاعت الفرقة التغلب علي ظروف صعبة مثل نقص الأوكسجين والذي كان يهدد باختناق دائم، واستطاعت أيضاً أن تتغلب علي تجاهل السفير محمد عهدي ومساعده سيد الصلاحي لوجودهم. وفي النهاية يجب الاعتراف بأن فرقة الشرقية وغيرها من الفرق التي تقدم أعمالاً تراثية بصورة رائعة في حاجة ماسة إلي رفع الرواتب وزيادة البدلات حتي تشعر بالأمان، ويجب الاعتراف بأن الفنان الوزير فاروق حسني نجح في النهوض بقطاع الفنون الشعبية لكنه مازال مطالباً بتأمين حياتهم وحمايتهم من ضيق الحال ورعونة العيش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق