الاثنين، 31 مايو 2010

المطلقة غير الحاضنة تبحث عن مأوى


خبراء يطالبون بقانون يضمن لها مسكنا
توفير مسكن للمطلقة غير الحاضنة.. فكرة طرحها تقرير حديث صادر عن مكتب الشكاوى التابع للمجلس القومي للمرأة، بهدف تأمين المطلقات اللواتي يجدن أنفسهن فجأة بلا مأوى، بعد تزايد شكاوى طرد غير الحاضنات من مسكن الزوجية لدى المكتب.
وطالب التقرير بإعادة النظر في نصوص قانون الأحوال الشخصية المنظمة لتمكين المطلقة من المسكن، أسوة بقانون التأمينات الاجتماعية الذي أعطى المطلقة الحق في معاش مطلقها إذا استمر زواجهما ٢٠ سنة لو ثبت أن الزوج طلقها دون رغبتها ودون أن تبريه، لأن القانون يحسب هذه المدة بأنها فترة حياتها كلها.
لذا اقترح التقرير أن يكون حق المرأة المطلقة غير الحاضنة في مسكن مشروطا بأن يقع طلاقها رغما عنها، بالإضافة إلى ثبوت عدم قدرتها المالية على شراء أو تأجير مسكن أو عدم وجود مكان بديل كشقة أسرتها، مؤكدا ضرورة تعويض المطلقة غير الحاضنة بما يكفل لها إيجاد مأوى مستقل مناسب، يشارك الرجل في تدبيره بشكل مباشر أو بإنشاء صندوق تأميني لهذا الهدف.
وقد أثارت مطالبة البعض ببلورة الفكرة كمشروع قانون جدلا كبيرا في وقت ارتفع فيه سن الزواج بحثا عن شقة، وازدادت معدلات الطلاق حيث كشفت إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر عام 2007 عن وقوع حالة طلاق كل 6 دقائق وحدوث نحو 88 ألف حالة طلاق كل عام.وحول مدى امكانية تحويلها إلى قانون، قال خبراء - إنهم يؤيدون مشروع القانون ولكن بشروط، بينما عارضه آخرون، وفضل غيرهم التأجيل إلى حين اكتمال بنوده.العودة إلي أعلي مجرد فكرة د. جورجيت قلليني النائبة بمجلس الشعب والعضو الرئيسى باللجنة التشريعية بالمجلس القومي للمرأة قالت إنه حتى الآن لم يتبلور مشروع قانون بهذا الشأن، وإنها لم تشارك شخصيا في مناقشة القضية بشكل رسمي، لكنها ترحب بالفكرة لمنح المرأة المزيد من الحقوق.
من جانبها، أكدت المحامية نهاد أبو القمصان - مدير المركز المصري لحقوق المرأة - أن قانون الأحوال الشخصية في حاجة إلى إعادة نظر وصياغة جديدة للوصول إلي صيغة ترضي الزوجين وتصب في مصلحة الطفل عند الطلاق، فالفكرة مهمة في عدة حالات مثل طلاق الزوجة بعد انتهاء سن حضانة الأبناء أو عدم وجود أبناء، وفي حالة عدم امكانية إقامة المطلقة مع أسرتها وعدم وجود مصدر دخل لها. وهكذا فإن المطلقات اللواتي قضين سنوات أو عقودا يسهمن في تأثيث بيت الزوجية يصبحن في نهاية المطاف بلا مكان، وتتفاقم المعاناة عندما تكون المرأة غير عاملة.
ولكن قبل أن نبحث عن حق غير الحاضنة في مسكن علينا أن نمكن الحاضنة من المسكن والحصول على نفقة أولادها، فقد نص المشرع فى المادة 18 مكرر ثالثا من القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه "على الزوج المطلق أن يهيىء لصغاره من مطلقته ولحضانتهم المسكن المستقل المناسب، فإذا لم يفعل خلال مدة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر - دون المطلق - مدة الحضانة. وإذ كان مسكن الزوجية غير مؤجر كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء مدة العدة".
وأشارت أبو القمصان إلى بعض العقبات التي تعرقل حصول المرأة على حقها في التمكين من المسكن، مثل طول فترة التقاضي بدءا من تحرير محضر في الشرطة، ثم تحويل المحضر إلى نيابة الأحوال الشخصية للعرض على المحامي العام لنيابة الأسرة، فصدور قراره بعد استيفاء الأوراق والتحقق من أن المسكن المطلوب التمكين منه هو مسكن الزوجية والحضانة الفعلي، هذا غير حالات التهرب من النفقة والتي يصدر فيها الحكم ولا ينفذ لعدم الاستدلال على عنوان الزوج.
صندوق تأمين الأسرة إيمان حنفي محامية ونائبة رئيس إحدى جمعيات الدفاع عن المطلقات بالمعادى قالت إن هناك حالات كثيرة لمطلقات يقعن في حيرة عند احتدام الخلاف مع أزواجهن، ويلجأن للجمعية حتى تساعدهن إما في عقد جلسة مصالحة عائلية أو توفير مسكن مؤقت، لأن الطلاق سيترتب عليه حرمانهن من الشقة، وربما الاضطرار إلى الإقامة لدى أحد الأقارب أو الأشقاء بشكل يشعرهن أنهن عبء على الغير.
وأضافت أن بعض المطلقات الحاضنات يحصلن على قرار بالتمكين لكن إجراءات التنفيذ لا تتم بالسرعة المطلوبة مراعاة لظروف الأم من حيث عدم وجود مكان لها ولأولادها، إلى جانب استخدام العراقيل الخاصة بالتنفيذ، منها وضع شمع أحمر على باب الشقة أو تغيير معالمها أو وضع بعض اللافتات التي تشير إلى هوية أخرى والتي يجبر فيها المحضر على إثبات الحالة وعرضها على قاضي التنفيذ. وكل ذلك بهدف تعطيل التنفيذ إلى أبعد وقت ممكن، فكيف نتوقع تيسير إجراءات تمكين غير الحاضنات؟!
وهنا توضح د. أمال عبد الهادي العضو بمؤسسة المرأة الجديدة أنه يجب وضع شروط لتنفيذ الفكرة، منها ألا يكون للمطلقة مصدر دخل أوعائل أو ثروة.
ويمكن تطبيق الفكرة بإلزام كل زوج بدفع مبلغ شهري يخصم من راتبه أو دخله لصالح صندوق تأمين الأسرة طوال سنوات الزواج وقبل الطلاق، بحيث يسهم هذا المبلغ في توفير سكن للزوجة حال حدوث الطلاق واستحقاقها الفعلي للمساعدة.
واقترحت د. أمال إجراء بحوث مسبقة على عينة من المطلقات غير الحاضنات لمعرفة ظروفهن واحتياجاتهن واقتراحاتهن لتفعيل الفكرة قبيل تنفيذها، فالقضية ليست في إقرار قوانين جديدة لتأمين المرأة ولكن في جدواها من الناحية الواقعية، ومدى إمكانية تنفيذها لصالح المرأة دون الإضرار بالرجل.
بينما رأى المحامي حسن يوسف أن المشكلة معقدة، لأن الشقة اليوم صارت تثير الكثير من الخلافات العميقة بين المنفصلين، والتي قد تصل إلى ارتكاب جريمة في حالة حضانة المطلقة.
وقال "كيف نلزم الزوج محدود الدخل بالمشاركة في إيجاد شقة ثانية لمطلقته التي ربما تتزوج من غيره أو تستغل أمواله في أغراض أخرى؟ فالمسألة تحتاج ضوابط كثيرة ومستندات وقضايا ربما تستغرق سنوات، فأين ستقيم المطلقة خلال هذه الفترة؟"
وحذر من ألاعيب المطلق ومحاولة إثبات عدم أحقية المطلقة، كأن يقوم بالتنازل عن عقد الإيجار أو يؤجر المسكن للغير، وربما يتم تنفيذ قرار التمكين بالقوة الجبرية التي قد تفجر خلافات بين المطلقة والزوج وأهله إذا كانوا مقيمين في العقار نفسه، وقد تواجه اعتداءات بعد تنفيذ التمكين بالإساءة بالقول أو الفعل أو بعض الممارسات مثل قطع الكهرباء أو أسلاك التليفون لإجبارها على التنازل عن الشقة.
واقترح وضع شرط خاص لـ"توفير سكن للمطلقة " في عقد الزواج منذ توثيقه حتى يلتزم به الزوج عند الانفصال، مع ضرورة التوعية بأهمية إثبات مسكن الزوجية في وثيقة الزواج لضمان حق المرأة فى وجود مسكن لها، مشيرا إلى أن كثيرا من الزيجات تتم اليوم بدون شقة على أساس الإقامة مع أسرة الزوج أو الزوجة أو لظروف سفر الزوج للعمل بالخارج ووجود مسكن مؤقت بالغربة.
وقال إن كثيرا من الشباب يعتبرون هذا الإجراء القانوني يشكل افتراء على الرجال ويضيف المزيد من الحقوق للمرأة دون وجه حق، لأن المطلقة لها نفقة سنة ويمكنها العمل إذا لم تكن موظفة، ثم إنها بمجرد طلاقها وعدم وجود أبناء يربطونها بطليقها تصبح غريبة عنه ويتحرر من الالتزام بنفقاتها الكلية، ولكن يمكن أن يساعدها بشكل ودي تقديرا لسنوات الزواج إذا كانت العلاقة مازالت طيبة.
وأضاف يوسف أن هناك مبررات لحصول المطلقة الحاضنة على مسكن، مثل خطورة المشاكل الاجتماعية والنفسية التي يكون ضحيتها دائما الأطفال نتيجة المنازعات حول البقاء بمسكن الحضانة مع الأم ومحاولة الأب إخراجهم من المسكن المرتبطين به وجدانيا دون مبالاة بكثير من مصالح الطفل كالمدرسة الكائنة بجوار المسكن مثلا، فالمصلحة هنا تقتضي دفع الضرر الذي يمكن وقوعه عند نقلهم إلى مسكن آخر.
ولكن ما الضرورة وما الضرر في حال طلاق "غير الحاضنة"؟! فإذا افترضنا أن المطلقة بلا مصدر دخل أو فقدت ثروتها وليس لها ملجأ، فلا مانع من مساعدتها عن طريق بنك ناصر أو وزارة التضامن الاجتماعي، فالقانون رقم (11) لسنة 2004 نص في مادته الأولى على إنشاء صندوق نظام تأمين الأسرة لا يستهدف الربح أساسا، وتكون له شخصية اعتبارية عامة وموازنته الخاصة ومقره مدينة القاهرة، ويتبع بنك ناصر الاجتماعي.

اخبار مصر - د . هدى البدراوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق