الاثنين، 31 مايو 2010

ياسر أيوب يكتب : أحمد فؤاد نجم


كنت دائما أقول للشاعر الكبير والجميل.. أحمد فؤاد نجم.. إنه إذا كان الزعيم الفرنسى شارل ديجول قد أكد يوما أن الحرب أخطر من أن تترك للعسكريين.. فإننى بدورى أؤمن بأن كرة القدم أخطر من أن تترك لأهلها يديرون شؤونها وشجونها بكل ما هم عليه من ولع بتسطيح كل شىء والاستخفاف بكل المعانى والدلائل..
وإنما لابد أن يديرها من هم قادرون على الفكر ويملكون الرؤى لاستثمار هذه اللعبة الجميلة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وإنسانيا بما تستحقه ويليق بها.. وأن يكون فى مقدمتهم شاعر بحجم موهبة وقامة وتاريخ ووجدان ومصرية أحمد فؤاد نجم الذى احتفل، منذ أيام، بعيد ميلاده الواحد والثمانين.. وكنت أتأكد من صحة نظريتى كلما التقيت بالشاعر الكبير وأطلت زمن اللقاء مصغيا له يتحدث عن المصريين وكرة القدم..
وأتعلم منه ضرورة أن يكون الكلام عن الكرة بمثل هذا العمق والنبل والرقى والوعى وليس بمثل هذا الانحطاط الدائر حاليا بين قلة من متعصبى جماهير الأهلى والزمالك معا.. حيث الأهلى أصبح ناديا للماسونية والصهيونية، وحيث الزمالك نادى بناه الخونة والعملاء والمرتزقة.. وحيث كل شىء جميل وأصيل فى هذا الوطن بات من السهل إهانته وإهالة التراب عليه وتلطيخه بالعار..
ولم أكن أتخيل أن تصل بنا الأمور إلى هذا الحد الموجع.. ولا أظن أحدا من هؤلاء الجدد المولعين بتخريب كل شىء فى بلادنا لتأكيد عشقهم وانتمائهم للأهلى أو الزمالك.. سينتمى لناد أكثر أو أقوى من انتماء أحمد فؤاد نجم للأهلى.. ورغم ذلك كان عم نجم..
كما اعتدت مناداته طول الوقت.. يحدثنى عن الزمالك بمنتهى التقدير والاحترام.. بل وكان يسخر من عشاق الأهلى الذين ينتقصون من قدر الزمالك ومكانته أو العكس مع عشاق الزمالك.. كان يضحك ويقول إن هؤلاء الأغبياء لا يعرفون أن أبسط قواعد الذكاء هو أن تحرص على قيمة منافسك ومكانته وبذلك يصبح لانتصارك عليه ألف معنى وألف فرحة..
ومن لا يحرص على ذلك هو ساذج وعبيط يريد تشويه انتصارك وإضاعة فرحتك بالانتصار.. كان عم نجم يلتمس العذر لأمثال هؤلاء لأنهم لم يفهموا أبدا فلسفة الكرة وقوانينها الاجتماعية.. لم يجدوا من يشرح لهم أى معنى ولا من يلقنهم أياً من دروس الحياة والحب والوطن وكرة القدم.. وإذا كانت حياة عم نجم وحكايته مع الشعر والحب والوطن بات يعرفها الجميع.. فإن حكايته مع كرة القدم تبقى أحد الدروس التى نحتاجها الآن فى هذا الزمن الصعب..
نحتاج لرؤية هذا الرجل لكرة القدم وحكايته معها منذ بدأ يلعبها فى الملجأ بمدينة الزقازيق مع الرائع الراحل عبدالحليم حافظ.. نحتاج أن يشرح لنا عم نجم فلسفة الكرة وضرورتها لدى البسطاء والفقراء والأغنياء والعمال والأكابر والصعاليك على حد سواء..
ولاأزال أذكر مرة أطلت فيها الكلام عن الكرة مع عم نجم وأنا معه فى بيته أحاول إقناعه بالكتابة عن الكرة كل أسبوع لمجلة الأهرام الرياضى وفوجئت به يقول، بلهجة حزينة ومتعبة، إننا شعب لم نعشق فى حياتنا قدر عشقنا للكرة والأونطة.. لكن حصاد رحلتنا يبقى فى النهاية هو أنه: لا الكرة نفعتنا.. ولا الأونطة.
المصري اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق